مهرجان فرح كروي مصري في قلب العاصمة البريطانية ولكن لا يخلو من تناقضات تحتمس وكليوبترا واخناتون جنبا الى جنب مع الطعمية والفول والملوخية |
لندن ـ عاشت الجالية المصرية في بريطانيا مساء امس الاول (الاربعاء) 'عيدا مصريا' بكل المقاييس، تمثل في المباراة التي لعبها المنتخب الكروي المصري مع نظيره الانكليزي في استاد ويمبلي الدولي. تدفق المصريون بالآلاف، افرادا وعائلات، يحملون الاعلام المصرية، ويرتدون القمصان ويلفون اعناقهم بشالات تحمل الوان العلم المصري، ليس لمواجهة البرد القارس (درجة الحرارة كانت دون الصفر) وانما ايضا للتعبير عن تضامنهم مع منتخب بلادهم. بعض المشجعين المصريين ارتدوا ملابس فرعونية، فهذا 'تحتمس' بتاجه المذهب وجلبابه الطويل، وهذه هي 'كليوبترا' بقلادتها وتسريحة شعرها، والثعبان الفرعوني الذي يزين صدرها، ولكن لا وجود لقيصر، ولا حتى مينا موحد القطرين. معظم المشاهدين لم يكن همهم الاول متابعة المباراة، بل التعبير عن هويتهم الوطنية، واطلاق العنان لحناجرهم بالهتاف لمصر وفريقها وترديد نشيدها الوطني (بلادي بلادي)، ولكن هذا لم يمنع وجود هتافات طريفة من نوعية 'نحن نحب الملوخية والفول والطعمية'، طبعا باللغة الانكليزية، جنبا الى جنب مع هتافات 'المصريون اهم.. اهم..اهم'. كان هناك الفلسطيني، والسوري، والسعودي، والليبي، والعراقي.. جاءوا من مختلف انحاء بريطانيا لتشجيع الفريق الكروي المصري، والتضامن مع اشقائهم المصريين. علم جزائري كان يلوح به احد الجزائريين، وعندما ذهبنا اليه لنتعرف على هويته صرخ بأعلى صوته بأنه يحب مصر، ويريد لفريقها الفوز وقال 'يا اخي نحن عرب.. نحن مسلمين.. لعن الله الحفنة المدسوسة التي زرعت الفتنة بيننا'. احد المشجعين كان يلف رقبته بالكوفية الفلسطينية، ويلوح بالعلم المصري، ويبالغ في تشجيعه وترديد الشعارات الكروية المصرية، وكأنه يريد من جميع المصريين ان يروه، ويتعرفوا على هويته، وتبدد استغرابنا عندما عرفنا انه من قطاع غزة، ويدرس الطب في مانشستر. وبدت الدموع تترقرق في عيون بعض المشجعين عندما سجل زيدان هدف مصر في مرمى انكلترا ليحيي الامل ويزيد من علو صراخهم، ويسكت نظراءهم الانكليز، ولكن الفرحة لم تدم طويلا، حيث غير كابيللو مدرب المنتخب الانكليزي من طريقة اللعب واشرك المهاجم العملاق النحيف جدا بيتر كراوتش، والجناح السريع شون رايت فيليبس ليقلب الوضع برمته في دقائق ليسجل الاول هدفين، ويضيف الثاني هدفا ثالثا لتنتهي المباراة بثلاثة اهداف مقابل هدف واحد. الهزيمة لم تؤثر مطلقا في معنويات المشجعين المصريين، وظلوا يهتفون ويلوحون بالاعلام حتى اللحظة الاخيرة، فقد قرروا ان يكونوا مصريين، وان يحولوا المناسبة الى مهرجان فرح. بعض التناقضات كانت واضحة، كأن ترى شابة مصرية، ربما لم تعرف مصر، تلوح بالعلم المصري، ولكنها ترتدي في الوقت نفسه قميص او فانلة المنتخب الانكليزي بأسوده الثلاثة، او بريطانية شقراء شابة تشجع المنتخب المصري بحماس لافت، لعلها زوجة احد المصريين، او هي اسكتلندية تكره الانكليز اكثر من كراهية بعض العرب المتطرفين لهم. ولعل من ابرز المشاهد الملفتة للنظر ان انكليزيا اشقر اعتنق الاسلام وقرر ان يدير ظهره للفريق الانكليزي لتأكيد جدية موقفه. تحتمس وكليوبترا واخناتون تمتعوا بهذا المهرجان الكروي، وقدموا لوحة جميلة للمصورين الانكليز وعدسات كاميراتهم، اما من كانوا يغنون للفول والطعمية والملوخية، فلا بد انهم احتاجوا الى وجبة دسمة منها بعد ان تعبت حناجرهم من الهتاف. طبعا السياسة لم تغب عن هذا المهرجان، فالدكتور محمد البرادعي كان حاضرا عندما قامت مجموعة من المعارضين بتوزيع صوره وبيانات تأييده امام محطة مترو الانفاق المؤدية الى الاستاد. وقال عازف الايقاع المصري فاروق الصافي لـ'القدس العربي' ان ادارة استاد ويمبلي رفضت السماح بدخول الالات الموسيقية العربية الى المدرجات، بينما سمحت للمشجعين الانكليز بادخال كل وسائل التشجيع. الا ان هذا التمييز لم يمنع مشجعي الفريق المصري من فرض اغانيهم وهتافاتهم في اوقات عديدة اثناء المباراة. وقال عدد كبير من المشجعين انهم قطعوا مسافات طويلة لمشاهدة المباراة، واتى كثيرون من مدينة مارسيليا في جنوب فرنسا، واخرون من هولندا والمانيا واسكتلندا. |