اجراء مصري يستحق التنويه 10/02/2010 |
يبدو ان الزمن الذي كان يستقبل فيه الدبلوماسيون والرعايا الغربيون بطريقة احتفالية، خاصة في بعض المطارات العربية قد ولى، حيث بدأنا نشاهد علامات 'صحوة' مفاجئة تنبئ بحدوث تغيير كبير في هذا الاطار. مصادر امنية مصرية اكدت امس ان سلطات مطار القاهرة منعت دخول دبلوماسية امريكية كانت قادمة من تونس، لانها لا تحمل تأشيرة دخول رسمية، وأعادتها على الطائرة نفسها التي جاءت بها. قرار المنع هذا جاء تطبيقا لمبدأ 'المعاملة بالمثل' وتطبيقا لقرار يحتم على الدبلوماسيين وحملة الجوازات الخاصة الحصول على 'فيزا' قبل وصولهم الى ارض المطار، حيث توجد غرفة عمليات خاصة في المطار للتعامل مع هذه الحالات. الامر المؤكد ان هذا القرار، اي منع الدبلوماسيين من الدخول طالما لا يحملون تأشيرات دخول، موجود منذ عقود، ولكن عملية تفعيله بهذه الطريقة الصارمة تأتي ردا على الاهانات والعراقيل التي يتعرض لها الدبلوماسيون المصريون في المطارات الامريكية والاوروبية. فالسياح الغربيون الذين يصلون الى المطارات المصرية يستطيعون الحصول على تأشيرة الدخول من مكتب خاص داخل المطار مقابل دفع رسوم معينة، وكان بامكان الدبلوماسية الامريكية فعل الشيء نفسه، ولكن الاصرار على اعادتها على الطائرة نفسها هو تصرف مقصود، الهدف منه ايصال رسالة واضحة الى الادارة الامريكية تفيد بان السلطات المصرية لم تعد تتقبل اهانة دبلوماسييها، وتفتيشهم بطريقة مهينة في المطارات الامريكية. سمعنا عن دبلوماسيين ليبيين وخليجيين تعرضوا لمضايقات في المطارات الامريكية، مثلما سمعنا ايضا عن عمليات اخذ بصماتهم والتدقيق بشكل مزعج في طلباتهم للحصول على تأشيرات دخول من السفارات الامريكية والاوروبية قبل سفرهم في مهمات رسمية، ولكنها المرة الاولى التي نسمع فيها، ونلمس غضب السلطات المصرية تجاه معاملة غير لائقة بدبلوماسييها ومسؤوليها، ولعل هناك الكثير من الروايات حول ايقافهم وتفتيشهم، وربما اعادتهم على الطائرات نفسها التي قدموا على متنها، لم تتسرب الى الصحف المصرية او العربية، والا لما اقدمت الحكومة المصرية على تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل واعادة اكثر من دبلوماسي امريكي واوروبي الى بلادهم بالطريقة نفسها. معظم دول العالم التي تحترم نفسها وتتمسك بكرامتها الوطنية تطبق مبدأ المعاملة بالمثل، ليس على الدبلوماسيين والمسؤولين الكبار فقط، وانما ايضا على المواطنين. فالهند على سبيل المثال لا يمكن ان تسمح لاي بريطاني بدخول اراضيها الا اذا كان يحمل تأشيرة دخول صالحة مطبوعة على جواز سفره قبل صعوده للطائرة. الاجراء المصري من حيث تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، وعلى دبلوماسية امريكية تمثل الدولة الاعظم في العالم، يستحق التنويه، خاصة انه يأتي في وقت تصدر فيه وزارة الامن الداخلي الامريكية قائمة جديدة تضم 14 بلدا جميعها عربية واسلامية، ما عدا دولة واحدة (كوبا) يتحتم على مواطنيها مواجهة اجراءات امنية مشددة، مثل المرور عبر اجهزة كشف الجسم بالكامل، وفحص اجزاء حساسة من اجسامهم، وحرمانهم من الذهاب الى مراحيض الطائرة قبل ساعة من موعد الهبوط خشية من حمل مواد متفجرة. هذه 'الريادة' المصرية في تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل يجب ان تكون نموذجا يحتذى من قبل جميع الدول العربية دون اي استثناء، خاصة تلك التي يتعرض مواطنوها الى اهانات مفزعة ومهينة في المطارات الغربية وليس الدبلوماسيين فقط. |