الاندلس هو الاسم الذي أطلقه المسلمون على شبه جزيرة أيبيريا عام 711م. بعد أن دخلها المسلمون بقيادة طارق بن زياد وضمّوها للخلافة الأموية واستمر وجود المسلمين فيها حتى سقوط مملكة غرناطة عام 1492.
الفتح الإسلامي للأندلس هو الفتح الذي قام به الأمويون لشبه جزيرة إيبيريا في الفترة ما بين عامي 711م و714م بقيادة طارق بن زياد وموسى بن نصير وسقوط دولة القوط الغربية, وبذلك يبدأ العصر الإسلامي في الاندلس الذي مدته 800 عام تقريبا حتى سقوط مملكة غرناطة سنة 1492م.
الحالة في إسبانيا قبل الفتح العربي
كانت إسبانيا في الفترة الأخيرة من الحكم القوطي, تعاني ضعفا سياسيا واجتماعيا يجعلها فريسة سهلة لأي غاز يغزوها من الجنوب أو من الشمال, كان المجتمع الإسباني في ذلك الوقت ينقسم إلى طبقات يسيطر بعضها على بعض, الطبقات كانت:
1. الطبقة العليا المكونة من الملك والنبلاء: لم يكن الملك يعين بالوراثة بل كان يعين بالانتخاب, فالنظام كان ملكيا انتخابيا, لكنه أدى في النهاية إلى تنافس بين النبلاء للوصول إلى الحكم, مما أدى لكثرة المؤامرات بينهم الأمر الذي أدى لإضعاف قوة الدولة, وكان أفراد هذه الطبقة يملكون نفوذا غير محدود ولهم ممتلكات عقارية كثيرة وكانت هذه الممتلكات معفاة عن الضرائب.
2. طبقة رجال الدين: كان الدين في العصور الوسطى في إسبانيا له نفوذ واسع, وكان رجال الدين يتمتعون بنفوذ غير محدود سياسيا وروحيا, إذ كانوا يشاركون النبلاء في انتخاب الملك, وأيضا كانت لهم ممتلكات عقارية معفاة من الضرائب.
3. الطبقة الوسطى: وهي الطبقة الحرة التي تمثل الشعب, كثرتها تدل على رخاء المجتمع وقلتها تدل على إختلاله, وفي الفترة الأخيرة من الحكم القوطي, كان عدد أفراد هذه الطبقة قليل, كما كانوا مثقلين بالضرائب.
4. الطبقة الدنيا أو طبقة العبيد: وهم الأكثر عددا في المجتمع القوطي في الفترة الأخيرة من الحكم القوطي, كان معظمهم يعمل في مزارع النبلاء, وكانوا ملكا لصاحب الأرض وكانوا ينقلون مع الأرض إذا بيعت لشخص آخر.
5. طبقة اليهود: كان اليهود يقومون بالأعمال المالية والحسابية في دواوين الحكومة, وكانوا مكروهين لإختلاف عقيدتهم الدينية, ولذلك تعرضوا لكثير من الإضطهادات, فاضطروا أحيانا لقلب نظام الحكم بالثورات, وأحيانا عن طريق المؤامرات.
كانت الحالة الاجتماعية في إسبانيا قبل الفتح الإسلامي تعاني الفساد والتفكك وعدم التماسك, في وقت أصبحت فيه اللأراضي المغربية المقابلة لإسبانيا قوة متماسكة يتيح لها الفرصة للتدخل بها.
السبب المباشر لفتح إسبانيا
تختلف الرواية العربية عن الرواية الإسبانية حول السبب المباشر لتدخل المسلمين في إسبانيا, الرواية العربية ترجع بذلك إلى قصة إنتقام شخصي, القصة تقول أن الكونت يوليان حاكم سبتة كانت له ابنة جميلة اسمها فلورندا وأن الكونت أرسلها إلى القصر الملكي القوطي في طليطلة لتتأدب وتتعلم كغيرها من فتيات الطبقة الراقية, فرآها الملك القوطي لذريق Rodrigo وأحبها فاعتدى عليها, فكتبت رسالة إلى ابيها تخبره وتشكو له ما حصل, فذهب يوليان إلى القصر وأخذ ابنته من هناك, وأصبح يوليان يريد الانتقام فاتصل بموسى بن نصير وأقنعه بغزو اسبانيا مبينا له سوء الاحوال فيها فاستجاب موسى لطلبه وأقدم على الغزو بعد أن استأذن الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك.
أما الرواية الإسبانية فتقول أن الملك القوطي وقلة Akhila, عندما عزل من ملكه ذهب انصاره إلى حليفه الكونت يوليان حاكم سبتة طالبين منه المساعدة, فقادهم يوليان إلى موسى بن نصير بالقيروان حيث تم الاتفاق على أن يمدهم موسى بجيش من عنده ليرد إلى ملكهم المعزول عرشه بشرط دفعهم جزية سنوية للعرب.
التخطيط لفتح إسبانيا
كان فتح المسلمين لإسبانيا نتيجة لخطة موضوعة, أقرها الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بدمشق, باتفاق مع قائده على المغرب موسى بن نصير. قام موسى بن نصير بعدة حملات استكشافية على جنوب اسبانيا، فقام باستدعاء حليفه الكونت يوليان حاكم سبتة, قام يوليان بحشد جيوشه وجاز في مركبين إلى الأندلس وشن الغارة على الساحل الجنوبي, فسبا وقتل وغنم ورجع وامتلأت يديه خيرا وشاع الخبر في كل قطر فتحمس الناس للغزو. لم يكتفي موسى بهذه الغارة الاستطلاعية التي قام بها يوليان بل استدعى أحد ضباطه وهو طريف بن مالك فأمره بشن غارة على ساحل الأندلس الجنوبي فعبر طريق المضيق ب100 فارس و 400 راجل وذلك في يونيو سنة 710م 91 هـ في رمضان في طريفه, نزل طريف وجنده وأغاروا على المناطق التي تتبعها إلى جهة الخضراء فغنم منها الكثير وعاد سالما فتبين لموسى بن نصير أن ما قاله يوليان كان صحيحا عن ضعف المقاومة في إسبانيا, فأعد موسى جيشا من سبعة آلاف محارب لغزو الاندلس بقيادة طارق بن زياد.
إن فتح المسلمين للأندلس لم يكن منذ البداية مغامرة حربية ارتجالية, بل كان فتحا منظما حسب خطة أعدت من قبل.
عبور المسلمين إلى إسبانيا
اعتمد موسى بن نصير على الأساطيل الإسلامية التي كانت تحت قيادته على طول الساحل المغربي, وجه موسى طارق بن زياد إلى طنجة ومن هناك انطلقت السفن العربية الإسلامية إلى الجبل المعروف حتى اليوم بجبل طارق
معركة جبل طارق
عند نزول طارق بن زياد وجيشه إلى سفح الجبل لقوا مقاومة عنيفة من القوط الذين كانوا على علم بأن المسلمين قادمون لغزوهم نتيجة الغارات الاستطلاعية التي شنت من قبل, فاضطر المسلمون لتغيير خططهم العسكرية وقرروا النزول ليلا في مكان صخري وعر, فاستخدموا براذع الدواب ومجاذف السفن لكي تعينهم على خوض المياه وارتقاء الصخور فالتفوا بذلك حول جموع القوط وانقضوا عليهم قبل أن يشعر القوط بهم. وكان هذا النصر الأول الذي أحرزه طارق عند نزوله أرض الأندلس وتمكن من احتلال الجبل المسمى باسمه حتى اليوم
حرق المراكب وخطبة طارق
قصة حرق المراكب هي قصة شائعة في تاريخ فتح الأندلس تفيد القصة بأن طارق قد أحرق سفنه بعد نزوله الشاطئ الإسباني لكي يقطع على جنوده أي تفكير في التراجع والإرتداد. ثم خطب فيهم خطبته المشهورة التي قال فيها:
"أيها الناس. أين المفر؟ البحر من ورائكم. والعدو أمامكم. وليس لكم والله إلا الصدق والصبر. واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام. وقد استقبلكم عدوكم بجيشه وأسلحته. وأقواته موفورة. وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم. ولا أقوات إلا ما تستخلصونه من أيدي عدوكم. وإن امتدت بكم الأيام على افتقاركم. ولم تنجزوا لكم أمرًا ذهبت ريحكم. وتعوَّضت القلوب من رعبها منكم الجراءة عليكم فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم بمناجزة هذا الطاغية (يقصد لذريق) فقد ألقت به إليكم مدينته الحصينة. وإن انتهاز الفرصة فيه لممكن، إن سمحتم لأنفسكم بالموت. وإني لم أحذركم أمرًا أنا عنه بنجوة. ولا حَمَلْتُكُمْ على خطة أرخص متاع فيها النفوس إلا وأنا أبدأ بنفسي. واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشقِّ قليلاً. استمتعتم بالأرفَهِ الألذِّ طويلاً، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي، فما حظكم فيه بأوفى من حظي".
ثم قال:
"وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين من الأبطال عُربانًا، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهارًا. وأختانًا. ثقة منه بارتياحكم للطعان. واستماحكم بمجالدة الأبطال والفرسان. ليكون حظُّه منكم ثواب الله على إعلاء كلمته وإظهار دينه بهذه الجزيرة. وليكون مغنمًا خالصة لكم من دونه. ومن دون المؤمنين سواكم. والله – الله – ولَّى أنجادكم على ما يكون لكم ذِكرًا في الدارين. واعلموا أنني أول مُجيب لما دعوتكم إليه. وأني عند مُلتقى الجمعين حامل نفسي على طاغية القوم لذريق. فقاتله -إن شاء الله- فاحملوا معي. فإن هلكت بعده. فقد كفيتكم أمره. ولم يعوزكم بطلب عاقد تسندون أموركم إليه. وإن هلكت قبل وصولي إليه. فاخلفوني في عزيمتي هذه. واحملوا بأنفسكم عليه. واكتفوا الهمَّ من الاستيلاء على هذه الجزيرة بقتله؛ فإنهم بعده يُخذلون".
والرواية الإسلامية تشير إلى حادثة حرق السفن في ثلاثة مراجع هي كتاب الإكتفاء لابن الكردبوس, وكتاب نزهة المشتاق ل الشريف الإدريسي وكتاب الروض المعطار ل الحميري.
في كتاب ابن الكردبوس. يشار إلى أن طارق أراد حرق سفنه كي يحشد همم المقاتلة. أما في كتب الإدريسي والحميري, فيشار إلى أن طارقا أحس بأن العرب لا يثقون به وتوقع أنهم لن ينزلوا معه إلى الجبل فعمد إلى إحراق سفنه كي يحول دون إنسحابهم بها إلى المغرب.
معركة كورة شذونة
أقام طارق بن زياد في جبل طارق عدة أيام, بنى خلالها سورا أحاط بجيوشه سماه سور العرب, كما أعد قاعدة عسكرية بجوار الجبل على الساحل لحماية ظهره في حالة الانسحاب أو الهزيمة وهي مدينة الجزيرة الخضراء, والتي سميت أيضا بجزيرة أم حكيم, إن موقع هذا الميناء قريب وسهل الإتصال بمدينة سبتة على الساحل المغربي المقابل, بينما يصعب الإتصال بإسبانيا نفسها بسبب وجود مرتفعات بينهما, كذلك أقام قاعدة أمامية أخرى في مدينة طريفة بقيادة طريف بن مالك. وعلم الملك القوطي لذريق خبر نزول المسلمين في بلاده, كان الملك لذريق مشغولا ذلك الوقت بإخماد ثورة قام بها البشكنس سكان نافارا في أقصى شمال إسبانيا. فأسرع الملك لذريق بالعودة إلى جنوب إسبانيا بجميع قواته لملاقاة المسلمين. في ذلك الوقت كان طارق بن زياد قد اتجه نحو الغرب متخذا قاعدة طريفة قاعدة يحمي بها مؤخرة جيشه ثم أكمل سيره حتى وصل بحيرة تعرف باسم بحيرة لاخندا في كورة شذونة. بعث طارق جواسيس له إلى الشمال ليروا حجم الجيش الذي سيواجهه المسلمون, وعندما عادوا إليه أبلغوه عن ضخامة الجيش الذي جهزه له الملك لذريق, فانزعج طارق لهذا النبأ وكتب إلى موسى بن نصير يطلب منه أن يمده بالمزيد من الجند, فاستجاب له موسى فوجه له خمسة آلاف جندي فأصبح عدد جيش المسلمين في الأندلس إثنا عشر ألفا.
يتفق أغلب المؤرخين على أن المعركة الفاصلة التي دارت بين المسلمين والقوط والتي حددت مصير الأندلس حدثت في كورة شذونة جنوب غرب إسبانيا, استمرت المعركة مدة ثمانية أيام من الأحد في 28 من رمضان إلى الأحد 5 شوال عام 92هـ ومن 19 - 26 يونيو عام 711م, ووصفوها بأنها كانت معركة شديدة ضارية، اقتتل فيها الطرفان قتالا شديدا حتى ظنوا أنه الفناء, ولم تكن بالمغرب مقتلة أعظم منها, وأن عظامهم بقيت في أرض المعركة دهرا طويلا لم تذهب, وانتهت المعركة بانتصار المسلمين وهزيمة الجيش القوطي. وقد سميت هذه المعركة في عدة مصادر عربية وإسبانية باسم معركة البحيرة, ووادي لكة, ووادي البرباط, وشريش, والسواقي, وتنسب هذه التسميات إلى تلك الأماكن التي دارت وتشعبت عندها تلك المعركة الواسعة النطاق في أراضي كورة شذونة. بعد المعركة الفاصلة وانتصار طارق بن زياد أصبحت جميع المعارك التي قامت في أنحاء الأندلس ما هي إلا مناوشات بسيطة بالنسبة لهذه المعركة الكبيرة, فقد استولى المسلمون على الأندلس خلال ثلاثة أعوام مما يدل على انتهاء المقاومة تقريبا.
إتمام فتح الأندلس
بعد هذا النصر الكبير الذي حققه طارق في معركة شذونة فتحت أبواب الأندلس للمسلمين واتجه طارق بالجيش شمالا نحو العاصمة طليطلة, وفي أثناء سيره واجهته قلعة اسمها إسيجه Ecijah، فحاصرها ثم استولى عليها, في ذلك الوقت أرسل طارق أقساما من جيشه إلى المناطق الجانبية في الأندلس, اتجه قسم إلى قرطبة بقيادة مغيث الرومي مولى عبد الملك بن مروان, فاستولى عليها بعد حصار دام ثلاثة أشهر, واتجه قسم آخر إلى البيرة وما يحيطها وفتحوها. ومن الجدير بالذكر أن طارق وجد وقادته عونا من اليهود المقيمين في إسبانيا بسبب اضطهاد القوط لهم ولذلك اعتمد طارق عليهم في حفظ المناطق المفتوحة في أنحاء البلاد. استمر طارق بزحفه نحو الشمال حتى وصل العاصمة طليطلة, فدخلها دون مقاومة تذكر, إذ كان حكامها وأهلها قد هربوا منها, فكانت المدينة شبه خالية تقريبا, فغنم المسلمون من كنائس المدينة وقصورها ذخائر وكنوزا كما تشير المصادر العربية.
ثم خشي طارق بن زياد من أن يقطع عليه القوط الطريق في تلك المناطق الجبلية الوعرة, لأن فصل الشتاء قد اقترب وتعب الجيش الإسلامي من الجهود التي بذلها, والغنائم التي ثقل بها, فكتب إلى موسى بن نصير يطلب منه العون, وفي شهر رمضان عام93هـ يونيو 712م, عبر موسى مضيق جبل طارق بجيش كبير من 18 ألف محارب, معظمهم من العرب بعصبياتهم القيسية واليمنية, ومن بينهم عدد من التابعين وقد عرف هذا الجيش العربي الأول بطالعة موسى .و سار موسى من طريق غربي غير الطريق الذي سار به طارق, واستولى على مدن أخرى غير التي استولى عليها طارق فاستولى على إشبيلية وماردة وقرمونة, ثم وصل إلى نهر التاجو بالقرب من طليطلة فالتقى بطارق بن زياد هناك. ثم تابع القائدان سيرهما نحو الشمال باتجاه جبال البرتات (البرانس) وأخذت المدن تتساقط بين أيديهم مثل وشقة ولاردة وسرقسطة, حتى وصلا إلى شاطئ البحر الشمالي عند الحدود الإسبانية الفرنسية.
و هكذا أنهى كل من طارق وموسى من فتوحاتهما, وأمر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك برجوع القائدين إلى دمشق, فعاد موسى وطارق وخلف على الأندلس عبد العزيز بن موسى بن نصير واليا عليها عام 95هـ 714 م.
لم يتبقى من الأندلس سوى بعض المناطق الشرقية والشمالية الغربية, أما شرق الأندلس فقد فتحها الأمير عبد العزيز بن موسى بن نصير الذي أصبح واليا على الأندلس, تركزت المقاومة في كورة تدمير (مرسية حاليا) وكانت لها قاعدة حصينة وهي أريولة, سميت هذه الولاية بهذا الاسم نسبة إلى اسم حاكمها الأمير القوطي تيودمير الذي عقج معه عبد العزيز معاهدة أريولة التي احتوت على شروط ضمنت له أن يحكم ولايته مقابل جزية سنوية.
أما الجزء الشمالي الغربي من الأندلس, وهي المنطقة المعروفة بأستورياس Asturias في جليقية أو غاليسيا Galicia, فإن الأمويين لم يفرضوا عليها سيطرتهم بالكامل, بسبب برودة مناخها ووعورة طرقها, فأهملوا هذا الجانب استهانة بشأنه, نتيجة لذلك تمكن بعض من تبقى من الجيش القوطي المنهزم بزعامة القائد المعروف باسم بلاي أو بيلايو Pelayo, لجأ هؤلاء القوط إلى الجبال الشمالية في تلك المنطقة, وهي ثلاثة جبال عالية, تسمى القمة الغربية منها باسم أونغا onga فيها كهف يعرف باسم كوفادونغا Covadonga, أما العرب فيسمونها باسم صخرة بلاي لأن بيلايو اختبأ فيها عندما حاصرهم المسلمون وعاشوا على عسل النحل الذي وجدوه في خروق الصخور, عندما عرف المسلمون أمرهم, تركوهم استهانة بأمرهم ووانسحبوا وقالوا: " ثلاثون علجا ما عسى أن يجيئ منهم؟ "
المصادر الإسبانية تعتبر إنسحاب المسلمين من كوفادونغا نصرا عسكريا وأيضا نصرا قوميا للإسبان, وتقول أن العون الالهي كان قد وقف إلى جانبهم, أما المصادر العربية فهي تعترف بانسحاب المسلمين عن هذه المنطقة الباردة والقاحلة لكنها لا تذكر شيئا عن قيام معركة ولا عن القائد علقمة اللخمي الذي قاد الجيش هناك ذلك الوقت. وعلى إثر انسحاب المسلمين قامت في تلك المنطقة (شمال غرب إسبانيا) مملكة أستورياس.
واصل المسلمون التوسع بعد السيطرة على معظم أيبيريا لينتقلوا شمالاً عبر جبال البرنييه حتى وصلوا وسط فرنسا وغرب سويسرا. هـُزم الجيش الإسلامي في معركة بلاط الشهداء (بواتييه) عام 732 أمام قائد الفرنجة شارل مارتل. محاولة السيطرة على البرتغال: أرسل القائد موسى بن نصير إلى إبنه عبد العزيز ليستكمل الغزوات في غرب الأندلس حتى وصل إلى لشبونة
مراحل الحكم الإسلامي في الأندلس
اتفق الؤرخون على تقسيم مراحل الحكم الإسلامي في الأندلس إلى خمسة عصور وهي:
1. عصر الولاة: وهو العصر الذي يمتد من الفتح العربي حتى قيام الدولة الأموية في الأندلس منذ عام 711م حتى عام 756 م 91هـ - 138هـ هذا العصر كانت الأندلس ولاية تابعة للخلافة الأموية في دمشق.
2. عصر الدولة الأموية في الأندلس: يقسم هذا العصر إلى قسمين, القسم الأول كانت الأندلس إمارة أموية مستقلة عن دولة الخلافة العباسية في المشرق. منذ عام 756 م حتى عام 929 م 138هـ - 316هـ. أما القسم الثاني وقد أصبحت الأندلس خلافة مستقلة روحيا عن الخلافة العباسية عندما أعلن عبد الرحمن الثالث نفسه خليفة ولقب بالناصر لدين الله.
3. عصر ملوك الطوائف : 1031 م - 1086 م ويبدأ هذا العصر بانتهاء الدولة الأموية في الأندلس وانقسامها إلى دويلات متنازعة إلى أن دخلها المرابطون من المغرب وأعادوا توحيدها بعد انتصارهم على الإسبان في معركة الزلاقة عام 1086م بقيادة القائد البربري يوسف بن تاشفين.
4. عصر السيطرة المغربية أو الحكم المغربي: من سنة 1086م حتى سنة 1214 م, وفيه أصبحت الأندلس ولاية تابعة للمغرب أثناء حكم المرابطين ومن ثم الموحدين كانت العاصمة لكلتا الدولتين المتتاليتين مدينة مراكش المغربية, انتهى هذا العصر بهزيمة الموحدين أمام الجيوش الأوروبية المتحالفة في موقعة العقاب عام 609 هـ 1212 م أعقب ذلك فترة ملوك طوائف ثانية, أنهى وجودها الإسبان ولم يبقى منها غير مملكة واحدة وهي مملكة غرناطة.
5. عصر مملكة غرناطة: أو الدولة الناصرية أو دولة بني الأحمر, وهو آخر عصر إسلامي في الأندلس من عام 1231م حتى عام 1492 م, وهي السنة التي سقطت فيها المملكة في أيدي الملك فرناندو الثاني والملكة إيزابيلا, وهي نفس السنة التي اكتشف فيها كريستوف كولومبس القارة الأمريكية
خلافة قرطبة
تشمل هذة الفترة قيام الدولة الأموية في الأندلس مما بين دخول عبد الرحمن الداخل قادماً من دمشق إلى شمال أفريقيا ثم الأندلس 136 هجرية حتى آخر خليفة أموي في الأندلس وهو هشام الثالث المعتد بالله سنة 416 هجرية وازدهار عصر الدولة الأموية في الاندلس.
وأسس الأمويون حضارة إسلامية قوية في مدن الأندلس المختلفة. وهي أطول وأهم الفترات التي استقر فيها المسلمون في الأندلس الدولة الأموية ونقلوا إليها الحضارة الأدب والفن والعمارة الإسلامية، واثار الأمويون هي الطابع الغالب على الأندلس بأكملها ومن روائع ما خلفه الأمويون مسجد قرطبة. وقد كان ل عبد الرحمن الداخل جهود حضارية متميزة فقد جمل مدينة قرطبة وأحاطها بأسوار عالية وشيد بها المباني الفخمة والحمامات على شاكلة الحمامات في دمشق والمدن الإسلامية والمدارس والمنتديات والمكتبات.
وكان الطراز الأموي هو ابرز سمات الفن الاندلسي وبرع الأمويون في شتى الفنون فن النحت على الخشب والزخرفة والنسيج والتحف المعدنية والنحاسية التي نقلوا صناعتها من دمشق حيث أصبحت مدن الاندلس منارة للعلم والحضارة وكانت قرطبة تنار بالمصابيح ليلا لمسافة 16 كم واحاط الخلفاء الأمويون مدن الاندلس بالحدائق الغناء فكانت قبلة للناظرين وما تركوه وخلفوه لنا من اثار ينطق بالعظمة والجلال.
حكام الأندلس الأمويين هم بالترتيب :
عبد الرحمن الداخل الملقب (صقر قريش) - حتى عام 172 هجرية
هشام الأول بن عبد الرحمن - من عام 172 إلى عام 180 هجرية
الحكم بن هشام - من عام 180 إلى عام 206 هجرية
عبد الرحمن الأوسط بن هشام - من عام 206 إلى عام 238 هجرية
محمد بن عبد الرحمن - من عام 238 إلى عام 273 هجرية
المنذر بن محمد - من عام 238 إلى عام 275 هجرية
عبد الله بن محمد - من عام 275 إلى عام 300 هجرية
عبد الرحمن الثالث الناصر - من عام 300 إلى عام 350 هجرية
الحكم بن عبد الرحمن - من عام 350 إلى عام 366 هجرية
هشام الثاني بن الحكم - من عام 366 إلى عام 399
ملوك الطوائف
بدأ عصر ملوك الطوائف بالأندلس عام (422هـ) عندما أعلن الوزير أبو الحزم بن جهور سقوط الدولة الأموية بالأندلس، وكان هذا الإعلان بمثابة إشارة البدء لكل أمير من أمراء الأندلس ليتجه كل واحد منهم إلى بناء دويلة صغيرة على أملاكه ومقاطعاته، ويؤسس أسرة حاكمة من أهله وذويه، وبلغت هذه الأسر الحاكمة أكثر من عشرين أسرة أهمها:
- دولة بن عباد بإشبيلية (414هـ - 484هـ).
- بنو جهور في قرطبة (422هـ - 449هـ).
- بنى حمود بمالقة (407هـ - 449هـ).
- بنى زيرى بغرناطة (403هـ - 483هـ).
- بنى هود بسرقسطة (410هـ - 536هـ).
- بنى رزين بالسهلة (402هـ - 497هـ).
- بنى ذى النون بطليطلة (400هـ - 478هـ).
- بنو الأفطس في بطليوس (413هـ - 487هـ).
دولتا المرابطين والموحدين
بسبب ضعف دول الطوائف عن الدفاع عن التراب الاندلسي ضد الهجوم الأسباني وسقوط طليطلة في ايدي الأسبان, طلب الاندلسيون المعونة من قائد المرابطين في المغرب الامير يوسف بن تاشفين ان يهب لمساعدة الاندلس وانتهت مساعدته بهزيمة كاسحة للاسبان في موقعة الزلاقة واستعادة بعض المدن لكنه فشل في استعادة طليطلة والقضاء على ملوك الطوائف وأصبحت الأندلس تابعة لدولة المرابطين في الاندلس الذين دافعو عن الاندلس ضد الأسبان في عدة مواقع الا انهم فشلو في الدفاع عن سرقسطة بقيام الثورة في المغرب بقيادة الموحدين وانهيار دولة المرابطون تحولت تبعية الاندلس إلى الموحدين الذين حملو راية الدفاع عن الاندلس في عدة مواقع اشهرها معركة الارك ولكن جيوش الموحدين ما لبث ان هزمت في موقعة العقاب على الرغم من ضخامتها وكبرها مما تسبب في انهيار دولة الموحدين نهائيا و مع انهيار الحكم الموحدي في الاندلس بدءت مرحلة جدية من الانهيار في الاندلس
سقوط الأندلس
خروج الملك أبو عبد الله محمد الثاني عشر لتسليم مفاتيح الحمراء إلى ملكي قشتالة وأرغون. لوحة لفرنثيسكو براديا، القرن 19في عام 1492 سقطت غرناطة بعد حصارها من قبل قوات الملوك الكاثوليك.
**********************
أشهر علماء الاندلس وبعض اعظم علماء العالم
في مستهل القرن الثالث عشر للميلاد (السابع الهجري) بدأ إنشاء الجامعات في أوروبا. ففي عام 1211م أنشئت جامعة باريس, وفي عام 1215م أنشئت جامعة أكسفورد, وفي عام 1221م أنشئت جامعة مونبيلية بفرنسا وفي عام 1228م أنشئت جامعة (سلمنكا) بإسبانيا، وفي عام 1230م أنشئت بمساعي الملك فرديريك الثاني جامعة في (بلرمو) و{بادوفا} وفي عام 1232م أنشئت جامعة كمبريدج، وتوالى بعد ذلك إنشاء الجامعات. ومن هذه الجامعات التي ورثت علم العرب المطبوع بالثقافة الهيلينية انبثق عصر النهضة. وكما كان سقراط وأفلاطون وأرسطو وأرخميدس وايبوقراط وجالينوس وبطليموس وغيرهم من عباقرة اليونان رواد العرب في العلم والفلسفة كذلك فإن الكندي والرازي والبتاني وابن سينا والفارابي وابن الهيثم والبيروني وابن النفيس والزهراوي وابن زهر وابن رشد وابن الطفيل وابن باجة وابن البيطار وغيرهم كانوا رواد أعلام الأندلس.
إبن فرناس 274هـ / 888م
في الكيمياء، أستنبط الزجاج من الحجارة. في الفلك ، صنع آلة لحساب الزمن ومثَّل في بيته السماء بنجومها وغيومها وبروقها ورعودها.
في الطيران، حاول الطيران بكسوة جسمه بالحرير وألصق عليه ريشاً ومّد لنفسه جناحين متحركين ولم يجعل لنفسه ذنباً فلما ألقى بنفسه من شاهق سقط ومات شهيد العلم.
مسلمة المجريطي 398هـ / 1008م
في الفلك، أوسع الأندلسيين إحاطة بعلم الفلك وحركات النجوم، ويعتبر المجريطي من نوابغ علماء العرب والمسلمين في الأندلس إذ كان موسوعة زمانه في جميع فروع المعرفة . انتشرت شهرته كعالم رياضيات في الأندلس وكعالم كيمياء في المشرق . امتاز بالدقة وقوة الملاحظة بين علماء عصره ، لذا يرى أن المتخصص في فرع من فروع العلوم التطبيقية كالكيمياء مثلاً، يلزمه الإلمام التام بالرياضيات لأن الرياضيات بطبيعتها تعتمد على التفكير المنطقي والاستنتاجات الدقيقة .
ساهم المجريطي في تحرير علم الكيمياء من الخرافات والسحر والطلاسمات التي كانت مسيطرة عليه آنذاك . قاد الحركة الفكرية في الأندلس ، فكان له ريادة في حقل الكيمياء فاعتنى فعلاً بالتجارب والاحتراق والتفاعلات التي تحدث بين الأجسام تحت ظروف معينة . نال المجريطي شهرة عظيمة بتحضيره أكسيد الزئبق . بالإضافة إلى ضلوعه في علم الكيمياء . يعتبر المجريطي من ألمع علماء الأندلس في الفلك والرياضيات والكيمياء والمنطق والموسيقى .
أبو القاسم الزهراوي 403هـ / 1013م
في الطب، أكبر جراحي زمانه، أول من ألف في الجراحة من العرب، أول من أستعمل ربط الشريان بخيط من الحرير، أول من أوقف النزيف بالكيّ، وقد توسع باستعماله في فتح الجراحات وإستئصال السرطان، في كتابه ( التصريف لمن عجز عن التأليف ) أشار إلى أهمية درس التشريح وقد شرح العمليات وبيّن آلاتها وأمتاز برسومه للآلات الجراحية، أهتم بطبابة الأسنان وأستعمل الكلاليب لقلعها كما أستعمل المبارد لنشر الزائد منها وصته من عظام الحيوانات أسناناً مكان الأسنان المفقودة أو المخلوعة، أستأصل اللوزتين، صنع آلة لاستخراج الجنين في حال الولادة المستعصية، أول من أستعمل القثطرة في غسيل المثانة أو في إزالة الدم من تجويف الصدر أو من الجروح، أول من أستعمل السنانير في استئصال البوليب، أول من أجرى عمليات تفتيت الحصاة في المثانة.
إبن حزم 456هـ / 1064م
في الفلك، قال بكروية الأرض وأٍستدل على ذلك بقوله تعالى: يُكوَّرُ اللَّيَلَ عَلى النَّهَار وَيكوَّرَ النَّهَار عَلى اللَيّل. في التنجيم، في كتابه (الفصل في الملل والأهواء والنحل) حارب الأوهام, ورد الأحداث إلى أسبابها الطبيعية ورفض مزاعم من يقول: إن الفلك والنجوم تعقل وتسمع وترى وأن لها تأثيرا في أعمالنا وخالف الأقوال التي كانت تزعم أن الليل وجيحون ودجلة والفرات تنبع من دجلة، وتهكم على قائليها، فهذه الأنهار لها منابع معروفة في الأرض.
أبو عبيد البكري 487هـ / 1085م
أول الجغرافيين الكبار بالأندلس فيما وصل إلينا من كتابه {المسالك والممالك} وصف جغرافية الأندلس وأوروبا وأفريقيا الشمالية، وفي كتابه {معجم ما أستعجم} أثبت أسماء الأماكن التي جاء ذكرها في أشعار العرب.
إبن الزرقالي 493هـ / 1099م
في الفلك، صنع أصطرلابا عرف باسمه, وحظي بأهمية كبرى في ميدان علم الفلك, وكان أكبر راصد في عصره، شارك في وضع جداول فلكية لمدينة طيطلة.
الشريف الإدريسي 560هـ / 1160م
أشهر جغرافيي الأندلس، في كتابه {نزهة المشتاق} الذي أهداه إلى {روجيه الثاني النورماندي} ملك صقلية وعُرف بكتاب روجيه، تكلم الإدريسي عن أقاليم العالم كلها وخاصة في أوروبا، وقد صنع الخرائط الدقيقة التي توضح جانباً من مواقع الأماكن الواردة في الكتاب. ويمتاز الكتاب بدقته في حساب الأطوال والعروض للبلاد المختلفة بعد تقسيمه الأرض إلى سبعة أقاليم ثم تقسيمه هذه الأقاليم إلى عشرة أقسام متساوية من الغرب إلى الشرق، فصار مجموعها سبعين قسماً، ووضع لكل قسم خريطة خاصة زيادة على الخريطة الجامعة.
في الصيدلة، له كتاب في الأدوية المفردة تعرض فيها لمنافعها ومنابتها.
إبن زهر 464هـ / 1071م
عبد الملك بن زهر بن عبد الملك بن مروان بن زهر الأيادي أبو مروان الأشبيلي عالم طب وطبيب معالج ولد بمدينة أشبيلية ونشأ في أسرة أنجبت أطباء نابهين وظهرت فيها طبيبتان ماهرتان في تطبيب النساء هما : أم عمرو ابنه عبد الملك وابنتها وفي اشبيلية درس ابن زهر علوم الدين واللغة والحديث واخذ الطب عن أبيه ولم يمارس طوال حياته غيره من العلوم ، وكان حسن المعالجة والتشخيص وماهرا في معرفة الأدوية المفردة والمركبة وفوائدهما وقد ربطت بينه ربين ابن رشد صداقة قوية . وقد قام ابن زهر برحلة في شبابه ، فزار القيروان ومصر، وربما العراق طلبا لمزيد من المعرفة بالطب والعلاج ، واستقر في أشبيلية بقية عمره وقد عرف ابن زهر في أوروبا باسمه.
إبن رشد 520هـ / 1198م
هو محمد بن احمد بن محمد بن رشد ، ويكنى أبا الوليد ، ولد في قرطبة بالأندلس وهو سليل أسرة عرفت بالعلم والجاه. عائلة ابن رشد بمذهب مالكي، وجده أبو الوليد محمد (توفي 1126) كان كبير قضاة قرطبة تحت حكم المرابطين، وشغل والده ذات المنصب حتى مجيء الموحدين. ابن رشد من أهم الفلاسفة العرب، دافع عن الفلسفة وصحح علماء وفلاسفة سابقين له كابن سينا والفارابي في فهم بعض نظريات أفلاطون وأرسطو. درس الكلام والفقه والشعر والطب والرياضيات والفلك والفلسفة، قدمه ابن طفيل لأبي يعقوب خليفة الموحدين عام 1182م فعينه طبيبا له ثم قاضيا في قرطبة.
تولّى ابن رشد منصب القضاء في اشبيلية، وأقبل على تفسير آثار أرسطو، تلبية لرغبة الخليفة الموحدي أبي يعقوب يوسف، وكان قد دخل في خدمته بواسطة الفيلسوف ابن الطفيل، ثم عاد إلى قرطبة حيث تولى منصب قاضي القضاة، وبعد ذلك بنحو عشر سنوات أُلحق بالبلاط المراكشي كطبيب الخليفة الخاص. لكن الحكمة والسياسة وعزوف الخليفة الجديد (أبو يوسف يعقوب المنصور 1184 - 1198) عن الفلاسفة، ناهيك عن دسائس الأعداء والحاقدين، جعل المنصور ينكب فيلسوفنا، قاضي القضاة وطبيبه الخاص، ويتهمه مع ثلة من مبغضيه بالكفر والضلال ثم يبعده إلى "أليسانه" (بلدة صغيرة بجانب قرطبة أغلبها من اليهود)، ولا يتورع عن حرق جميع مؤلفاته الفلسفية، وحظر الاشتغال بالفلسفة والعلوم جملة، ما عدا الطب، والفلك، والحساب. كانت النيران تأكل عصارة عقل جبار وسحط اتهام الحاقدين بمروق الفيلسوف، وزيغه عن دروب الحق والهداية... كي يعود الخليفة بعدها فيرضى عن أبي الوليد ويلحقه ببلاطه، ولكن قطار العمر كان قد فات أثنيهما فتوفي ابن رشد والمنصور في السنة ذاتها (1198 للميلاد)، في مراكش.
إبن البيطار 646هـ / 1248م
هو أبو محمد ضياء الدين عبد الله بن أحمد بن البيطار، المالقي الأندلسي، وهو طبيب وعشاب، ويعتبر من أشهر علماء النبات عند العرب. ولد في أواخر القرن السادس الهجري، ودرس على أبي العباس النباتي الأندلسي، الذي كان يعشب، أي يجمع النباتات لدرسها وتصنيفها، في منطقة اشبيلية. سافر ابن البيطار، وهو في أول شبابه، إلى المغرب، فجاب مراكش والجزائر وتونس، معشباً ودارساً وقيل أن تجاوز إلى بلاد الأغارقة وأقصى بلاد الروم، آخذاً من علماء النبات فيها. واستقر به الحال في مصر، متصلاً بخدمة الملك الأيوبي الكامل الذي عينه (رئيساً على سائر العشابين وأصحاب البسطات) كما يقول ابن أبى أصيبعة، وكان يعتمد علليه في الأدوية المفردة والحشائش. ثم خدم ابنه الملك الصالح نجم الدين صاحب دمشق. من دمشق كان ابن البيطار يقوم بجولات في مناطق الشام والأناضول، فيعشب ويدرس.
وفي هذه الفترة اتصل به ابن أبي أصيبعة صاحب (طبقات الأطباء)، فشاهد معه كثيراً من النبات في أماكنه بظاهر دمشق، وقرأ معه تفاسير أدوية كتاب ديسقوريدس. وقد توفي ابن البيطار بدمشق سنة 646 هـ، تاركاً مصنفات أهمها: كتاب الجامع لمفردات الأدوية والأغذية، وهو معروف بمفردات ابن البيطار، وقد سماه ابن أبي أصيبعة (كاتب الجامع في الأدوية المفردة)، وهو مجموعة من العلاجات البسيطة المستمدة من عناصر الطبيعة، وقد ترجم وطبع. كما له كتاب المغني في الأدوية المفردة، يتناول فيه الأعضاء واحداً واحداً، ويذكر طريقة معالجتها بالعقاقير. كما ترك ابن البيطار مؤلفات أخرى، أهمها كتاب الأفعال الغريبة، والخواص العجيبة، والإبانة والإعلام على ما في المنهاج من الخلل والأوهام.
ومن صفات ابن البيطار، كما جاء على لسان ابن أبي أصيبعة، أنه كان صاحب أخلاق سامية، ومروءة كاملة، وعلم غزير. وكان لابن البيطار قوة ذاكرة عجيبة، وقد أعانته ذاكرته القوية على تصنيف الأدوية التي قرأ عنها، واستخلص من النباتات العقاقير المتنوعة فلم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا طبقها، بعد تحقيقات طويلة. وعنه يقول ماكس مايرهوف: أنه أعظم كاتب عربي ظهر في علم النبات.
الحسن المراكشي 660هـ / 1261م
هو أبو علي الحسن بن علي بن عمر المراكشي، من علماء المغرب، عاش في عصر الموحدين في النصف الأول من القرن السابع الهجري / منتصف القرن الثالث عشر للميلاد. وقد اشتهر المراكشي في الفلك، والرياضيات، والجغرافيا، وصناعة الساعات الشمسية. له بحوث في المثلثات مع إدخال عدد من التجديدات عليها. فقد أدخل فيها الجيب، وجيب التمام، والسهم. وعمل أيضاً الجداول للجيب، كما جاء بحلول لبعض المسائل الفلكية. وقدم تفصيلات عن أكثر من 240 نجماً لسنة 622هـ. وهو أول من استعمل الخطوط الدالة على الساعات المتساوية. وإضافةً إلى ذلك، فقد قام المراكشي بإدخال تصحيحات جغرافية مهمة، وجدد في رسم خريطة المغرب.
إبن زيدون
هو أبو الوليد أحمد بن عبد الله الشهير بإبن زيدون. ولد في قرطبة عام 1003 م، من أسرة تنتمي إلى بني مخزوم، ونشأ فيها ودرس على أبيه وعلماء قرطبة وأدبائها، فحفظ الكثير من الشعر واللغة والأخبار والسير والحكم والأمثال.
وكانت قرطبة في ذلك العهد غاصة بالعلماء والأدباء، وأهلها في رخاء من العيش، ميالون إلى اللهو والطرب، فمثلهم إبن زيدون في شخصه أحسن تمثيل إذ كان خفيف الروح، كثير الدعابة، ميالا إلى المجون، فنال شهرة واسعة في مجالس قرطبة الأدبية والاجتماعية. وكان للنساء أثر عظيم في هذه المجالس، ولبعضهن منتديات أدبية، فأثر ذلك في أخلاق الأدباء، وتسابقوا إلى نيل الحظوة عند هؤلاء النساء. وظهرت آثار ذلك في نثرهم ونظمهم منهم إبن زيدون، وخاصة في مواقفه من ولادة بنت المستكفي، ومنافسة إبن عبدوس له.
كان واسع الطموح السياسي، شديد التأثر بالحب والجمال. وقد حمله طموحه على الاشتراك في ثورة إبن جهور على آخر خلفاء بني أمية، فاتخذه بعد فوزه كاتبا ووزيرا، ولقبه بذي الوزارتين، وهو بعد شاب لم يبلغ الثلاثين. وكان له حساده ومنافسوه حتى أوغروا صدر أميره عليه، فألقاه في السجن مع المجرمين. فأرهف الألم إحساسه وشاعريته، فنظم في سجنه قصائد كثيرة يستعطفه بها، ولكنه لم يستطع أن يلين قلبه.
هرب من السجن واختفى، واستجار بأبي الوليد إبن أميره فشفع به، ولما أصبح الأمر له استوزره. ثم خشي الشاعر من كيد الحساد وأن يناله من الإبن ما ناله من أبيه، ففر إلى بني عباد في إشبيلية فاستوزروه، واستولوا على قرطبة بإغرائه وهمته، ونقلوا مقر حكمهم إليها، ولكن ثورة حدثت في إشبيلية، فأرسلوا إبن زيدون ليهدئها لما له من المكانة في قلوب أهلها، وكان شيخا مريضا، فتوفي فيها سنة 1070 م.
زرياب .... / ....
هو أبو الحسن علي بن نافع مولى المهدي الخليفة العباسي. واسم زرياب طير أسود اللون عذب التغريد، ولما كان أبو الحسن من فطاحل المغنين عذب الصوت وأسود اللون، لقب بزرياب.
السبب في اختراع الموشح. وقد أدخل زرياب على فن الغناء والموسيقى في الأندلس تحسينات كثيرة وأهم هذه التحسينات:
أولا: جعل أوتار العود خمسة مع العلم أنها كانت أربعة أوتار.
ثانيا: أدخل على الموسيقى مقامات كثيرة لم تكن معروفة من قبله.
ثالثا: جعل مضراب العود من قوادم النسر بدلا من الخشب.
توفي في قرطبة سنة 230 هـ، 845 م.
الفتح الإسلامي للأندلس هو الفتح الذي قام به الأمويون لشبه جزيرة إيبيريا في الفترة ما بين عامي 711م و714م بقيادة طارق بن زياد وموسى بن نصير وسقوط دولة القوط الغربية, وبذلك يبدأ العصر الإسلامي في الاندلس الذي مدته 800 عام تقريبا حتى سقوط مملكة غرناطة سنة 1492م.
الحالة في إسبانيا قبل الفتح العربي
كانت إسبانيا في الفترة الأخيرة من الحكم القوطي, تعاني ضعفا سياسيا واجتماعيا يجعلها فريسة سهلة لأي غاز يغزوها من الجنوب أو من الشمال, كان المجتمع الإسباني في ذلك الوقت ينقسم إلى طبقات يسيطر بعضها على بعض, الطبقات كانت:
1. الطبقة العليا المكونة من الملك والنبلاء: لم يكن الملك يعين بالوراثة بل كان يعين بالانتخاب, فالنظام كان ملكيا انتخابيا, لكنه أدى في النهاية إلى تنافس بين النبلاء للوصول إلى الحكم, مما أدى لكثرة المؤامرات بينهم الأمر الذي أدى لإضعاف قوة الدولة, وكان أفراد هذه الطبقة يملكون نفوذا غير محدود ولهم ممتلكات عقارية كثيرة وكانت هذه الممتلكات معفاة عن الضرائب.
2. طبقة رجال الدين: كان الدين في العصور الوسطى في إسبانيا له نفوذ واسع, وكان رجال الدين يتمتعون بنفوذ غير محدود سياسيا وروحيا, إذ كانوا يشاركون النبلاء في انتخاب الملك, وأيضا كانت لهم ممتلكات عقارية معفاة من الضرائب.
3. الطبقة الوسطى: وهي الطبقة الحرة التي تمثل الشعب, كثرتها تدل على رخاء المجتمع وقلتها تدل على إختلاله, وفي الفترة الأخيرة من الحكم القوطي, كان عدد أفراد هذه الطبقة قليل, كما كانوا مثقلين بالضرائب.
4. الطبقة الدنيا أو طبقة العبيد: وهم الأكثر عددا في المجتمع القوطي في الفترة الأخيرة من الحكم القوطي, كان معظمهم يعمل في مزارع النبلاء, وكانوا ملكا لصاحب الأرض وكانوا ينقلون مع الأرض إذا بيعت لشخص آخر.
5. طبقة اليهود: كان اليهود يقومون بالأعمال المالية والحسابية في دواوين الحكومة, وكانوا مكروهين لإختلاف عقيدتهم الدينية, ولذلك تعرضوا لكثير من الإضطهادات, فاضطروا أحيانا لقلب نظام الحكم بالثورات, وأحيانا عن طريق المؤامرات.
كانت الحالة الاجتماعية في إسبانيا قبل الفتح الإسلامي تعاني الفساد والتفكك وعدم التماسك, في وقت أصبحت فيه اللأراضي المغربية المقابلة لإسبانيا قوة متماسكة يتيح لها الفرصة للتدخل بها.
السبب المباشر لفتح إسبانيا
تختلف الرواية العربية عن الرواية الإسبانية حول السبب المباشر لتدخل المسلمين في إسبانيا, الرواية العربية ترجع بذلك إلى قصة إنتقام شخصي, القصة تقول أن الكونت يوليان حاكم سبتة كانت له ابنة جميلة اسمها فلورندا وأن الكونت أرسلها إلى القصر الملكي القوطي في طليطلة لتتأدب وتتعلم كغيرها من فتيات الطبقة الراقية, فرآها الملك القوطي لذريق Rodrigo وأحبها فاعتدى عليها, فكتبت رسالة إلى ابيها تخبره وتشكو له ما حصل, فذهب يوليان إلى القصر وأخذ ابنته من هناك, وأصبح يوليان يريد الانتقام فاتصل بموسى بن نصير وأقنعه بغزو اسبانيا مبينا له سوء الاحوال فيها فاستجاب موسى لطلبه وأقدم على الغزو بعد أن استأذن الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك.
أما الرواية الإسبانية فتقول أن الملك القوطي وقلة Akhila, عندما عزل من ملكه ذهب انصاره إلى حليفه الكونت يوليان حاكم سبتة طالبين منه المساعدة, فقادهم يوليان إلى موسى بن نصير بالقيروان حيث تم الاتفاق على أن يمدهم موسى بجيش من عنده ليرد إلى ملكهم المعزول عرشه بشرط دفعهم جزية سنوية للعرب.
التخطيط لفتح إسبانيا
كان فتح المسلمين لإسبانيا نتيجة لخطة موضوعة, أقرها الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بدمشق, باتفاق مع قائده على المغرب موسى بن نصير. قام موسى بن نصير بعدة حملات استكشافية على جنوب اسبانيا، فقام باستدعاء حليفه الكونت يوليان حاكم سبتة, قام يوليان بحشد جيوشه وجاز في مركبين إلى الأندلس وشن الغارة على الساحل الجنوبي, فسبا وقتل وغنم ورجع وامتلأت يديه خيرا وشاع الخبر في كل قطر فتحمس الناس للغزو. لم يكتفي موسى بهذه الغارة الاستطلاعية التي قام بها يوليان بل استدعى أحد ضباطه وهو طريف بن مالك فأمره بشن غارة على ساحل الأندلس الجنوبي فعبر طريق المضيق ب100 فارس و 400 راجل وذلك في يونيو سنة 710م 91 هـ في رمضان في طريفه, نزل طريف وجنده وأغاروا على المناطق التي تتبعها إلى جهة الخضراء فغنم منها الكثير وعاد سالما فتبين لموسى بن نصير أن ما قاله يوليان كان صحيحا عن ضعف المقاومة في إسبانيا, فأعد موسى جيشا من سبعة آلاف محارب لغزو الاندلس بقيادة طارق بن زياد.
إن فتح المسلمين للأندلس لم يكن منذ البداية مغامرة حربية ارتجالية, بل كان فتحا منظما حسب خطة أعدت من قبل.
عبور المسلمين إلى إسبانيا
اعتمد موسى بن نصير على الأساطيل الإسلامية التي كانت تحت قيادته على طول الساحل المغربي, وجه موسى طارق بن زياد إلى طنجة ومن هناك انطلقت السفن العربية الإسلامية إلى الجبل المعروف حتى اليوم بجبل طارق
معركة جبل طارق
عند نزول طارق بن زياد وجيشه إلى سفح الجبل لقوا مقاومة عنيفة من القوط الذين كانوا على علم بأن المسلمين قادمون لغزوهم نتيجة الغارات الاستطلاعية التي شنت من قبل, فاضطر المسلمون لتغيير خططهم العسكرية وقرروا النزول ليلا في مكان صخري وعر, فاستخدموا براذع الدواب ومجاذف السفن لكي تعينهم على خوض المياه وارتقاء الصخور فالتفوا بذلك حول جموع القوط وانقضوا عليهم قبل أن يشعر القوط بهم. وكان هذا النصر الأول الذي أحرزه طارق عند نزوله أرض الأندلس وتمكن من احتلال الجبل المسمى باسمه حتى اليوم
حرق المراكب وخطبة طارق
قصة حرق المراكب هي قصة شائعة في تاريخ فتح الأندلس تفيد القصة بأن طارق قد أحرق سفنه بعد نزوله الشاطئ الإسباني لكي يقطع على جنوده أي تفكير في التراجع والإرتداد. ثم خطب فيهم خطبته المشهورة التي قال فيها:
"أيها الناس. أين المفر؟ البحر من ورائكم. والعدو أمامكم. وليس لكم والله إلا الصدق والصبر. واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام. وقد استقبلكم عدوكم بجيشه وأسلحته. وأقواته موفورة. وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم. ولا أقوات إلا ما تستخلصونه من أيدي عدوكم. وإن امتدت بكم الأيام على افتقاركم. ولم تنجزوا لكم أمرًا ذهبت ريحكم. وتعوَّضت القلوب من رعبها منكم الجراءة عليكم فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم بمناجزة هذا الطاغية (يقصد لذريق) فقد ألقت به إليكم مدينته الحصينة. وإن انتهاز الفرصة فيه لممكن، إن سمحتم لأنفسكم بالموت. وإني لم أحذركم أمرًا أنا عنه بنجوة. ولا حَمَلْتُكُمْ على خطة أرخص متاع فيها النفوس إلا وأنا أبدأ بنفسي. واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشقِّ قليلاً. استمتعتم بالأرفَهِ الألذِّ طويلاً، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي، فما حظكم فيه بأوفى من حظي".
ثم قال:
"وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين من الأبطال عُربانًا، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهارًا. وأختانًا. ثقة منه بارتياحكم للطعان. واستماحكم بمجالدة الأبطال والفرسان. ليكون حظُّه منكم ثواب الله على إعلاء كلمته وإظهار دينه بهذه الجزيرة. وليكون مغنمًا خالصة لكم من دونه. ومن دون المؤمنين سواكم. والله – الله – ولَّى أنجادكم على ما يكون لكم ذِكرًا في الدارين. واعلموا أنني أول مُجيب لما دعوتكم إليه. وأني عند مُلتقى الجمعين حامل نفسي على طاغية القوم لذريق. فقاتله -إن شاء الله- فاحملوا معي. فإن هلكت بعده. فقد كفيتكم أمره. ولم يعوزكم بطلب عاقد تسندون أموركم إليه. وإن هلكت قبل وصولي إليه. فاخلفوني في عزيمتي هذه. واحملوا بأنفسكم عليه. واكتفوا الهمَّ من الاستيلاء على هذه الجزيرة بقتله؛ فإنهم بعده يُخذلون".
والرواية الإسلامية تشير إلى حادثة حرق السفن في ثلاثة مراجع هي كتاب الإكتفاء لابن الكردبوس, وكتاب نزهة المشتاق ل الشريف الإدريسي وكتاب الروض المعطار ل الحميري.
في كتاب ابن الكردبوس. يشار إلى أن طارق أراد حرق سفنه كي يحشد همم المقاتلة. أما في كتب الإدريسي والحميري, فيشار إلى أن طارقا أحس بأن العرب لا يثقون به وتوقع أنهم لن ينزلوا معه إلى الجبل فعمد إلى إحراق سفنه كي يحول دون إنسحابهم بها إلى المغرب.
معركة كورة شذونة
أقام طارق بن زياد في جبل طارق عدة أيام, بنى خلالها سورا أحاط بجيوشه سماه سور العرب, كما أعد قاعدة عسكرية بجوار الجبل على الساحل لحماية ظهره في حالة الانسحاب أو الهزيمة وهي مدينة الجزيرة الخضراء, والتي سميت أيضا بجزيرة أم حكيم, إن موقع هذا الميناء قريب وسهل الإتصال بمدينة سبتة على الساحل المغربي المقابل, بينما يصعب الإتصال بإسبانيا نفسها بسبب وجود مرتفعات بينهما, كذلك أقام قاعدة أمامية أخرى في مدينة طريفة بقيادة طريف بن مالك. وعلم الملك القوطي لذريق خبر نزول المسلمين في بلاده, كان الملك لذريق مشغولا ذلك الوقت بإخماد ثورة قام بها البشكنس سكان نافارا في أقصى شمال إسبانيا. فأسرع الملك لذريق بالعودة إلى جنوب إسبانيا بجميع قواته لملاقاة المسلمين. في ذلك الوقت كان طارق بن زياد قد اتجه نحو الغرب متخذا قاعدة طريفة قاعدة يحمي بها مؤخرة جيشه ثم أكمل سيره حتى وصل بحيرة تعرف باسم بحيرة لاخندا في كورة شذونة. بعث طارق جواسيس له إلى الشمال ليروا حجم الجيش الذي سيواجهه المسلمون, وعندما عادوا إليه أبلغوه عن ضخامة الجيش الذي جهزه له الملك لذريق, فانزعج طارق لهذا النبأ وكتب إلى موسى بن نصير يطلب منه أن يمده بالمزيد من الجند, فاستجاب له موسى فوجه له خمسة آلاف جندي فأصبح عدد جيش المسلمين في الأندلس إثنا عشر ألفا.
يتفق أغلب المؤرخين على أن المعركة الفاصلة التي دارت بين المسلمين والقوط والتي حددت مصير الأندلس حدثت في كورة شذونة جنوب غرب إسبانيا, استمرت المعركة مدة ثمانية أيام من الأحد في 28 من رمضان إلى الأحد 5 شوال عام 92هـ ومن 19 - 26 يونيو عام 711م, ووصفوها بأنها كانت معركة شديدة ضارية، اقتتل فيها الطرفان قتالا شديدا حتى ظنوا أنه الفناء, ولم تكن بالمغرب مقتلة أعظم منها, وأن عظامهم بقيت في أرض المعركة دهرا طويلا لم تذهب, وانتهت المعركة بانتصار المسلمين وهزيمة الجيش القوطي. وقد سميت هذه المعركة في عدة مصادر عربية وإسبانية باسم معركة البحيرة, ووادي لكة, ووادي البرباط, وشريش, والسواقي, وتنسب هذه التسميات إلى تلك الأماكن التي دارت وتشعبت عندها تلك المعركة الواسعة النطاق في أراضي كورة شذونة. بعد المعركة الفاصلة وانتصار طارق بن زياد أصبحت جميع المعارك التي قامت في أنحاء الأندلس ما هي إلا مناوشات بسيطة بالنسبة لهذه المعركة الكبيرة, فقد استولى المسلمون على الأندلس خلال ثلاثة أعوام مما يدل على انتهاء المقاومة تقريبا.
إتمام فتح الأندلس
بعد هذا النصر الكبير الذي حققه طارق في معركة شذونة فتحت أبواب الأندلس للمسلمين واتجه طارق بالجيش شمالا نحو العاصمة طليطلة, وفي أثناء سيره واجهته قلعة اسمها إسيجه Ecijah، فحاصرها ثم استولى عليها, في ذلك الوقت أرسل طارق أقساما من جيشه إلى المناطق الجانبية في الأندلس, اتجه قسم إلى قرطبة بقيادة مغيث الرومي مولى عبد الملك بن مروان, فاستولى عليها بعد حصار دام ثلاثة أشهر, واتجه قسم آخر إلى البيرة وما يحيطها وفتحوها. ومن الجدير بالذكر أن طارق وجد وقادته عونا من اليهود المقيمين في إسبانيا بسبب اضطهاد القوط لهم ولذلك اعتمد طارق عليهم في حفظ المناطق المفتوحة في أنحاء البلاد. استمر طارق بزحفه نحو الشمال حتى وصل العاصمة طليطلة, فدخلها دون مقاومة تذكر, إذ كان حكامها وأهلها قد هربوا منها, فكانت المدينة شبه خالية تقريبا, فغنم المسلمون من كنائس المدينة وقصورها ذخائر وكنوزا كما تشير المصادر العربية.
ثم خشي طارق بن زياد من أن يقطع عليه القوط الطريق في تلك المناطق الجبلية الوعرة, لأن فصل الشتاء قد اقترب وتعب الجيش الإسلامي من الجهود التي بذلها, والغنائم التي ثقل بها, فكتب إلى موسى بن نصير يطلب منه العون, وفي شهر رمضان عام93هـ يونيو 712م, عبر موسى مضيق جبل طارق بجيش كبير من 18 ألف محارب, معظمهم من العرب بعصبياتهم القيسية واليمنية, ومن بينهم عدد من التابعين وقد عرف هذا الجيش العربي الأول بطالعة موسى .و سار موسى من طريق غربي غير الطريق الذي سار به طارق, واستولى على مدن أخرى غير التي استولى عليها طارق فاستولى على إشبيلية وماردة وقرمونة, ثم وصل إلى نهر التاجو بالقرب من طليطلة فالتقى بطارق بن زياد هناك. ثم تابع القائدان سيرهما نحو الشمال باتجاه جبال البرتات (البرانس) وأخذت المدن تتساقط بين أيديهم مثل وشقة ولاردة وسرقسطة, حتى وصلا إلى شاطئ البحر الشمالي عند الحدود الإسبانية الفرنسية.
و هكذا أنهى كل من طارق وموسى من فتوحاتهما, وأمر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك برجوع القائدين إلى دمشق, فعاد موسى وطارق وخلف على الأندلس عبد العزيز بن موسى بن نصير واليا عليها عام 95هـ 714 م.
لم يتبقى من الأندلس سوى بعض المناطق الشرقية والشمالية الغربية, أما شرق الأندلس فقد فتحها الأمير عبد العزيز بن موسى بن نصير الذي أصبح واليا على الأندلس, تركزت المقاومة في كورة تدمير (مرسية حاليا) وكانت لها قاعدة حصينة وهي أريولة, سميت هذه الولاية بهذا الاسم نسبة إلى اسم حاكمها الأمير القوطي تيودمير الذي عقج معه عبد العزيز معاهدة أريولة التي احتوت على شروط ضمنت له أن يحكم ولايته مقابل جزية سنوية.
أما الجزء الشمالي الغربي من الأندلس, وهي المنطقة المعروفة بأستورياس Asturias في جليقية أو غاليسيا Galicia, فإن الأمويين لم يفرضوا عليها سيطرتهم بالكامل, بسبب برودة مناخها ووعورة طرقها, فأهملوا هذا الجانب استهانة بشأنه, نتيجة لذلك تمكن بعض من تبقى من الجيش القوطي المنهزم بزعامة القائد المعروف باسم بلاي أو بيلايو Pelayo, لجأ هؤلاء القوط إلى الجبال الشمالية في تلك المنطقة, وهي ثلاثة جبال عالية, تسمى القمة الغربية منها باسم أونغا onga فيها كهف يعرف باسم كوفادونغا Covadonga, أما العرب فيسمونها باسم صخرة بلاي لأن بيلايو اختبأ فيها عندما حاصرهم المسلمون وعاشوا على عسل النحل الذي وجدوه في خروق الصخور, عندما عرف المسلمون أمرهم, تركوهم استهانة بأمرهم ووانسحبوا وقالوا: " ثلاثون علجا ما عسى أن يجيئ منهم؟ "
المصادر الإسبانية تعتبر إنسحاب المسلمين من كوفادونغا نصرا عسكريا وأيضا نصرا قوميا للإسبان, وتقول أن العون الالهي كان قد وقف إلى جانبهم, أما المصادر العربية فهي تعترف بانسحاب المسلمين عن هذه المنطقة الباردة والقاحلة لكنها لا تذكر شيئا عن قيام معركة ولا عن القائد علقمة اللخمي الذي قاد الجيش هناك ذلك الوقت. وعلى إثر انسحاب المسلمين قامت في تلك المنطقة (شمال غرب إسبانيا) مملكة أستورياس.
واصل المسلمون التوسع بعد السيطرة على معظم أيبيريا لينتقلوا شمالاً عبر جبال البرنييه حتى وصلوا وسط فرنسا وغرب سويسرا. هـُزم الجيش الإسلامي في معركة بلاط الشهداء (بواتييه) عام 732 أمام قائد الفرنجة شارل مارتل. محاولة السيطرة على البرتغال: أرسل القائد موسى بن نصير إلى إبنه عبد العزيز ليستكمل الغزوات في غرب الأندلس حتى وصل إلى لشبونة
مراحل الحكم الإسلامي في الأندلس
اتفق الؤرخون على تقسيم مراحل الحكم الإسلامي في الأندلس إلى خمسة عصور وهي:
1. عصر الولاة: وهو العصر الذي يمتد من الفتح العربي حتى قيام الدولة الأموية في الأندلس منذ عام 711م حتى عام 756 م 91هـ - 138هـ هذا العصر كانت الأندلس ولاية تابعة للخلافة الأموية في دمشق.
2. عصر الدولة الأموية في الأندلس: يقسم هذا العصر إلى قسمين, القسم الأول كانت الأندلس إمارة أموية مستقلة عن دولة الخلافة العباسية في المشرق. منذ عام 756 م حتى عام 929 م 138هـ - 316هـ. أما القسم الثاني وقد أصبحت الأندلس خلافة مستقلة روحيا عن الخلافة العباسية عندما أعلن عبد الرحمن الثالث نفسه خليفة ولقب بالناصر لدين الله.
3. عصر ملوك الطوائف : 1031 م - 1086 م ويبدأ هذا العصر بانتهاء الدولة الأموية في الأندلس وانقسامها إلى دويلات متنازعة إلى أن دخلها المرابطون من المغرب وأعادوا توحيدها بعد انتصارهم على الإسبان في معركة الزلاقة عام 1086م بقيادة القائد البربري يوسف بن تاشفين.
4. عصر السيطرة المغربية أو الحكم المغربي: من سنة 1086م حتى سنة 1214 م, وفيه أصبحت الأندلس ولاية تابعة للمغرب أثناء حكم المرابطين ومن ثم الموحدين كانت العاصمة لكلتا الدولتين المتتاليتين مدينة مراكش المغربية, انتهى هذا العصر بهزيمة الموحدين أمام الجيوش الأوروبية المتحالفة في موقعة العقاب عام 609 هـ 1212 م أعقب ذلك فترة ملوك طوائف ثانية, أنهى وجودها الإسبان ولم يبقى منها غير مملكة واحدة وهي مملكة غرناطة.
5. عصر مملكة غرناطة: أو الدولة الناصرية أو دولة بني الأحمر, وهو آخر عصر إسلامي في الأندلس من عام 1231م حتى عام 1492 م, وهي السنة التي سقطت فيها المملكة في أيدي الملك فرناندو الثاني والملكة إيزابيلا, وهي نفس السنة التي اكتشف فيها كريستوف كولومبس القارة الأمريكية
خلافة قرطبة
تشمل هذة الفترة قيام الدولة الأموية في الأندلس مما بين دخول عبد الرحمن الداخل قادماً من دمشق إلى شمال أفريقيا ثم الأندلس 136 هجرية حتى آخر خليفة أموي في الأندلس وهو هشام الثالث المعتد بالله سنة 416 هجرية وازدهار عصر الدولة الأموية في الاندلس.
وأسس الأمويون حضارة إسلامية قوية في مدن الأندلس المختلفة. وهي أطول وأهم الفترات التي استقر فيها المسلمون في الأندلس الدولة الأموية ونقلوا إليها الحضارة الأدب والفن والعمارة الإسلامية، واثار الأمويون هي الطابع الغالب على الأندلس بأكملها ومن روائع ما خلفه الأمويون مسجد قرطبة. وقد كان ل عبد الرحمن الداخل جهود حضارية متميزة فقد جمل مدينة قرطبة وأحاطها بأسوار عالية وشيد بها المباني الفخمة والحمامات على شاكلة الحمامات في دمشق والمدن الإسلامية والمدارس والمنتديات والمكتبات.
وكان الطراز الأموي هو ابرز سمات الفن الاندلسي وبرع الأمويون في شتى الفنون فن النحت على الخشب والزخرفة والنسيج والتحف المعدنية والنحاسية التي نقلوا صناعتها من دمشق حيث أصبحت مدن الاندلس منارة للعلم والحضارة وكانت قرطبة تنار بالمصابيح ليلا لمسافة 16 كم واحاط الخلفاء الأمويون مدن الاندلس بالحدائق الغناء فكانت قبلة للناظرين وما تركوه وخلفوه لنا من اثار ينطق بالعظمة والجلال.
حكام الأندلس الأمويين هم بالترتيب :
عبد الرحمن الداخل الملقب (صقر قريش) - حتى عام 172 هجرية
هشام الأول بن عبد الرحمن - من عام 172 إلى عام 180 هجرية
الحكم بن هشام - من عام 180 إلى عام 206 هجرية
عبد الرحمن الأوسط بن هشام - من عام 206 إلى عام 238 هجرية
محمد بن عبد الرحمن - من عام 238 إلى عام 273 هجرية
المنذر بن محمد - من عام 238 إلى عام 275 هجرية
عبد الله بن محمد - من عام 275 إلى عام 300 هجرية
عبد الرحمن الثالث الناصر - من عام 300 إلى عام 350 هجرية
الحكم بن عبد الرحمن - من عام 350 إلى عام 366 هجرية
هشام الثاني بن الحكم - من عام 366 إلى عام 399
ملوك الطوائف
بدأ عصر ملوك الطوائف بالأندلس عام (422هـ) عندما أعلن الوزير أبو الحزم بن جهور سقوط الدولة الأموية بالأندلس، وكان هذا الإعلان بمثابة إشارة البدء لكل أمير من أمراء الأندلس ليتجه كل واحد منهم إلى بناء دويلة صغيرة على أملاكه ومقاطعاته، ويؤسس أسرة حاكمة من أهله وذويه، وبلغت هذه الأسر الحاكمة أكثر من عشرين أسرة أهمها:
- دولة بن عباد بإشبيلية (414هـ - 484هـ).
- بنو جهور في قرطبة (422هـ - 449هـ).
- بنى حمود بمالقة (407هـ - 449هـ).
- بنى زيرى بغرناطة (403هـ - 483هـ).
- بنى هود بسرقسطة (410هـ - 536هـ).
- بنى رزين بالسهلة (402هـ - 497هـ).
- بنى ذى النون بطليطلة (400هـ - 478هـ).
- بنو الأفطس في بطليوس (413هـ - 487هـ).
دولتا المرابطين والموحدين
بسبب ضعف دول الطوائف عن الدفاع عن التراب الاندلسي ضد الهجوم الأسباني وسقوط طليطلة في ايدي الأسبان, طلب الاندلسيون المعونة من قائد المرابطين في المغرب الامير يوسف بن تاشفين ان يهب لمساعدة الاندلس وانتهت مساعدته بهزيمة كاسحة للاسبان في موقعة الزلاقة واستعادة بعض المدن لكنه فشل في استعادة طليطلة والقضاء على ملوك الطوائف وأصبحت الأندلس تابعة لدولة المرابطين في الاندلس الذين دافعو عن الاندلس ضد الأسبان في عدة مواقع الا انهم فشلو في الدفاع عن سرقسطة بقيام الثورة في المغرب بقيادة الموحدين وانهيار دولة المرابطون تحولت تبعية الاندلس إلى الموحدين الذين حملو راية الدفاع عن الاندلس في عدة مواقع اشهرها معركة الارك ولكن جيوش الموحدين ما لبث ان هزمت في موقعة العقاب على الرغم من ضخامتها وكبرها مما تسبب في انهيار دولة الموحدين نهائيا و مع انهيار الحكم الموحدي في الاندلس بدءت مرحلة جدية من الانهيار في الاندلس
سقوط الأندلس
خروج الملك أبو عبد الله محمد الثاني عشر لتسليم مفاتيح الحمراء إلى ملكي قشتالة وأرغون. لوحة لفرنثيسكو براديا، القرن 19في عام 1492 سقطت غرناطة بعد حصارها من قبل قوات الملوك الكاثوليك.
**********************
أشهر علماء الاندلس وبعض اعظم علماء العالم
في مستهل القرن الثالث عشر للميلاد (السابع الهجري) بدأ إنشاء الجامعات في أوروبا. ففي عام 1211م أنشئت جامعة باريس, وفي عام 1215م أنشئت جامعة أكسفورد, وفي عام 1221م أنشئت جامعة مونبيلية بفرنسا وفي عام 1228م أنشئت جامعة (سلمنكا) بإسبانيا، وفي عام 1230م أنشئت بمساعي الملك فرديريك الثاني جامعة في (بلرمو) و{بادوفا} وفي عام 1232م أنشئت جامعة كمبريدج، وتوالى بعد ذلك إنشاء الجامعات. ومن هذه الجامعات التي ورثت علم العرب المطبوع بالثقافة الهيلينية انبثق عصر النهضة. وكما كان سقراط وأفلاطون وأرسطو وأرخميدس وايبوقراط وجالينوس وبطليموس وغيرهم من عباقرة اليونان رواد العرب في العلم والفلسفة كذلك فإن الكندي والرازي والبتاني وابن سينا والفارابي وابن الهيثم والبيروني وابن النفيس والزهراوي وابن زهر وابن رشد وابن الطفيل وابن باجة وابن البيطار وغيرهم كانوا رواد أعلام الأندلس.
إبن فرناس 274هـ / 888م
في الكيمياء، أستنبط الزجاج من الحجارة. في الفلك ، صنع آلة لحساب الزمن ومثَّل في بيته السماء بنجومها وغيومها وبروقها ورعودها.
في الطيران، حاول الطيران بكسوة جسمه بالحرير وألصق عليه ريشاً ومّد لنفسه جناحين متحركين ولم يجعل لنفسه ذنباً فلما ألقى بنفسه من شاهق سقط ومات شهيد العلم.
مسلمة المجريطي 398هـ / 1008م
في الفلك، أوسع الأندلسيين إحاطة بعلم الفلك وحركات النجوم، ويعتبر المجريطي من نوابغ علماء العرب والمسلمين في الأندلس إذ كان موسوعة زمانه في جميع فروع المعرفة . انتشرت شهرته كعالم رياضيات في الأندلس وكعالم كيمياء في المشرق . امتاز بالدقة وقوة الملاحظة بين علماء عصره ، لذا يرى أن المتخصص في فرع من فروع العلوم التطبيقية كالكيمياء مثلاً، يلزمه الإلمام التام بالرياضيات لأن الرياضيات بطبيعتها تعتمد على التفكير المنطقي والاستنتاجات الدقيقة .
ساهم المجريطي في تحرير علم الكيمياء من الخرافات والسحر والطلاسمات التي كانت مسيطرة عليه آنذاك . قاد الحركة الفكرية في الأندلس ، فكان له ريادة في حقل الكيمياء فاعتنى فعلاً بالتجارب والاحتراق والتفاعلات التي تحدث بين الأجسام تحت ظروف معينة . نال المجريطي شهرة عظيمة بتحضيره أكسيد الزئبق . بالإضافة إلى ضلوعه في علم الكيمياء . يعتبر المجريطي من ألمع علماء الأندلس في الفلك والرياضيات والكيمياء والمنطق والموسيقى .
أبو القاسم الزهراوي 403هـ / 1013م
في الطب، أكبر جراحي زمانه، أول من ألف في الجراحة من العرب، أول من أستعمل ربط الشريان بخيط من الحرير، أول من أوقف النزيف بالكيّ، وقد توسع باستعماله في فتح الجراحات وإستئصال السرطان، في كتابه ( التصريف لمن عجز عن التأليف ) أشار إلى أهمية درس التشريح وقد شرح العمليات وبيّن آلاتها وأمتاز برسومه للآلات الجراحية، أهتم بطبابة الأسنان وأستعمل الكلاليب لقلعها كما أستعمل المبارد لنشر الزائد منها وصته من عظام الحيوانات أسناناً مكان الأسنان المفقودة أو المخلوعة، أستأصل اللوزتين، صنع آلة لاستخراج الجنين في حال الولادة المستعصية، أول من أستعمل القثطرة في غسيل المثانة أو في إزالة الدم من تجويف الصدر أو من الجروح، أول من أستعمل السنانير في استئصال البوليب، أول من أجرى عمليات تفتيت الحصاة في المثانة.
إبن حزم 456هـ / 1064م
في الفلك، قال بكروية الأرض وأٍستدل على ذلك بقوله تعالى: يُكوَّرُ اللَّيَلَ عَلى النَّهَار وَيكوَّرَ النَّهَار عَلى اللَيّل. في التنجيم، في كتابه (الفصل في الملل والأهواء والنحل) حارب الأوهام, ورد الأحداث إلى أسبابها الطبيعية ورفض مزاعم من يقول: إن الفلك والنجوم تعقل وتسمع وترى وأن لها تأثيرا في أعمالنا وخالف الأقوال التي كانت تزعم أن الليل وجيحون ودجلة والفرات تنبع من دجلة، وتهكم على قائليها، فهذه الأنهار لها منابع معروفة في الأرض.
أبو عبيد البكري 487هـ / 1085م
أول الجغرافيين الكبار بالأندلس فيما وصل إلينا من كتابه {المسالك والممالك} وصف جغرافية الأندلس وأوروبا وأفريقيا الشمالية، وفي كتابه {معجم ما أستعجم} أثبت أسماء الأماكن التي جاء ذكرها في أشعار العرب.
إبن الزرقالي 493هـ / 1099م
في الفلك، صنع أصطرلابا عرف باسمه, وحظي بأهمية كبرى في ميدان علم الفلك, وكان أكبر راصد في عصره، شارك في وضع جداول فلكية لمدينة طيطلة.
الشريف الإدريسي 560هـ / 1160م
أشهر جغرافيي الأندلس، في كتابه {نزهة المشتاق} الذي أهداه إلى {روجيه الثاني النورماندي} ملك صقلية وعُرف بكتاب روجيه، تكلم الإدريسي عن أقاليم العالم كلها وخاصة في أوروبا، وقد صنع الخرائط الدقيقة التي توضح جانباً من مواقع الأماكن الواردة في الكتاب. ويمتاز الكتاب بدقته في حساب الأطوال والعروض للبلاد المختلفة بعد تقسيمه الأرض إلى سبعة أقاليم ثم تقسيمه هذه الأقاليم إلى عشرة أقسام متساوية من الغرب إلى الشرق، فصار مجموعها سبعين قسماً، ووضع لكل قسم خريطة خاصة زيادة على الخريطة الجامعة.
في الصيدلة، له كتاب في الأدوية المفردة تعرض فيها لمنافعها ومنابتها.
إبن زهر 464هـ / 1071م
عبد الملك بن زهر بن عبد الملك بن مروان بن زهر الأيادي أبو مروان الأشبيلي عالم طب وطبيب معالج ولد بمدينة أشبيلية ونشأ في أسرة أنجبت أطباء نابهين وظهرت فيها طبيبتان ماهرتان في تطبيب النساء هما : أم عمرو ابنه عبد الملك وابنتها وفي اشبيلية درس ابن زهر علوم الدين واللغة والحديث واخذ الطب عن أبيه ولم يمارس طوال حياته غيره من العلوم ، وكان حسن المعالجة والتشخيص وماهرا في معرفة الأدوية المفردة والمركبة وفوائدهما وقد ربطت بينه ربين ابن رشد صداقة قوية . وقد قام ابن زهر برحلة في شبابه ، فزار القيروان ومصر، وربما العراق طلبا لمزيد من المعرفة بالطب والعلاج ، واستقر في أشبيلية بقية عمره وقد عرف ابن زهر في أوروبا باسمه.
إبن رشد 520هـ / 1198م
هو محمد بن احمد بن محمد بن رشد ، ويكنى أبا الوليد ، ولد في قرطبة بالأندلس وهو سليل أسرة عرفت بالعلم والجاه. عائلة ابن رشد بمذهب مالكي، وجده أبو الوليد محمد (توفي 1126) كان كبير قضاة قرطبة تحت حكم المرابطين، وشغل والده ذات المنصب حتى مجيء الموحدين. ابن رشد من أهم الفلاسفة العرب، دافع عن الفلسفة وصحح علماء وفلاسفة سابقين له كابن سينا والفارابي في فهم بعض نظريات أفلاطون وأرسطو. درس الكلام والفقه والشعر والطب والرياضيات والفلك والفلسفة، قدمه ابن طفيل لأبي يعقوب خليفة الموحدين عام 1182م فعينه طبيبا له ثم قاضيا في قرطبة.
تولّى ابن رشد منصب القضاء في اشبيلية، وأقبل على تفسير آثار أرسطو، تلبية لرغبة الخليفة الموحدي أبي يعقوب يوسف، وكان قد دخل في خدمته بواسطة الفيلسوف ابن الطفيل، ثم عاد إلى قرطبة حيث تولى منصب قاضي القضاة، وبعد ذلك بنحو عشر سنوات أُلحق بالبلاط المراكشي كطبيب الخليفة الخاص. لكن الحكمة والسياسة وعزوف الخليفة الجديد (أبو يوسف يعقوب المنصور 1184 - 1198) عن الفلاسفة، ناهيك عن دسائس الأعداء والحاقدين، جعل المنصور ينكب فيلسوفنا، قاضي القضاة وطبيبه الخاص، ويتهمه مع ثلة من مبغضيه بالكفر والضلال ثم يبعده إلى "أليسانه" (بلدة صغيرة بجانب قرطبة أغلبها من اليهود)، ولا يتورع عن حرق جميع مؤلفاته الفلسفية، وحظر الاشتغال بالفلسفة والعلوم جملة، ما عدا الطب، والفلك، والحساب. كانت النيران تأكل عصارة عقل جبار وسحط اتهام الحاقدين بمروق الفيلسوف، وزيغه عن دروب الحق والهداية... كي يعود الخليفة بعدها فيرضى عن أبي الوليد ويلحقه ببلاطه، ولكن قطار العمر كان قد فات أثنيهما فتوفي ابن رشد والمنصور في السنة ذاتها (1198 للميلاد)، في مراكش.
إبن البيطار 646هـ / 1248م
هو أبو محمد ضياء الدين عبد الله بن أحمد بن البيطار، المالقي الأندلسي، وهو طبيب وعشاب، ويعتبر من أشهر علماء النبات عند العرب. ولد في أواخر القرن السادس الهجري، ودرس على أبي العباس النباتي الأندلسي، الذي كان يعشب، أي يجمع النباتات لدرسها وتصنيفها، في منطقة اشبيلية. سافر ابن البيطار، وهو في أول شبابه، إلى المغرب، فجاب مراكش والجزائر وتونس، معشباً ودارساً وقيل أن تجاوز إلى بلاد الأغارقة وأقصى بلاد الروم، آخذاً من علماء النبات فيها. واستقر به الحال في مصر، متصلاً بخدمة الملك الأيوبي الكامل الذي عينه (رئيساً على سائر العشابين وأصحاب البسطات) كما يقول ابن أبى أصيبعة، وكان يعتمد علليه في الأدوية المفردة والحشائش. ثم خدم ابنه الملك الصالح نجم الدين صاحب دمشق. من دمشق كان ابن البيطار يقوم بجولات في مناطق الشام والأناضول، فيعشب ويدرس.
وفي هذه الفترة اتصل به ابن أبي أصيبعة صاحب (طبقات الأطباء)، فشاهد معه كثيراً من النبات في أماكنه بظاهر دمشق، وقرأ معه تفاسير أدوية كتاب ديسقوريدس. وقد توفي ابن البيطار بدمشق سنة 646 هـ، تاركاً مصنفات أهمها: كتاب الجامع لمفردات الأدوية والأغذية، وهو معروف بمفردات ابن البيطار، وقد سماه ابن أبي أصيبعة (كاتب الجامع في الأدوية المفردة)، وهو مجموعة من العلاجات البسيطة المستمدة من عناصر الطبيعة، وقد ترجم وطبع. كما له كتاب المغني في الأدوية المفردة، يتناول فيه الأعضاء واحداً واحداً، ويذكر طريقة معالجتها بالعقاقير. كما ترك ابن البيطار مؤلفات أخرى، أهمها كتاب الأفعال الغريبة، والخواص العجيبة، والإبانة والإعلام على ما في المنهاج من الخلل والأوهام.
ومن صفات ابن البيطار، كما جاء على لسان ابن أبي أصيبعة، أنه كان صاحب أخلاق سامية، ومروءة كاملة، وعلم غزير. وكان لابن البيطار قوة ذاكرة عجيبة، وقد أعانته ذاكرته القوية على تصنيف الأدوية التي قرأ عنها، واستخلص من النباتات العقاقير المتنوعة فلم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا طبقها، بعد تحقيقات طويلة. وعنه يقول ماكس مايرهوف: أنه أعظم كاتب عربي ظهر في علم النبات.
الحسن المراكشي 660هـ / 1261م
هو أبو علي الحسن بن علي بن عمر المراكشي، من علماء المغرب، عاش في عصر الموحدين في النصف الأول من القرن السابع الهجري / منتصف القرن الثالث عشر للميلاد. وقد اشتهر المراكشي في الفلك، والرياضيات، والجغرافيا، وصناعة الساعات الشمسية. له بحوث في المثلثات مع إدخال عدد من التجديدات عليها. فقد أدخل فيها الجيب، وجيب التمام، والسهم. وعمل أيضاً الجداول للجيب، كما جاء بحلول لبعض المسائل الفلكية. وقدم تفصيلات عن أكثر من 240 نجماً لسنة 622هـ. وهو أول من استعمل الخطوط الدالة على الساعات المتساوية. وإضافةً إلى ذلك، فقد قام المراكشي بإدخال تصحيحات جغرافية مهمة، وجدد في رسم خريطة المغرب.
إبن زيدون
هو أبو الوليد أحمد بن عبد الله الشهير بإبن زيدون. ولد في قرطبة عام 1003 م، من أسرة تنتمي إلى بني مخزوم، ونشأ فيها ودرس على أبيه وعلماء قرطبة وأدبائها، فحفظ الكثير من الشعر واللغة والأخبار والسير والحكم والأمثال.
وكانت قرطبة في ذلك العهد غاصة بالعلماء والأدباء، وأهلها في رخاء من العيش، ميالون إلى اللهو والطرب، فمثلهم إبن زيدون في شخصه أحسن تمثيل إذ كان خفيف الروح، كثير الدعابة، ميالا إلى المجون، فنال شهرة واسعة في مجالس قرطبة الأدبية والاجتماعية. وكان للنساء أثر عظيم في هذه المجالس، ولبعضهن منتديات أدبية، فأثر ذلك في أخلاق الأدباء، وتسابقوا إلى نيل الحظوة عند هؤلاء النساء. وظهرت آثار ذلك في نثرهم ونظمهم منهم إبن زيدون، وخاصة في مواقفه من ولادة بنت المستكفي، ومنافسة إبن عبدوس له.
كان واسع الطموح السياسي، شديد التأثر بالحب والجمال. وقد حمله طموحه على الاشتراك في ثورة إبن جهور على آخر خلفاء بني أمية، فاتخذه بعد فوزه كاتبا ووزيرا، ولقبه بذي الوزارتين، وهو بعد شاب لم يبلغ الثلاثين. وكان له حساده ومنافسوه حتى أوغروا صدر أميره عليه، فألقاه في السجن مع المجرمين. فأرهف الألم إحساسه وشاعريته، فنظم في سجنه قصائد كثيرة يستعطفه بها، ولكنه لم يستطع أن يلين قلبه.
هرب من السجن واختفى، واستجار بأبي الوليد إبن أميره فشفع به، ولما أصبح الأمر له استوزره. ثم خشي الشاعر من كيد الحساد وأن يناله من الإبن ما ناله من أبيه، ففر إلى بني عباد في إشبيلية فاستوزروه، واستولوا على قرطبة بإغرائه وهمته، ونقلوا مقر حكمهم إليها، ولكن ثورة حدثت في إشبيلية، فأرسلوا إبن زيدون ليهدئها لما له من المكانة في قلوب أهلها، وكان شيخا مريضا، فتوفي فيها سنة 1070 م.
زرياب .... / ....
هو أبو الحسن علي بن نافع مولى المهدي الخليفة العباسي. واسم زرياب طير أسود اللون عذب التغريد، ولما كان أبو الحسن من فطاحل المغنين عذب الصوت وأسود اللون، لقب بزرياب.
السبب في اختراع الموشح. وقد أدخل زرياب على فن الغناء والموسيقى في الأندلس تحسينات كثيرة وأهم هذه التحسينات:
أولا: جعل أوتار العود خمسة مع العلم أنها كانت أربعة أوتار.
ثانيا: أدخل على الموسيقى مقامات كثيرة لم تكن معروفة من قبله.
ثالثا: جعل مضراب العود من قوادم النسر بدلا من الخشب.
توفي في قرطبة سنة 230 هـ، 845 م.