٣٠/ ٦/ ٢٠١١
عندما تتكلم مع جمال البنا، ذلك المفكر الإسلامى المرموق، فى حوار سياسى، بالتأكيد أنت تجلب لنفسك المتاعب، وبالنسبة لمهنة الصحافة ذلك أمر طبيعى لأنها مهنة البحث عن المتاعب.
الرجل الذى تجاوز التسعين من عمره له آراء صادمة وتثير الجدل ومحدد فى وجهة نظره فى الكثير من الأمور، وفى الإجابة عن الأسئلة التى طرحناها عليه، فعندما سألته عن مستقبل مصر و«هى البلد رايحة على فين؟» قال: «هى مش عارفة» وعندما سألته عن الثورة قال إنها بلا قائد والجيش نفسه لا يريد أن يكون قائدًا لها ولكنه حام.ٍ
«جمال البنا يرى» أن الحل هو تطبيق الديمقراطية وأنه مع فصل الدين عن الدولة، وأن النظام التركى الذى يسوق له فى مصر لا يصلح لنا وإلى الحوار:
■ ما تقييمكم لما يحدث حاليًا.. أو بمعنى آخر مصر رايحة على فين؟
ـ هى نفسها مش عارفة.. لأنه ليس هناك الخط الإرادى المصمم والمحدد، وهذه الحركة «يقصد الثورة» غلبت عليها التلقائية، ولم يكن لها قائد أو تحديد نظرى معين.
■ هل يمكن اعتبار أن الجيش هو القائد لها، باعتبار أنه هو الذى حماها؟
ـ الجيش نفسه لا يريد أن يكون قائدًا وهو حامٍ، وفى حقيقة الحال قام بهذا الدور بصورة ممتازة جدًا، وأعلم أنه غير طامع فى السلطة، ويريد حماية الثورة وتسلمها بعد أن تنال الحقوق المشروعة، وهو اعترف بالثورة وبأنها ملك للشعب، ودوره ليس أكثر من أن يصل بالثورة للسلطة والاستقرار، وهذا شىء طبيعى، لأن مصر جربت الحكم العسكرى المجرد.
■ ماذا تقصد بالحكم العسكرى المجرد؟
ـ يعنى اللى يكون فيه عسكريون فقط، وهذا ما حدث فى ثورة ٢٣ يوليو، وكانت حركة غير موفقة، وهناك ظروف كثيرة أهدرتها روح المقامرة وعدم النضج والانفراد بالسلطة وجنت على مصر جناية لانزال حتى الآن نتعثر فى عقابيلها، والجيش وحده لا يحكم مطلقاً، ولا الشعب يقبل حكومة عسكرية.
■ وما الحـل؟
ـ الحل هو الديمقراطية.. والجميع يريدون دولة مدنية، لكن معالجة الجيش للأولويات لم تكن موفقة ولم يكن المسار نفسه هو المسار السليم، فتعديل بعض مواد الدستور والاستفتاء عليها لم يكن له داعٍ بل كان انحرافاً للمسار.
■ وما المسار السليم الذى كان يجب أن يحدث؟
ـ كان على الشباب الذين قاموا بالثورة أن يذهبوا إلى الضباط الذين حموا الثورة، ويكوِّنوا مجلسًا رئاسيًا مشتركاً، ويمكن أن يضاف إليه شخصيات مثل الدكتور محمد البرادعى، ويكون عدده من ١٩ إلى ٢٠ عضوًا، وشرعية هذا المجلس ستكون أكثر من أى شرعية أخرى، لأنها شرعية الثورية الشعبية، وكان أول شىء يجب أن يفعله هو أن يتحفظ على رجال عهد مبارك، وهم حوالى ٣٠٠٠ شخص، ويحل كل الآليات والأجهزة الخاصة بهذا العهد، لأن هذه ثورة وبداية عهد جديد، فليست بعقلية قديمة والشخصيات تدير البلد، فكان يجب أن يتم حل الحزب الوطنى فورًا وكذلك اتحاد العمال العميل، الذى جعل العمال يسلمون الشركات لمستثمر أجنبى، ثم حل مجلس الشورى، ويتم إلقاء القبض على جميع الشخصيات وتتم محاكمتهم محاكمات عادلة وليست بالطريقة التى تجرى، لأن العدالة فى الثورة لها منطق آخر.
■ ما هذا المنطـق؟
ـ أضرب لك مثلاً بأن مبدأ المتهم برىء حتى تثبت إدانته هو مبدأ أصيل، لكن فى الثورة يمكن أن يكن حائلاً دون العدالة، فإذا كان ضباط أمن الدولة أول شىء يفعلونه عندما يقبضون على شخص أن يقوموا بتعصيب عينيه وإهانته وإهدار كرامته ما وسعهم ذلك حتى مهما كانت مكانته، وعندما يحاكم يقول له القاضى من ضربك؟ فلا يعرف، فأنا أرى أن كل ضباط أمن الدولة مدانون حتى تثبت براءتهم ويجب أن يحاكموا على التعذيب، وعليهم أن يثبتوا براءتهم، وهذه عدالة الثورة.
■ هل ترى أن وجود أحزاب كثيرة هو ظاهرة صحية؟
ـ ليست ظاهرة صحية ولكنها طبيعية، فالظروف الاستثنائية توجد أوضاعًا استثنائية، فكل واحد لا يريد إنشاء حزب فقط بل ترشيح نفسه فى انتخابات الرئاسة.
■ لكن هناك بعض الأحزاب منها برزت والبعض يقترح أن يحدث اندماج بينها أو ائتلاف؟
ـ إذا كانت الأفكار بينهم متقاربة، ويستطيعون بناء برنامج عمل مشترك، أما إذا لم تكن هناك عوامل مشتركة وقوية وتكون هناك مساحة لتغليب الخاص على العام، فلن تنجح وسيبقى الصراع والتشرذم سمة الحياة المصرية.
■ ما رأيك فى حزب «الحرية والعدالة» التابع لجماعة الإخوان المسلمين؟
ـ حزب «الحرية والعدالة» هو حزب يستهدف السلطة، ومن يقل غير ذلك فهو مخادع، وهناك مشكلة ليس من السهل حاليًا التخلص منها وهى علاقة الحزب بالجماعة، فلا يمكن أن يتخلص منها، وفى الوقت نفسه يفترض أنه لا يتبعها.
■ ما رأيك فى من يقول إنه لا يجوز أن يشكل حزب على أساس دينى لكنه يجوز أن تكون له مرجعية دينية؟
ـ هذا تمحك ومخالفة، لأن المرجعية الدينية ستكون على حساب الدولة المدنية.
ولأن الدين ليس مرجعية لكل شىء تقوم عليه الدولة، فالبحث العلمى والرياضة والهندسة.. إلخ لا علاقة لها بالدين، ومع هذا فإنها من كبرى مرجعيات الدولة، وقل مثل ذلك على الفنون والآداب.
عندما تقول مرجعية دينية فما هى الصورة العملية لذلك، هل تتبع كلام الأئمة والفقهاء فتأخذ فى التفسير بما قاله الطبرى وفى تصنيف الحديث بما وضعه ابن حنبل وتقلد أحكام فقهاء الأئمة الأربعة؟
إذا كانت هذه هى المرجعية الدينية فهى كارثة بمعنى الكلمة، وهى التخلف وإعمال النقل وإهمال العقل، وهى القضاء على الحرية والفنون والآداب، لأن الدين بهذه الطريقة ليس هو بالضرورة ما جاء به القرآن أو ما طبقه الرسول، ولكنه فهم الأسلاف للقرآن ولتطبيق الرسول وهو فهم تم فى عصور مغلقة كانت وسيلة الثقافة هى الكتاب المنسوخ باليد، وكان الحكم استبداديًا، وهم بعد كل شىء ومهما كانت عبقريتهم بشر فيهم نقص وقصور البشر، فالأخذ بكلامهم لن يقدمنا إلى الأمام ولكن سيؤخرنا إلى الخلف، كما يلحظ أن كلام الأئمة متعدد، ومتناقض، والأحكام تقبل الأمر وضده.
وإذا كان الدين هو القيم.. هو الحرية.. هو العدالة.. هو المساواة.. هو المعرفة، فإن هذه كلها من مفردات الدولة المدنية ويمكن أن نختصر الطريق فنأخذها منها.
وسيظل للدين مكانه ودوره فى الإصلاح، ولكن على مستوى الأفراد أو الأئمة ولكن ليس عن طريق الدولة.
■ ماذا تعنى كلمة حكم مدنى فى فكر جمال البنا؟
ـ تعنى أنها ليست حكومة دينية أو عسكرية أو فاشية، وهى الحكومة التى تؤمن بالمساواة ويحكمها القانون.
■ ما الذى جعل السلفيين يخرجون ويصرخون ويحاولون إثبات أفكارهم وتواجدهم؟
ـ هذه ظاهرة طبيعية بعد طول الكبت، فهم كانوا فى «جرة وطلعوا برة»، وطبيعى أن هذه التكتلات التى تعبر عن رأى شعبى وجماهيرى وهوائى، عندما تجد فرصة فتظهر بقوة وتزحف، والسلفيون أكثر الناس الذين يعرفون سيكيولوجية الشعب ومشاعره، وهناك كبت وبطالة وعوامل عديدة تؤثر فى الناس وتجد فى دعوات السلفيين متنفسًا لها وتأخذها من عهدها البائس إلى عالم آخر.
حالة الخريطة السياسية الآن بكل هذا التنـوع.. هل تجعلك تتفاءل بالمرحلة المقبلة؟
نحن فى مرحلة قلق، فالإخوان قوة.. والوفد قوى لكن بتقاليده القديمة، وهناك ٣ أحزاب تقوم، وسيبقى هناك ٨ أحزاب تتنازع السلطة، فلن يحصل حزب على الأغلبية المطلقة التى تمكنه من تشكيل وزارة فيشكل مع باقى الأحزاب وزارة ائتلافية، فمثلا الإخوان يتفقون مع الوفد أو أى حزب ثان صغير ويشكلون وزارة، لأنهم لن يحصلوا على ٥٠% من الأصوات ولا حتى ٤٠%، ولهذا فإنهم سيكونون وزارة ائتلافية، والوزارة الائتلافية هى كما أقول «الأخوة الأعداء» قلما تنجح.
■ هناك من يقول إن جماعة الإخوان لن تحصل حتى على ٢% من مقاعد البرلمان المقبل؟
ـ لا.. ويبتسم قائلاً «من الممكن فعلاً وإذا حدثت ستكون فجيعة وفضيحة بعد الدخول القوى لهم والاستعلاء والادعاء والثقة واستعراض القوة، «ويكونوا بصراحة يستهلوها لو حدثت».
■ لماذا يستهلوها؟
ـ لأنهم مفروض أن يتواضعوا، ويتعلموا الدرس.
■ كيف وصل لك استعلاء الإخوان؟
ـ انظر إلى الدكتور سعد الكتاتنى، أو الأستاذ صبحى صالح، وهما يتكلمان وتأمل وجه كل واحد منهما، فهما يبتسمان فيما يشبه الرثاء وكأنهما يقولان لنا «انتم مش عارفين حاجة، ومفيش غير الإخوان فى الساحة»، وهذه طريقة لا تليق أبدًا، ولا تصب فى مصلحة الوطن الذى يحتاج إلى حوار لين وهادئ «وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ».
■ ما رأيك هل نجرى انتخابات برلمانية أولا أم نضع الدستور؟
أنا مع وضع الدستور أولاً، ومتأكد أن هذا هو الرأى الصحيح، لأن أى بوابة لها مفتاح ومفتاح المستقبل هو دستور جديد، «انت تعمل دستور علشان إيه»، فإذا كنت تعمله من أجل انتخابات فيجب أن يتم قبل الانتخابات، أما أن يتم بعدها فهذا لا معنى له، فضلاً عن أن أنصار العهد القديم موجودون.. وبقوة، وعندئذ سيتمكنون من النجاح فى الانتخابات، بالإضافة إلى الإخوان بالطبع، فهل نتصور انتخابات أسوأ من هذه.
■ ما رأيك فى النموذج التركى.. هل يمكن «استنساخه»؟
ـ من الصعب أخذ نموذج سياسى لتطبيقه فى دول أخرى.. والنموذج التركى لا يصلح للتطبيق فى مصر، لأن الأوضاع مختلفة، ونحن لسنا فى حاجة لتقليدها لأن مصر لها التجربة الخاصة بها وهى المرحلة الليبرالية من سنة ١٩١٩ وحتى عام ١٩٥٢ ورغم عيوبها كانت ناجحة وكل أمجاد مصر تحققت فى هذا العهد، فى كل المجالات من إنشاء الجامعة المصرية وظهور قامات فكرية وفنية مثل توفيق الحكيم وطه حسين والعقاد وأم كلثوم، حتى أصبحت مصر واحة الحرية للعالم العربى، وكان لها التأثير الأكبر فى الشرق، وهى المحطة الأساسية لكل من يأتى من الغرب ومن أنحاء العالم المختلفة.
وليس من المفارقة أنها الحقبة التى سمحت بظهور الإخوان والوصول إلى الانتشار، وهذا ما يجب أن يطمئن الإخوان، وما يجب أن يكون لهم مقنعاً، فما دام الدستور يسمح بظهور دعوة إسلامية فهذا ضمان يحول دون فساد هذا المجتمع.
■ هل أنت مع أم ضد الدولة الدينية أو الحكم الدينى؟
ـ لا توجد دولة دينية أو حكم دينى.. الدين هداية، أما الحكم فهو ممارسة، فهناك اختلاف فى الطبائع، فضلاً عن الاختلاف فى الوسائل والأهداف، فالدين يستهدف الهداية ويتجه إلى الفرد ويُعنى بالقلب ويحرص على الإيمان والرضا النفسى، أما الدولة فهى ممارسة عملية بوسيلتين القهر أو الإرشاد، وهى تستهدف النظم وليس الأفراد، ولم يحدث حكم دينى فى العالم بأسره ونجح لأنه عندما أقام المسلمون الخلافة الراشدة فإنها لم تبق سوى ١٢ سنة وعندما طعن عمر بن الخطاب طعنت الخلافة وظهر الشقاق والخلاف والحرب بين المسلمين وانتهت سنة ٤٠ هجرية بأن تحولت إلى ملك عضوض.. سلطوى.. وراثى، ليس فيه شىء من الخلافة، وعندما أنشأت المسيحية دولة تحولت إلى محكمة تفتيش تتفنن فى فنون التعذيب للمخالفين، وحتى الاشتراكية كانت نقمة على العمال عندما أنشئت لهم دولة، وهذا ما يوضح لك أنه ليست هناك حكومة دينية وأوروبا استمرت ٤٠٠ سنة تبنى فى الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة والاستقلال، وهذه هى التى يجب أن تكون عليها مرجعية الدولة، ومحمد على عندما نهض بمصر لم يكن بالمرجعية الدينية. وفى النهاية مصر مش ناقصها دين مصر ناقصها علم.
■ إذن أنت مع فصل الدين عن الدولة؟
ـ نعم.
■ فسر لنا سبب وضع المادة الثانية من الدستور الملغى فى الإعلان الدستورى؟
ـ يبتسم ويضحك بشدة واستشعرت بأنه أحرج.. هذه المادة «فوق الدستور»، وهى موجودة منذ دستور١٩٢٣، وأعتقد أن هذه المادة ليست هى المعوق الأساسى أمام نهضتنا ولن تكون هى رافعة نهضتنا وتقدمنا أيضًا.
■ لماذا الرئيس الراحل أنور السادات أحياها فى الدستور؟
ـ لأنه عرف أن الشعب المصرى متدين والدين فيها أكبر مقوماتها، ومصر دولة إيمانية فالمسلم المصرى من أكثر المسلمين إيماناً فى العالم، والمسيحى المصرى من أكثر المسيحيين إيماناً فى العالم والسادات استغل ذلك لحسابه السياسى، أى أنه استغل ما هو دينى لتحقيق هدف سياسى هو أنه يمكن للحاكم أن يحكم مددًا وليس مدة، كما كان فى الدستور، وعلينا أن نتعلم من ذلك ونترفع بالدين عن مثل هذه الألاعيب.
■ هل نستطيع فى الدستور الجديد أن نضع مواد بديلة عن الصيغة الدينية؟
ـ ممكن جدًا أن نتكلم عن القيم وأن هذه الدولة تستهدف فى قوانينها القيم المعنوية، من مساواة وعدالة وحرية وخير وغيرها من المعانى النبيلة التى تساعد البشر على الإنجاز والعيش فى سلام وأمن وحرية.
■ هل أنت مع إلغاء المحليات أم بقائها؟
ـ أنا دائمًا مع اللامركزية كمبدأ للاستمرار وضرورى أن ندرب الشعب أن يحكم نفسه بنفسه.
■ ألم تلاحظ أننا فى السنة الأولى أو «كى جى وان» فى هذا الموضوع؟
ـ طالما أننا مخلصون فكل شىء سيمضى بشكل جيد.
■ هناك رأى يطالب بانتخاب المحافظين وليس تعيينهم فهل هذا يصب فى اللامركزية؟
ـ كل هذه بدائل وليس هناك نظام ناجح ١٠٠%. لدى السودان حكم مدنى بمرجعية دينية، ومع ذلك فشل فى حل مشكلات السودانيين وهناك من يستحسنه ويطالب بتطبيقه.
لو كان من الممكن إقامة دولة إسلامية فى العصر الحديث، لكان يجب أن تقام فى السودان، والشعب السودانى هو شعب مؤمن فعلاً، وكان لديه الدكتور حسن ترابى وهو مفكر إسلامى عميق، ولكن السلطة مفسدة، فلم ينهض الحكم بالثقافة أو العدالة، ولكنه أوجد ديكتاتورية، ثم أراد تطبيق الشريعة فجاء بأعظم نكبة فى تاريخ السودان ألا وهى تقسيمه والحرب الأهلية.
■ ما الحلول من وجهة نظرك لعودة الأمن فى الشارع؟
ـ كل جهاز الشرطة فاسد، ويجب فصل كل ضابط من رتبة عميد فيما فوق ثم نأتى بعشرة آلاف شاب من الكليات، وندربهم على الخدمة العامة، وينتشرون فى الأقسام، ويبدأون مع جهاز شرطة جديد.
■ فى رأيك ما أسباب ما يطلقون عليه الفتنة الطائفية؟
ـ الفتنة الطائفية تحدث لأن ٥٠% من حوادثها يرجع إلى أن بنتاً مسيحية أحبت شابًا مسلمًا فأسلمت والعكس، وشاب عايز يطلق مراته وهو قبطى، وإذا كنا نؤمن بحرية الفكر فما كانت ستقوم هذه الفتن لأنها مسائل بسيطة شخصية بسيطة لا تمس المجتمع، ولا الدين نفسه، لأن الدين لن ينقص أو يزيد نتيجة لأن آحادًا غيروا دينهم، ولكن مادمنا لا نؤمن بالحرية ولا نعمل عقولنا فسنكون ضحايا التعصب، أضف إلى ذلك ما فى المجتمع من شقاء وبطالة وفاقة تثير الأعصاب وتدفع لجريمة تظلل بظل دينى.
■ هل تعتقد أن ما حدث فى الثورة الأوكرانية عندما انقلب الشعب على الثوار فيما بعد من الممكن أن يحدث فى مصر؟
ـ أعتقد أنه قد يتكرر.
البنا يتحدث إلى «المصرى اليوم»
عندما تتكلم مع جمال البنا، ذلك المفكر الإسلامى المرموق، فى حوار سياسى، بالتأكيد أنت تجلب لنفسك المتاعب، وبالنسبة لمهنة الصحافة ذلك أمر طبيعى لأنها مهنة البحث عن المتاعب.
الرجل الذى تجاوز التسعين من عمره له آراء صادمة وتثير الجدل ومحدد فى وجهة نظره فى الكثير من الأمور، وفى الإجابة عن الأسئلة التى طرحناها عليه، فعندما سألته عن مستقبل مصر و«هى البلد رايحة على فين؟» قال: «هى مش عارفة» وعندما سألته عن الثورة قال إنها بلا قائد والجيش نفسه لا يريد أن يكون قائدًا لها ولكنه حام.ٍ
«جمال البنا يرى» أن الحل هو تطبيق الديمقراطية وأنه مع فصل الدين عن الدولة، وأن النظام التركى الذى يسوق له فى مصر لا يصلح لنا وإلى الحوار:
■ ما تقييمكم لما يحدث حاليًا.. أو بمعنى آخر مصر رايحة على فين؟
ـ هى نفسها مش عارفة.. لأنه ليس هناك الخط الإرادى المصمم والمحدد، وهذه الحركة «يقصد الثورة» غلبت عليها التلقائية، ولم يكن لها قائد أو تحديد نظرى معين.
■ هل يمكن اعتبار أن الجيش هو القائد لها، باعتبار أنه هو الذى حماها؟
ـ الجيش نفسه لا يريد أن يكون قائدًا وهو حامٍ، وفى حقيقة الحال قام بهذا الدور بصورة ممتازة جدًا، وأعلم أنه غير طامع فى السلطة، ويريد حماية الثورة وتسلمها بعد أن تنال الحقوق المشروعة، وهو اعترف بالثورة وبأنها ملك للشعب، ودوره ليس أكثر من أن يصل بالثورة للسلطة والاستقرار، وهذا شىء طبيعى، لأن مصر جربت الحكم العسكرى المجرد.
■ ماذا تقصد بالحكم العسكرى المجرد؟
ـ يعنى اللى يكون فيه عسكريون فقط، وهذا ما حدث فى ثورة ٢٣ يوليو، وكانت حركة غير موفقة، وهناك ظروف كثيرة أهدرتها روح المقامرة وعدم النضج والانفراد بالسلطة وجنت على مصر جناية لانزال حتى الآن نتعثر فى عقابيلها، والجيش وحده لا يحكم مطلقاً، ولا الشعب يقبل حكومة عسكرية.
■ وما الحـل؟
ـ الحل هو الديمقراطية.. والجميع يريدون دولة مدنية، لكن معالجة الجيش للأولويات لم تكن موفقة ولم يكن المسار نفسه هو المسار السليم، فتعديل بعض مواد الدستور والاستفتاء عليها لم يكن له داعٍ بل كان انحرافاً للمسار.
■ وما المسار السليم الذى كان يجب أن يحدث؟
ـ كان على الشباب الذين قاموا بالثورة أن يذهبوا إلى الضباط الذين حموا الثورة، ويكوِّنوا مجلسًا رئاسيًا مشتركاً، ويمكن أن يضاف إليه شخصيات مثل الدكتور محمد البرادعى، ويكون عدده من ١٩ إلى ٢٠ عضوًا، وشرعية هذا المجلس ستكون أكثر من أى شرعية أخرى، لأنها شرعية الثورية الشعبية، وكان أول شىء يجب أن يفعله هو أن يتحفظ على رجال عهد مبارك، وهم حوالى ٣٠٠٠ شخص، ويحل كل الآليات والأجهزة الخاصة بهذا العهد، لأن هذه ثورة وبداية عهد جديد، فليست بعقلية قديمة والشخصيات تدير البلد، فكان يجب أن يتم حل الحزب الوطنى فورًا وكذلك اتحاد العمال العميل، الذى جعل العمال يسلمون الشركات لمستثمر أجنبى، ثم حل مجلس الشورى، ويتم إلقاء القبض على جميع الشخصيات وتتم محاكمتهم محاكمات عادلة وليست بالطريقة التى تجرى، لأن العدالة فى الثورة لها منطق آخر.
■ ما هذا المنطـق؟
ـ أضرب لك مثلاً بأن مبدأ المتهم برىء حتى تثبت إدانته هو مبدأ أصيل، لكن فى الثورة يمكن أن يكن حائلاً دون العدالة، فإذا كان ضباط أمن الدولة أول شىء يفعلونه عندما يقبضون على شخص أن يقوموا بتعصيب عينيه وإهانته وإهدار كرامته ما وسعهم ذلك حتى مهما كانت مكانته، وعندما يحاكم يقول له القاضى من ضربك؟ فلا يعرف، فأنا أرى أن كل ضباط أمن الدولة مدانون حتى تثبت براءتهم ويجب أن يحاكموا على التعذيب، وعليهم أن يثبتوا براءتهم، وهذه عدالة الثورة.
■ هل ترى أن وجود أحزاب كثيرة هو ظاهرة صحية؟
ـ ليست ظاهرة صحية ولكنها طبيعية، فالظروف الاستثنائية توجد أوضاعًا استثنائية، فكل واحد لا يريد إنشاء حزب فقط بل ترشيح نفسه فى انتخابات الرئاسة.
■ لكن هناك بعض الأحزاب منها برزت والبعض يقترح أن يحدث اندماج بينها أو ائتلاف؟
ـ إذا كانت الأفكار بينهم متقاربة، ويستطيعون بناء برنامج عمل مشترك، أما إذا لم تكن هناك عوامل مشتركة وقوية وتكون هناك مساحة لتغليب الخاص على العام، فلن تنجح وسيبقى الصراع والتشرذم سمة الحياة المصرية.
■ ما رأيك فى حزب «الحرية والعدالة» التابع لجماعة الإخوان المسلمين؟
ـ حزب «الحرية والعدالة» هو حزب يستهدف السلطة، ومن يقل غير ذلك فهو مخادع، وهناك مشكلة ليس من السهل حاليًا التخلص منها وهى علاقة الحزب بالجماعة، فلا يمكن أن يتخلص منها، وفى الوقت نفسه يفترض أنه لا يتبعها.
■ ما رأيك فى من يقول إنه لا يجوز أن يشكل حزب على أساس دينى لكنه يجوز أن تكون له مرجعية دينية؟
ـ هذا تمحك ومخالفة، لأن المرجعية الدينية ستكون على حساب الدولة المدنية.
ولأن الدين ليس مرجعية لكل شىء تقوم عليه الدولة، فالبحث العلمى والرياضة والهندسة.. إلخ لا علاقة لها بالدين، ومع هذا فإنها من كبرى مرجعيات الدولة، وقل مثل ذلك على الفنون والآداب.
عندما تقول مرجعية دينية فما هى الصورة العملية لذلك، هل تتبع كلام الأئمة والفقهاء فتأخذ فى التفسير بما قاله الطبرى وفى تصنيف الحديث بما وضعه ابن حنبل وتقلد أحكام فقهاء الأئمة الأربعة؟
إذا كانت هذه هى المرجعية الدينية فهى كارثة بمعنى الكلمة، وهى التخلف وإعمال النقل وإهمال العقل، وهى القضاء على الحرية والفنون والآداب، لأن الدين بهذه الطريقة ليس هو بالضرورة ما جاء به القرآن أو ما طبقه الرسول، ولكنه فهم الأسلاف للقرآن ولتطبيق الرسول وهو فهم تم فى عصور مغلقة كانت وسيلة الثقافة هى الكتاب المنسوخ باليد، وكان الحكم استبداديًا، وهم بعد كل شىء ومهما كانت عبقريتهم بشر فيهم نقص وقصور البشر، فالأخذ بكلامهم لن يقدمنا إلى الأمام ولكن سيؤخرنا إلى الخلف، كما يلحظ أن كلام الأئمة متعدد، ومتناقض، والأحكام تقبل الأمر وضده.
وإذا كان الدين هو القيم.. هو الحرية.. هو العدالة.. هو المساواة.. هو المعرفة، فإن هذه كلها من مفردات الدولة المدنية ويمكن أن نختصر الطريق فنأخذها منها.
وسيظل للدين مكانه ودوره فى الإصلاح، ولكن على مستوى الأفراد أو الأئمة ولكن ليس عن طريق الدولة.
■ ماذا تعنى كلمة حكم مدنى فى فكر جمال البنا؟
ـ تعنى أنها ليست حكومة دينية أو عسكرية أو فاشية، وهى الحكومة التى تؤمن بالمساواة ويحكمها القانون.
■ ما الذى جعل السلفيين يخرجون ويصرخون ويحاولون إثبات أفكارهم وتواجدهم؟
ـ هذه ظاهرة طبيعية بعد طول الكبت، فهم كانوا فى «جرة وطلعوا برة»، وطبيعى أن هذه التكتلات التى تعبر عن رأى شعبى وجماهيرى وهوائى، عندما تجد فرصة فتظهر بقوة وتزحف، والسلفيون أكثر الناس الذين يعرفون سيكيولوجية الشعب ومشاعره، وهناك كبت وبطالة وعوامل عديدة تؤثر فى الناس وتجد فى دعوات السلفيين متنفسًا لها وتأخذها من عهدها البائس إلى عالم آخر.
حالة الخريطة السياسية الآن بكل هذا التنـوع.. هل تجعلك تتفاءل بالمرحلة المقبلة؟
نحن فى مرحلة قلق، فالإخوان قوة.. والوفد قوى لكن بتقاليده القديمة، وهناك ٣ أحزاب تقوم، وسيبقى هناك ٨ أحزاب تتنازع السلطة، فلن يحصل حزب على الأغلبية المطلقة التى تمكنه من تشكيل وزارة فيشكل مع باقى الأحزاب وزارة ائتلافية، فمثلا الإخوان يتفقون مع الوفد أو أى حزب ثان صغير ويشكلون وزارة، لأنهم لن يحصلوا على ٥٠% من الأصوات ولا حتى ٤٠%، ولهذا فإنهم سيكونون وزارة ائتلافية، والوزارة الائتلافية هى كما أقول «الأخوة الأعداء» قلما تنجح.
■ هناك من يقول إن جماعة الإخوان لن تحصل حتى على ٢% من مقاعد البرلمان المقبل؟
ـ لا.. ويبتسم قائلاً «من الممكن فعلاً وإذا حدثت ستكون فجيعة وفضيحة بعد الدخول القوى لهم والاستعلاء والادعاء والثقة واستعراض القوة، «ويكونوا بصراحة يستهلوها لو حدثت».
■ لماذا يستهلوها؟
ـ لأنهم مفروض أن يتواضعوا، ويتعلموا الدرس.
■ كيف وصل لك استعلاء الإخوان؟
ـ انظر إلى الدكتور سعد الكتاتنى، أو الأستاذ صبحى صالح، وهما يتكلمان وتأمل وجه كل واحد منهما، فهما يبتسمان فيما يشبه الرثاء وكأنهما يقولان لنا «انتم مش عارفين حاجة، ومفيش غير الإخوان فى الساحة»، وهذه طريقة لا تليق أبدًا، ولا تصب فى مصلحة الوطن الذى يحتاج إلى حوار لين وهادئ «وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ».
■ ما رأيك هل نجرى انتخابات برلمانية أولا أم نضع الدستور؟
أنا مع وضع الدستور أولاً، ومتأكد أن هذا هو الرأى الصحيح، لأن أى بوابة لها مفتاح ومفتاح المستقبل هو دستور جديد، «انت تعمل دستور علشان إيه»، فإذا كنت تعمله من أجل انتخابات فيجب أن يتم قبل الانتخابات، أما أن يتم بعدها فهذا لا معنى له، فضلاً عن أن أنصار العهد القديم موجودون.. وبقوة، وعندئذ سيتمكنون من النجاح فى الانتخابات، بالإضافة إلى الإخوان بالطبع، فهل نتصور انتخابات أسوأ من هذه.
■ ما رأيك فى النموذج التركى.. هل يمكن «استنساخه»؟
ـ من الصعب أخذ نموذج سياسى لتطبيقه فى دول أخرى.. والنموذج التركى لا يصلح للتطبيق فى مصر، لأن الأوضاع مختلفة، ونحن لسنا فى حاجة لتقليدها لأن مصر لها التجربة الخاصة بها وهى المرحلة الليبرالية من سنة ١٩١٩ وحتى عام ١٩٥٢ ورغم عيوبها كانت ناجحة وكل أمجاد مصر تحققت فى هذا العهد، فى كل المجالات من إنشاء الجامعة المصرية وظهور قامات فكرية وفنية مثل توفيق الحكيم وطه حسين والعقاد وأم كلثوم، حتى أصبحت مصر واحة الحرية للعالم العربى، وكان لها التأثير الأكبر فى الشرق، وهى المحطة الأساسية لكل من يأتى من الغرب ومن أنحاء العالم المختلفة.
وليس من المفارقة أنها الحقبة التى سمحت بظهور الإخوان والوصول إلى الانتشار، وهذا ما يجب أن يطمئن الإخوان، وما يجب أن يكون لهم مقنعاً، فما دام الدستور يسمح بظهور دعوة إسلامية فهذا ضمان يحول دون فساد هذا المجتمع.
■ هل أنت مع أم ضد الدولة الدينية أو الحكم الدينى؟
ـ لا توجد دولة دينية أو حكم دينى.. الدين هداية، أما الحكم فهو ممارسة، فهناك اختلاف فى الطبائع، فضلاً عن الاختلاف فى الوسائل والأهداف، فالدين يستهدف الهداية ويتجه إلى الفرد ويُعنى بالقلب ويحرص على الإيمان والرضا النفسى، أما الدولة فهى ممارسة عملية بوسيلتين القهر أو الإرشاد، وهى تستهدف النظم وليس الأفراد، ولم يحدث حكم دينى فى العالم بأسره ونجح لأنه عندما أقام المسلمون الخلافة الراشدة فإنها لم تبق سوى ١٢ سنة وعندما طعن عمر بن الخطاب طعنت الخلافة وظهر الشقاق والخلاف والحرب بين المسلمين وانتهت سنة ٤٠ هجرية بأن تحولت إلى ملك عضوض.. سلطوى.. وراثى، ليس فيه شىء من الخلافة، وعندما أنشأت المسيحية دولة تحولت إلى محكمة تفتيش تتفنن فى فنون التعذيب للمخالفين، وحتى الاشتراكية كانت نقمة على العمال عندما أنشئت لهم دولة، وهذا ما يوضح لك أنه ليست هناك حكومة دينية وأوروبا استمرت ٤٠٠ سنة تبنى فى الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة والاستقلال، وهذه هى التى يجب أن تكون عليها مرجعية الدولة، ومحمد على عندما نهض بمصر لم يكن بالمرجعية الدينية. وفى النهاية مصر مش ناقصها دين مصر ناقصها علم.
■ إذن أنت مع فصل الدين عن الدولة؟
ـ نعم.
■ فسر لنا سبب وضع المادة الثانية من الدستور الملغى فى الإعلان الدستورى؟
ـ يبتسم ويضحك بشدة واستشعرت بأنه أحرج.. هذه المادة «فوق الدستور»، وهى موجودة منذ دستور١٩٢٣، وأعتقد أن هذه المادة ليست هى المعوق الأساسى أمام نهضتنا ولن تكون هى رافعة نهضتنا وتقدمنا أيضًا.
■ لماذا الرئيس الراحل أنور السادات أحياها فى الدستور؟
ـ لأنه عرف أن الشعب المصرى متدين والدين فيها أكبر مقوماتها، ومصر دولة إيمانية فالمسلم المصرى من أكثر المسلمين إيماناً فى العالم، والمسيحى المصرى من أكثر المسيحيين إيماناً فى العالم والسادات استغل ذلك لحسابه السياسى، أى أنه استغل ما هو دينى لتحقيق هدف سياسى هو أنه يمكن للحاكم أن يحكم مددًا وليس مدة، كما كان فى الدستور، وعلينا أن نتعلم من ذلك ونترفع بالدين عن مثل هذه الألاعيب.
■ هل نستطيع فى الدستور الجديد أن نضع مواد بديلة عن الصيغة الدينية؟
ـ ممكن جدًا أن نتكلم عن القيم وأن هذه الدولة تستهدف فى قوانينها القيم المعنوية، من مساواة وعدالة وحرية وخير وغيرها من المعانى النبيلة التى تساعد البشر على الإنجاز والعيش فى سلام وأمن وحرية.
■ هل أنت مع إلغاء المحليات أم بقائها؟
ـ أنا دائمًا مع اللامركزية كمبدأ للاستمرار وضرورى أن ندرب الشعب أن يحكم نفسه بنفسه.
■ ألم تلاحظ أننا فى السنة الأولى أو «كى جى وان» فى هذا الموضوع؟
ـ طالما أننا مخلصون فكل شىء سيمضى بشكل جيد.
■ هناك رأى يطالب بانتخاب المحافظين وليس تعيينهم فهل هذا يصب فى اللامركزية؟
ـ كل هذه بدائل وليس هناك نظام ناجح ١٠٠%. لدى السودان حكم مدنى بمرجعية دينية، ومع ذلك فشل فى حل مشكلات السودانيين وهناك من يستحسنه ويطالب بتطبيقه.
لو كان من الممكن إقامة دولة إسلامية فى العصر الحديث، لكان يجب أن تقام فى السودان، والشعب السودانى هو شعب مؤمن فعلاً، وكان لديه الدكتور حسن ترابى وهو مفكر إسلامى عميق، ولكن السلطة مفسدة، فلم ينهض الحكم بالثقافة أو العدالة، ولكنه أوجد ديكتاتورية، ثم أراد تطبيق الشريعة فجاء بأعظم نكبة فى تاريخ السودان ألا وهى تقسيمه والحرب الأهلية.
■ ما الحلول من وجهة نظرك لعودة الأمن فى الشارع؟
ـ كل جهاز الشرطة فاسد، ويجب فصل كل ضابط من رتبة عميد فيما فوق ثم نأتى بعشرة آلاف شاب من الكليات، وندربهم على الخدمة العامة، وينتشرون فى الأقسام، ويبدأون مع جهاز شرطة جديد.
■ فى رأيك ما أسباب ما يطلقون عليه الفتنة الطائفية؟
ـ الفتنة الطائفية تحدث لأن ٥٠% من حوادثها يرجع إلى أن بنتاً مسيحية أحبت شابًا مسلمًا فأسلمت والعكس، وشاب عايز يطلق مراته وهو قبطى، وإذا كنا نؤمن بحرية الفكر فما كانت ستقوم هذه الفتن لأنها مسائل بسيطة شخصية بسيطة لا تمس المجتمع، ولا الدين نفسه، لأن الدين لن ينقص أو يزيد نتيجة لأن آحادًا غيروا دينهم، ولكن مادمنا لا نؤمن بالحرية ولا نعمل عقولنا فسنكون ضحايا التعصب، أضف إلى ذلك ما فى المجتمع من شقاء وبطالة وفاقة تثير الأعصاب وتدفع لجريمة تظلل بظل دينى.
■ هل تعتقد أن ما حدث فى الثورة الأوكرانية عندما انقلب الشعب على الثوار فيما بعد من الممكن أن يحدث فى مصر؟
ـ أعتقد أنه قد يتكرر.
البنا يتحدث إلى «المصرى اليوم»