قررت أمس نيابة أمن الدولة العليا حبس 4 من القيادات الأمنية هم اللواءات: إسماعيل الشاعر، مدير أمن القاهرة السابق، وعدلى فايد، مدير مصلحة الأمن العام السابق، وأحمد رمزى، رئيس قطاع قوات الأمن المركزى السابق، وحسن عبدالرحمن، مدير جهاز مباحث أمن الدولة السابق، 15 يوما على ذمة التحقيقات، بعد اتهامهم بقتل المتظاهرين والتعدى عليهم، ومسئوليتهم عن الانفلات الأمنى يوم جمعة الغضب 28 يناير الماضى. وكانت "الشعب" قد انفردت على لسان مصدر عسكرى بإلقاء القبض على رئيس جهاز أمن الدولة السابق، بعدما تبين إصداره أوامر بفرم مستندات أمنية قبيل اقتحام مقار الجهاز فى القاهرة والمحافظات.
واتهمت النيابة القيادات الأربعة بقتل متظاهرين والتحريض على القتل، والشروع فى قتل آخرين، والتسبب فى إصابة العديد منهم بإطلاق الرصاص الحى عليهم، وتسببهم فى الانفلات الأمنى الذى ألحق الضرر الجسيم بأموال الدولة والجهات التابعة لها.
ويواجه اللواء حسن عبدالرحمن تهم إتلاف وثائق ومستندات الجهاز، لإصداره أمرا للضباط بالتخلص من المستندات الخاصة بالجهاز.
كما تستكمل النيابة العامة تحقيقاتها مع حبيب العادلى، وزير الداخلية السابق، عن ذات التهم، بهدف الكشف عن أسماء المتورطين فى ارتكاب تلك الجرائم. وقررت نيابة السويس حبس 3 من رؤساء المباحث بتهمة قتل المتظاهرين وإطلاق الرصاص العشوائى عليهم أثناء انتفاضة شعب السويس خلال ثورة 25 يناير، فى مقدمتهم الرائد محمد عامر، رئيس مباحث قسم شرطة الأربعين، حيث شهد ميدان الإسعاف المواجه لقسم الشرطة مقتل أكثر من عشرة متظاهرين فى أول أيام الثورة، وألقت قوات من الشرطة والجيش فجر أمس القبض على رؤساء المباحث الثلاثة، وكذلك رئيس مباحث قسم السويس الرائد محمد عادل ورئيس مباحث قسم الأربعين.
وفى الإسكندرية قرر المستشار عادل عمارة المحامى العام لنيابة شرق الكلية، حبس كل من وائل الكومى رئيس مباحث الرمل ثان، ومعتز العسقلانى معاون مباحث قسم الجمرك، ومحمد سعفان معاون مباحث المنتزه ثان ــ 4 أيام على ذمة التحقيقات، بعد أن وجهت النيابة لهم تهم القتل العمد للثوار يوم 28 يناير.
فى الوقت نفسه تظاهر أهالى وأسر الشهداء فى الإسكندرية للمطالبة بمحاكمة فورية لوائل الكومى.
توقغات بإعدام 4 من كبار ضباط الداخلية
وجاء إعلان النائب العام عن احتجاز اربعة من كبار مسئولي وزارة الداخلية، فيما كان آلاف المصريين يحتشدون في ميدان التحرير بقلب القاهرة للمشاركة والتي اطلق عليها "تظاهرة مليونية ضد الفتنة الطائفية".
وقد دعا الى هذه التظاهرة ائتلاف شباب الثورة تحت عنوان "الوحدة الوطنية"، في اعقاب الاشتباكات الطائفية التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة.
وقال ضباط بالقوات المسلحة متواجدون في الميدان، لـ(بي بي سي)، ان المتظاهرين سمح لهم البقاء في الميدان بشرط عدم النزول الى الشوارع تجنبا لتعطيل المرور.
وقد لاحظ مراسل (بي بي سي) ذلك، اذ تركزت التجمعات على جوانب الميدان التي قد لا تستوعب المتظاهرين اذا استمرت الاعداد في التزايد.
وجاء قرار النائب العام المصري عبد المجيد محمود باصدار مذكرات اعتقال في حق اربعة من كبار مسئولي وضباط وزارة الداخلية بناء على الاشتباه بانهم اصدروا اوامر باطلاق النار على متظاهرين خلال المظاهرات التي طالبت باسقاط نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك.
وتطال مذكرات الاحتجاز مدير امن القاهرة اسماعيل الشاعر، ورئيس مباحث الامن العام عدلي فايد، ورئيس جهاز الامن المركزي احمد رمزي، ورئيس جهاز امن الدولة حسن عبد الرحمن.
وتتركز التهم على اصدارهم اوامر باطلاق النار بالذخيرة الحية على المتظاهرين في الثامن والعشرين من يناير، الذي عرف بـ "يوم الغضب"، وانهم كانوا مسئولين عن من اطلق النار.
وفي حالة ادانتهم في هذه التهم فسيواجه الاربعة عقوبات تصل الى الاعدام.
يشار الى ان الاحتجاجات الضخمة التي شهدتها شوارع القاهرة ومدن مصر، والتي انطلقت في الخامس والعشرين من يناير، وما تخللها من مواجهات مع قوات الامن الحكومية وبعض الاعوان ممن عرفوا بالبلطجية، اسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 384 قتيلا واكثر من ستة آلاف جريح.
وكان وزير الداخلية المصري السابق الحبيب العادلي قد احيل الى القضاء السبت، وهو اول وزير من نظام مبارك يواجه القضاء، وقد انكر التهم الموجهة اليه، وهي شبيهة بالتهم الموجهة للمسئولين الاربعة.
الشاعر يلقي بالمسئولية على العادلي
وكشفت التحقيقات التي تجريها النيابة العامة مع كل من اللواء إسماعيل الشاعر، مدير أمن القاهرة السابق، واللواء عدلي فايد، مدير مصلحة الأمن العام السابق، واللواء أحمد رمزي، مدير قطاع الأمن المركزي السابق، عن مفاجآت جديدة في المصادمات الدامية بين قوات الأمن والمتظاهرين منذ بداية الثورة وحتى جمعة الغضب، 28 يناير الماضي.
وقال اللواء إسماعيل الشاعر، مساعد أول وزير الداخلية، لأمن القاهرة، إنه كان موجوداً فى ميدان التحرير وقت وقوع المظاهرات التى شهدتها البلاد يومى 25 و28 يناير الماضيين، وتحدث مع عدد من المتظاهرين بشكل ودى، وطلب منهم أن يكملوا تظاهرهم بشكل سلمى، وعدم التعرض للممتلكات العامة وأنه قال للمتظاهرين إنه على استعداد لتقديم أوجه المساعدة لهم بشرط ألا تحمل أى تعد على الممتلكات العامة، وفق زعمه.
وحول التعامل مع المتظاهرين يوم 28 يناير الماضى، قال الشاعر إنه تلقى تعليمات واضحة وصريحة من اللواء حبيب العادلى، وزير الداخلية، بالتعامل بشكل حازم مع المتظاهرين، حتى لو تطلب الأمر تفريقهم بالرصاص الحى، وأنه نقل تعليمات العادلى إلى قيادات الضباط فى الميدان، إلا أنه طلب منهم عدم استخدام الرصاص إلا إذا كان الشرطى فى حالة الدفاع عن النفس، على حد قوله.
وألقى أحمد رمزى، مساعد أول الوزير لقطاع الأمن المركزى سابقاً، باللوم على العادلى والشاعر، وقال إنه كان يحصل على التعليمات منهما وأنهما أمراه بحشد كل قوات الأمن المركزى فى الميادين العامة بالقاهرة الكبرى للتصدى للمتظاهرين وإطلاق الرصاص عليهم فى مناطق محددة مثل "ميادين التحرير ومصطفى محمود وعبدالمنعم رياض ورمسيس وأمام وزارة الداخلية ومجلس الشعب"، وكشف رمزى عن مفاجأة فى التحقيقات، وقال إنه اعترض على قرارات الشاعر بضرب المتظاهرين، وتشاجرا معاً على الهاتف وهدده الشاعر بإبلاغ العادلى برفضه تنفيذ الأوامر.
وذكر رمزى أنه فى نهاية اليوم أعطى تعليماته لقواته بعدم إطلاق الرصاص على المتظاهرين، وعدم تنفيذ أى تعليمات من شخص آخر غيره، وطلب رمزى من قواته عدم الدخول فى أى مواجهات مع المتظاهرين وفتح الطرق أمامهم.
وقال اللواء عدلى فايد، مساعد أول الوزير لمصلحة الأمن العام سابقاً، إنه لم يعط أى أوامر لأحد ولم يتلق أى أوامر من أحد، ودوره كان يقتصر على إعداد التقارير الأمنية على أعداد الموجودين فى الميادين، وواجهته النيابة باتهام موجه له حسبما جاء فى تقرير لجنة تقصى الحقائق بأنه نصح العادلى بضرورة خضوع المواطنين وإرهابهم حتى يعودوا إلى منازلهم، فاقترح عليه الاستعانة بعدد من المسجلين خطر لإثارة الرعب فى نفوس المواطنين، وإشعال النيران فى عدد من أقسام الشرطة، وقال فايد فى التحقيقات إنه لا يعرف إن كان وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، نفذ اقتراحه من عدمه، فسألته النيابة فى اعتقادك هل نفذها أم لا؟، فرد فايد إن ما حدث يوم 28 يناير الماضى، يشير إلى أنه استخدمها ولكن بأسلوب خاطئ.
وحرص حسن عبدالرحمن، مساعد أول الوزير لجهاز أمن الدولة، على الإمساك بالعصى من النصف خلال أقواله فى تحقيقات النيابة، فأكد عبدالرحمن أن الاتصالات كانت متوقفة خلال المظاهرات وأن أحداً لم يأخذ تعليمات من أحد، وأن كل ضابط نسى كل التعليمات التى وجهت إليه فى الصباح، وتعامل مع الموقف على حسب ما يظهر أمامه فى الشارع.
وأوضح المتحدث الرسمى باسم النيابة العامة فى بيان له الجمعه، أن النيابة العامة تواصل التحقيقات مع حبيب العادلى فى تلك القضية وجار استجوابه، ولم يصدر قرار بشأنه بعد، وقال إنه سيتم الإعلان عن نتائج تلك التحقيقات فور انتهائها.
وقال مصدر قضائى إن العادلى ألقى بالمسئولية على قياداته الأربع، وقال فى التحقيقات إنه لم يعط أحداً منهم تعليمات غير التعامل حسبما يتطلب الأمر، وكما يحددون.
محاولة للاعتداء على الشاعر وفايد ورمزى
هذا، وقرر اللواء منصور العيسوى، وزير الداخلية، إيداع اللواءات إسماعيل الشاعر وعدلى فايد، وأحمد رمزى، فى سجون شديدة الحراسة داخل سجن مزرعة طرة، وتعيين حراسة مشددة عليهم، عقب محاولة عدد من المساجين الاعتداء عليهم بالضرب، وأمر الوزير بإيداع اللواء حسن عبدالرحمن فى حجز أكاديمية مبارك بعد أن طلب حبيب العادلى مقابلته، وقالت مصادر أمنية مطلعة إن العادلى كان غاضباً، وتخوفت إدارة السجن من وقوع مشادات بينهما فرفضت طلبه بالمقابلة.
قضى المتهمون الثلاثة ليلتهم الأولى فى حبسهم الاحتياطى بالمنطقة المركزية بطرة، أمس الأول.
أضافت المصادر، طلبت عدم نشر أسمائها، أن اللواء منصور الشناوى، رئيس الإدارة المركزية للسجون استقبل قيادات الأمن السابقة، وتم إيداعهم سجن مزرعة طرة، بينما لم يستقبل قطاع السجون اللواء حسن عبدالرحمن، مساعد أول وزير الداخلية لمباحث أمن الدولة السابق.
وكشفت المصادر عن أن اللواء عبدالرحمن قضى ليلته الأولى فى الحبس داخل أكاديمية مبارك للأمن بالتجمع الخامس، وبررت المصادر الأمنية وجود رئيس جهاز أمن الدولة السابق فى أكاديمية مبارك بأنه صدر بالفعل ضده قرار بالحبس ١٥ يوماً على ذمة التحقيقات فى واقعة إطلاق الرصاص على المتظاهرين والانفلات الأمنى، إلا أنه لايزال فى الخدمة ويشغل منصب مساعد أول الوزير لقطاع الأمن، وأنه يخضع لتحقيقات أخرى فى واقعة حرق مستندات وإتلاف أجهزة الحاسب الآلى فى مقار جهاز أمن الدولة.
وتابعت أن التحفظ عليه داخل الأكاديمية إجراء قانونى لحين استكمال التحقيقات معه، وأنه فور انتهاء التحقيقات سيتم حبسه داخل سجن المزرعة، وفقاً للوائح وقواعد مصلحة السجون، وقالت المصادر إن علامات الحزن والانكسار، ظهرت على وجه اللواء إسماعيل الشاعر، بمجرد دخوله عنبر المزرعة، وأن الدموع ملأت عيون أقاربه الذين تجمعوا فى ساعة متأخرة من مساء الخميس لزيارته، كما أحضروا له ملابس بيضاء، عبارة عن "تريننج سوت" لتتماشى مع ملابس الحبس الاحتياطى البيضاء.
كما ظهر الانفعال والاكتئاب على وجه اللواء عدلى فايد، الذى ظل صامتاً ورفض التحدث إلى مأمور السجن وقضى ليلته الأولى دون أن يتناول أى أطعمة من السجن، فى الوقت الذى ظل فى اللواء أحمد رمزى، صامداً وتحدث إلى أحد المجندين الذى وضع الكلابشات الحديدية فى يديه قائلاً "أنا رفضت أطلق الرصاص على المتظاهرين وفضلت إنى أحميك انت واللى زيك" ثم دخل إلى محبسه فى العنبر، ورفض الحديث أو تناول الطعام كنوع من الاعتراض على قرار حبسه ١٥ يوماً على ذمة التحقيقات.
حسن عبدالرحمن
ومنذ أن تخرج اللواء حسن عبدالرحمن، رئيس جهاز مباحث أمن الدولة السابق، قبل 30 عاماً فى كلية الشرطة والتحق للعمل بالجهاز وظل يعمل به حتى قرار إقالته قبل أسبوع.. وبدأ عبدالرحمن ضابطا بالمباحث ثم أصبح مفتشاً لمباحث أمن الدولة بالبحيرة.. وأصدر وزير الداخلية الأسبق حسن الألفى قراراً بتعيينه وكيلاً للجهاز.
وبعدها أصبح مديراً لأمن الدولة بالقاهرة بشارع جابر بن حيان ثم رئيساً للجهاز فى مايو 2004 خلفاً للواء صلاح سلامة الذى أصبح محافظاً لكفر الشيخ، ويقول عنه الضباط إنه كان قليل الكلام.. وهى سمة كل من يعمل فى هذا الجهاز. كان يعتمد بشكل كبير فى عمله على نائبه اللواء أحمد رأفت الذى رحل عن الحياة.. ونائبه الثانى اللواء هشام أبوغيدة الذى يتولى رئاسة الجهاز حالياً.
فى 27 مارس الجارى يكمل حسن عبدالرحمن عامه الـ(63) وقرر وزير الداخلية السابق حبيب العادلى مد عمله ثلاث مرات.
وطوال 30 عاماً قضاها عبدالرحمن فى الجهاز استطاع أن يجرى تحريات فى مئات قضايا أمن الدولة، على رأسها تفجيرات دهب وشرم الشيخ وطابا وخلية الزيتون وحزب الله. وكانت آخر قضاياه التى باشرها بنفسه هى تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية. أما الإخوان فعانوا منه كثيراً وأصدر قرارات باعتقال المئات منهم، على رأسهم المرشد الحالى محمد بديع وأعضاء من مكتب الإرشاد.
إسماعيل الشاعر
قبل 19 يوماً فقط من اندلاع ثورة 25 يناير سألت الناشطة أسماء محفوظ اللواء إسماعيل الشاعر، مدير أمن القاهرة السابق، أمام الكاتدرائية المرقسية بالعباسية "انتوا بتضربونا ليه يا فندم؟" فرد عليها مبتسماً "نحن لا نضرب أحداً" وهو الشخص نفسه الذى بات متهماً وقررت نيابة أمن الدولة حبسه 15 يوماً على ذمة التحقيقات بتهمة القتل العمد وإصدار أوامر باستخدام العنف وإطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين.
تدرج إسماعيل الشاعر فى المناصب حتى عين مديراً لأمن القاهرة ومنذ تخرجه وهو يعمل بالمديرية حتى أصبح رئيساً لمباحث قسم المعادى وذاع صيته وقتها، حتى عين مفتشاً لمباحث منطقة المعادى والبساتين، حتى تولى منصب رئيس مباحث العاصمة.
توطدت علاقته مع اللواء حبيب العادلى، الوزير السابق، عندما كان اللواء محمود وجدى، مديراً لأمن القاهرة، وكان يذهب إلى مؤتمرات وزارة الداخلية واجتماعات الوزير بدلاً من وجدى، حتى جاء عام 2005 وكان وقتها نبيل العزبى، مديراً لأمن القاهرة، ليثبت الشاعر كفاءته فى قمع المظاهرات مع بداية الحراك السياسى الذى بدأته حركة كفاية. ولمجهوده الذى اعتبره العادلى رائعاً، أصدر قراراً بتعيينه مديراً لأمن القاهرة ليتولى زمام الأمور ليقمع مظاهرة 6 أبريل فى 2009، ويقبض على العديد من الشباب بعد سحلهم أمام مجلس الشعب، وكذلك مظاهرات التنديد بمقتل خالد سعيد.. يوم 25 يناير وقف بقوة وسيطر على المظاهرات من مكانه بساحة المجمع عن طريق إطلاق القنابل المسيلة للدموع وفى يوم 28 يناير "جمعة الغضب" شاهد آلاف المتظاهرين يقفون بثبات فوق كوبرى قصر النيل، فاضطر إلى الانسحاب إلى مكتبه بمديرية أمن القاهرة.
عدلى فايد
ولد عدلى فايد، مساعد أول وزير الداخلية لقطاع مصلحة الأمن العام السابق، فى الشرقية عام 1949 والتحق بكلية الشرطة عام 1967، و تخرج عام 1971، وكان ترتيبه رقم 217 على الدفعة.. وهى الدفعة التى زامله فيها إسماعيل الشاعر، مساعد أول الوزير لأمن القاهرة السابق، الذى كان ترتيبه الثانى على الدفعة.. وضمت أيضاً حسن عبدالرحمن، مساعد أول الوزير لأمن الدولة السابق.
وصل فايد إلى سن الستين قبل عامين وتقرر المد له بقرار من رئيس الجمهورية السابق، الذى فوض رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف، وفوض الأخير حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق، لاتخاذ القرار، وتربطه علاقة وطيدة بالعادلى، فبعد أن كان مستبعداً إلى مصحلة الموانئ بقرار من حسن الألفى، وزير الداخلية الأسبق، أصبح العادلى وزيراً للداخلية، فتخلص تباعاً من رجال الألفى واستقطب آخرين من بينهم فايد، وأعاده إلى الأمن العام، وتولى منصب مدير مباحث سوهاج والإسكندرية والجيزة، ثم عين مديراً لمباحث الوزارة ثم مديراً لقطاع مصلحة الأمن العام، وأمر باعتقال قرابة 4 آلاف من أبناء سيناء عقب حوادث إرهابية فى طابا ودهب وشرم الشيخ ومطار الجورة، مما تسبب فى إفساد العلاقة بين البدو ووزارة الداخلية، ولم تتوصل الأجهزة الأمنية إلى مرتكبى الجرائم إلا بعد تدخل أجهزة سيادية، وغضب البدو ودفعت الوزارة ثمنه منذ سنوات، وهكذا تنقل عدلى فايد من ضابط صغير إلى مغضوب عليه ثم "مرضى عنه" قبل أن يصبح قيادياً فى الوزارة لينتهى به الحال إلى الحبس على ذمة التحقيقات فى قضية القتل العمد وإطلاق الرصاص على المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير.
أحمد رمزى
لم يكن يعلم أحد اسم اللواء أحمد رمزى، مدير قطاع الأمن المركزى السابق، ولم تتداوله وسائل الإعلام إلا بعد اندلاع ثورة 25 يناير إذ كان يحضر اجتماعات الوزير ويضع خطط تشكيلات الأمن المركزى ويعطى الأوامر لضباطه فى الشارع.
لم يعمل سوى بقطاع الأمن المركزى فقد كان ضابطاً كفئاً اشتهر بقوته وصرامته فى تنفيذ التعليمات وذاع صيته وقت أن كان نقيباً بين ضباط الإدارة وكان يتولى تدريب المجندين الجدد على استخدام البنادق لإطلاق الرصاص المطاطى والقنابل المسيلة للدموع وتم انتدابه وفرقته للاشتراك فى قمع مظاهرة أو حماية منطقة ما إذا وقع بها حدث إرهابى.
عين رمزى فى منصبه خلفاً للواء مجدى التهانى منذ أكثر من عام، ليشرف على جميع قطاعات الأمن المركزى فى محافظات مصر ويكون اليد التى اعتمدت عليها وزارة الداخلية فى فض الاشتباكات والاعتصامات والمظاهرات وكان متواجداً بقوة فى ميدان التحرير يوم جمعة الغضب، وقالت مصادر إنه رفض الامتثال لأوامر حبيب العادلى بإطلاق الرصاص على المتظاهرين وقال "الوزير مش عارف دا معناه إيه.. كده هيضيع البلد".
كان رمزى مجهولاً لدى الكثيرين وأصبح اسمه يتردد الآن بقوة ضمن قادة وزارة الداخلية السابقين الذين طالهم الحبس على خلفية التحقيقات فى قضايا قتل المتظاهرين واستخدام العنف أثناء ثورة يناير.
احتجاج على حبس الضباط المتهمين بقتل الشهداء
من ناحية أخرى، وفيما بدا انه تحرك منظم شهدت الإسكندرية احتجاجين اعترضا على حبس الضباط المتهمين بقتل الشهداء.. ونظم المئات من ضباط الشرطة بالإسكندرية الجمعة اعتصاما أمام مبنى قوات امن ميرغم غرب المدينة والمحتجز فيه 3 ضباط شرطة صدر ضدهم قرار من النيابة العامة بالحبس 4 أيام على ذمة التحقيق لاتهامهم في قتل والشروع في قتل العشرات من المتظاهرين العزل والتسبب في إصابة آخرين.
كما نظم العشرات من المواطنين مظاهرة أخرى أمام مديرية الأمن وانضم أليهم 3 من ضباط الشرطة بالزي الرسمي وطالبوا بعودة آمنة للشرطة وقالوا إن القبض على المواطنين سيهز الثقة بين المواطنين والشرطة وقالوا أن الأوامر صدرت لهم من قياداتهم وبالتالي فهم غير مسئولين عن قتل المتظاهرين.
وادعى المعتصمون في ميرغم أن ما قام به ضباط الشرطة هو دفاع عن النفس وعن أقسام الشرطة ضد هجوم "بعض البلطجية" الذين رغبوا في القيام بأعمال الشغب والعنف، حسب مزاعمهم ، كما حرقوا أقسام الشرطة وسياراتها وكذلك المؤسسات الأخرى وسرقتها.
يذكر أن أمر ضبط وإحضار الضباط المتهمين صدر من النيابة منذ أكثر من 15 يوما لكن زملائهم رفضوا تنفيذه إلا بعد تدخل المجلس العسكري أمس.
وتوجهت القيادات الأمنية بالإسكندرية إلى مكان الاعتصام في محاولة لتهدئة الضباط المعتصمين الذين أعلنوا رفضهم أن يكون هؤلاء الضباط كبش فداء للبعض، على حد قولهم، وأشاروا إن أوامر ضرب النار صدرت من قيادات عليا.
كانت النيابة العامة قد أصدرت قرارا بحبس 3 من ضباط الشرطة وهم وائل الكومي رئيس مباحث قسم شرطة الرمل والمتهم بقتل 37 من المتظاهرين ومعتز العسقلاني معاون مباحث قسم شرطة الجمرك المتهم بقتل شهيدين ومحمد سعفان معاون مباحث قسم المنتزه المتهم بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين بعد البلاغات التي وجهت ضدهم من عشرات المواطنين تتهمهم فيها بقتل ذويهم.
في الوقت نفسه، تباشر النيابة التحقيقات حاليا مع اللواء محمد إبراهيم مدير امن الإسكندرية السابق وكذا اللواء عادل اللقانى مدير الأمن المركزي بالمحافظة لاتهامهما بإصدار تعليمات بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين .
عودة مشرفة لضباط الشرطة
من ناحية أخرى، أعلن الرائد أحمد رجب المسئول الإعلامي بالائتلاف العام لضباط الشرطة أن اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية طلب من ضباط الائتلاف توصيل رسالة إلى جميع الضباط والأفراد على مستوى الجمهورية مفادها عودتهم إلى مواقعهم بقوة وكرامة.
وأضاف رجب، في بيان صادر اليوم الجمعة عن الائتلاف العام لضباط الشرطة، أن وزير الداخلية وعددا من قيادات الوزارة الحاليين والسابقين التقوا بضباط الائتلاف في اجتماع عقد بنادي التجديف بالدقي، بالإضافة إلى شخصيات عامة من بينهم الداعية معز مسعود، والمستشارة نهى الزينى نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، والمخرج خالد يوسف، وممثلي جمعيات الشرطة والشعب، بالإضافة إلى عدد من قيادات المجتمع المدني.
وأشار إلى أن وزير الداخلية نقل لهم تحيات الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء، وشدد على دعم كل المؤسسات الرسمية لعودة مشرفة للشرطة والإقرار بالدفاع عن النفس والمنشآت الشرطية، بالإضافة إلى الدعم الإعلامي لهم.
وأكد المسئول الإعلامي بالائتلاف العام لضباط الشرطة أن وزير الداخلية رفض عودة الضباط والأفراد المفصولين من الوزارة خاصة المدانون سلوكيا، بعد أن قرر وزير الداخلية السابق اللواء محمود وجدي عودة بعضهم، لافتا إلى أن الوزير دعا ضباط الائتلاف إلى الاجتماع بهم الأسبوع القادم بديوان الوزارة.
جهاز سرطاني
فى غضون ذلك، تباينت وجهات نظر عدد من الخبراء المصريين المتخصِّـصين في القانون والاجتماع السياسي والمنظمات الحقوقية، حول مستقبل جهاز أمن الدولة، بعد نجاح الثورة في الإطاحة بحُـكم الرئيس حسني مبارك.
ففيما يرى خبير أنه "لا غِـنى عنه في الحياة المصرية، شريطة تغيير عقيدته الأمنية" ويطالب آخر بـ "حلِّـه والتخلّـص من شروره والقضاء على تغوّله"، يقترح ثالث "إعادة هيكلته وفصله عن الداخلية وإلحاقه بالمخابرات العامة، ليكون مسؤولا عن الأمن الداخلي".
واتفق عدد من الخبراء على "ضرورة إبعاد هذا الجهاز عن الحياة السياسية، التي كان السبب الرئيسي في تسميمها وإفسادها وإصابتها بالشلل التام، بعد تحويل أحزابها الـ 24 إلى كيانات ورقية أو كرتونية، لا وجود لها في الشارع"، مع رفع وصايته على "تعيين المعيدين والعمداء ورؤساء الجامعات، فضلا عن الالتحاق بالوزارات السيادية، العدل والخارجية والدفاع والداخلية والإعلام".
في البداية، اعتبر الدكتور عمار علي حسن أن "أكبر جريمة ارتكبها جهاز أمن الدولة هي انحرافه عن مهمّـته الأساسية، وهي حماية أمن الدولة إلى حماية أمن النظام ثم العمل لصالحه الخاص، بحيث تحوّل من جهاز فني استخباراتي مختصّ بجمع المعلومات وتقديمها إلى الحكومة لمعاونتها في اتخاذ القرارات، إلى جهاز خاص يعمل لصالح النظام والحزب الحاكم"، مشيرا إلى أنه "بدلا من أن يقدّم الجهاز تقريرا عن كفاءة الشخص وأمانته ونزاهته، أصبح هدفه ضمان ولائه للنظام، مما أسهَـم في إفساد الحياة السياسية وحوَّل مصر إلى دولة بوليسية".
وقال عمار "لقد وصل الجهاز إلى مستوى غيْـر مسبوق، من حيث عدم الحِـرفية وعدم المهنية، خاصة عندما أوكِـلت إليه مهمّـة تهيئة المناخ، لتقبل سيناريو التوريث، الذي كان يجري العمل به على قدَم وساق من خلال التجسّس على الناشطين والمعارضين، مع التضييق على مؤسسات المجتمع المدني، وفي القلب منها النقابات المهنية والاتحادات الطلابية"، موضحا أن "الجهاز وصل لدرجة أنه، بتوصية أو تقرير منه يعيّـن أو يمنع تعيين المعيدين والعمداء ورؤساء الجامعات ورؤساء تحرير الصحف ومجالس إداراتها!".
مختلفا مع عمار، يرى الناشط الحقوقي نجاد البرعي أن "بداية الجهاز كانت جيِّـدة، حيث حقق نجاحات جيدة في مجال مكافحة الإرهاب، الذي أطل برأسه على مصر مع اغتيال الرئيس السادات عام 1981"، ثم يستدرك قائلا "لكنه سُـرعان ما توسَّـعت اختصاصاته وتوغلت سلطاته وتمددت صلاحياته، حتى صار هو ذاته خطرا على أمن الدولة!!"، معتبرا أن "المشكلة الرئيسية، أن الجهاز انشغل على مدى 10 سنوات بالمهام "العبيطة" عن مهمته الأصلية، كما تضخَّـم دوره بصورة مفزعة وتوغّـلت سلطاته وتوسعت على حساب باقي الأجهزة في وزارة الداخلية ذاتها".
متفقا مع عمار، يرفض المستشار زكريا عبد العزيز "ما كان يحدُث من متابعات للإعلاميين والسياسيين والنقابيين والطلاب وجميع الشرفاء من أبناء الوطن، من معارضي سياسة النظام السابق ومن تدخل ممجوج في تعيينات النيابة والشرطة والجامعات، بل وفي التربية والتعليم"، مشددا على أن "تغلغل هذا الجهاز السَّـرطاني أفسَـد الحياة السياسية وسمَّـم النشاط الحزبي والنقابي وأصاب مصر كلها بالشلل التام في مفاصلها، حتى صار يتمتّـع بسمعة سيِّـئة في الشارع المصري كله ولدى مختلف طوائفه وشرائحه وفئاته".
وبالنسبة لجريمة فرم وحرق وثائق ومستندات أمن الدولة، كشف عبد العزيز عن أن "الأمر الآن بِـيَـد النيابة العامة، التي تُـجري تحقيقات موسَّـعة حول الموضوع، وطالما أنها أصدرت أمرها بالقبض على 47 ثم 84 آخرين من ضباط وأفراد الجهاز للتحقيق معهم في تُـهمة حرق وفرم الوثائق والمستندات، فربّـما تكون قد رأت فيما اطَّـلعت عليه من وثائق ومستندات وأشرطة فيديو وأقراص مدمجة، ما يستوجب حبْـسهم على ذمّـة التحقيق"، متخوفا في الوقت ذاته من أن يقدِموا على ما يمكن تسميته بـ "الثورة المضادة".
وقال عبد العزيز "وبالنسبة للِّـواء حسن عبد الرحمن، المدير السابق لجهاز أمن الدولة، والذي تمّ التحفظ عليه على خلفية ما ورد في بعض الوثائق الناجية من الحرق، من أنه هو الذي أمَـر بفرْم الوثائق والتخلّـص منها. فإذا ثبت اتِّـهامه بهذا، فلابد أن يمثِّـل على الفور أمام النيابة العامة، للتحقيق معه"، مؤكدا على "ضرورة مُـثول نائبه اللواء هشام عبد الفتاح أبو غيدة، الذي صار بعد إقالة عبد الرحمن، مديرا للجهاز، والذي تردّد أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة وضعه رهْـن الإقامة الجبرية، فلابد من مثوله هو الآخر أمام النيابة العامة لتحديد مسؤوليته عن الجريمة، ومِـن ثَـمَّ مُـحاكمته هو وكلّ مَـن يثبت تورّطه من الضباط أو الأفراد".
وذهب البرعي إلى القول بأن "مُـعظم الوثائق التي تمّ العثور عليها مزوّرة ومُـفبركة وتمّ تركُـها عن عمْـد، بهدَف تشويه سُـمعة بعض الناشطين السياسيين والإضرار بشعبيتهم. وقناعتي، أن ترك هذه الوثائق تحديدا وعدم تعرضها للفرم أو الحرق، كما حدث مع الوثائق التي تُـدين الجهاز وكبار المسؤولين وقيادات النظام السابق، هو عمل مخطّـط، هدفه إثارة البلبلة ونشر الفوضى والوقيغة بين قيادت المعارضة وبين الأحزاب والقوى السياسية المختلفة"، مؤكدا أن "هناك نُـسخ من الوثائق الأصلية موجودة بالمقَـر الرئيسي للجهاز بلاظوغلي، وهو ما يفسِّـر استماتة الجيش في الدِّفاع عن المبنى ومنع المتظاهرين من اقتحامه، على عكس ما حدث في المقار الأخرى".
ومختلفا مع عبد العزيز، يقول البرعي "لا أعتقد أن هناك ثورة مضادّة، وإنما هي مُـحاولة لتشويه بعض الشخصيات والقيادات السياسية المعارضة، وقد كان هذا الأسلوب متبعا ومعمولا به قبل الثورة، وأبسط دليل على هذا، نشر صور شِـه عارية على الإنترنت لبنات الدكتور محمد البرادعي (المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية) بمجرّد إعلانه احتمال ترشّـحه لمنصب الرئاسة في الانتخابات القادمة!"، مطالبا بعقد محاكمة عاجلة وعادلة وشفافة للجهاز، لأننا أصحاب مصلحة في أن يُبَرئ البريء ويُـدان المتهم".
متفقا مع البرعي، يرى عمار أن "المستَـندات والوثائق التي تمّ فرمها أو حرقها بمعرفة ضباط وأفراد الجهاز، تحمل معلومات هامة جدا"، مشيرا إلى أن "الهدف من حرقها، يتراوح بين إخفاء جرائم وإحداث بلبلة ونشر حالة من الفوضى والذّعر، إلى تشويه سُـمعة رموز وقيادات وشخصيات معارضة للنظام، أما ما يُـدين الجهاز وكبار مسؤولين الدولة والحكومة والحزب، فقد تم إعدامه والتخلص منه، وِفقا لخطة محكمة تَـم إعدادها مُـسبقا لاستخدامها في أوقات الأزمات".
بدوره، لا يمانع البرعي من "إعادة هيكلة جهاز أمن الدولة، مثلما تمّـت إعادة هيكلة القوات المسلحة في أعقاب ثورة 23 يوليو 1952، فنتج جهاز المخابرات العامة، الذي يضطلع بمهامّ وطنية عمقت ثقة المصريين في هذا الجهاز الوطني"، مقترحا أن "يعلن اللِّـواء منصور العيسوي، وزير الداخلية الجديد في حكومة الدكتور عصام شرف، عن حلّ الجهاز نهائيا وإنشاء جهاز بديل، لضبط الأمن الداخلي مع إلحاقه بجهاز المخابرات العامة، وأن يتولّـى حقيبة الداخلية وزيرا مدنيا، وهو أمر معمول به في عدد من الدول الديمقراطية الكبرى".
ويشير البرعي إلى إمكانية الإبقاء على الجهاز، فـ "كل دول العالم لديْـها جهاز مخصّص لأمن الدولة، مهْـما اختلفت مسمياته"، ويقترح "فصله عن وزارة الداخلية وإلحاقه بجهاز المخابرات العامة، ليصبح للمخابرات جناحان، جهاز للأمن الداخلي (أمن الدولة سابقا) وجهاز للأمن الخارجي (الأمن القومي)، مع وضع الجهاز بشكله الجديد تحت الرقابة البرلمانية، مثل الـ (F.B.I) في أمريكا، وبهذا تصبِـح المهمة الوحيدة للجهاز في الشكل الجديد، كشف التنظيمات الإرهابية التي تعمل بالداخل، وتضر بالأمن القومي المصري".
ويطالب البرعي بـ "تشكيل لجنة من كبار الخبراء لدراسة مستقبل الجهاز في عصر ما بعد الثورة ووضع تصوّر واضح لإعادة هيكلة الجهاز، ليتواءم مع مطالب الثورة التي أطاحت بالنظام السابق"، مشددا في الوقت ذاته على "عدم قيامه بأي دور آخر وأن لا يتدخّـل من قريب أو بعيد في مُـتابعة المواطنين أو مراقبة النشاط السياسي ومنظمات المجتمع المدني (اتحادات طلابية، نقابات، جمعيات، نوادي، أحزاب، صحف، وسائل إعلام، ....)".
فيما أثنى عبد العزيز على قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتجميد عمل الجهاز، إلى حين إعادة النظر في حلّـه أو إعادة هيكلته. وأوضح أن "النيابة العامة تقوم بجرْد وفحْـص المُـستندات التي عثر عليها بمقرّات الجهاز والتحفظ عليها"، مشددا على "ضرورة متابعة عناصر الجهاز، متابعة دقيقة من الداخلية أو المخابرات العامة، حتى لا يصدر عنهم تصرّفات حمْـقاء أو يأتوا بأفعال تضرّ بأمن الوطن، بعدما ظلّ متسلطا لعقود طويلة، خاصة مع شعورهم بجرح غائر، جرّاء الثورة التي فاجأتهم وشلّـت حركتهم"، مطالبا بالإبقاء "على الجهاز وعدم حله مع قِـصر دوره على مكافحة جرائم الإرهاب وعملية التجسس الداخلي".
متفقا مع عبد العزيز، يقول عمار "يقيني أنه لا غِـنى عن جهاز أمن الدولة في الحياة المصرية، شريطة تغيير عقيدته الأمنية، بحيث يصبح ولاءه للدولة وليس للنظام الحاكم، كما يحتاج الجهاز إلى عملية "فرز وتجنيب" لجميع العاملين به، ومَـن يثبت تواؤُمه مع العقيدة الأمنية الجديدة، يكمل عمله، ومَـن لا يثبت توافُـقه معها، يُـحال إلى المعاش، مع المسارعة بتشكيل لجنة قضائية لفحْـص ملفاته والفصل فيها والقيام بدعم الجهاز في مفاصله الإدارية بعدد من رجال القانون الذين تمتد اختصاصتهم إلى حضور التحقيقات والتأكد من قانونية الإجراءات، لضمان عدم انحرافه مرة أخرى عن القانون".
ويختتم عمار بالإشارة إلى أنه "يمكن فصله عن وزارة الداخلية وضمّه لتبعية وزارة العدل أو أن يكون تابعا لرئاسة الوزراء مباشرة، كما يمكن الإبقاء على تبعيته لوزارة الداخلية، شريطة أن يتولّـى حقيبة الداخلية شخصية مدنية من خارج الجهاز والوزارة كلها"، موضِّـحا أنه "عندما يكون هناك نظام ديمقراطي حقيقي ويكون هناك تداول للسلطة، فلن يمثل هذا الجهاز أي خطورة تُـذكر، لأن ولاءه آنذاك سيكون للدولة وليس للحاكم. فالأمر إذن، مرتبط بالتحوّل والتطوّر الديمقراطي، الذي سيسود البلد في الفترة القادمة".
العادلى
الشاعر
فايد
جنود أحمد رمزى
مظاهرات الشرطة
واتهمت النيابة القيادات الأربعة بقتل متظاهرين والتحريض على القتل، والشروع فى قتل آخرين، والتسبب فى إصابة العديد منهم بإطلاق الرصاص الحى عليهم، وتسببهم فى الانفلات الأمنى الذى ألحق الضرر الجسيم بأموال الدولة والجهات التابعة لها.
ويواجه اللواء حسن عبدالرحمن تهم إتلاف وثائق ومستندات الجهاز، لإصداره أمرا للضباط بالتخلص من المستندات الخاصة بالجهاز.
كما تستكمل النيابة العامة تحقيقاتها مع حبيب العادلى، وزير الداخلية السابق، عن ذات التهم، بهدف الكشف عن أسماء المتورطين فى ارتكاب تلك الجرائم. وقررت نيابة السويس حبس 3 من رؤساء المباحث بتهمة قتل المتظاهرين وإطلاق الرصاص العشوائى عليهم أثناء انتفاضة شعب السويس خلال ثورة 25 يناير، فى مقدمتهم الرائد محمد عامر، رئيس مباحث قسم شرطة الأربعين، حيث شهد ميدان الإسعاف المواجه لقسم الشرطة مقتل أكثر من عشرة متظاهرين فى أول أيام الثورة، وألقت قوات من الشرطة والجيش فجر أمس القبض على رؤساء المباحث الثلاثة، وكذلك رئيس مباحث قسم السويس الرائد محمد عادل ورئيس مباحث قسم الأربعين.
وفى الإسكندرية قرر المستشار عادل عمارة المحامى العام لنيابة شرق الكلية، حبس كل من وائل الكومى رئيس مباحث الرمل ثان، ومعتز العسقلانى معاون مباحث قسم الجمرك، ومحمد سعفان معاون مباحث المنتزه ثان ــ 4 أيام على ذمة التحقيقات، بعد أن وجهت النيابة لهم تهم القتل العمد للثوار يوم 28 يناير.
فى الوقت نفسه تظاهر أهالى وأسر الشهداء فى الإسكندرية للمطالبة بمحاكمة فورية لوائل الكومى.
توقغات بإعدام 4 من كبار ضباط الداخلية
وجاء إعلان النائب العام عن احتجاز اربعة من كبار مسئولي وزارة الداخلية، فيما كان آلاف المصريين يحتشدون في ميدان التحرير بقلب القاهرة للمشاركة والتي اطلق عليها "تظاهرة مليونية ضد الفتنة الطائفية".
وقد دعا الى هذه التظاهرة ائتلاف شباب الثورة تحت عنوان "الوحدة الوطنية"، في اعقاب الاشتباكات الطائفية التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة.
وقال ضباط بالقوات المسلحة متواجدون في الميدان، لـ(بي بي سي)، ان المتظاهرين سمح لهم البقاء في الميدان بشرط عدم النزول الى الشوارع تجنبا لتعطيل المرور.
وقد لاحظ مراسل (بي بي سي) ذلك، اذ تركزت التجمعات على جوانب الميدان التي قد لا تستوعب المتظاهرين اذا استمرت الاعداد في التزايد.
وجاء قرار النائب العام المصري عبد المجيد محمود باصدار مذكرات اعتقال في حق اربعة من كبار مسئولي وضباط وزارة الداخلية بناء على الاشتباه بانهم اصدروا اوامر باطلاق النار على متظاهرين خلال المظاهرات التي طالبت باسقاط نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك.
وتطال مذكرات الاحتجاز مدير امن القاهرة اسماعيل الشاعر، ورئيس مباحث الامن العام عدلي فايد، ورئيس جهاز الامن المركزي احمد رمزي، ورئيس جهاز امن الدولة حسن عبد الرحمن.
وتتركز التهم على اصدارهم اوامر باطلاق النار بالذخيرة الحية على المتظاهرين في الثامن والعشرين من يناير، الذي عرف بـ "يوم الغضب"، وانهم كانوا مسئولين عن من اطلق النار.
وفي حالة ادانتهم في هذه التهم فسيواجه الاربعة عقوبات تصل الى الاعدام.
يشار الى ان الاحتجاجات الضخمة التي شهدتها شوارع القاهرة ومدن مصر، والتي انطلقت في الخامس والعشرين من يناير، وما تخللها من مواجهات مع قوات الامن الحكومية وبعض الاعوان ممن عرفوا بالبلطجية، اسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 384 قتيلا واكثر من ستة آلاف جريح.
وكان وزير الداخلية المصري السابق الحبيب العادلي قد احيل الى القضاء السبت، وهو اول وزير من نظام مبارك يواجه القضاء، وقد انكر التهم الموجهة اليه، وهي شبيهة بالتهم الموجهة للمسئولين الاربعة.
الشاعر يلقي بالمسئولية على العادلي
وكشفت التحقيقات التي تجريها النيابة العامة مع كل من اللواء إسماعيل الشاعر، مدير أمن القاهرة السابق، واللواء عدلي فايد، مدير مصلحة الأمن العام السابق، واللواء أحمد رمزي، مدير قطاع الأمن المركزي السابق، عن مفاجآت جديدة في المصادمات الدامية بين قوات الأمن والمتظاهرين منذ بداية الثورة وحتى جمعة الغضب، 28 يناير الماضي.
وقال اللواء إسماعيل الشاعر، مساعد أول وزير الداخلية، لأمن القاهرة، إنه كان موجوداً فى ميدان التحرير وقت وقوع المظاهرات التى شهدتها البلاد يومى 25 و28 يناير الماضيين، وتحدث مع عدد من المتظاهرين بشكل ودى، وطلب منهم أن يكملوا تظاهرهم بشكل سلمى، وعدم التعرض للممتلكات العامة وأنه قال للمتظاهرين إنه على استعداد لتقديم أوجه المساعدة لهم بشرط ألا تحمل أى تعد على الممتلكات العامة، وفق زعمه.
وحول التعامل مع المتظاهرين يوم 28 يناير الماضى، قال الشاعر إنه تلقى تعليمات واضحة وصريحة من اللواء حبيب العادلى، وزير الداخلية، بالتعامل بشكل حازم مع المتظاهرين، حتى لو تطلب الأمر تفريقهم بالرصاص الحى، وأنه نقل تعليمات العادلى إلى قيادات الضباط فى الميدان، إلا أنه طلب منهم عدم استخدام الرصاص إلا إذا كان الشرطى فى حالة الدفاع عن النفس، على حد قوله.
وألقى أحمد رمزى، مساعد أول الوزير لقطاع الأمن المركزى سابقاً، باللوم على العادلى والشاعر، وقال إنه كان يحصل على التعليمات منهما وأنهما أمراه بحشد كل قوات الأمن المركزى فى الميادين العامة بالقاهرة الكبرى للتصدى للمتظاهرين وإطلاق الرصاص عليهم فى مناطق محددة مثل "ميادين التحرير ومصطفى محمود وعبدالمنعم رياض ورمسيس وأمام وزارة الداخلية ومجلس الشعب"، وكشف رمزى عن مفاجأة فى التحقيقات، وقال إنه اعترض على قرارات الشاعر بضرب المتظاهرين، وتشاجرا معاً على الهاتف وهدده الشاعر بإبلاغ العادلى برفضه تنفيذ الأوامر.
وذكر رمزى أنه فى نهاية اليوم أعطى تعليماته لقواته بعدم إطلاق الرصاص على المتظاهرين، وعدم تنفيذ أى تعليمات من شخص آخر غيره، وطلب رمزى من قواته عدم الدخول فى أى مواجهات مع المتظاهرين وفتح الطرق أمامهم.
وقال اللواء عدلى فايد، مساعد أول الوزير لمصلحة الأمن العام سابقاً، إنه لم يعط أى أوامر لأحد ولم يتلق أى أوامر من أحد، ودوره كان يقتصر على إعداد التقارير الأمنية على أعداد الموجودين فى الميادين، وواجهته النيابة باتهام موجه له حسبما جاء فى تقرير لجنة تقصى الحقائق بأنه نصح العادلى بضرورة خضوع المواطنين وإرهابهم حتى يعودوا إلى منازلهم، فاقترح عليه الاستعانة بعدد من المسجلين خطر لإثارة الرعب فى نفوس المواطنين، وإشعال النيران فى عدد من أقسام الشرطة، وقال فايد فى التحقيقات إنه لا يعرف إن كان وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، نفذ اقتراحه من عدمه، فسألته النيابة فى اعتقادك هل نفذها أم لا؟، فرد فايد إن ما حدث يوم 28 يناير الماضى، يشير إلى أنه استخدمها ولكن بأسلوب خاطئ.
وحرص حسن عبدالرحمن، مساعد أول الوزير لجهاز أمن الدولة، على الإمساك بالعصى من النصف خلال أقواله فى تحقيقات النيابة، فأكد عبدالرحمن أن الاتصالات كانت متوقفة خلال المظاهرات وأن أحداً لم يأخذ تعليمات من أحد، وأن كل ضابط نسى كل التعليمات التى وجهت إليه فى الصباح، وتعامل مع الموقف على حسب ما يظهر أمامه فى الشارع.
وأوضح المتحدث الرسمى باسم النيابة العامة فى بيان له الجمعه، أن النيابة العامة تواصل التحقيقات مع حبيب العادلى فى تلك القضية وجار استجوابه، ولم يصدر قرار بشأنه بعد، وقال إنه سيتم الإعلان عن نتائج تلك التحقيقات فور انتهائها.
وقال مصدر قضائى إن العادلى ألقى بالمسئولية على قياداته الأربع، وقال فى التحقيقات إنه لم يعط أحداً منهم تعليمات غير التعامل حسبما يتطلب الأمر، وكما يحددون.
محاولة للاعتداء على الشاعر وفايد ورمزى
هذا، وقرر اللواء منصور العيسوى، وزير الداخلية، إيداع اللواءات إسماعيل الشاعر وعدلى فايد، وأحمد رمزى، فى سجون شديدة الحراسة داخل سجن مزرعة طرة، وتعيين حراسة مشددة عليهم، عقب محاولة عدد من المساجين الاعتداء عليهم بالضرب، وأمر الوزير بإيداع اللواء حسن عبدالرحمن فى حجز أكاديمية مبارك بعد أن طلب حبيب العادلى مقابلته، وقالت مصادر أمنية مطلعة إن العادلى كان غاضباً، وتخوفت إدارة السجن من وقوع مشادات بينهما فرفضت طلبه بالمقابلة.
قضى المتهمون الثلاثة ليلتهم الأولى فى حبسهم الاحتياطى بالمنطقة المركزية بطرة، أمس الأول.
أضافت المصادر، طلبت عدم نشر أسمائها، أن اللواء منصور الشناوى، رئيس الإدارة المركزية للسجون استقبل قيادات الأمن السابقة، وتم إيداعهم سجن مزرعة طرة، بينما لم يستقبل قطاع السجون اللواء حسن عبدالرحمن، مساعد أول وزير الداخلية لمباحث أمن الدولة السابق.
وكشفت المصادر عن أن اللواء عبدالرحمن قضى ليلته الأولى فى الحبس داخل أكاديمية مبارك للأمن بالتجمع الخامس، وبررت المصادر الأمنية وجود رئيس جهاز أمن الدولة السابق فى أكاديمية مبارك بأنه صدر بالفعل ضده قرار بالحبس ١٥ يوماً على ذمة التحقيقات فى واقعة إطلاق الرصاص على المتظاهرين والانفلات الأمنى، إلا أنه لايزال فى الخدمة ويشغل منصب مساعد أول الوزير لقطاع الأمن، وأنه يخضع لتحقيقات أخرى فى واقعة حرق مستندات وإتلاف أجهزة الحاسب الآلى فى مقار جهاز أمن الدولة.
وتابعت أن التحفظ عليه داخل الأكاديمية إجراء قانونى لحين استكمال التحقيقات معه، وأنه فور انتهاء التحقيقات سيتم حبسه داخل سجن المزرعة، وفقاً للوائح وقواعد مصلحة السجون، وقالت المصادر إن علامات الحزن والانكسار، ظهرت على وجه اللواء إسماعيل الشاعر، بمجرد دخوله عنبر المزرعة، وأن الدموع ملأت عيون أقاربه الذين تجمعوا فى ساعة متأخرة من مساء الخميس لزيارته، كما أحضروا له ملابس بيضاء، عبارة عن "تريننج سوت" لتتماشى مع ملابس الحبس الاحتياطى البيضاء.
كما ظهر الانفعال والاكتئاب على وجه اللواء عدلى فايد، الذى ظل صامتاً ورفض التحدث إلى مأمور السجن وقضى ليلته الأولى دون أن يتناول أى أطعمة من السجن، فى الوقت الذى ظل فى اللواء أحمد رمزى، صامداً وتحدث إلى أحد المجندين الذى وضع الكلابشات الحديدية فى يديه قائلاً "أنا رفضت أطلق الرصاص على المتظاهرين وفضلت إنى أحميك انت واللى زيك" ثم دخل إلى محبسه فى العنبر، ورفض الحديث أو تناول الطعام كنوع من الاعتراض على قرار حبسه ١٥ يوماً على ذمة التحقيقات.
حسن عبدالرحمن
ومنذ أن تخرج اللواء حسن عبدالرحمن، رئيس جهاز مباحث أمن الدولة السابق، قبل 30 عاماً فى كلية الشرطة والتحق للعمل بالجهاز وظل يعمل به حتى قرار إقالته قبل أسبوع.. وبدأ عبدالرحمن ضابطا بالمباحث ثم أصبح مفتشاً لمباحث أمن الدولة بالبحيرة.. وأصدر وزير الداخلية الأسبق حسن الألفى قراراً بتعيينه وكيلاً للجهاز.
وبعدها أصبح مديراً لأمن الدولة بالقاهرة بشارع جابر بن حيان ثم رئيساً للجهاز فى مايو 2004 خلفاً للواء صلاح سلامة الذى أصبح محافظاً لكفر الشيخ، ويقول عنه الضباط إنه كان قليل الكلام.. وهى سمة كل من يعمل فى هذا الجهاز. كان يعتمد بشكل كبير فى عمله على نائبه اللواء أحمد رأفت الذى رحل عن الحياة.. ونائبه الثانى اللواء هشام أبوغيدة الذى يتولى رئاسة الجهاز حالياً.
فى 27 مارس الجارى يكمل حسن عبدالرحمن عامه الـ(63) وقرر وزير الداخلية السابق حبيب العادلى مد عمله ثلاث مرات.
وطوال 30 عاماً قضاها عبدالرحمن فى الجهاز استطاع أن يجرى تحريات فى مئات قضايا أمن الدولة، على رأسها تفجيرات دهب وشرم الشيخ وطابا وخلية الزيتون وحزب الله. وكانت آخر قضاياه التى باشرها بنفسه هى تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية. أما الإخوان فعانوا منه كثيراً وأصدر قرارات باعتقال المئات منهم، على رأسهم المرشد الحالى محمد بديع وأعضاء من مكتب الإرشاد.
إسماعيل الشاعر
قبل 19 يوماً فقط من اندلاع ثورة 25 يناير سألت الناشطة أسماء محفوظ اللواء إسماعيل الشاعر، مدير أمن القاهرة السابق، أمام الكاتدرائية المرقسية بالعباسية "انتوا بتضربونا ليه يا فندم؟" فرد عليها مبتسماً "نحن لا نضرب أحداً" وهو الشخص نفسه الذى بات متهماً وقررت نيابة أمن الدولة حبسه 15 يوماً على ذمة التحقيقات بتهمة القتل العمد وإصدار أوامر باستخدام العنف وإطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين.
تدرج إسماعيل الشاعر فى المناصب حتى عين مديراً لأمن القاهرة ومنذ تخرجه وهو يعمل بالمديرية حتى أصبح رئيساً لمباحث قسم المعادى وذاع صيته وقتها، حتى عين مفتشاً لمباحث منطقة المعادى والبساتين، حتى تولى منصب رئيس مباحث العاصمة.
توطدت علاقته مع اللواء حبيب العادلى، الوزير السابق، عندما كان اللواء محمود وجدى، مديراً لأمن القاهرة، وكان يذهب إلى مؤتمرات وزارة الداخلية واجتماعات الوزير بدلاً من وجدى، حتى جاء عام 2005 وكان وقتها نبيل العزبى، مديراً لأمن القاهرة، ليثبت الشاعر كفاءته فى قمع المظاهرات مع بداية الحراك السياسى الذى بدأته حركة كفاية. ولمجهوده الذى اعتبره العادلى رائعاً، أصدر قراراً بتعيينه مديراً لأمن القاهرة ليتولى زمام الأمور ليقمع مظاهرة 6 أبريل فى 2009، ويقبض على العديد من الشباب بعد سحلهم أمام مجلس الشعب، وكذلك مظاهرات التنديد بمقتل خالد سعيد.. يوم 25 يناير وقف بقوة وسيطر على المظاهرات من مكانه بساحة المجمع عن طريق إطلاق القنابل المسيلة للدموع وفى يوم 28 يناير "جمعة الغضب" شاهد آلاف المتظاهرين يقفون بثبات فوق كوبرى قصر النيل، فاضطر إلى الانسحاب إلى مكتبه بمديرية أمن القاهرة.
عدلى فايد
ولد عدلى فايد، مساعد أول وزير الداخلية لقطاع مصلحة الأمن العام السابق، فى الشرقية عام 1949 والتحق بكلية الشرطة عام 1967، و تخرج عام 1971، وكان ترتيبه رقم 217 على الدفعة.. وهى الدفعة التى زامله فيها إسماعيل الشاعر، مساعد أول الوزير لأمن القاهرة السابق، الذى كان ترتيبه الثانى على الدفعة.. وضمت أيضاً حسن عبدالرحمن، مساعد أول الوزير لأمن الدولة السابق.
وصل فايد إلى سن الستين قبل عامين وتقرر المد له بقرار من رئيس الجمهورية السابق، الذى فوض رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف، وفوض الأخير حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق، لاتخاذ القرار، وتربطه علاقة وطيدة بالعادلى، فبعد أن كان مستبعداً إلى مصحلة الموانئ بقرار من حسن الألفى، وزير الداخلية الأسبق، أصبح العادلى وزيراً للداخلية، فتخلص تباعاً من رجال الألفى واستقطب آخرين من بينهم فايد، وأعاده إلى الأمن العام، وتولى منصب مدير مباحث سوهاج والإسكندرية والجيزة، ثم عين مديراً لمباحث الوزارة ثم مديراً لقطاع مصلحة الأمن العام، وأمر باعتقال قرابة 4 آلاف من أبناء سيناء عقب حوادث إرهابية فى طابا ودهب وشرم الشيخ ومطار الجورة، مما تسبب فى إفساد العلاقة بين البدو ووزارة الداخلية، ولم تتوصل الأجهزة الأمنية إلى مرتكبى الجرائم إلا بعد تدخل أجهزة سيادية، وغضب البدو ودفعت الوزارة ثمنه منذ سنوات، وهكذا تنقل عدلى فايد من ضابط صغير إلى مغضوب عليه ثم "مرضى عنه" قبل أن يصبح قيادياً فى الوزارة لينتهى به الحال إلى الحبس على ذمة التحقيقات فى قضية القتل العمد وإطلاق الرصاص على المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير.
أحمد رمزى
لم يكن يعلم أحد اسم اللواء أحمد رمزى، مدير قطاع الأمن المركزى السابق، ولم تتداوله وسائل الإعلام إلا بعد اندلاع ثورة 25 يناير إذ كان يحضر اجتماعات الوزير ويضع خطط تشكيلات الأمن المركزى ويعطى الأوامر لضباطه فى الشارع.
لم يعمل سوى بقطاع الأمن المركزى فقد كان ضابطاً كفئاً اشتهر بقوته وصرامته فى تنفيذ التعليمات وذاع صيته وقت أن كان نقيباً بين ضباط الإدارة وكان يتولى تدريب المجندين الجدد على استخدام البنادق لإطلاق الرصاص المطاطى والقنابل المسيلة للدموع وتم انتدابه وفرقته للاشتراك فى قمع مظاهرة أو حماية منطقة ما إذا وقع بها حدث إرهابى.
عين رمزى فى منصبه خلفاً للواء مجدى التهانى منذ أكثر من عام، ليشرف على جميع قطاعات الأمن المركزى فى محافظات مصر ويكون اليد التى اعتمدت عليها وزارة الداخلية فى فض الاشتباكات والاعتصامات والمظاهرات وكان متواجداً بقوة فى ميدان التحرير يوم جمعة الغضب، وقالت مصادر إنه رفض الامتثال لأوامر حبيب العادلى بإطلاق الرصاص على المتظاهرين وقال "الوزير مش عارف دا معناه إيه.. كده هيضيع البلد".
كان رمزى مجهولاً لدى الكثيرين وأصبح اسمه يتردد الآن بقوة ضمن قادة وزارة الداخلية السابقين الذين طالهم الحبس على خلفية التحقيقات فى قضايا قتل المتظاهرين واستخدام العنف أثناء ثورة يناير.
احتجاج على حبس الضباط المتهمين بقتل الشهداء
من ناحية أخرى، وفيما بدا انه تحرك منظم شهدت الإسكندرية احتجاجين اعترضا على حبس الضباط المتهمين بقتل الشهداء.. ونظم المئات من ضباط الشرطة بالإسكندرية الجمعة اعتصاما أمام مبنى قوات امن ميرغم غرب المدينة والمحتجز فيه 3 ضباط شرطة صدر ضدهم قرار من النيابة العامة بالحبس 4 أيام على ذمة التحقيق لاتهامهم في قتل والشروع في قتل العشرات من المتظاهرين العزل والتسبب في إصابة آخرين.
كما نظم العشرات من المواطنين مظاهرة أخرى أمام مديرية الأمن وانضم أليهم 3 من ضباط الشرطة بالزي الرسمي وطالبوا بعودة آمنة للشرطة وقالوا إن القبض على المواطنين سيهز الثقة بين المواطنين والشرطة وقالوا أن الأوامر صدرت لهم من قياداتهم وبالتالي فهم غير مسئولين عن قتل المتظاهرين.
وادعى المعتصمون في ميرغم أن ما قام به ضباط الشرطة هو دفاع عن النفس وعن أقسام الشرطة ضد هجوم "بعض البلطجية" الذين رغبوا في القيام بأعمال الشغب والعنف، حسب مزاعمهم ، كما حرقوا أقسام الشرطة وسياراتها وكذلك المؤسسات الأخرى وسرقتها.
يذكر أن أمر ضبط وإحضار الضباط المتهمين صدر من النيابة منذ أكثر من 15 يوما لكن زملائهم رفضوا تنفيذه إلا بعد تدخل المجلس العسكري أمس.
وتوجهت القيادات الأمنية بالإسكندرية إلى مكان الاعتصام في محاولة لتهدئة الضباط المعتصمين الذين أعلنوا رفضهم أن يكون هؤلاء الضباط كبش فداء للبعض، على حد قولهم، وأشاروا إن أوامر ضرب النار صدرت من قيادات عليا.
كانت النيابة العامة قد أصدرت قرارا بحبس 3 من ضباط الشرطة وهم وائل الكومي رئيس مباحث قسم شرطة الرمل والمتهم بقتل 37 من المتظاهرين ومعتز العسقلاني معاون مباحث قسم شرطة الجمرك المتهم بقتل شهيدين ومحمد سعفان معاون مباحث قسم المنتزه المتهم بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين بعد البلاغات التي وجهت ضدهم من عشرات المواطنين تتهمهم فيها بقتل ذويهم.
في الوقت نفسه، تباشر النيابة التحقيقات حاليا مع اللواء محمد إبراهيم مدير امن الإسكندرية السابق وكذا اللواء عادل اللقانى مدير الأمن المركزي بالمحافظة لاتهامهما بإصدار تعليمات بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين .
عودة مشرفة لضباط الشرطة
من ناحية أخرى، أعلن الرائد أحمد رجب المسئول الإعلامي بالائتلاف العام لضباط الشرطة أن اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية طلب من ضباط الائتلاف توصيل رسالة إلى جميع الضباط والأفراد على مستوى الجمهورية مفادها عودتهم إلى مواقعهم بقوة وكرامة.
وأضاف رجب، في بيان صادر اليوم الجمعة عن الائتلاف العام لضباط الشرطة، أن وزير الداخلية وعددا من قيادات الوزارة الحاليين والسابقين التقوا بضباط الائتلاف في اجتماع عقد بنادي التجديف بالدقي، بالإضافة إلى شخصيات عامة من بينهم الداعية معز مسعود، والمستشارة نهى الزينى نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، والمخرج خالد يوسف، وممثلي جمعيات الشرطة والشعب، بالإضافة إلى عدد من قيادات المجتمع المدني.
وأشار إلى أن وزير الداخلية نقل لهم تحيات الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء، وشدد على دعم كل المؤسسات الرسمية لعودة مشرفة للشرطة والإقرار بالدفاع عن النفس والمنشآت الشرطية، بالإضافة إلى الدعم الإعلامي لهم.
وأكد المسئول الإعلامي بالائتلاف العام لضباط الشرطة أن وزير الداخلية رفض عودة الضباط والأفراد المفصولين من الوزارة خاصة المدانون سلوكيا، بعد أن قرر وزير الداخلية السابق اللواء محمود وجدي عودة بعضهم، لافتا إلى أن الوزير دعا ضباط الائتلاف إلى الاجتماع بهم الأسبوع القادم بديوان الوزارة.
جهاز سرطاني
فى غضون ذلك، تباينت وجهات نظر عدد من الخبراء المصريين المتخصِّـصين في القانون والاجتماع السياسي والمنظمات الحقوقية، حول مستقبل جهاز أمن الدولة، بعد نجاح الثورة في الإطاحة بحُـكم الرئيس حسني مبارك.
ففيما يرى خبير أنه "لا غِـنى عنه في الحياة المصرية، شريطة تغيير عقيدته الأمنية" ويطالب آخر بـ "حلِّـه والتخلّـص من شروره والقضاء على تغوّله"، يقترح ثالث "إعادة هيكلته وفصله عن الداخلية وإلحاقه بالمخابرات العامة، ليكون مسؤولا عن الأمن الداخلي".
واتفق عدد من الخبراء على "ضرورة إبعاد هذا الجهاز عن الحياة السياسية، التي كان السبب الرئيسي في تسميمها وإفسادها وإصابتها بالشلل التام، بعد تحويل أحزابها الـ 24 إلى كيانات ورقية أو كرتونية، لا وجود لها في الشارع"، مع رفع وصايته على "تعيين المعيدين والعمداء ورؤساء الجامعات، فضلا عن الالتحاق بالوزارات السيادية، العدل والخارجية والدفاع والداخلية والإعلام".
في البداية، اعتبر الدكتور عمار علي حسن أن "أكبر جريمة ارتكبها جهاز أمن الدولة هي انحرافه عن مهمّـته الأساسية، وهي حماية أمن الدولة إلى حماية أمن النظام ثم العمل لصالحه الخاص، بحيث تحوّل من جهاز فني استخباراتي مختصّ بجمع المعلومات وتقديمها إلى الحكومة لمعاونتها في اتخاذ القرارات، إلى جهاز خاص يعمل لصالح النظام والحزب الحاكم"، مشيرا إلى أنه "بدلا من أن يقدّم الجهاز تقريرا عن كفاءة الشخص وأمانته ونزاهته، أصبح هدفه ضمان ولائه للنظام، مما أسهَـم في إفساد الحياة السياسية وحوَّل مصر إلى دولة بوليسية".
وقال عمار "لقد وصل الجهاز إلى مستوى غيْـر مسبوق، من حيث عدم الحِـرفية وعدم المهنية، خاصة عندما أوكِـلت إليه مهمّـة تهيئة المناخ، لتقبل سيناريو التوريث، الذي كان يجري العمل به على قدَم وساق من خلال التجسّس على الناشطين والمعارضين، مع التضييق على مؤسسات المجتمع المدني، وفي القلب منها النقابات المهنية والاتحادات الطلابية"، موضحا أن "الجهاز وصل لدرجة أنه، بتوصية أو تقرير منه يعيّـن أو يمنع تعيين المعيدين والعمداء ورؤساء الجامعات ورؤساء تحرير الصحف ومجالس إداراتها!".
مختلفا مع عمار، يرى الناشط الحقوقي نجاد البرعي أن "بداية الجهاز كانت جيِّـدة، حيث حقق نجاحات جيدة في مجال مكافحة الإرهاب، الذي أطل برأسه على مصر مع اغتيال الرئيس السادات عام 1981"، ثم يستدرك قائلا "لكنه سُـرعان ما توسَّـعت اختصاصاته وتوغلت سلطاته وتمددت صلاحياته، حتى صار هو ذاته خطرا على أمن الدولة!!"، معتبرا أن "المشكلة الرئيسية، أن الجهاز انشغل على مدى 10 سنوات بالمهام "العبيطة" عن مهمته الأصلية، كما تضخَّـم دوره بصورة مفزعة وتوغّـلت سلطاته وتوسعت على حساب باقي الأجهزة في وزارة الداخلية ذاتها".
متفقا مع عمار، يرفض المستشار زكريا عبد العزيز "ما كان يحدُث من متابعات للإعلاميين والسياسيين والنقابيين والطلاب وجميع الشرفاء من أبناء الوطن، من معارضي سياسة النظام السابق ومن تدخل ممجوج في تعيينات النيابة والشرطة والجامعات، بل وفي التربية والتعليم"، مشددا على أن "تغلغل هذا الجهاز السَّـرطاني أفسَـد الحياة السياسية وسمَّـم النشاط الحزبي والنقابي وأصاب مصر كلها بالشلل التام في مفاصلها، حتى صار يتمتّـع بسمعة سيِّـئة في الشارع المصري كله ولدى مختلف طوائفه وشرائحه وفئاته".
وبالنسبة لجريمة فرم وحرق وثائق ومستندات أمن الدولة، كشف عبد العزيز عن أن "الأمر الآن بِـيَـد النيابة العامة، التي تُـجري تحقيقات موسَّـعة حول الموضوع، وطالما أنها أصدرت أمرها بالقبض على 47 ثم 84 آخرين من ضباط وأفراد الجهاز للتحقيق معهم في تُـهمة حرق وفرم الوثائق والمستندات، فربّـما تكون قد رأت فيما اطَّـلعت عليه من وثائق ومستندات وأشرطة فيديو وأقراص مدمجة، ما يستوجب حبْـسهم على ذمّـة التحقيق"، متخوفا في الوقت ذاته من أن يقدِموا على ما يمكن تسميته بـ "الثورة المضادة".
وقال عبد العزيز "وبالنسبة للِّـواء حسن عبد الرحمن، المدير السابق لجهاز أمن الدولة، والذي تمّ التحفظ عليه على خلفية ما ورد في بعض الوثائق الناجية من الحرق، من أنه هو الذي أمَـر بفرْم الوثائق والتخلّـص منها. فإذا ثبت اتِّـهامه بهذا، فلابد أن يمثِّـل على الفور أمام النيابة العامة، للتحقيق معه"، مؤكدا على "ضرورة مُـثول نائبه اللواء هشام عبد الفتاح أبو غيدة، الذي صار بعد إقالة عبد الرحمن، مديرا للجهاز، والذي تردّد أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة وضعه رهْـن الإقامة الجبرية، فلابد من مثوله هو الآخر أمام النيابة العامة لتحديد مسؤوليته عن الجريمة، ومِـن ثَـمَّ مُـحاكمته هو وكلّ مَـن يثبت تورّطه من الضباط أو الأفراد".
وذهب البرعي إلى القول بأن "مُـعظم الوثائق التي تمّ العثور عليها مزوّرة ومُـفبركة وتمّ تركُـها عن عمْـد، بهدَف تشويه سُـمعة بعض الناشطين السياسيين والإضرار بشعبيتهم. وقناعتي، أن ترك هذه الوثائق تحديدا وعدم تعرضها للفرم أو الحرق، كما حدث مع الوثائق التي تُـدين الجهاز وكبار المسؤولين وقيادات النظام السابق، هو عمل مخطّـط، هدفه إثارة البلبلة ونشر الفوضى والوقيغة بين قيادت المعارضة وبين الأحزاب والقوى السياسية المختلفة"، مؤكدا أن "هناك نُـسخ من الوثائق الأصلية موجودة بالمقَـر الرئيسي للجهاز بلاظوغلي، وهو ما يفسِّـر استماتة الجيش في الدِّفاع عن المبنى ومنع المتظاهرين من اقتحامه، على عكس ما حدث في المقار الأخرى".
ومختلفا مع عبد العزيز، يقول البرعي "لا أعتقد أن هناك ثورة مضادّة، وإنما هي مُـحاولة لتشويه بعض الشخصيات والقيادات السياسية المعارضة، وقد كان هذا الأسلوب متبعا ومعمولا به قبل الثورة، وأبسط دليل على هذا، نشر صور شِـه عارية على الإنترنت لبنات الدكتور محمد البرادعي (المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية) بمجرّد إعلانه احتمال ترشّـحه لمنصب الرئاسة في الانتخابات القادمة!"، مطالبا بعقد محاكمة عاجلة وعادلة وشفافة للجهاز، لأننا أصحاب مصلحة في أن يُبَرئ البريء ويُـدان المتهم".
متفقا مع البرعي، يرى عمار أن "المستَـندات والوثائق التي تمّ فرمها أو حرقها بمعرفة ضباط وأفراد الجهاز، تحمل معلومات هامة جدا"، مشيرا إلى أن "الهدف من حرقها، يتراوح بين إخفاء جرائم وإحداث بلبلة ونشر حالة من الفوضى والذّعر، إلى تشويه سُـمعة رموز وقيادات وشخصيات معارضة للنظام، أما ما يُـدين الجهاز وكبار مسؤولين الدولة والحكومة والحزب، فقد تم إعدامه والتخلص منه، وِفقا لخطة محكمة تَـم إعدادها مُـسبقا لاستخدامها في أوقات الأزمات".
بدوره، لا يمانع البرعي من "إعادة هيكلة جهاز أمن الدولة، مثلما تمّـت إعادة هيكلة القوات المسلحة في أعقاب ثورة 23 يوليو 1952، فنتج جهاز المخابرات العامة، الذي يضطلع بمهامّ وطنية عمقت ثقة المصريين في هذا الجهاز الوطني"، مقترحا أن "يعلن اللِّـواء منصور العيسوي، وزير الداخلية الجديد في حكومة الدكتور عصام شرف، عن حلّ الجهاز نهائيا وإنشاء جهاز بديل، لضبط الأمن الداخلي مع إلحاقه بجهاز المخابرات العامة، وأن يتولّـى حقيبة الداخلية وزيرا مدنيا، وهو أمر معمول به في عدد من الدول الديمقراطية الكبرى".
ويشير البرعي إلى إمكانية الإبقاء على الجهاز، فـ "كل دول العالم لديْـها جهاز مخصّص لأمن الدولة، مهْـما اختلفت مسمياته"، ويقترح "فصله عن وزارة الداخلية وإلحاقه بجهاز المخابرات العامة، ليصبح للمخابرات جناحان، جهاز للأمن الداخلي (أمن الدولة سابقا) وجهاز للأمن الخارجي (الأمن القومي)، مع وضع الجهاز بشكله الجديد تحت الرقابة البرلمانية، مثل الـ (F.B.I) في أمريكا، وبهذا تصبِـح المهمة الوحيدة للجهاز في الشكل الجديد، كشف التنظيمات الإرهابية التي تعمل بالداخل، وتضر بالأمن القومي المصري".
ويطالب البرعي بـ "تشكيل لجنة من كبار الخبراء لدراسة مستقبل الجهاز في عصر ما بعد الثورة ووضع تصوّر واضح لإعادة هيكلة الجهاز، ليتواءم مع مطالب الثورة التي أطاحت بالنظام السابق"، مشددا في الوقت ذاته على "عدم قيامه بأي دور آخر وأن لا يتدخّـل من قريب أو بعيد في مُـتابعة المواطنين أو مراقبة النشاط السياسي ومنظمات المجتمع المدني (اتحادات طلابية، نقابات، جمعيات، نوادي، أحزاب، صحف، وسائل إعلام، ....)".
فيما أثنى عبد العزيز على قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتجميد عمل الجهاز، إلى حين إعادة النظر في حلّـه أو إعادة هيكلته. وأوضح أن "النيابة العامة تقوم بجرْد وفحْـص المُـستندات التي عثر عليها بمقرّات الجهاز والتحفظ عليها"، مشددا على "ضرورة متابعة عناصر الجهاز، متابعة دقيقة من الداخلية أو المخابرات العامة، حتى لا يصدر عنهم تصرّفات حمْـقاء أو يأتوا بأفعال تضرّ بأمن الوطن، بعدما ظلّ متسلطا لعقود طويلة، خاصة مع شعورهم بجرح غائر، جرّاء الثورة التي فاجأتهم وشلّـت حركتهم"، مطالبا بالإبقاء "على الجهاز وعدم حله مع قِـصر دوره على مكافحة جرائم الإرهاب وعملية التجسس الداخلي".
متفقا مع عبد العزيز، يقول عمار "يقيني أنه لا غِـنى عن جهاز أمن الدولة في الحياة المصرية، شريطة تغيير عقيدته الأمنية، بحيث يصبح ولاءه للدولة وليس للنظام الحاكم، كما يحتاج الجهاز إلى عملية "فرز وتجنيب" لجميع العاملين به، ومَـن يثبت تواؤُمه مع العقيدة الأمنية الجديدة، يكمل عمله، ومَـن لا يثبت توافُـقه معها، يُـحال إلى المعاش، مع المسارعة بتشكيل لجنة قضائية لفحْـص ملفاته والفصل فيها والقيام بدعم الجهاز في مفاصله الإدارية بعدد من رجال القانون الذين تمتد اختصاصتهم إلى حضور التحقيقات والتأكد من قانونية الإجراءات، لضمان عدم انحرافه مرة أخرى عن القانون".
ويختتم عمار بالإشارة إلى أنه "يمكن فصله عن وزارة الداخلية وضمّه لتبعية وزارة العدل أو أن يكون تابعا لرئاسة الوزراء مباشرة، كما يمكن الإبقاء على تبعيته لوزارة الداخلية، شريطة أن يتولّـى حقيبة الداخلية شخصية مدنية من خارج الجهاز والوزارة كلها"، موضِّـحا أنه "عندما يكون هناك نظام ديمقراطي حقيقي ويكون هناك تداول للسلطة، فلن يمثل هذا الجهاز أي خطورة تُـذكر، لأن ولاءه آنذاك سيكون للدولة وليس للحاكم. فالأمر إذن، مرتبط بالتحوّل والتطوّر الديمقراطي، الذي سيسود البلد في الفترة القادمة".
العادلى
الشاعر
فايد
جنود أحمد رمزى
مظاهرات الشرطة