أوساط إسرائيلية"خفية" تعيد تنشيط الذاكرة الإعلامية حول الأصل "اليهودي" للقذافي،وعلاقة أسرته بإسرائيل القناة الإسرائيلية الثانية تعيد بث مقابلة مع خالة معمر القذافي راشيل وابنتها جويتا اللتين أكدتا أن والده أيضا يهودي ، ووسائل الإعلام المحلية تعيد نبش قصة زواج سيف الإسلامي القذافي من الممثلة الإسرائيلية فاينرمان
تل أبيب ، الحقيقة: عادت وسائل الإعلام الإسرائيلية ، لاسيما منها المسموعة والمرئية، إلى الحديث خلال الأيام الأخيرة عن الأصل"اليهودي" لمعمر القذافي و" زواج" ابنه سيف الإسلام من الممثلة السينمائية والدرامية الإسرائيلية أورلي فاينرمان. وإذا كان الحديث عن الإنتماء الديني ، الأصلي أو المكتسب ، يعتبر أمرا مبتذلا وسخيفا ، على الاٌقل بالنسبة لنا في هذا الموقع ، فإن الأمر ليس بدون أهمية في بعض الحالات المرتبطة بالدولة العبرية ومؤسساتها وأيديولوجيتها الصهيونية .
من اليسار : الخالة راشيل وابنة الخالة جويتا والكنة المفترضة أورلي زوجة سيف الاسلام القذافى
المثقفين اليساريين والعلمانيين عموما أن لا يسقطوا من حسابهم هذا الأمر بدافع الحرج أو الترفع الأخلاقي والسياسي عن هذه القضايا. فالصهيونية ـ ولأسباب سياسية دنيئة ـ حرصت وتحرص دائما على نبش الأصول اليهودية ، الحقيقية أو المزيفة، حتى بالنسبة لشعوب زالت عن وجه الأرض ، فكم بالأولى لأشخاص ما يزالون أحياء ويلعبون أدوارا سياسية وثقافية في حياتنا المعاصرة!؟".
على هذه الخلفية ، ليس إلا ، نتعاطى مع القضية ، خصوصا وأن علاقة أسرة القذافي بإسرائيل ، سياسيا على الأقل، لم تعد من "الأسرار" .
أصل الحكاية:
بدأت القصة مع تقرير مقتضب نشرته صحيفة معاريف العبرية في مطلع العام 2006 أشارت فيه إلى علاقة سيف الإسلام القذافي بالممثلة الإسرائيلية أورلي فاينرمان . وقالت الصحيفة في تقريرها إن الممثلة ، التي تكبر القذافي الابن بثلاث سنوات ، تسافر سرا من إسرائيل إلى إيطاليا لمقابلة عشيقها بعيدا عن أنظار الصحافة . وبحسب ما نقلته الصحيفة عن أقرباء الممثلة الفاتنة ، فإن هذه الأخيرة تقوم بتبدبل عدد من السيارات قبل وصولها إلى مكان الموعد بهدف تضليل أي متابعة استخبارية أو إعلامية مفترضة. و أشارت إلى أن الشابين كليهما "يشتركان في حب المغامرة " . وتنقل الصحيفة عن قريب الممثلة " خشية عائلتها من أن تعتنق الإسلام من أجل زواجها منه" . ووصفت الصحيفة العبرية اليمينية الأكثر مبيعا في إسرائيل هذه العلاقة بأنها " قناة جديدة للسلام مع الشعب الليبي"!؟ورغم أن الخبر جرى تناقله على نطاق واسع في وسائل الإعلام ، فإن الإعلام الليبي الرسمي تجاهل الأمر ورفض التعليق عليه حين حاول عدد من وسائل الإعلام الغربية الاتصال بالنظام الليبي للحصول على تعليق رسمي ، خصوصا وأن الصحيفة العبرية أشارت في تقريرها إلى أ ن العلاقة ليست مجرد " علاقة غرامية" عابرة ، وإنما مشروع زواج . وهو أمر يمكن تفسيره في ضوء ما حصل قبل ذلك بأقل من عام .
ففي أيار / مايو من العام 2005 ، و في سياق أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي في بلدة "الشونة" الأردنية على البحر الميت ، قال " صهر إسرائيل " المستقبلي ، الذي كان مدعوا بوصفه أحد رموز المافيا في بلاده وبوصف هذا المنتدى " ائتلافا لعصابات المافيا " الرسمية الحاكمة في العالم كما ينبغي القول والتذكير، إن " بلاده لا تشعر بالحساسية إزاء التعامل مع إسرائيل في ضوء حقيقة ان ليبيا تعتبر نفسها دولة أفريقية أكثر من كونها دولة عربية". وأضاف " عندما انضمت ليبيا إلى الاتحاد الأفريقي ، فقد وضعت الصراع العربي ـ الإسرائيلي جانبا (...) لأن الليبيين لا يمكنهم أن يكونوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم". وذكّـر المؤتمرين ، أو " المتآمرين" على اقتصادات وشعوب العالم كما يجب القول دوما ، بأنه كان اقترح في العام 2004 أمام المعهد الملكي البريطاني للدراسات الاستراتيجية " إقامة جمهورية فيدرالية في الأراضي المقدسة يعيش فيها العرب واليهود ، بحيث تتكون من خمس ولايات أو مقاطعات ، وتكون القدس عاصمتها".
كنة ليبيا : الممثلة الإسرائيلية أورلي فاينرمان زوجة سيف الاسلام القذافى
بعد ذلك بدأ الإسرائيليون الرسميون وشبه الرسمييين نبش " تاريخ سلالة القذافي" والبحث عن " أصولها اليهودية". لكن النبش ظل أسير الحكايات غير القابلة للتصديق إلى أن بثت القناة الإسرائيلية الثانية برنامجا خاصا مطلع تموز / يوليو الماضي كان بمثابة "قنبلة" في المجتمع الإسرائيلي ( شريط الفيديو منشور أعلاه). فقد استقبلت القناة السيدة راشيل براون وابنتها جويتا ، وهن عربيتان يهوديتان من أصل ليبي تعيشان في إسرائيل. وخلال اللقاء قالت السيدة العجوز راشيل ، جوابا على سؤال يتعلق بقول الرئيس الإيراني أحمدي نجاد " إن القذافي يهودي الأصل" : " إن والدي وجدي ( الليبيين) أخبرانا بأن هناك علاقة ( قرابة) وثيقة بين عائلتنا وعائلة معمرالقذافي ، فوالدته شقيقة جدتي ". وهنا يسألها المذيع عما إذا كانت والدته دخلت الإسلام بعد زواجها من والده محمد بو منيار ، لتجيب " لا ، لم تدخل الإسلام . فقد ظلت على دينها بعد أن هربت من زوجها الأول مع شيخ مسلم" . وهنا تتدخل ابنتها جويتا لتوضح الأمر بالقول " كان لدى أخت جدتي ( أم معمر ) ولد من زواجها الأول من يهودي ، وهو معمر القذافي نفسه . وبسبب سوء المعاملة التي تلقتها من زوجها ، هربت مع شيخ مسلم هو محمد بومنيار القذافي ، واصطحبت ابنها ( معمر) معها (...) يعني أن معمر هو ربيب محمد بو منيار القذافي وليس ابنه (...) ولهذا فإن معمر القذافي ليس يهودي الأصل فقط ، بل يهودي وفقا للتعاليم اليهودية أيضا"!؟
حسنا ، ليس هذا همنا ، أن يكون أبوه يهوديا أو مسلما أو بوذيا . فهذه قضية شخصية في المقام الأول والأخير . ولكن حين نرى المجازر التي يرتكبها بحق أبناء شعبه ، ونسترجع مجازر قادة إسرائيل بحق الفسطينيين ، ومجازر صدام حسين في حلبجة ، ومجازر رفعت الأسد وشقيقه في حماة وحلب وسجن تدمر الصحراوي ، ومجازر جورج بوش في العراق ، ومن قبل هؤلاء جميعا مجازر هتلر بحق اليهود والشيوعيين والغجر في أفران الغاز ، لا نستطيع أن نقول سوى أن الصهيونية دين إجرامي يضم في صفوفه مسلمين ومسيحيين ويهودا ، وملحدين أيضا ، ومن كافة الجنسيات ، سواء حملوا بطاقة انتساب رسمية أم لا ! وما عدا ذلك يبقى لغوا لا طائل منه!