19-1-2012 |
واصل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل شهاداته على عصر وشخصية الرئيس السابق حسنى مبارك، حيث كشف عن لقاء جمعه بمبارك فور خروجه من السجن، عقب اعتقاله فى أواخر عصر الرئيس الراحل أنور السادات، وحضر اللقاء نحو 25 شخصية كانت مع هيكل داخل سجن مزرعة طرة، وكيف كان مبارك أكثر تعقيدًا من "البقرة الضاحكة".
أضاف هيكل –في الحلقة الثالثة من كتابه الجديد "مبارك وزمانه.. من المنصة إلي الميدان"- الذى تنشره جريده "الشروق" في عددها الصادر اليوم الخميس، أن أول لقاء جمعه بمبارك فور توليه رئاسة الجمهورية، كان فى قصر العروبة، وأن الرئيس السابق نادال فى هذا اليوم قائلا له "يامحمد بيه"، لكن هيكل فى ذلك اللقاء لم يتحدث بأى كلمة، وترك من كانوا معه يتحدثون مع مبارك، بينما جلس هو ليستمع فقط.
أشار هيكل إلى أنه بعد اللقاء الأول مع مبارك بنحو 5 أيام، تلقى مكاملة من مكتب الرئيس السابق مبارك مفادها: "إن سيادة الرئيس يدعوك لتناول الإفطار معه فى الساعة الثامنة صباح بعد غدٍ، وقد اختار موعدًا مبكرًا لأن معلوماته أنك تستيقظ مبكرًا، وهو مثلك فى ذلك، يحب أن يبدأ النهار من أوله.. وأن سيادة الرئيس يدعوك للإفطار معه وحدك".
ذكر الكاتب الكبير أنه قبيل ذهابه إلى مبارك، لتناول الإفطار معه، زاره –أى هيكل- صديقان قديمان هما الدكتور أسامة الباز، والأستاذ منصور حسن، وكلاهما يعرف مبارك معرفة دقيقة، حيث أن الباز كان أقرب المستشارين إليه، ومنصور حسن زامله كوزير دولة لشئون الرئاسة فى السنة الأخيرة لحكم السادات، وكان مبارك نائبا للرئيس.
أضاف هيكل "وقتها قلت للباز ومنصور حسن، أننى لا أريد علاقة وثيقة مع رئيس دولة آخر فى مصر، فقد أخذت نصيبى من هذه العلاقات مع جمال عبد الناصر، من أول يوم إلى آخر يوم من دوره السياسى، ونفس الشئ طوال السنوات الأربع من رئاسة أنور السادات، حتى اختلفنا فى إدارته السياسية لحرب أكتوبر، وأنا لم أعدأريد لا صداقات ولا عداوات مع رئيس دولة جديد فى مصر، وما أريده هو أن أحتفظ بحقى فى إبداء رأيى، ومن موقع الصحفى والكاتب، وليس أقل أو أكثر".
استكمل كلامه لصديقيه قائلاً :"لا أريد علاقة خاصة، ولا أسعى إلى صدام، إنما أريد ومن بعيد علاقات عادية، وهذه فرصة أن أسألكما: كيف أتعامل مع صاحبكما فى هذه الحدود، خصوصا أننى كما قلت أعرف دواعى التزامه بسياسات لا أعتقد فى صحتها، ومن ناحية ثانية فإننى أراه أمامى شخصية أعقد بكثير من انطباع عام لدى الناس أشاع عنه نكتة "البقرة التى تضحك" بينما هو فى ظنى شخصية أكثر تعقيدًا".
هنا رد أسامة الباز على هيكل بقوله :"أنت على صواب فى طرح حكاية البقرة التى تضحك جانبا، لأنها بالفعل تبسيط لشخصية مركبة.. لكن مبارك يعرفك جيدا.. وعملت معك ومعه.. وأكرر أنه من الصواب أنك استبعدت تماما حكاية البقرة الضاحكة.. وإذا طلبت رأيى فلدى أولا ملاحظتان: أولاهما أن لاتتطرق فى الحديث معه إلى قضية فكرية أو نظرية، فهو ببساطة يجد صعوبة فى متابعة ذلك، لأنه أقرب إلى ماهو عملى منه، إلى ما هو فكرى أو نظرى، وإذا جرى معه محاولة للتبسيط بالشرح، فإنه سوف يشرد من محدثه، ويتوقف عن المتابعة".
غير أن الملاحظة الثانية التى ذكرها الباز لـ"هيكل" كان مفادها :"أنا أعرف أسلوبك فى الحديث أحيانًا تستطرد فيه أحيانًا، ثم تذهب إلى خاطر يلوح أمامك، ثم تعود إلى سياقك الأصلى بعده، لكن مبارك لن يتابعك فى ذلك، كلمه فى موضوع واحد فى المرة الواحدة، ولا تدع الموضوعات تتشعب، وإلا فسوف تجد نفسك تتكلم بعيدًا وهو ليس معك".
ووصف الباز مبارك لـ"هيكل" بأنه رجل يعرف قوة السلطة حيث تكون، وأن هذا مفتاح ثالث لشخصيته، ومفتاح آخر هو قدرته على الاحتفاظ لنفسه بنواياه.. ولذلك-والكلام موجه لهيكل- أرجوك ألا تحاول استكشاف فكره، سوف تستثير حذره، والحذر غريزة عنده مرتبطة بفهمه لقوة السلطة.
حين جاء الدور على منصور حسن ليتحدث إلى هيكل عن شخصية مبارك، ابتسم ابتسامة واسعة، وقال :"لن أقول لك شيئًا.. لأن كل ما سوف تسمعه لن يهيئك لما سوف تراه، والأفضل أن ترى بنفسك، وبعدها فأنا الذى سوف يسمع منك".. وأنهى هيكل حلقته الثالثة بهذه الكلمات.
واصل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل شهاداته على عصر وشخصية الرئيس السابق حسنى مبارك، حيث كشف عن لقاء جمعه بمبارك فور خروجه من السجن، عقب اعتقاله فى أواخر عصر الرئيس الراحل أنور السادات، وحضر اللقاء نحو 25 شخصية كانت مع هيكل داخل سجن مزرعة طرة، وكيف كان مبارك أكثر تعقيدًا من "البقرة الضاحكة".
أضاف هيكل –في الحلقة الثالثة من كتابه الجديد "مبارك وزمانه.. من المنصة إلي الميدان"- الذى تنشره جريده "الشروق" في عددها الصادر اليوم الخميس، أن أول لقاء جمعه بمبارك فور توليه رئاسة الجمهورية، كان فى قصر العروبة، وأن الرئيس السابق نادال فى هذا اليوم قائلا له "يامحمد بيه"، لكن هيكل فى ذلك اللقاء لم يتحدث بأى كلمة، وترك من كانوا معه يتحدثون مع مبارك، بينما جلس هو ليستمع فقط.
أشار هيكل إلى أنه بعد اللقاء الأول مع مبارك بنحو 5 أيام، تلقى مكاملة من مكتب الرئيس السابق مبارك مفادها: "إن سيادة الرئيس يدعوك لتناول الإفطار معه فى الساعة الثامنة صباح بعد غدٍ، وقد اختار موعدًا مبكرًا لأن معلوماته أنك تستيقظ مبكرًا، وهو مثلك فى ذلك، يحب أن يبدأ النهار من أوله.. وأن سيادة الرئيس يدعوك للإفطار معه وحدك".
ذكر الكاتب الكبير أنه قبيل ذهابه إلى مبارك، لتناول الإفطار معه، زاره –أى هيكل- صديقان قديمان هما الدكتور أسامة الباز، والأستاذ منصور حسن، وكلاهما يعرف مبارك معرفة دقيقة، حيث أن الباز كان أقرب المستشارين إليه، ومنصور حسن زامله كوزير دولة لشئون الرئاسة فى السنة الأخيرة لحكم السادات، وكان مبارك نائبا للرئيس.
أضاف هيكل "وقتها قلت للباز ومنصور حسن، أننى لا أريد علاقة وثيقة مع رئيس دولة آخر فى مصر، فقد أخذت نصيبى من هذه العلاقات مع جمال عبد الناصر، من أول يوم إلى آخر يوم من دوره السياسى، ونفس الشئ طوال السنوات الأربع من رئاسة أنور السادات، حتى اختلفنا فى إدارته السياسية لحرب أكتوبر، وأنا لم أعدأريد لا صداقات ولا عداوات مع رئيس دولة جديد فى مصر، وما أريده هو أن أحتفظ بحقى فى إبداء رأيى، ومن موقع الصحفى والكاتب، وليس أقل أو أكثر".
استكمل كلامه لصديقيه قائلاً :"لا أريد علاقة خاصة، ولا أسعى إلى صدام، إنما أريد ومن بعيد علاقات عادية، وهذه فرصة أن أسألكما: كيف أتعامل مع صاحبكما فى هذه الحدود، خصوصا أننى كما قلت أعرف دواعى التزامه بسياسات لا أعتقد فى صحتها، ومن ناحية ثانية فإننى أراه أمامى شخصية أعقد بكثير من انطباع عام لدى الناس أشاع عنه نكتة "البقرة التى تضحك" بينما هو فى ظنى شخصية أكثر تعقيدًا".
هنا رد أسامة الباز على هيكل بقوله :"أنت على صواب فى طرح حكاية البقرة التى تضحك جانبا، لأنها بالفعل تبسيط لشخصية مركبة.. لكن مبارك يعرفك جيدا.. وعملت معك ومعه.. وأكرر أنه من الصواب أنك استبعدت تماما حكاية البقرة الضاحكة.. وإذا طلبت رأيى فلدى أولا ملاحظتان: أولاهما أن لاتتطرق فى الحديث معه إلى قضية فكرية أو نظرية، فهو ببساطة يجد صعوبة فى متابعة ذلك، لأنه أقرب إلى ماهو عملى منه، إلى ما هو فكرى أو نظرى، وإذا جرى معه محاولة للتبسيط بالشرح، فإنه سوف يشرد من محدثه، ويتوقف عن المتابعة".
غير أن الملاحظة الثانية التى ذكرها الباز لـ"هيكل" كان مفادها :"أنا أعرف أسلوبك فى الحديث أحيانًا تستطرد فيه أحيانًا، ثم تذهب إلى خاطر يلوح أمامك، ثم تعود إلى سياقك الأصلى بعده، لكن مبارك لن يتابعك فى ذلك، كلمه فى موضوع واحد فى المرة الواحدة، ولا تدع الموضوعات تتشعب، وإلا فسوف تجد نفسك تتكلم بعيدًا وهو ليس معك".
ووصف الباز مبارك لـ"هيكل" بأنه رجل يعرف قوة السلطة حيث تكون، وأن هذا مفتاح ثالث لشخصيته، ومفتاح آخر هو قدرته على الاحتفاظ لنفسه بنواياه.. ولذلك-والكلام موجه لهيكل- أرجوك ألا تحاول استكشاف فكره، سوف تستثير حذره، والحذر غريزة عنده مرتبطة بفهمه لقوة السلطة.
حين جاء الدور على منصور حسن ليتحدث إلى هيكل عن شخصية مبارك، ابتسم ابتسامة واسعة، وقال :"لن أقول لك شيئًا.. لأن كل ما سوف تسمعه لن يهيئك لما سوف تراه، والأفضل أن ترى بنفسك، وبعدها فأنا الذى سوف يسمع منك".. وأنهى هيكل حلقته الثالثة بهذه الكلمات.