محمود سعد يروى أسرار علاقته مع أمه.. للمرة الأولى
الجمعة، 19 مارس 2010 - 01:54
var addthis_pub="tonyawad";
كان نفسى أقولك خليكى شوية.. ودلوقتى نفسى تسمعينى وأنا بقولك وحشتينى
يعتز كثيراً بوالدته، ويفخر أكثر بكفاحها، ومازرعته بداخله من مبادئ وقيم وحب للآخرين، هكذا يتكلم الإعلامى الكبير محمود سعد عن والدته، وعن علاقته الخرافية بها، ولذلك كان طبيعيا، أن يفاجئنا بخطاب طويل رائع فى عذوبته، وفياض فى مشاعره تجاه والدته، حينما سأله زميلنا أحمد سعيد عما يحب أن يقوله للسيدة الفاضلة والدته بمناسبة عيد الأم.. نترككم مع هذا الخطاب الخاص وتلك الرسالة الفريدة التى أراد سعد أن يرسلها لوالدته..
أمى الحبيبة كوثر..
بحثت فى قاموس حياتى الاجتماعية والإنسانية والصحفية والإعلامية فلم أجد ما يكفيكِ من كلمات أعبر بها عن مدى امتنانى واشتياقى لكِ ولروحى التى ترفض مفارقتك حتى بعد مماتك.
أتذكر عندما كنتِ فى أشد الحاجة إلى المال بعد أن هجرك والدى الثرى الذى وصلت أملاكه لـ «عزبة» كاملة بخلاف أمواله فى البنوك، وذهب إلى سيدة أخرى ليتزوجها، حينها كنتِ تعملين فترتين الأولى فى جريدة «روز اليوسف» من الصباح الباكر وحتى الثالثة عصرا، والثانية بعد أن تعدى لنا طعام الغداء فور عودتك من الجريدة وقبل أن تستريحى فيما يقل عن الساعة لكى تستعدى للذهاب إلى عملك الثانى فى إحدى جمعيات رعاية مرضى السرطان، وقتها فوجئت بعد أن رأيتك خلسة تقرضين بعض الأموال لأحد معارفنا، فسألتك عن الدافع ما دمنا فى أشد الاحتياج إلى هذا المال فأجبتنى قائلة: «الناس دول مش لاقيين حد يسلفهم، لكن إحنا ربنا كرمنا باللى يسلفنا.. إوعى تتأخر عن مساعدة الناس يا محمود مادام ربنا عاطيك.. دا كله بتاع ربنا».
آآآآآآه يا أمى.. كم أفتقد تغريد صوتك.. كم أفتقد دفء صدرك عندما تضميننى إليه.. كم أفتقد نظرات عينك الحانية، فأنا لا أنسى يوم أن تدخلتِ لإلحاقى بالعمل فى جريدة «روز اليوسف» عندها قلتِ لى بالحرف :«أنا اتوسطّلك علشان تشتغل بس مش ها أقدر اتوسطلك علشان تستمر فى الشغل ده وتنجح فيه».
كم كنت أتمنى أن يعطيكِ الله مزيدا من العمر لكى تشاهدينى وأنا أرتقى فى المناصب وأصل لمقعد رئيس تحرير مجلة «الكواكب» ثم مذيعا بالفضائيات وأحد مقدمى أهم برنامج فى تليفزيون الدولة.. كم كنت أتمنى أن تعلمى أن الله استجاب لدعائك عندما ترفعى يديك للسماء وتقولين: «ربنا يحبب فيك خلقه».
أمى.. هل اشتقت للحديث معى كل صباح مثلما اعتدنا فى حياتك، لأننى أحلم بهذا الحديث فى نومى لأستيقظ وأكتشف أننى كنت حالما فيصيبنى الحزن المرير على رحيلك.. هل تتذكرين هذه الجلسات التى كنت أضع فيها رأسى على كتفك وأشكو لك همى.. لماذا لم تشكى لى همك يوما من الأيام رغم همومك الثقيلة؟.. أعلم أن وجودى وشقيقتى بجانبك لم يعوضك هجر أبى، وانضمام أشقائى الاثنين إلى الجيش، كما أشعر بالمرارة كلما أتذكر نداءك لى بعد أن تزوجت وانتقلت إلى الشقة التى تعلو شقتك، كنتِ تقولين لى «يابنى تعالى عيش معايا إنت ومراتك.. أنا النهارده معاك بكرة مش هتلاقينى»، وبكل سذاجة كنت أرد عليكِ قائلا «مش عاوز أضايقك»، فلم أكن أعلم أن راحتك تكمن فى شعورى أنا بالراحة والسعادة.. سامحينى فلم يخسر سواى ولا يشعر بقيمة هذه الأيام والسنوات المهدرة بدونك سواى.
أمى.. هل تتذكرين عندما أخبرتك برغبتى فى الزواج من إحدى زميلاتى الصحفيات، وفوجئت برغبتك فى زواجى من إحدى معارفك، وعندما تمسكت برأيى وافقت والابتسامة تعلو وجهك رافضة أن يعرف الحزن طريقه إلى قلبى.. أود أن أخبرك الآن بأننى لا أتخذ قرارا أو أخطو خطوة إلا بإذنك، حيث أتوقع رأيك فى الأمر المتعلق بهذا القرار ووفقا لهذا الرأى أتخذ قرارى وأخطو خطواتى، حتى ولو أنى على يقين بأننى خاطئ نتيجة تغير الزمان والمكان، إلا أننى يا أمى لم أتخذ قرارا بهذه الطريقة إلا وكان الله سندا لى فيه.
أمى.. دعينى أتذكر بدلا منك عندما كنا نمر بأزمة مالية تصادف نشوبها مع قدوم فصل الصيف، وسفر أقاربنا إلى الإسكندرية للمصيف، عندها أخبرناكِ أننا لانود الذهاب إلى المصيف هذا العام متعللين بتحذير نشرات الأخبار من هجوم قناديل البحر على الشواطئ المصرية، إلا أنكِ ابتسمتِ ورفضت محاولتنا الفاشلة فى رفع الحرج عنكِ، وعلمنا بالصدفة أنك اقترضت المال المطلوب لهذه الرحلة التى أمتعتنا كثيرا..
أمى.. كم اقترضت من المال لتوفير احتياجاتنا من الطعام، وإشباع رغباتنا الدنيوية الفانية.. الآن دعينى أنهى لك رسالتى بهذه الكلمات:«لم تفلح دعواتك المستجابة لإنعام الله علينا بالمال والنفوذ وحب الناس فى تعويض لحظة واحدة من لحظات وجودك بجانبى».
أمى.. نصحتنى بأن أكون نفسى وألا أتقمص شخصية الآخرين مهما كانت، وها أنا الآن أقول لك بكل ما يحمل كيانى من مشاعر وأحاسيس لم يمهلنى الوقت كى أعبر لكِ عنها.. أيتها الأم التى لم تطلب مقابلا لعطفها، وحنينها، وقلبها، وعقلها، وكل ماتملك.. أيتها الأم التى فضلتنى على نفسها.. أيتها الأم التى جعلت من نجاحى وسعادتى أهم وأعظم أمنياتها.. أيتها الأم التى لو تحدثت عنها حتى ألقاها فى الآخرة لن أتمكن من رد جزء قليل من جميلها.. كم أحببتك وأحبك.. كم اشتقت إليك وأنت بجوارى فما بالك باشتياقى بعد رحيلك.. ما تبقى من دفء أنفاسك هو ما يمهلنى الوقت للعيش بدونك.. «وحشتينى يا أمى.. وحشتينى يا أغلى الناس».
منقول اليوم السابع
الجمعة، 19 مارس 2010 - 01:54
var addthis_pub="tonyawad";
كان نفسى أقولك خليكى شوية.. ودلوقتى نفسى تسمعينى وأنا بقولك وحشتينى
يعتز كثيراً بوالدته، ويفخر أكثر بكفاحها، ومازرعته بداخله من مبادئ وقيم وحب للآخرين، هكذا يتكلم الإعلامى الكبير محمود سعد عن والدته، وعن علاقته الخرافية بها، ولذلك كان طبيعيا، أن يفاجئنا بخطاب طويل رائع فى عذوبته، وفياض فى مشاعره تجاه والدته، حينما سأله زميلنا أحمد سعيد عما يحب أن يقوله للسيدة الفاضلة والدته بمناسبة عيد الأم.. نترككم مع هذا الخطاب الخاص وتلك الرسالة الفريدة التى أراد سعد أن يرسلها لوالدته..
أمى الحبيبة كوثر..
بحثت فى قاموس حياتى الاجتماعية والإنسانية والصحفية والإعلامية فلم أجد ما يكفيكِ من كلمات أعبر بها عن مدى امتنانى واشتياقى لكِ ولروحى التى ترفض مفارقتك حتى بعد مماتك.
أتذكر عندما كنتِ فى أشد الحاجة إلى المال بعد أن هجرك والدى الثرى الذى وصلت أملاكه لـ «عزبة» كاملة بخلاف أمواله فى البنوك، وذهب إلى سيدة أخرى ليتزوجها، حينها كنتِ تعملين فترتين الأولى فى جريدة «روز اليوسف» من الصباح الباكر وحتى الثالثة عصرا، والثانية بعد أن تعدى لنا طعام الغداء فور عودتك من الجريدة وقبل أن تستريحى فيما يقل عن الساعة لكى تستعدى للذهاب إلى عملك الثانى فى إحدى جمعيات رعاية مرضى السرطان، وقتها فوجئت بعد أن رأيتك خلسة تقرضين بعض الأموال لأحد معارفنا، فسألتك عن الدافع ما دمنا فى أشد الاحتياج إلى هذا المال فأجبتنى قائلة: «الناس دول مش لاقيين حد يسلفهم، لكن إحنا ربنا كرمنا باللى يسلفنا.. إوعى تتأخر عن مساعدة الناس يا محمود مادام ربنا عاطيك.. دا كله بتاع ربنا».
آآآآآآه يا أمى.. كم أفتقد تغريد صوتك.. كم أفتقد دفء صدرك عندما تضميننى إليه.. كم أفتقد نظرات عينك الحانية، فأنا لا أنسى يوم أن تدخلتِ لإلحاقى بالعمل فى جريدة «روز اليوسف» عندها قلتِ لى بالحرف :«أنا اتوسطّلك علشان تشتغل بس مش ها أقدر اتوسطلك علشان تستمر فى الشغل ده وتنجح فيه».
كم كنت أتمنى أن يعطيكِ الله مزيدا من العمر لكى تشاهدينى وأنا أرتقى فى المناصب وأصل لمقعد رئيس تحرير مجلة «الكواكب» ثم مذيعا بالفضائيات وأحد مقدمى أهم برنامج فى تليفزيون الدولة.. كم كنت أتمنى أن تعلمى أن الله استجاب لدعائك عندما ترفعى يديك للسماء وتقولين: «ربنا يحبب فيك خلقه».
أمى.. هل اشتقت للحديث معى كل صباح مثلما اعتدنا فى حياتك، لأننى أحلم بهذا الحديث فى نومى لأستيقظ وأكتشف أننى كنت حالما فيصيبنى الحزن المرير على رحيلك.. هل تتذكرين هذه الجلسات التى كنت أضع فيها رأسى على كتفك وأشكو لك همى.. لماذا لم تشكى لى همك يوما من الأيام رغم همومك الثقيلة؟.. أعلم أن وجودى وشقيقتى بجانبك لم يعوضك هجر أبى، وانضمام أشقائى الاثنين إلى الجيش، كما أشعر بالمرارة كلما أتذكر نداءك لى بعد أن تزوجت وانتقلت إلى الشقة التى تعلو شقتك، كنتِ تقولين لى «يابنى تعالى عيش معايا إنت ومراتك.. أنا النهارده معاك بكرة مش هتلاقينى»، وبكل سذاجة كنت أرد عليكِ قائلا «مش عاوز أضايقك»، فلم أكن أعلم أن راحتك تكمن فى شعورى أنا بالراحة والسعادة.. سامحينى فلم يخسر سواى ولا يشعر بقيمة هذه الأيام والسنوات المهدرة بدونك سواى.
أمى.. هل تتذكرين عندما أخبرتك برغبتى فى الزواج من إحدى زميلاتى الصحفيات، وفوجئت برغبتك فى زواجى من إحدى معارفك، وعندما تمسكت برأيى وافقت والابتسامة تعلو وجهك رافضة أن يعرف الحزن طريقه إلى قلبى.. أود أن أخبرك الآن بأننى لا أتخذ قرارا أو أخطو خطوة إلا بإذنك، حيث أتوقع رأيك فى الأمر المتعلق بهذا القرار ووفقا لهذا الرأى أتخذ قرارى وأخطو خطواتى، حتى ولو أنى على يقين بأننى خاطئ نتيجة تغير الزمان والمكان، إلا أننى يا أمى لم أتخذ قرارا بهذه الطريقة إلا وكان الله سندا لى فيه.
أمى.. دعينى أتذكر بدلا منك عندما كنا نمر بأزمة مالية تصادف نشوبها مع قدوم فصل الصيف، وسفر أقاربنا إلى الإسكندرية للمصيف، عندها أخبرناكِ أننا لانود الذهاب إلى المصيف هذا العام متعللين بتحذير نشرات الأخبار من هجوم قناديل البحر على الشواطئ المصرية، إلا أنكِ ابتسمتِ ورفضت محاولتنا الفاشلة فى رفع الحرج عنكِ، وعلمنا بالصدفة أنك اقترضت المال المطلوب لهذه الرحلة التى أمتعتنا كثيرا..
أمى.. كم اقترضت من المال لتوفير احتياجاتنا من الطعام، وإشباع رغباتنا الدنيوية الفانية.. الآن دعينى أنهى لك رسالتى بهذه الكلمات:«لم تفلح دعواتك المستجابة لإنعام الله علينا بالمال والنفوذ وحب الناس فى تعويض لحظة واحدة من لحظات وجودك بجانبى».
أمى.. نصحتنى بأن أكون نفسى وألا أتقمص شخصية الآخرين مهما كانت، وها أنا الآن أقول لك بكل ما يحمل كيانى من مشاعر وأحاسيس لم يمهلنى الوقت كى أعبر لكِ عنها.. أيتها الأم التى لم تطلب مقابلا لعطفها، وحنينها، وقلبها، وعقلها، وكل ماتملك.. أيتها الأم التى فضلتنى على نفسها.. أيتها الأم التى جعلت من نجاحى وسعادتى أهم وأعظم أمنياتها.. أيتها الأم التى لو تحدثت عنها حتى ألقاها فى الآخرة لن أتمكن من رد جزء قليل من جميلها.. كم أحببتك وأحبك.. كم اشتقت إليك وأنت بجوارى فما بالك باشتياقى بعد رحيلك.. ما تبقى من دفء أنفاسك هو ما يمهلنى الوقت للعيش بدونك.. «وحشتينى يا أمى.. وحشتينى يا أغلى الناس».
منقول اليوم السابع