حزمة سيناريوهات تتوقعها الساحة السياسية والعسكرية في فرنسا تجاه مستقبل عائلة القذافي..اما ان يستسلم ويدخل في مفاوضات تنتهي بخروجه وعائلته من ليبيا.
وهي الافتراضية الأبعد احتمالا..أو حرب عسكرية ضارية تأكل الأخضر واليابس هدفها الأول الإطاحة بقوات القذافي والخلاص منه وأبنائه وتلقي بليبيا وشعبها في مصير مجهول.
فالمحللون العسكريون يتوقعون ان تخلع قوات القذافي ملابسها العسكرية في اقرب وقت تاركينه في خضم الجحيم ذلك بعد تيقنهم باختلال موازين القوي وانهم يحاربون قوي دولية كبري, البعض منها كان يمد ليبيا بالذخائر ويعلم علم اليقين حجم إمكاناتها العسكرية وخباياها من نقاط الضعف والقوي, خاصة ان المنطقة تواجه أكبر تدخل عسكري في العالم العربي منذ الغزو الأمريكي للعراق في2003, وهو التدخل الذي تقوده دول عظمي بزعامة فرنسا وبريطانيا وامريكا, وتشارك فيه كندا اسبانيا ايطاليا واليونان.
والسؤال المطروح هو لماذا أخذت فرنسا عملية ضرب ليبيا بشكل شخصي هل بسبب الانتقادات اللاذعة التي تعرضت لها من المعارضة بسبب موقفها الصامت تجاه ما حدث في تونس!..ام بسبب ما ورد علي لسان معمر القذافي وسيف الاسلام ورددته وسائل الاعلام حول حصول ساركوزي علي دعم مادي لتمويل حملته الانتخابية ورغم ان ساركوزي كذب ذلك, الا ان الهجوم ربما يكون آثار حفيظته وجعله يتوعد لهم!..ام ان مخزون فرنسا من البترول أصبح مهددا, وانتفاضة الثوار في ليبيا قدمت لهم حقول الآبار علي طبق من فضة وبالتالي سيكون الاحتلال واردا والبقاء في ليبيا مبررا تحت ذريعة الحفاظ علي الامن كما هو الحال في العراق!..ام ان مخطط زرع القلاقل والفوضي بالمنطقة بأثرها ينفذ بطريقة ممنهجة حتي لا ينتبه احد لما يحدث في فلسطين واسرائيل..بالطبع كلها افتراضات مطروحة سيقر بعضها التاريخ في مرحلة لاحقة.
والمثير للجدل ان فرنسا وحدها بادرت بالضربة العسكرية علي ليبيا مستهلة هجماتها فور الانتهاء من القمة الأوروبية العربية- الإفريقية التي عقدها ساركوزي في الاليزيه لاتخاذ القرار بشن الهجوم. وبدا الأمر كما لو كانت الطائرات الفرنسية علي أهبة الاستعداد للانطلاق في التو فورالانتهاء من القمة وقبيل ان تبدأ العملية العسكرية الغربية التي اطلق عليها' فجر الأوديسة'.وحسب مصادر عسكرية فرنسية ان تلك الطائرات غادرت ولم يعلن عن مكان تمركزها وانها خرجت بتعليمات صارمة بالتعامل مع المعركة دون انتظار اوامر القادة والضرب والهجوم لما يتراءي لهم حسب الحالة علي ارض الواقع.وحسب مصدر عسكري اخر ان هجمات الطائرات والصواريخ منسقة من مقر أمريكي في ألمانيا.
والمؤكد ان موقف فرنسا المسبق تجاه القذافي تجلي في نقاط عدة فساركوزي اول من اعترف واستقبل نواب المجلس الوطني الليبي الذي شكله الثوار المعارضون لنظام معمر القذافي وابدي دعمه لهم.كما سبق وجعلت فرنسا من انتهاكات القذافي ضد المدنيين موضوعا محوريا في مؤتمر الدول الصناعية الكبريG8 الذي عقد تحت رئاستها منذ بضعة ايام في باريس.
وان كان موقف فرنسا المؤيد لشن هجوم عسكري علي القذافي بدا متحفظا في البداية لتوجسها من معارضة الليبيين أنفسهم وغضب شعوب المنطقة من ناحية اخري وهو ما سبق لوزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه ان اعلنه منذ اندلاع الازمة في ليبيا وتجلي في كلمة القاها في المؤتمر الصحفي الذي عقده في القاهرة يوم الاحد6 مارس مشيرا إلي ان' فرنسا والعديد من شركائها لا يؤيدون تدخلا عسكريا غربيا في ليبيا لما سيترتب عليه من عواقب سلبية في اشارة الي الموقف المرتقب من الدول والشعوب العربية.الا ان سرعان ما تبددت هذه المخاوف وارتفع سقف الطموحات الفرنسية من فرض حظر جوي والمطالبة برحيل القذافي الي شن معركة حربية فور استغاثة الجامعة العربية ومطالبتها مجلس الامن بالتدخل لفرض الحظر الجوي لحماية المدنيين من هجمات القذافي-وليس بضرب ليبيا عسكريا-.الا ان ساركوزي انتهز الفرصة علي الفور وأرسل بخطاب للدول الأعضاء بمجلس الأمن يحثهم فيه علي ضرورة التدخل لحقن دماء الثوار من انتهاكات القذافي مشيرا إلي أن القرار الصادر في26 فبراير1970 لمجلس الأمن يصنف' الهجمات التي ترتكب علي نطاق واسع ومنهجي ضد السكان المدنيين جرائم ضد الإنسانية.' وبموجب هذا القرارطالب ساركوزي المجلس بوقف فوري للعنف.ولم يكتف الرئيس الفرنسي بالخطاب بل أوفد وزير خارجيته شخصيا الي مجلس الامن لضمان تمرير القرار1973 الذي يؤيد فرض حظر جوي علي ليبيا. والواقع ان سياسة فرنسا وتزعمها الحرب ضد ليبيا تستقبل بانتقادات حادة من قبل بعض القوي السياسية بل ان المراقبين يرون ان الدول العربية ذاتها هي المفترض لها التدخل والدفاع عن الثوار الليبيين من الناحية الإنسانية والجغرافية وهو ما تبنته زعيمة الحزب اليميني المتطرف مارين لوبن ابنة زعيم الجبهة الوطنية جون ماري لوبن التي تري ان فرنسا تورطت في تدخلها العسكري في ليبيا بكونه حربا إضافة إلي العراق وأفغانستان مشيرة إلي أن الطريق لحل الأزمة الليبية كان لابد وان يمر عبر الدبلوماسية والجامعة العربية..وان كانت مخاوف لوبن لا تتخطي حد التوجس من التوافد المحتمل للمهاجرين علي ايطاليا وبالتالي الي الحدود الفرنسية وهو ما تحاربه بشدة. وفيما يخص تدخل البلاد العربية في الحرب الليبية يري بعض المحللين ان عدم موافقة الغالبية من الدول العربية يأتي من منطلق تخوفهم من نفس المصير الذي تتعرض له ليبيا في مراحل لاحقة.
خاصة ان ثمة رسالة من'فجر الأوديسة' مفادها تخويف القادة العرب في المنطقة بأسرها خاصة تلك التي تنتفض فيها الشعوب من اجل الديمقراطيات ويواجهون ما يواجهون من قمع السلطات كالحال في اليمن وسوريا وغيرهما.
وفي كلمة أخيرة لو افترضنا جدلا ان فرنسا حسنة النية وصدقنا تصريحات ساركوزي التي ادلي بها عقب القمة نافيا اي مطامع من ضرب ليبيا فعلي عاتق من تقع فاتورة تكاليف الحرب, أم أن فرنسا والغرب اتخذوا من هذا الهجوم العسكري علي ليبيا فرصة لتجريب الأسلحة واستعراض العضلات!.