بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي وافق الثامن عشر من مارس الجاري أعلنت النيوزويك الأمريكية عن قائمة تضمنت150 امرأة من مختلف دول العالم وصفن بكونهن سيدات العام اللاتي حركن العالم.
وقد واكب هذا الإعلان تنظيم مؤتمرعالمي في الفترة من10 حتي12 مارس بمدينة نيويورك تم فيه تكريم هؤلاء والاحتفاء بهن وقد تضمنت القائمة نساء عربيات ومسلمات يعملن في الخدمة العامة في مختلف المجالات وجاء ضمن القائمة وجود مميز لأربعة وجوه مصرية تصدرتهم الكاتبة نوال السعداوي التي كان سبب اختيارها من قبل المجلة يتمثل في مجهوداتها الطويلة في الدفاع عن حقوق المرأة المصرية والعربية بالإضافة لدورها البارز في مشاركتها في الثورة المصرية حيث ظلت معتصمة مع شباب ميدان التحرير رغم أعوامها الثمانين, وتلتها الإعلامية والناشطة جميلة إسماعيل ومن جيل الشباب اختارت المجلة الناشطتين سلمي سعيد إحدي الناشطات اللاتي شاركن في إنجاح الثورة المصرية, وداليا زيادة الناشطة في مجال حقوق الإنسان.
والسعداوي كما يعرفها الجميع من مواليد أكتوبر1930 وهي طبيبة وناقدة وكاتبة وروائية وصفت بكونها من أبرز المدافعات عن حقوق المرأة وحريتها بشكل جعلها تدخل في صدامات عديدة مع قوي دينية واجتماعية مختلفة في المجتمع المصري منذ بداية حياتها المهنية عام1955 عندما عملت كطبيبة امتياز بالقصر العيني ثم فصلت بسبب آراءها وكتاباتها التي أدت بها إلي السجن عام1981 في عهد الرئيس السادات, لتتعرض بعدها للنفي نتيجة تلك الآراء فضلا عن رفع قضية حسبة للتفريق بينها وبين أحد أزواجها من قبل احدي الجماعات الإسلامية, كما تم توجيه تهمة إزدراء الأديان لها وتم وضعها علي رأس القائمة السوداء أو قائمة الموت لعدد من الجماعات الإسلامية.
ومن أبرز آرائها الصادمة والمثيرة للجدل اعتبارها الحجاب عادة جاهلية و أن بعض الطقوس المستخدمة في الحج من بقايا الوثنية لأن طقوسه جاءت قبل ظهور الأديان, معتبرة أن هذا جزء من التاريخ و أن الحج ليس بعبادة إسلامية فقط معللة بأن الإسلام منع تقبيل الحجر الأسود, وقد صدر لها أربعون كتابا أعيد نشرها وترجمة كتاباتها لأكثر من خمسة وثلاثين لغة وتدور الفكرة الأساسية لكتابات نوال السعداوي حول الربط بين تحرير المرأة والإنسان من ناحية وتحرير الوطن من ناحية أخري في نواحي ثقافية واجتماعية وسياسية.
جميلة إسماعيل شخصية إعلامية عملت بالتليفزيون المصري كمذيعة و ترشحت من قبل في الانتخابات البرلمانية وكانت زوجة للسياسي المعارض أيمن نور ولهما إثنان من الأبناء شاركت معه في تأسيس حزب الغد التي كانت المتحدث الإعلامي له لفترة طويلة, وعندما تم القبض علي نور بتهمة التزوير عام2005 أطلقت عليها بعض وكالات الأنباء زوجة أيوب المصري حيث قادت حملة قوية داخل وخارج مصر من أجل الإفراج عن زوجها السابق وللحفاظ علي كيان حزب الغد والتقت بالرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش, كما ألقت خطابا أمام البرلمان الأوروبي للتعريف بقضية زوجهاالسابق.
وقد اختارتها النيوزويك لأنها خاضت معركة الانتخابات البرلمانية الأخيرة وسط عملية التزوير وشراء الأصوات, بجانب أنها كإعلامية وناشطة واجهت نظام مبارك الديكتاتوري بكل قوة وتعرضت لكثير من أشكال التنكيل المختلفة, كما شاركت في الثورة المصرية الأخيرة واعتصمت هي و أبنائها مع مختلف طوائف الشعب بميدان التحرير وقد أعلنت كأول امرأة مصرية عن عزمها تأسيس حزب سياسي.
أما سلمي سعيد(26) عاما فتعد تجسيدا حيا لدور الشابات المصريات في ثورة25 يناير حيث رابطت مع زملائها الناشطين في ميدان التحرير منذ28 فبراير وحتي تنحي الرئيس السابق مبارك في11 فبراير وساهمت في نشر وبث كافة فعاليات الثورة التي شهدتها وشاركت بها عبر الفيسبوك وتويتر.
وقد نشأت سعيد في عائلة من النشطاء فوالدتها تشارك من أجل إحداث التغيير في مجال عملها عبر عضويتها في ائتلاف أطباء بلا حقوق وكذلك والدها في نقابة المهندسين, كما كانت جزا من حركة كفاية من أجل التغيير وتعرضت للركل والاعتقال إلا أنها سرعان ما أعلنت سأمها من التقيد بأحد التنظيمات مستبدلة ذلك بنسيم الحرية علي المدونات وتويتر, وساهمت في نقل خبراتها عبر ورش عمل ودورات تدريبية قامت بها عبر المركز المصري للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية لتعليم الناشطين كيفية توظيف واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في بث ونقل فعاليات الإضرابات والاعتصامات.
وتشير سلمي سعيد إلي أن ما شاهدته في ميدان التحرير أيام الثورة سيغير حياتها إلي الأبد خاصة ما اسمته بحرب القرون الوسطي المتمثل في حملات الهجوم المنظمة من البلطجية و ما اصطلح عليه ب موقعة الجمل التي تضمنت هجوم علي المتظاهرين بالجمال والخيول, مستعيدة ذكرياتها حول خطط الدفاع التي ابتدعها المعتصمون للدفاع عن أنفسهم وعن الميدان ودور النساء في مساندة تلك الخطة بمشاركتهم بحمل الحجارة وجمعها وتوصيلها لجبهات الدفاع, معربة عن عدم تصديقها أنها و زملائها قد نجوا من الموت في تلك الأيام وكيف استجابت مختلف الطوائف لنداء الإغاثة الذي تم بثه عبر قناة الجزيرة فنزل المصريون بالملايين للشوارع متوجهين نحو الميدان.
و الآن بعد الثورة تسعي سلمي سعيد مع مجموعة من الفنانين لوضع مبادرات لإحياء و إنعاش الثقافة في مصر بعد سنوات من سيطرة الحكومة بالتعاون مع عائلتها حيث يشارك أخوها الأصغر شادي(16) عاما مع أصدقائه بإصدار جريدة الجورنال كصحيفة جديدة مكرسة للثورة.كماتشارك في عدد من الأنشطة المجتمعية في الحي الذي تسكن فيه بالإضافة لمشاركتها في إنشاء بوابة علي الإنترنت من شأنها تنسيق الاجتماعات والمبادرات المتعلقة بالثورة, والتي يتم تدشينها بشكل يومي حيث تؤمن بأن الثورة قد بدأت الآن وقد انتقدت سعيد المجلس العسكري و اعربت عن رفضها لوجوده معلنة أنها تفضل وجود مجلس رئاسي من الخبراء المدنيين لتولي مسئولية البلاد في تلك المرحلة الانتقالية.
أما داليا زيادة(28) عاما فقد درست الأدب الإنجليزي بكلية الآداب جامعة عين شمس كما تدرس لنيل درجة الماجستير في العلاقات الدولية من كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية بجامعة تافتس وتعرف بكونها مترجمة وشاعرة ومدونة وناشطة ليبرالية في مجال حقوق الإنسان عامة والمرأة خاصة.
انضمت لمؤسسة الأهرام لعامين كمراسلة متدربة للشئون الخارجية إلا أنها تركتها في عام2004 لتنضم إلي الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان كمترجمة وباحثة وشاركت في إعداد التقارير التي تصدر عن الشبكة وقتها, لتتركها إلي مؤسسة ثروة كمنسق عام في مصر حتي نهاية2007 لتبدأ بعد ذلك العمل كمدير للمكتب الإقليمي في الشرق الأوسط لمنظمة المؤتمر الإسلامي الأمريكي ولتشارك من خلاله في عدد من الأنشطة في مجال حقوق الإنسان وتعزيز التسامح الديني وتقديم المشورة للمجتمعات المحلية في مصر والشرق الأوسط, فضلا عن صناع القرار الأمريكي حول أفضل الطرق لمعالجة قضايا حقوق الإنسان و المرأة و حرية التعبير في الشرق الأوسط.
و زيادة هي ثاني مسلمة محجبة تدخل البيت البيض بعد مستشارة أوباما المصرية داليا مجاهد, وتلقي محاضرات عن حقوق الانسان وحقوق المرأة والعلاقات الأمريكية الإسلامية في جامعة?? هارفرد?? كبري الجامعات الامريكية, وقد أسست مركز سوفت كوبي للترجمة كمشروع خاص أتاح لها العمل مع أكثر من15 منظمة ومؤسسة عالمية, كما ساهمت في اطلاق حملة لتعليم وتوعية الأطفال بمباديء حقوق الإنسان.
وبالرغم من كل تلك الانجازات لشابة صغيرة السن نسبيا إلا أنها كانت مثار نقد وجدل من جانب العديد من وسائل الإعلام لكونها لا تنشر مقالاتها إلا علي مدونتها الشخصية وبالرغم من ذلك فازت بجائزة آنا ليندا للإعلام الأورومتوسطي لعام2010 عن فئة الصحافة الإلكترونية عن مقال بعنوان عما عم ما يدور عن فكر المرأة المسلمة.
كما أثارت زيادة الجدل بتصريحاتها التي انتقدت فيها مؤسسة الأزهر الشريف من قبل, وهاجمت ما وصفته بفشله في منع النقاب الذي بدأ يزداد في المجتمع المصري, كما اتهمت الأزهر بتراجع دوره في المجتمع المصري والإسلامي, وبالرغم من كونها محجبة, إلا أنها طالبت خلال مدونتها بمنح المرأة حريتها وحقها في أن تمثل نفسها وتقف ضد مفهوم المحرم الأمر الذي دفع البعض لانتقادها مبررين حصولها علي مثل تلك الجوائز لكونها جوائز مسيسة تذهب للأكثر جدلا ولمن يقوم بتغذية وتصدير صورة تاريخية نمطية ثابتة عن الإسلام للمجتمعات الغربية التي قد لا تتسم بالواقعية أحيانا أو بالمبالغة أحيانا أخري وهو الأمر الذي عرفت به نوال السعداوي في كتاباتها وكانت محل نقد لها أيضا علي مدي سنوات طويلة.
وقد لفتت المجلة في مقال لها في عددها الصادر في14 مارس إلي الدور البارز للمرأة والوجود النسائي في قلب الثورة المصرية ممثلا بميدان التحرير, مشيرة إلي أنه قد تم كسر حاجز الخوف بالإضافة إلي كافة الحواجز الطبقية والاجتماعية وتلك التي كانت تميز المرأة المصرية وتحجبها عن المشاركة السياسية أحيانا تحت قيد التقاليد و الأعراف الاجتماعية.