لا توجد إحصاءات لضحايا الاتجار بالبشر في سوريا
دمشق – لم تكن سارة التي فقدت والديها في سن السابعة تتوقع أن ينتهي مصيرها إلى الزواج برجل ثري يكبرها بنصف قرن، بعد أن باعها عمها للرجل لقاء مبلغ يسير من المال.
وتقول سارة لموقع "دي برس" توفي والديّ وأنا في سن السابعة فعشت في بيت عمي وهناك واجهت شتى أنواع الظلم والاضطهاد فقد أجبرت على ترك المدرسة لأتفرغ لخدمة زوجة عمي وأبناؤه وعندما بلغت الثامنة عشرة قدم إلى منزل عمي أحد أقاربنا وبصحبته رجل سعودي الجنسية يبلغ من العمر سبعين عاماً وأخبرني عمي بأن هذا الرجل يرغب بالزواج مني إلى جانب أنه رجل ثري وأنه سيحسن حياة عمي كثيراً وتحت كل هذه المغريات أجبرني عمي وزوجته على الموافقة طمعا منهما بالثروة التي وعدهما بها في حال زواجي منه فوافقت على الزواج بعد اصرار عمي وظناً مني أن زواجي سيخرجني مما أنا فيه".
وسارة هي واحدة من فتيات كثيرات يعانين من ظاهرة تجتاح المجتمع السوري منذ فترة طويلة وتتمثل بتزويج بعض العائلات بناتهم لرجال من جنسيات غير سورية مقابل المال.
وتضيف سارة "تم الزواج بيننا وسافرنا إلى السعودية وهنا بدأت مأساتي فما أن وصلت إلى هناك حتى وجدت نفسي أتعرض إلى ظلم وذل من نوع آخر ولكن باختلاف الفاعلين فلم يكن يتوانى عن توجيه الكلمات البذيئة والجارحة لي، إلى جانب سوء المعاملة التي لاقيتها منه فهو كان دائماً يشعرني بأنه اشتراني ودفع ثمني وكان يمنعني من الخروج من البيت ويضربني بشكل مبرح".
ويقول محمد العبد الله استاذ علم الاجتماع في جامعة دمشق "هذه الظاهرة تنشأ بفعل عدد من الظروف كالفقر الذي يعد أحد أهم هذه مسبباتها ومن المؤكد أنها ظاهرة خطيرة تستوجب التصدي، ولكن علينا أن نعرف من أين نبدأ لو أمعنا النظر في كل هذه الحالات لوجدنا أنها تشترك بعدة أمور فالفتاة في جميع الحالات فقيرة والزوج دائماً غني أما الدافع هو المال".
ويضيف "الحل لا ينبع من المجتمع أو من الأسرة كما كان الحال في موضوع جرائم الشرف بل هو في الاقتصاد فعندما يتحسن الوضع المالي لهذه الأسر فمن المؤكد أنها ستتوقف عن بيع بناتها لمن يدفع أكثر".
ويرى أن هناك بعض الحالات التي لا ترتبط بالفقر بل بالجشع وحب المال و"هذه الحالات من الممكن أن تعالج نفسياً".
وكان الرئيس السوري بشار الأسد أصدر قبل أشهر مرسوما يقضي بإحداث إدارة خاصة بمكافحة الاتجار بالأشخاص وإقامة دور رعاية لضحايا هذه الجرائم وخاصة النساء والأطفال.
ويعاقب المرسوم كل من "يرتكب جريمة من جرائم الاتجار بالأشخاص أو يشارك أو يحرض أو يتدخل فيها أو يعلم بها ولا يبلغ عنها أو من ينضم إلى جماعة إجرامية هدفها أو من بين أهدافها الاتجار بالأشخاص".
واحتضنت دمشق قبل أيام مؤتمر الانتربول الدولي الأول لمكافحة الاتجار بالبشر الذي اقامته وزارة الداخلية بالتعاون مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية.
وتقول سمر "بعد أن تزوجت من هذا الرجل الذي كان يحمل جنسية بلد خليجي سافرت معه إلى بلده حاملة أحلامي وآمالي معي إلى هناك وما أن وصلت حتى تبخرت كل هذه الأحلام فقد كان زوجي ينظم سهرات لأصدقائه وبشكل مستمر وما كان يحدث خلال تلك السهرات من لعب للقمار وتناول للمسكرات لم أكن راضية عنها وعندما أبديت له رفضي لهذه السهرات انهال علي بالضرب والشتم".
وتشير صحيفة "الثورة" الرسمية إلى وجود بعض حالات اتجار الأزواج بزوجاتهم اللاتي يربطهم معه عقد زواج عرفي (للعمل في الملاهي الليلية)، لكنها تشير أن تلك الحالات قد تكون استثناء ولم تبلغ حد الظاهرة في سوريا.
وتنقل عن ليلى طعمة رئيسة قسم تطوير المشاريع في المنظمة الدولية للهجرة قولها "لا توجد أرقام وإحصائيات لعدد ضحايا الاتجار بالأشخاص في سوريا. ولكن توجد حالات وإثباتات لها, إضافة إلى الوضع السيء في العراق والذي زاد من عدد الضحايا سواء في العراق أو في سوريا".
وتشير مصادر صحفية إلى أن العمالة المنزلية القادمة من جنوب شرق آسيا تتعرض لانتهاك للحريات ويتم التعامل معها بطرق غير إنسانية, مشيرة إلى أنها بشكل عام تبقى ظاهرة محدودة في سوريا.
ويقول الباحث القانوني الدكتور ابراهيم دراجي إن ظاهرة الاتجار بالبشر "ليست ظاهرة نمطية في سورية, لكنها موجودة وواجبنا كقانونيين أن نسلط الضوء عليها, ونبرز سلبياتها من أجل تنبيه صانعي القرار إلى وجوب تلافيها وسد الثغرات القانونية والواقعية حتى لا تتحول لاحقاً إلى جريمة منظمة يصعب التعاطي معها, وتصعب مواجهتها كما حدث في العديد من الدول".
ويرد انتشار هذه الظاهرة إلى الأوضاع الاقتصادية الخانقة و"خصوصاً الفقر في مناطق الريف, والهجرة من الريف إلى المدينة والمسؤولية الملقاة على عاتق الأطفال لدعم عائلاتهم, ازدياد النزعة الاستهلاكية الناتجة عن الانفتاح الاقتصادي الذي تمر به مختلف الدول, قلة فرص العمل وضعف التأهيل المهني".
ميدل ايست اونلاين
دمشق – لم تكن سارة التي فقدت والديها في سن السابعة تتوقع أن ينتهي مصيرها إلى الزواج برجل ثري يكبرها بنصف قرن، بعد أن باعها عمها للرجل لقاء مبلغ يسير من المال.
وتقول سارة لموقع "دي برس" توفي والديّ وأنا في سن السابعة فعشت في بيت عمي وهناك واجهت شتى أنواع الظلم والاضطهاد فقد أجبرت على ترك المدرسة لأتفرغ لخدمة زوجة عمي وأبناؤه وعندما بلغت الثامنة عشرة قدم إلى منزل عمي أحد أقاربنا وبصحبته رجل سعودي الجنسية يبلغ من العمر سبعين عاماً وأخبرني عمي بأن هذا الرجل يرغب بالزواج مني إلى جانب أنه رجل ثري وأنه سيحسن حياة عمي كثيراً وتحت كل هذه المغريات أجبرني عمي وزوجته على الموافقة طمعا منهما بالثروة التي وعدهما بها في حال زواجي منه فوافقت على الزواج بعد اصرار عمي وظناً مني أن زواجي سيخرجني مما أنا فيه".
وسارة هي واحدة من فتيات كثيرات يعانين من ظاهرة تجتاح المجتمع السوري منذ فترة طويلة وتتمثل بتزويج بعض العائلات بناتهم لرجال من جنسيات غير سورية مقابل المال.
وتضيف سارة "تم الزواج بيننا وسافرنا إلى السعودية وهنا بدأت مأساتي فما أن وصلت إلى هناك حتى وجدت نفسي أتعرض إلى ظلم وذل من نوع آخر ولكن باختلاف الفاعلين فلم يكن يتوانى عن توجيه الكلمات البذيئة والجارحة لي، إلى جانب سوء المعاملة التي لاقيتها منه فهو كان دائماً يشعرني بأنه اشتراني ودفع ثمني وكان يمنعني من الخروج من البيت ويضربني بشكل مبرح".
ويقول محمد العبد الله استاذ علم الاجتماع في جامعة دمشق "هذه الظاهرة تنشأ بفعل عدد من الظروف كالفقر الذي يعد أحد أهم هذه مسبباتها ومن المؤكد أنها ظاهرة خطيرة تستوجب التصدي، ولكن علينا أن نعرف من أين نبدأ لو أمعنا النظر في كل هذه الحالات لوجدنا أنها تشترك بعدة أمور فالفتاة في جميع الحالات فقيرة والزوج دائماً غني أما الدافع هو المال".
ويضيف "الحل لا ينبع من المجتمع أو من الأسرة كما كان الحال في موضوع جرائم الشرف بل هو في الاقتصاد فعندما يتحسن الوضع المالي لهذه الأسر فمن المؤكد أنها ستتوقف عن بيع بناتها لمن يدفع أكثر".
ويرى أن هناك بعض الحالات التي لا ترتبط بالفقر بل بالجشع وحب المال و"هذه الحالات من الممكن أن تعالج نفسياً".
وكان الرئيس السوري بشار الأسد أصدر قبل أشهر مرسوما يقضي بإحداث إدارة خاصة بمكافحة الاتجار بالأشخاص وإقامة دور رعاية لضحايا هذه الجرائم وخاصة النساء والأطفال.
ويعاقب المرسوم كل من "يرتكب جريمة من جرائم الاتجار بالأشخاص أو يشارك أو يحرض أو يتدخل فيها أو يعلم بها ولا يبلغ عنها أو من ينضم إلى جماعة إجرامية هدفها أو من بين أهدافها الاتجار بالأشخاص".
واحتضنت دمشق قبل أيام مؤتمر الانتربول الدولي الأول لمكافحة الاتجار بالبشر الذي اقامته وزارة الداخلية بالتعاون مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية.
وتقول سمر "بعد أن تزوجت من هذا الرجل الذي كان يحمل جنسية بلد خليجي سافرت معه إلى بلده حاملة أحلامي وآمالي معي إلى هناك وما أن وصلت حتى تبخرت كل هذه الأحلام فقد كان زوجي ينظم سهرات لأصدقائه وبشكل مستمر وما كان يحدث خلال تلك السهرات من لعب للقمار وتناول للمسكرات لم أكن راضية عنها وعندما أبديت له رفضي لهذه السهرات انهال علي بالضرب والشتم".
وتشير صحيفة "الثورة" الرسمية إلى وجود بعض حالات اتجار الأزواج بزوجاتهم اللاتي يربطهم معه عقد زواج عرفي (للعمل في الملاهي الليلية)، لكنها تشير أن تلك الحالات قد تكون استثناء ولم تبلغ حد الظاهرة في سوريا.
وتنقل عن ليلى طعمة رئيسة قسم تطوير المشاريع في المنظمة الدولية للهجرة قولها "لا توجد أرقام وإحصائيات لعدد ضحايا الاتجار بالأشخاص في سوريا. ولكن توجد حالات وإثباتات لها, إضافة إلى الوضع السيء في العراق والذي زاد من عدد الضحايا سواء في العراق أو في سوريا".
وتشير مصادر صحفية إلى أن العمالة المنزلية القادمة من جنوب شرق آسيا تتعرض لانتهاك للحريات ويتم التعامل معها بطرق غير إنسانية, مشيرة إلى أنها بشكل عام تبقى ظاهرة محدودة في سوريا.
ويقول الباحث القانوني الدكتور ابراهيم دراجي إن ظاهرة الاتجار بالبشر "ليست ظاهرة نمطية في سورية, لكنها موجودة وواجبنا كقانونيين أن نسلط الضوء عليها, ونبرز سلبياتها من أجل تنبيه صانعي القرار إلى وجوب تلافيها وسد الثغرات القانونية والواقعية حتى لا تتحول لاحقاً إلى جريمة منظمة يصعب التعاطي معها, وتصعب مواجهتها كما حدث في العديد من الدول".
ويرد انتشار هذه الظاهرة إلى الأوضاع الاقتصادية الخانقة و"خصوصاً الفقر في مناطق الريف, والهجرة من الريف إلى المدينة والمسؤولية الملقاة على عاتق الأطفال لدعم عائلاتهم, ازدياد النزعة الاستهلاكية الناتجة عن الانفتاح الاقتصادي الذي تمر به مختلف الدول, قلة فرص العمل وضعف التأهيل المهني".
ميدل ايست اونلاين