فى مثل هذا اليوم من كل عام، كان التليفزيون المصرى يخصص اليوم كله للاحتفال بعودة سيناء من أسر الاحتلال، فى فيلم احتفالى يلعب فيه الرئيس السابق دور البطولة المطلقة.
29 خطابا سجلها مبارك منذ تحرير سيناء وانسحاب إسرائيل منها عام 1982، ومازالت التسجيلات قابعة داخل أرشيف التليفزيون لا يعرف مصيرها أحد.
اللحظة التى رفع فيها مبارك العلم على أرض سيناء، وبالتحديد مدينة رفح، كانت المشهد التاريخى الأهم الذى حفظه المشاهد المصرى عن ظهر قلب، منذ بثته الشاشات للمرة الأولى.
لحظة الانتصار التى يشرحها الآباء للصغار بمنتهى الفخر، ستغيب هذا العام عن شاشات القنوات المصرية.
«مش عايزين نستفز الناس بعد الثورة»، أحد معدى القناة الفضائية المصرية، يبرر موقف التليفزيون من تجنب عرض أهم مشاهد التاريخ المصرى.
وتوقع المعد أن يتم تركيب الأغانى الوطنية على مشاهد من الثورة، بعد أن كانت تذاع مع عرض صور من حرب أكتوبر، «ويبقى فيه انطباع إن شباب الثورة هم اللى حرروا سيناء»، فى إشارة ساخرة إلى أن التليفزيون كان يوهم الناس من قبل أن مبارك هو الذى حرر سيناء.
«خلال 30 سنة أظهرنا أن مبارك هو كل حاجة، ونسينا ناس كثير لهم فضل كبير»، محمد فرج مدير تصوير قطاع الأخبار، الذى عمل فى الرئاسة لمدة 3 سنوات، وكانت مهمته هى تصوير أخبار الرئاسة «فيديو» لقطاع الأخبار.
محمد لا ينكر دور مبارك فى حرب أكتوبر 1973، ولكن اقترابه من الرئيس وتصويره حفل تحرير سيناء وغيرها من الأحداث المهمة خلال الثلاث سنوات الأخيرة، جعله يشعر بأن انجازات مصر وانتصاراتها اختزلت فى مبارك فقط.
6 مصورين كانوا المسئولين عن تغطية أخبار الرئيس وحرمه وأولاده، طبقا لمحمد، 46 عاما، ويتم تقسيم العمل بينهم حسب جدول العمل.
كان برنامج مبارك الاحتفالى يبدأ بزيارة النصب التذكارى للجندى المجهول، بمقر الجيش الثانى الميدانى، ويضع إكليل الزهور مع عزف السلام العسكرى.
وفى احتفال القوات المسلحة العام الماضى، ظهر مبارك وبجواره المشير حسين طنطاوى قائد القوات المسلحة، وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى السابق، وفتحى سرور رئيس مجلس الشعب السابق.
وعلى الألحان العسكرية غنى مئات الجنود من الجيش وهم ينظرون تجاه مبارك واقفين فى صفوف متوازية فى ملابس بألوان علم مصر، «مبارك.. مبارك ألف سلامة وحب يا ريس، بنقولها من جوه القلب»، ثم انتقلوا إلى الأوبريت الشهير «الله معاك، ومعاك قلوبنا ونروح فداك ما أنت حبيبنا»، قبل أن يقف الجميع لغناء النشيد الوطنى.
ولكن هذا العام لا يوجد احتفال من القوات المسلحة بمناسبة تحرير سيناء، هذا ما أكده سمير سالم المدير العام لإعداد وتنفيذ البرامج بالقناة الأولى، وسوف تكتفى القناة بيوم مفتوح تذاع خلاله مجموعة من الأغانى الوطنية، وأغانى الربيع، وأفلام وطنية كما اعتادت القناة فى كل عام، ولكن بدون أن تفتتح النشرة على خبر زيارة مبارك لقبر الجندى المجهول.
وحده موقع «يوتيوب» مازال يعرض الخطاب الأخير لمبارك فى ذكرى تحرير سيناء، بعد عودته من رحلة العلاج بألمانيا العام الماضى.
«كنت مدركا منذ تحملى المسئولية تطلع الشعب لمستقبل آمن ووطن حديث ومتطور، يتيح لهم العمل الشريف والحياة الكريمة». بعدها انخرط مبارك فى الحديث عن برنامجه الانتخابى من أجل «المواطن البسيط ومحدودى الدخل».
الخطاب الأخير اختلف عن الخطاب الأول، الذى ألقاه مبارك فى مقر مجلس الشعب فى 26 أبريل 1982، احتفالا بعودة سيناء، بحضور نواب مجلسى الشعب والشورى. يومها قال بحماس إن «تحرير الأرض المصرية انجاز هائل حققه الشعب المصرى بالكفاح المتصل، بالعرق، بالدم، بالدموع». بين الخطابين اختفى الحماس الذى ميز الخطاب الأول، بعد 29 مرة وقف فيها مبارك ليتحدث عن عودة سيناء، وظهرت «الأنا» والحديث عن الذات الرئاسية.
احتفالات عسكرية في نهر النيل بنصر أكتوبر العام الماضي
الاثنين 25 ابريل 2011