حوار محمود مسلم ٢٥/ ٣/ ٢٠١١
تصوير- حسام دياب
سرور يتحدث إلى «المصرى اليوم»
يستكمل د. فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب السابق، حديثه حول التعديلات الدستورية وظروف إلغاء الإشراف القضائى على الانتخابات، وغياب المعارضة عن تشكيل البرلمان الأخير وموقفه من مد الطوارئ، وأزمة تعديلات قانون الاحتكار، ويرد على التهم الموجهة له بالفساد السياسى والتستر على مخالفات عز وإبراهيم سليمان ومنع مناقشة الاستجوابات وتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات.. كما يجيب سرور عن السؤال الذى قد تبادر إلى ذهن كل من قرأ الحلقة الماضية من حواره: لماذا لم يعترض أو يقدم استقالته فى كل هذه المواقف التى حكى عنها؟
■ التعديلات الدستورية التى أجريت على المادة ٨٨ فى عام ٢٠٠٧ قضت على الإشراف القضائى على الانتخابات؟
- «دى حاجة تفرس». فعلا، قضت على الإشراف القضائى بحجة أنه رغم الإشراف القضائى توجد طعون انتخابية.
■ وماذا فعلت أنت؟
- «أعمل إيه» عندما يأتى وزير العدل ولا يصمم على الإشراف القضائى، وهو الذى يجب أن يحمى القضاء، فعدم تصميمه على الإشراف القضائى كان يشجع المتجهين إلى إلغاء هذا الإشراف.
■ ومن هؤلاء الذين كانوا يتحمسون لإلغاء الإشراف القضائى؟
- الحزب.
■ وما سبب ذلك؟
- حماية القضاء.
■ هل قلقت عندما كنت تشاهد الانتخابات تسير بهذه الطريقة؟
- «اتخضيت»، وللتاريخ قلت: هذا غباء سياسى، وعندما تعرض علينا تقارير محكمة النقض فى نتائج الطعون الانتخابية ما لم يوافق عليها المجلس ويطرد النواب الذين أتوا خطأ سأستقيل من على منصة المجلس. قلت ذلك مرتين بمكتبى فى حضور اللواء على شعراوى قائد حرس مجلس الشعب واللواء أحمد حمدى.
وفى آخر اجتماع للجنة العامة، وهذا مسجل، قلت: لو محكمة النقض أرسلت التقارير، وقالت فيها إن هناك انتخابات بدوائر كانت مزورة، ما لم يخرج النواب يا جماعة أن سأستقيل من على المنصة. «أعمل أكتر من كده إيه؟».
■ أعرف أن علاقتك جيدة بنواب المعارضة.. هل كانوا يشكون لك أثناء الانتخابات الأخيرة؟
- كنت أتصل بنفسى بـ«محمد شردى»، وقلت له: «يا محمد ما تنسحبوش.. لازم تنجح.. ما تخليش البرلمان من غير معارضة». أيضا اتصلت بـ«فؤاد بدراوى» بشكل غير مباشر حتى يستمر، وقلت لـ«علاء عبدالمنعم»: «ما تنسحبش»، ومجموعة الإخوان المسلمين حسين إبراهيم، ومعه حازم فاروق، ونواب آخرون عندما رفضت اللجنة تسلم طلباتهم للترشيح لعضوية المجلس بحجة أنها ناقصة، تعجبت وقلت «هذا فجور.. معقولة ده يحصل»، واتصلت بـ«حسن عبدالرحمن»، مدير مباحث أمن الدولة، وقلت له: «إيه اللى بيحصل ده.. خليهم يقدموا أوراقهم.. والكلمة للشعب.. ما يصحش.. إنتوا عليكوا تزيلوا كل هذه العوائق الإدارية»، فقال لى: «هاشوف»، ولقد سمعونى الإخوان وأنا أكلم مدير مباحث أمن الدولة.
■ ألا ترى أن الداخلية زورت الانتخابات حيث انضم للمجلس الأخير ٤٩ ضابط شرطة؟
- أنا لم أشاهد تزويرا بنفسى، ودائرتى كانت الانتخابات بها نزيهة، واسأل أهالى السيدة زينب، فلم أحصل سوى على ٩ آلاف صوت.
■ لكن أحمد عز حصل على ٩٠ ألف صوت؟
- طبعا.. لا أحب العبث، ففى الانتخابات بعض الضباط حصلوا على أرقام «هلامية»، وأنا «قرفت» من المجلس لأن الانتخابات كانت غير مطمئنة وكنت متربصا لنتائجها بتقارير محكمة النقض، إما أنفذها وإما أستقيل، وكنت فى نفس الوقت «قرفان» لأننى لا أستطيع أن أدير مجلسا ليس به معارضة، لأن مجلسا دون معارضة «مالوش حلاوة.. هو إحنا مجانين بنكلم نفسنا فى المراية».
■ ألم تحاول فى فترة الانتخابات أن تكلم صفوت الشريف أو أحمد عز لتقول لهما اتركا المعارضة أو نسقا معها؟
- «كلمتهم».
■ وماذا قالا لك؟
- «لما نشوف.. المعارضة مالهاش وجود فى الشارع.. هنجحهم إزاى وهما مقدمين أسماء ضعيفة مالهاش قبول فى الشارع».
■ وهم، كيف إذن كانوا ينجحون.. وكيف نجح محمد عبدالعال فى إمبابة؟
- «بصراحة معرفش.. أنا استعجبت لما شفت اسمه.. ده بتاع مين ده أنا معرفش».
■ إنه رئيس حزب العدالة الاجتماعية، ورشح نفسه أمامك على رئاسة المجلس؟
- أولا يكفينى فخرا أن انتخب رئيسا للمجلس بتوافق الأغلبية والمعارضة بشبه إجماع طيلة ٢١ عاما، وعندما رشح الإخوان أحداً أمامى.. صبحى صالح قبل أن يترشح جاء وقال لى «أنا هديك صوتى.. أنا مترشح فقط كنوع من الديمقراطية».
كانوا يفعلون ذلك لأننى كنت «فير»، ولا أكون ضدهم إلا فى المسائل التنظيمية، فنظام المجلس يجعلنى أقول لهم: يا جماعة ساعدونى أنا رجل قانون، وكنت عندما أغادر المجلس الأعضاء من المعارضة والأغلبية «إما يمشوا.. وإما يقولوا لى ارجع بسرعة.. هو أنا يعنى غاوى اترأس كل الجلسات.. ده كان بناء على طلب الأعضاء».
■ رفضت الحديث فى الحلقة الماضية عن أخطاء الرئيس مبارك لأسباب أخلاقية، لكننا نتحدث فى أمور سياسية، ويجب أن تحكى بحكم مسؤوليتك أمام التاريخ؟
- أكبر الأخطاء التى وقعت فى المرحلة السابقة هو استئثار حزب واحد بالحكم وعدم توافر تداول السلطة، ولهذا فإن أى دستور جديد يجب أن يكفل ضمانات تداول السلطة، ليس من حيث تداول السلطة فحسب، وإنما من الناحية السياسية، فالحصول على الأغلبية الكاسحة داخل البرلمان يشجع على ديكتاتورية القرار، وديكتاتورية القرار هى ديكتاتورية الأغلبية . رئيس المجلس رجل يعلن قرار الأغلبية، وكثيرون يحملونه أكثر مما يحتمل.
■ عملت مع الرئيس حوالى ٢٥ سنة، هل ترى أن هناك تفاوتاً فى فترات حكمه؟
- فى الفترة الأخيرة شعرت أنه يعتمد أكثر على الحزب وعلى قيادات الحزب، وأنا كنت أتجنب الاتصال به، إلا فى المسائل الهامة جداً أو هو يتصل بى.
■ لم يكن يسمع فى الفترة الأخيرة؟
- لم يأخذ الرئيس رأيى فى كثير من المسائل، لا فى اختيار رئيس الوزراء ولا فى كثير من التعديلات الوزارية، وكان قبل ذلك يأخذ رأيى فى اختيار رئيس الوزراء، وفى بعض الوزراء، بل إن بعض مشروعات القوانين كنت أفاجأ بها تأتى إلى البرلمان. كانت علاقة الرئيس بالحزب أكبر من علاقته بالمؤسسة التشريعية.
■ لم يأخذ رأيك فى الدكتور أحمد نظيف؟
- لا، «ده جه للحكومة فجأة كده».
■ ما أهم نصيحة قدمتها للرئيس ولم يعمل بها؟
- فكرتنى، عند مد حالة الطوارئ كنت أرفض مد حالة الطوارئ وكان الرئيس يريدها ٣ سنوات، فقلت له: «لأ ما يصحش بقى.. يجب أن تبقى المدة أقل من ذلك بكثير»، وكان يعارض، فقلت «طالما إنه لا مفر وعايز كده يجب أن نقيد الأحوال التى يمد فيها حالة اطلوارئ، وشكل لجنة وحددوا فقرتى المخدرات والإرهاب».
■ قصر الطوارئ على الإرهاب والمخدرات كان اقتراحك؟
- نعم، اقتراحى الأول كان الإلغاء، والثانى احتياطيا التقييد بالحالات، ولإحراج الداخلية التى تقوم بالاعتقالات، ولقد قلت من على المنصة: «يجب الإفراج عن جميع المعتقلين بعيدا عن الحالتين السابقتين»، وعلمت بعد ذلك أن ذلك أغضب وزارة الداخلية.
وكنت أطالب بإلغاء حالة الطوارئ وإقرار قانون الإرهاب، لدرجة أننى ألفت كتاباً عن الإرهاب وله طبعة باللغة الإنجليزية، وقمت بتدريسه لطلبة الدراسات العليا حتى أحرج الحكومة حتى تخرج قانون الإرهاب، ولكن من حال دون إصدار قانون الإرهاب هو وزير الداخلية، لأنه أراد أن يضع نصاً يسمح بأن يستمر بعض المعتقلين لمدة سنتين رغم صدور قانون الإرهاب، فقلت لهم «هذا غير دستورى لأن الاعتقال مرهون بحالة الطوارئ»، فقال «عشان أصفى حالات المعتقلين محتاج سنتين»، فرددت عليه «الكلام ده غير جائز دستوريا»، فقال لى «طالما غير جائز دستوريا يبقى نمد حالة الطوارئ».
كان وزير الداخلية يريد استمرار اعتقال بعض الناس عامين، وعندما مدت حالة الطوارئ عامين بعد ذلك، قلت لهم: «يا جماعة السنتين اللى عايزهم وزير الداخلية خَدهم ما نلغى بقى حالة الطوارئ»، لكننى فوجئت بهم يمدون الطوارئ مرة أخرى، ويومها ضغطى ارتفع و«رقدت» بالمستشفى ٢٤ ساعة للتحاليل، وذلك بسبب سوء حالتى النفسية لتصميمهم على مد حالة الطوارئ والمناقشات التى تمت.
■ وعندما تقول للرئيس رأيا، والداخلية تقول رأيا مضادا.. «مين اللى كان بيتغلب؟».
- «اللى كان بيغلب رأى وزارة الداخلية».
■ لماذا؟
- لأنه يعبر عن الناحية الأمنية.
■ الرئيس كان يستجيب للنواحى الأمنية أكثر من النواحى السياسية؟
- «ما أعرفش.. دى شغلة مستشاريه».
■ سمعت مرة إن حضرتك وصفوت الشريف قدمتما له اقتراحا بتعديل المادة ٧٧؟
- نعم، تلك عندما حدث توافق على أن تكون الرئاسة ٣ مدد، ثم فوجئنا بعد ذلك بالحزب يقدم لنا مادة أخرى.
■ ولماذا فى كل هذه المواقف لم تعترض أو تتقدم بالاستقالة أو تتخذ موقفاً؟
- تركت هذه الواقعة غصة بداخلى وإحساساً بالقلق على حالة البلاد، وترددت أكثر من مرة فى الاستمرار بالمجلس، وقلت لعل وجودى يقلل من الأخطار وغيابى يزيدها، وقلت لنفسى لعلى أستطيع أن أفعل شيئا، لكن ديكتاتورية الحزب الحاكم حالت دون الاستماع إلى النصائح.
■ وكيف كانت علاقتك بأحمد عز؟
- لم تكن مرضية، وكانت دائما متوترة، فهو يعلم تأثيرى الأدبى على الأغلبية، ويعلم علاقتى الطيبة بالمعارضة.
■ ألم يحاول الإطاحة بك؟
- حاول الإطاحة بى أكثر من مرة كما سمعت.
■ كيف؟
- «ما عرفش بقى».
■ كنت تشعر بأنه..؟
- مقاطعاً: كانت هناك مشكلة عند عرض مشروع قانون الشراكة بين القطاع الخاص والدولة فى البنية الأساسية، فأنا استشعرت الخطر من هذا القانون، فطلبت من مركز البحوث البرلمانية تنظيم ندوة وإفادتى سريعاً بتقريرها حتى أوزعه على الأعضاء قبل مناقشته، ولكن تأخر طبع التقرير من المركز حتى عرض القانون على الأعضاء، فقال لى مصطفى علوى: «هتعمل إيه؟»، فقلت له: «التقرير يعرض على الأعضاء»، ووزعناه على الأعضاء فى الجلسة العامة، فاستشاط غضبا، وقال لى: «هو مركز البحوث البرلمانية هيعمل لجنة تانية ده لأنه عامل ملاحظات، وبأى طريقة أنت بتبلبل لى الأعضاء»، فقلت له: «ده شغلتى.. أنا بعمل إثراء للمناقشة، هى دى ديمقراطية المناقشة»، وأخذ يشكونى لأكثر من عضو. أيضا كان يعذبنا فى تقارير لجنة الخطة والموازنة التى دائما ما يقدمها متأخرا.
■ حدثت أزمة فى قانون منع الاحتكار؟
- نعم، حدثت أزمة فى قانون الاحتكار، فوزير التجارة رشيد محمد رشيد كان يقترح أن تكون عقوبة الاحتكار ١٠%، بينما يرغب عز أن تكون بحد أقصى ٣٠٠ مليون جنيه، فحشد عز الأغلبية لرفض اقتراحات وزارة التجارة، فشكوته لرئيس الجمهورية، وقلت له «الكلام ده ما يمشيش»، فما كان من الرئيس الجمهورية إلا أن تحدث إلى صفوت الشريف، وقال له «الموضوع ده شوفه يتصلح إزاى»، وبعد ذلك زارنى الشريف ونادى أحمد عز، وقال له: «يا أحمد رئيس الجمهورية مش عاجبه النص اللى اتعرض ده، وبيقولك يرجع النص بتاع وزير التجارة»، فإذا بأحمد عز وبقوة لم أشاهدها من قبل يصمم على رأيه.
■ هذا الكلام حدث أمامك؟
- نعم.. فى مكتبى، وأحمد عز قال بالنص: «مش مغير النص.. أنا لو غيرته هكلم الأغلبية ترفضه». جلسنا نتناقش، وصفوت الشريف كان متضايق لأنه كان لديه تعليمات من الرئيس، ولكن أحمد عز لم يستمع لتعليمات الرئيس، ولجأنا إلى حل وسط هو نصف العقاب.
ساعتها، أحسست أن أحمد عز أقوى، ويمثل قوة خطيرة، ويعصى الرئيس. وفى اليوم ذاته تحدثت مع الرئيس وأبلغته بأن «الكلام ده غلط والحل اللى وصلنا له مش عاجبنى بس كان القانون مَر من المجلس»، فقال لى: «معلش نيجى فى الدورة الجاية ونعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه، زى ما عايزها وزير التجارة» . وطبعا، هذا لم يحدث لا صححت الأوضاع ولا حاجة حتى انتهى الفصل التشريعى.
■ وبماذا كان يوحى لك ذلك؟
- يعطينى مؤشرات عن نفوذ أحمد عز السياسى ونفوذه على الأغلبية.
■ د. سرور.. الناس توجه لك تهمة الفساد السياسى؟
- الفساد السياسى!. «هذا ظلم بين»، فالكثيرون يخلطون بين البرلمان ورئيس البرلمان، ويخلطون بين الأغلبية صاحبة القرار فى البرلمان وبين رئيس البرلمان، فرئيس البرلمان لا يشارك فى القرار ولا فى التصويت، وليس له أى تأثير سياسى غير الناحية التنظيمية بإدارة المناقشات وتمكين المعارضة من الحديث، ولكن القرار ومضمونه مسؤولية القوى السياسية، الحزب والحكومة، وذلك ليس فى مصر فقط وإنما فى العالم كله.
■ قلت لى إن من أهم أسباب الثورة الفساد، لكنكم مَنْ منعتم الاستجوابات عن الفساد، والمجلس متهم بالتستر عليه؟
- أكبر قدر من الاستجوابات نوقش فى هذا البرلمان، إذا كانت هناك استجوابات لم تناقش فذلك بسبب أنها استجوابات مكررة لا ترقى لمستوى الاستجوابات، أو لم يأت الدور للمناقشة.
■ يعنى كل الاستجوابات ضد وزير الداخلية لم يأت عليها الدور على مدى سنوات؟
- «شوف يا سيدى الباشا عشان بتتكلم صح»، مكتب المجلس تنازل عن اختصاصه فى ترتيب الاستجوابات للجنة العامة التى يمثلها رؤساء اللجان والأحزاب الموجودة فى المجلس والمستقلون. وهذه اللجنة العامة شكلت لجنة فرعية بها ممثلو الأحزاب والمستقلون، ورتبوا الاستجوابات واستبعدوا استجوابات وزير الداخلية، وعرض رأى اللجنة الفرعية على المجلس ووافق على هذا الترتيب، وهذه مسؤولية «أنا ما رضتش ألبسها»، فقلت «أنا مالى»، وهذه سابقة برلمانية أن أعطى الاختصاص للجنة العامة.
■ يعنى حضرتك عندما كنت تجد شيئاً خطأ كان كل همك أن تبعد عنه؟
- عندما كنت أجد الخطأ كنت أحاول أصححه، أو ليتحمل مسؤوليته غيرى، فأنا لا أريد أن أساهم فى خطأ، وتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات كلها تم تحويلها إلى اللجان المختصة التى ناقشنا كل تقاريرها فى المجلس، وما لم تنجزه كان يحال إلى الحكومة، وكم من تقارير للجهاز المركزى للمحاسبات أوصينا بإحالتها للنيابة العامة.
■ المستشار جودت الملط حملكم المسؤولية، وقال: أنا كنت أرسل التقارير لمجلس الشعب؟
- جودت الملط كان يحضر اللجان هو أو أحد مساعديه، وكان «بيتخانق» مع أحمد عز فى لجنة الخطة والموازنة.
■ يعنى حضرتك ترى أن مجلس الشعب قام بدوره فى مواجهة الفساد.. فلماذا اندلعت الثورة إذن؟
- المجلس أدى دوره كاملاً، ولكن نتيجة تشكيل المجلس ووجود أغلبية كاسحة ومعارضة غير مؤثرة فى القرار تم ما تم، ولهذا يجب أن يكون فى المجلس معارضة قوية تزن القرار، ولولا أن الدكتور سرور رئيسا للمجلس لما كان للمعارضة هذا الصوت الكبير.
■ وهل عاتبك أحمد عز فى تلك النقطة؟
- عاتبنى، وفى الجلسة حتى يحرجنى، وهناك موضوع آسفت له كل الآسف أن المعارضة طلبت أن يحال موضوع دعم المصدرين للخارج للجهاز المركزى للمحاسبات، وعرضت الطلب بطريقة متحمسة لكى يوافقوا، لكن أحمد عز أشار بأصبعه للاغلبية فلم يوافقوا.
■ المجلس اتهم بأنه لم يناقش استجواب «الدخيلة» ضد أحمد عز؟
- إذا لم يناقش أى استجواب فشأنه شأن استجوابات كثيرة، ولا أذكر لماذا لم يناقش هذا الاستجواب، ولا تنسى أن فض الدورة يأتى مداهمة بعد ٧ أشهر فقط.
■ يعيب البعض على المجلس بعض التشريعات التى صدر ضدها أحكام بعدم الدستورية؟
- هذا صحيح، لكنه ليس عيبا، فمعظم التشريعات قضى بدستوريتها كما أن أحكام عدم الدستورية كثيرا ما ترد على تشريعات سابقة على سنة ٩٠ أو على لوائح، لذا أحكام عدم الدستورية ليست كلها على تشريعات أصدرها هذا المجلس، ثم إنه لا يعيب المجلس اختلاف وجهات النظر، ولكن يعيبه فقط إذا ما أصرت الأغلبية على موقفها.
وهناك مثال يجب أن يذكر، قانون النقابات المهنية الذى حُكم بعدم دستوريته أثير فى المجلس أنه قانون مكمل للدستور، ويجب أخذ رأى مجلس الشورى بشأنه، فالحكومة لم تكن قد أحالته لمجلس الشورى، فرد وزير العدل وقتها، وهذا ثابت فى المضبطة، بأنه قانون غير مكمل للدستور.
■ هناك أيضا اتهامات بأنكم تسترتم على فساد إبراهيم سليمان لدرجة أن النواب اضطروا لتقديم بلاغ للنائب العام ضده؟
- نوقشت بعض الاستجوابات المقدمة ضد إبراهيم سليمان، ورفضها المجلس بقوة الأغلبية.
■ لكن هناك كلاماً يتردد بأن حضرتك حصلت على أراض، لذلك كنت تجامل إبراهيم سليمان بعدم المناقشة؟
- هذا غير صحيح جملة وتفصيلا، فأنا شخصياً لم أحصل من إبراهيم سليمان على أى شبر أرض، والفيلا التى يملكها أولادى فى مارينا اشتريتها منذ ١٨ سنة فى عهد الكفراوى، وبمبلغ ٣٥٠ ألف جنيه بالتقسيط، وهى فيلا متواضعة مقارنة بالفيلات الفخمة الموجودة فى أماكن أخرى، وأنا «واخد نص الفيلا».
أما عن القاهرة الجديدة، فوفقا للإعلان المنشور من هيئة المجتمعات العمرانية، والذى يتقدم له كل المواطنين، فقد حصل الأولاد على قطع للفيلات بالإجراءات العادية، والأسعار العادية دون أى مجاملة، شأنهم شأن المئات من المواطنين والمسؤولين الحاليين والسابقين، «مفيش مجاملة فى حاجة.. أصل أولاد المسؤولين ليسوا ناقصى الأهلية حتى يمنعوا من الشراء»، وهم لم يبيعوا منها شيئا.
■ ألم تأخذ أراضى وتبيعها؟
- لا، لا.. هذا غير صحيح.
■ نشر تقرير بأن أولادكم حصلوا على أراض فى وادى الريان؟
- «وادى الريان دى فين؟. هذا كلام غير صحيح، واللى يلاقى أرض ليهم هناك يدلنى عليها».
■ يعنى لم تستفد من السلطة إطلاقاً؟
- لم أستفد وكنت من كبار المحامين فى مصر، وكانت أكبر القضايا فى مكتبى بأتعاب مجزية، وقبل ذلك عملت فى الخارج مندوباً دائماً فى جامعة الدول العربية، ومن قبل مستشاراً ثقافياً فى باريس، ومن قبل ملحقاً ثقافياً فى سويسرا وأنا ناشر ومؤلف كتب، وبالتالى حرمت من كثير من مصادر الثروة بعدما أصبحت رئيساً لمجلس الشعب.
ولقد تناولت بعض الصحف المستقلة موضوعات الذمة المالية لى ولأولاى. هذا للأسف «أفك شديد»، حيث نشرت إحدى الصحف المستقلة موضوعا يقطر كذبا، وأغلب الظن أن أحد المنافسين لى فى الانتخابات ممن وصمه القضاء بعدم الصلاحية وعدم الأمانة واتهمه بالتزوير، هو الذى يرسل مثل هذه البلاغات الكاذبة.
ومما يدعو للسخرية أن هذه الجريدة تقول إننى استوليت على أرض لبناء مطار سرى. المطار السرى يعيد إلينا اضحوكة «محطة المطار السرى فى ٦٧»، المانشيت فى حد ذاته مضحك.
■ المهندس حسب الله الكفراوى ذكر اسمك مع رئيس الوزراء عاطف صدقى وغيره من المسؤولين واتهمكم بالفساد لمجاملة تجار سوق روض الفرج؟
- للأسف الشديد منذ سنوات بعيدة، سمعت أن المهندس حسب الله الكفراوى قال هذا فى غيبتى، وفوجئت بعدها بالمهندس الكفراوى يطلب مقابلتى فى منزلى صباحا ويقول لى أنا عازم نفسى على الفطار معاك، قلت له أهلا وسهلا وفطرنا، فاكر فول وطعمية، وقبل أن يجلس قالى أنا جاى أبوس راسك واعتذر لك أنا جبت اسمك غلط وانت مالكش دعوة بالموضوع ده وواحد ضحك عليا وقالى كلام غلط، وأنا جاى اعتذر لك فى بيتك، فاكبرت فى المهندس الكفراوى هذا الاعتذار فى منزلى، ولهذا دهشت كل الاندهاش من أن يعيد ذكر ذلك الآن، وكنت أتوقع من وزير مثله فى أقدميته ألا يكرر مثل هذه الترهات مرة أخرى وألا يعتمد فى ذكرها على واحد كلمه فى التليفون فما كان يجب على الوزير السابق أن يطعن أصحاب الذمم البيضاء لمجرد مكالمة تليفونية من أحد الأشخاص، وسأحتفظ بحقى فى مقاضاته إذا لم يعتذر.
سرور يتحدث إلى «المصرى اليوم»
تصوير- حسام دياب
سرور يتحدث إلى «المصرى اليوم»
يستكمل د. فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب السابق، حديثه حول التعديلات الدستورية وظروف إلغاء الإشراف القضائى على الانتخابات، وغياب المعارضة عن تشكيل البرلمان الأخير وموقفه من مد الطوارئ، وأزمة تعديلات قانون الاحتكار، ويرد على التهم الموجهة له بالفساد السياسى والتستر على مخالفات عز وإبراهيم سليمان ومنع مناقشة الاستجوابات وتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات.. كما يجيب سرور عن السؤال الذى قد تبادر إلى ذهن كل من قرأ الحلقة الماضية من حواره: لماذا لم يعترض أو يقدم استقالته فى كل هذه المواقف التى حكى عنها؟
■ التعديلات الدستورية التى أجريت على المادة ٨٨ فى عام ٢٠٠٧ قضت على الإشراف القضائى على الانتخابات؟
- «دى حاجة تفرس». فعلا، قضت على الإشراف القضائى بحجة أنه رغم الإشراف القضائى توجد طعون انتخابية.
■ وماذا فعلت أنت؟
- «أعمل إيه» عندما يأتى وزير العدل ولا يصمم على الإشراف القضائى، وهو الذى يجب أن يحمى القضاء، فعدم تصميمه على الإشراف القضائى كان يشجع المتجهين إلى إلغاء هذا الإشراف.
■ ومن هؤلاء الذين كانوا يتحمسون لإلغاء الإشراف القضائى؟
- الحزب.
■ وما سبب ذلك؟
- حماية القضاء.
■ هل قلقت عندما كنت تشاهد الانتخابات تسير بهذه الطريقة؟
- «اتخضيت»، وللتاريخ قلت: هذا غباء سياسى، وعندما تعرض علينا تقارير محكمة النقض فى نتائج الطعون الانتخابية ما لم يوافق عليها المجلس ويطرد النواب الذين أتوا خطأ سأستقيل من على منصة المجلس. قلت ذلك مرتين بمكتبى فى حضور اللواء على شعراوى قائد حرس مجلس الشعب واللواء أحمد حمدى.
وفى آخر اجتماع للجنة العامة، وهذا مسجل، قلت: لو محكمة النقض أرسلت التقارير، وقالت فيها إن هناك انتخابات بدوائر كانت مزورة، ما لم يخرج النواب يا جماعة أن سأستقيل من على المنصة. «أعمل أكتر من كده إيه؟».
■ أعرف أن علاقتك جيدة بنواب المعارضة.. هل كانوا يشكون لك أثناء الانتخابات الأخيرة؟
- كنت أتصل بنفسى بـ«محمد شردى»، وقلت له: «يا محمد ما تنسحبوش.. لازم تنجح.. ما تخليش البرلمان من غير معارضة». أيضا اتصلت بـ«فؤاد بدراوى» بشكل غير مباشر حتى يستمر، وقلت لـ«علاء عبدالمنعم»: «ما تنسحبش»، ومجموعة الإخوان المسلمين حسين إبراهيم، ومعه حازم فاروق، ونواب آخرون عندما رفضت اللجنة تسلم طلباتهم للترشيح لعضوية المجلس بحجة أنها ناقصة، تعجبت وقلت «هذا فجور.. معقولة ده يحصل»، واتصلت بـ«حسن عبدالرحمن»، مدير مباحث أمن الدولة، وقلت له: «إيه اللى بيحصل ده.. خليهم يقدموا أوراقهم.. والكلمة للشعب.. ما يصحش.. إنتوا عليكوا تزيلوا كل هذه العوائق الإدارية»، فقال لى: «هاشوف»، ولقد سمعونى الإخوان وأنا أكلم مدير مباحث أمن الدولة.
■ ألا ترى أن الداخلية زورت الانتخابات حيث انضم للمجلس الأخير ٤٩ ضابط شرطة؟
- أنا لم أشاهد تزويرا بنفسى، ودائرتى كانت الانتخابات بها نزيهة، واسأل أهالى السيدة زينب، فلم أحصل سوى على ٩ آلاف صوت.
■ لكن أحمد عز حصل على ٩٠ ألف صوت؟
- طبعا.. لا أحب العبث، ففى الانتخابات بعض الضباط حصلوا على أرقام «هلامية»، وأنا «قرفت» من المجلس لأن الانتخابات كانت غير مطمئنة وكنت متربصا لنتائجها بتقارير محكمة النقض، إما أنفذها وإما أستقيل، وكنت فى نفس الوقت «قرفان» لأننى لا أستطيع أن أدير مجلسا ليس به معارضة، لأن مجلسا دون معارضة «مالوش حلاوة.. هو إحنا مجانين بنكلم نفسنا فى المراية».
■ ألم تحاول فى فترة الانتخابات أن تكلم صفوت الشريف أو أحمد عز لتقول لهما اتركا المعارضة أو نسقا معها؟
- «كلمتهم».
■ وماذا قالا لك؟
- «لما نشوف.. المعارضة مالهاش وجود فى الشارع.. هنجحهم إزاى وهما مقدمين أسماء ضعيفة مالهاش قبول فى الشارع».
■ وهم، كيف إذن كانوا ينجحون.. وكيف نجح محمد عبدالعال فى إمبابة؟
- «بصراحة معرفش.. أنا استعجبت لما شفت اسمه.. ده بتاع مين ده أنا معرفش».
■ إنه رئيس حزب العدالة الاجتماعية، ورشح نفسه أمامك على رئاسة المجلس؟
- أولا يكفينى فخرا أن انتخب رئيسا للمجلس بتوافق الأغلبية والمعارضة بشبه إجماع طيلة ٢١ عاما، وعندما رشح الإخوان أحداً أمامى.. صبحى صالح قبل أن يترشح جاء وقال لى «أنا هديك صوتى.. أنا مترشح فقط كنوع من الديمقراطية».
كانوا يفعلون ذلك لأننى كنت «فير»، ولا أكون ضدهم إلا فى المسائل التنظيمية، فنظام المجلس يجعلنى أقول لهم: يا جماعة ساعدونى أنا رجل قانون، وكنت عندما أغادر المجلس الأعضاء من المعارضة والأغلبية «إما يمشوا.. وإما يقولوا لى ارجع بسرعة.. هو أنا يعنى غاوى اترأس كل الجلسات.. ده كان بناء على طلب الأعضاء».
■ رفضت الحديث فى الحلقة الماضية عن أخطاء الرئيس مبارك لأسباب أخلاقية، لكننا نتحدث فى أمور سياسية، ويجب أن تحكى بحكم مسؤوليتك أمام التاريخ؟
- أكبر الأخطاء التى وقعت فى المرحلة السابقة هو استئثار حزب واحد بالحكم وعدم توافر تداول السلطة، ولهذا فإن أى دستور جديد يجب أن يكفل ضمانات تداول السلطة، ليس من حيث تداول السلطة فحسب، وإنما من الناحية السياسية، فالحصول على الأغلبية الكاسحة داخل البرلمان يشجع على ديكتاتورية القرار، وديكتاتورية القرار هى ديكتاتورية الأغلبية . رئيس المجلس رجل يعلن قرار الأغلبية، وكثيرون يحملونه أكثر مما يحتمل.
■ عملت مع الرئيس حوالى ٢٥ سنة، هل ترى أن هناك تفاوتاً فى فترات حكمه؟
- فى الفترة الأخيرة شعرت أنه يعتمد أكثر على الحزب وعلى قيادات الحزب، وأنا كنت أتجنب الاتصال به، إلا فى المسائل الهامة جداً أو هو يتصل بى.
■ لم يكن يسمع فى الفترة الأخيرة؟
- لم يأخذ الرئيس رأيى فى كثير من المسائل، لا فى اختيار رئيس الوزراء ولا فى كثير من التعديلات الوزارية، وكان قبل ذلك يأخذ رأيى فى اختيار رئيس الوزراء، وفى بعض الوزراء، بل إن بعض مشروعات القوانين كنت أفاجأ بها تأتى إلى البرلمان. كانت علاقة الرئيس بالحزب أكبر من علاقته بالمؤسسة التشريعية.
■ لم يأخذ رأيك فى الدكتور أحمد نظيف؟
- لا، «ده جه للحكومة فجأة كده».
■ ما أهم نصيحة قدمتها للرئيس ولم يعمل بها؟
- فكرتنى، عند مد حالة الطوارئ كنت أرفض مد حالة الطوارئ وكان الرئيس يريدها ٣ سنوات، فقلت له: «لأ ما يصحش بقى.. يجب أن تبقى المدة أقل من ذلك بكثير»، وكان يعارض، فقلت «طالما إنه لا مفر وعايز كده يجب أن نقيد الأحوال التى يمد فيها حالة اطلوارئ، وشكل لجنة وحددوا فقرتى المخدرات والإرهاب».
■ قصر الطوارئ على الإرهاب والمخدرات كان اقتراحك؟
- نعم، اقتراحى الأول كان الإلغاء، والثانى احتياطيا التقييد بالحالات، ولإحراج الداخلية التى تقوم بالاعتقالات، ولقد قلت من على المنصة: «يجب الإفراج عن جميع المعتقلين بعيدا عن الحالتين السابقتين»، وعلمت بعد ذلك أن ذلك أغضب وزارة الداخلية.
وكنت أطالب بإلغاء حالة الطوارئ وإقرار قانون الإرهاب، لدرجة أننى ألفت كتاباً عن الإرهاب وله طبعة باللغة الإنجليزية، وقمت بتدريسه لطلبة الدراسات العليا حتى أحرج الحكومة حتى تخرج قانون الإرهاب، ولكن من حال دون إصدار قانون الإرهاب هو وزير الداخلية، لأنه أراد أن يضع نصاً يسمح بأن يستمر بعض المعتقلين لمدة سنتين رغم صدور قانون الإرهاب، فقلت لهم «هذا غير دستورى لأن الاعتقال مرهون بحالة الطوارئ»، فقال «عشان أصفى حالات المعتقلين محتاج سنتين»، فرددت عليه «الكلام ده غير جائز دستوريا»، فقال لى «طالما غير جائز دستوريا يبقى نمد حالة الطوارئ».
كان وزير الداخلية يريد استمرار اعتقال بعض الناس عامين، وعندما مدت حالة الطوارئ عامين بعد ذلك، قلت لهم: «يا جماعة السنتين اللى عايزهم وزير الداخلية خَدهم ما نلغى بقى حالة الطوارئ»، لكننى فوجئت بهم يمدون الطوارئ مرة أخرى، ويومها ضغطى ارتفع و«رقدت» بالمستشفى ٢٤ ساعة للتحاليل، وذلك بسبب سوء حالتى النفسية لتصميمهم على مد حالة الطوارئ والمناقشات التى تمت.
■ وعندما تقول للرئيس رأيا، والداخلية تقول رأيا مضادا.. «مين اللى كان بيتغلب؟».
- «اللى كان بيغلب رأى وزارة الداخلية».
■ لماذا؟
- لأنه يعبر عن الناحية الأمنية.
■ الرئيس كان يستجيب للنواحى الأمنية أكثر من النواحى السياسية؟
- «ما أعرفش.. دى شغلة مستشاريه».
■ سمعت مرة إن حضرتك وصفوت الشريف قدمتما له اقتراحا بتعديل المادة ٧٧؟
- نعم، تلك عندما حدث توافق على أن تكون الرئاسة ٣ مدد، ثم فوجئنا بعد ذلك بالحزب يقدم لنا مادة أخرى.
■ ولماذا فى كل هذه المواقف لم تعترض أو تتقدم بالاستقالة أو تتخذ موقفاً؟
- تركت هذه الواقعة غصة بداخلى وإحساساً بالقلق على حالة البلاد، وترددت أكثر من مرة فى الاستمرار بالمجلس، وقلت لعل وجودى يقلل من الأخطار وغيابى يزيدها، وقلت لنفسى لعلى أستطيع أن أفعل شيئا، لكن ديكتاتورية الحزب الحاكم حالت دون الاستماع إلى النصائح.
■ وكيف كانت علاقتك بأحمد عز؟
- لم تكن مرضية، وكانت دائما متوترة، فهو يعلم تأثيرى الأدبى على الأغلبية، ويعلم علاقتى الطيبة بالمعارضة.
■ ألم يحاول الإطاحة بك؟
- حاول الإطاحة بى أكثر من مرة كما سمعت.
■ كيف؟
- «ما عرفش بقى».
■ كنت تشعر بأنه..؟
- مقاطعاً: كانت هناك مشكلة عند عرض مشروع قانون الشراكة بين القطاع الخاص والدولة فى البنية الأساسية، فأنا استشعرت الخطر من هذا القانون، فطلبت من مركز البحوث البرلمانية تنظيم ندوة وإفادتى سريعاً بتقريرها حتى أوزعه على الأعضاء قبل مناقشته، ولكن تأخر طبع التقرير من المركز حتى عرض القانون على الأعضاء، فقال لى مصطفى علوى: «هتعمل إيه؟»، فقلت له: «التقرير يعرض على الأعضاء»، ووزعناه على الأعضاء فى الجلسة العامة، فاستشاط غضبا، وقال لى: «هو مركز البحوث البرلمانية هيعمل لجنة تانية ده لأنه عامل ملاحظات، وبأى طريقة أنت بتبلبل لى الأعضاء»، فقلت له: «ده شغلتى.. أنا بعمل إثراء للمناقشة، هى دى ديمقراطية المناقشة»، وأخذ يشكونى لأكثر من عضو. أيضا كان يعذبنا فى تقارير لجنة الخطة والموازنة التى دائما ما يقدمها متأخرا.
■ حدثت أزمة فى قانون منع الاحتكار؟
- نعم، حدثت أزمة فى قانون الاحتكار، فوزير التجارة رشيد محمد رشيد كان يقترح أن تكون عقوبة الاحتكار ١٠%، بينما يرغب عز أن تكون بحد أقصى ٣٠٠ مليون جنيه، فحشد عز الأغلبية لرفض اقتراحات وزارة التجارة، فشكوته لرئيس الجمهورية، وقلت له «الكلام ده ما يمشيش»، فما كان من الرئيس الجمهورية إلا أن تحدث إلى صفوت الشريف، وقال له «الموضوع ده شوفه يتصلح إزاى»، وبعد ذلك زارنى الشريف ونادى أحمد عز، وقال له: «يا أحمد رئيس الجمهورية مش عاجبه النص اللى اتعرض ده، وبيقولك يرجع النص بتاع وزير التجارة»، فإذا بأحمد عز وبقوة لم أشاهدها من قبل يصمم على رأيه.
■ هذا الكلام حدث أمامك؟
- نعم.. فى مكتبى، وأحمد عز قال بالنص: «مش مغير النص.. أنا لو غيرته هكلم الأغلبية ترفضه». جلسنا نتناقش، وصفوت الشريف كان متضايق لأنه كان لديه تعليمات من الرئيس، ولكن أحمد عز لم يستمع لتعليمات الرئيس، ولجأنا إلى حل وسط هو نصف العقاب.
ساعتها، أحسست أن أحمد عز أقوى، ويمثل قوة خطيرة، ويعصى الرئيس. وفى اليوم ذاته تحدثت مع الرئيس وأبلغته بأن «الكلام ده غلط والحل اللى وصلنا له مش عاجبنى بس كان القانون مَر من المجلس»، فقال لى: «معلش نيجى فى الدورة الجاية ونعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه، زى ما عايزها وزير التجارة» . وطبعا، هذا لم يحدث لا صححت الأوضاع ولا حاجة حتى انتهى الفصل التشريعى.
■ وبماذا كان يوحى لك ذلك؟
- يعطينى مؤشرات عن نفوذ أحمد عز السياسى ونفوذه على الأغلبية.
■ د. سرور.. الناس توجه لك تهمة الفساد السياسى؟
- الفساد السياسى!. «هذا ظلم بين»، فالكثيرون يخلطون بين البرلمان ورئيس البرلمان، ويخلطون بين الأغلبية صاحبة القرار فى البرلمان وبين رئيس البرلمان، فرئيس البرلمان لا يشارك فى القرار ولا فى التصويت، وليس له أى تأثير سياسى غير الناحية التنظيمية بإدارة المناقشات وتمكين المعارضة من الحديث، ولكن القرار ومضمونه مسؤولية القوى السياسية، الحزب والحكومة، وذلك ليس فى مصر فقط وإنما فى العالم كله.
■ قلت لى إن من أهم أسباب الثورة الفساد، لكنكم مَنْ منعتم الاستجوابات عن الفساد، والمجلس متهم بالتستر عليه؟
- أكبر قدر من الاستجوابات نوقش فى هذا البرلمان، إذا كانت هناك استجوابات لم تناقش فذلك بسبب أنها استجوابات مكررة لا ترقى لمستوى الاستجوابات، أو لم يأت الدور للمناقشة.
■ يعنى كل الاستجوابات ضد وزير الداخلية لم يأت عليها الدور على مدى سنوات؟
- «شوف يا سيدى الباشا عشان بتتكلم صح»، مكتب المجلس تنازل عن اختصاصه فى ترتيب الاستجوابات للجنة العامة التى يمثلها رؤساء اللجان والأحزاب الموجودة فى المجلس والمستقلون. وهذه اللجنة العامة شكلت لجنة فرعية بها ممثلو الأحزاب والمستقلون، ورتبوا الاستجوابات واستبعدوا استجوابات وزير الداخلية، وعرض رأى اللجنة الفرعية على المجلس ووافق على هذا الترتيب، وهذه مسؤولية «أنا ما رضتش ألبسها»، فقلت «أنا مالى»، وهذه سابقة برلمانية أن أعطى الاختصاص للجنة العامة.
■ يعنى حضرتك عندما كنت تجد شيئاً خطأ كان كل همك أن تبعد عنه؟
- عندما كنت أجد الخطأ كنت أحاول أصححه، أو ليتحمل مسؤوليته غيرى، فأنا لا أريد أن أساهم فى خطأ، وتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات كلها تم تحويلها إلى اللجان المختصة التى ناقشنا كل تقاريرها فى المجلس، وما لم تنجزه كان يحال إلى الحكومة، وكم من تقارير للجهاز المركزى للمحاسبات أوصينا بإحالتها للنيابة العامة.
■ المستشار جودت الملط حملكم المسؤولية، وقال: أنا كنت أرسل التقارير لمجلس الشعب؟
- جودت الملط كان يحضر اللجان هو أو أحد مساعديه، وكان «بيتخانق» مع أحمد عز فى لجنة الخطة والموازنة.
■ يعنى حضرتك ترى أن مجلس الشعب قام بدوره فى مواجهة الفساد.. فلماذا اندلعت الثورة إذن؟
- المجلس أدى دوره كاملاً، ولكن نتيجة تشكيل المجلس ووجود أغلبية كاسحة ومعارضة غير مؤثرة فى القرار تم ما تم، ولهذا يجب أن يكون فى المجلس معارضة قوية تزن القرار، ولولا أن الدكتور سرور رئيسا للمجلس لما كان للمعارضة هذا الصوت الكبير.
■ وهل عاتبك أحمد عز فى تلك النقطة؟
- عاتبنى، وفى الجلسة حتى يحرجنى، وهناك موضوع آسفت له كل الآسف أن المعارضة طلبت أن يحال موضوع دعم المصدرين للخارج للجهاز المركزى للمحاسبات، وعرضت الطلب بطريقة متحمسة لكى يوافقوا، لكن أحمد عز أشار بأصبعه للاغلبية فلم يوافقوا.
■ المجلس اتهم بأنه لم يناقش استجواب «الدخيلة» ضد أحمد عز؟
- إذا لم يناقش أى استجواب فشأنه شأن استجوابات كثيرة، ولا أذكر لماذا لم يناقش هذا الاستجواب، ولا تنسى أن فض الدورة يأتى مداهمة بعد ٧ أشهر فقط.
■ يعيب البعض على المجلس بعض التشريعات التى صدر ضدها أحكام بعدم الدستورية؟
- هذا صحيح، لكنه ليس عيبا، فمعظم التشريعات قضى بدستوريتها كما أن أحكام عدم الدستورية كثيرا ما ترد على تشريعات سابقة على سنة ٩٠ أو على لوائح، لذا أحكام عدم الدستورية ليست كلها على تشريعات أصدرها هذا المجلس، ثم إنه لا يعيب المجلس اختلاف وجهات النظر، ولكن يعيبه فقط إذا ما أصرت الأغلبية على موقفها.
وهناك مثال يجب أن يذكر، قانون النقابات المهنية الذى حُكم بعدم دستوريته أثير فى المجلس أنه قانون مكمل للدستور، ويجب أخذ رأى مجلس الشورى بشأنه، فالحكومة لم تكن قد أحالته لمجلس الشورى، فرد وزير العدل وقتها، وهذا ثابت فى المضبطة، بأنه قانون غير مكمل للدستور.
■ هناك أيضا اتهامات بأنكم تسترتم على فساد إبراهيم سليمان لدرجة أن النواب اضطروا لتقديم بلاغ للنائب العام ضده؟
- نوقشت بعض الاستجوابات المقدمة ضد إبراهيم سليمان، ورفضها المجلس بقوة الأغلبية.
■ لكن هناك كلاماً يتردد بأن حضرتك حصلت على أراض، لذلك كنت تجامل إبراهيم سليمان بعدم المناقشة؟
- هذا غير صحيح جملة وتفصيلا، فأنا شخصياً لم أحصل من إبراهيم سليمان على أى شبر أرض، والفيلا التى يملكها أولادى فى مارينا اشتريتها منذ ١٨ سنة فى عهد الكفراوى، وبمبلغ ٣٥٠ ألف جنيه بالتقسيط، وهى فيلا متواضعة مقارنة بالفيلات الفخمة الموجودة فى أماكن أخرى، وأنا «واخد نص الفيلا».
أما عن القاهرة الجديدة، فوفقا للإعلان المنشور من هيئة المجتمعات العمرانية، والذى يتقدم له كل المواطنين، فقد حصل الأولاد على قطع للفيلات بالإجراءات العادية، والأسعار العادية دون أى مجاملة، شأنهم شأن المئات من المواطنين والمسؤولين الحاليين والسابقين، «مفيش مجاملة فى حاجة.. أصل أولاد المسؤولين ليسوا ناقصى الأهلية حتى يمنعوا من الشراء»، وهم لم يبيعوا منها شيئا.
■ ألم تأخذ أراضى وتبيعها؟
- لا، لا.. هذا غير صحيح.
■ نشر تقرير بأن أولادكم حصلوا على أراض فى وادى الريان؟
- «وادى الريان دى فين؟. هذا كلام غير صحيح، واللى يلاقى أرض ليهم هناك يدلنى عليها».
■ يعنى لم تستفد من السلطة إطلاقاً؟
- لم أستفد وكنت من كبار المحامين فى مصر، وكانت أكبر القضايا فى مكتبى بأتعاب مجزية، وقبل ذلك عملت فى الخارج مندوباً دائماً فى جامعة الدول العربية، ومن قبل مستشاراً ثقافياً فى باريس، ومن قبل ملحقاً ثقافياً فى سويسرا وأنا ناشر ومؤلف كتب، وبالتالى حرمت من كثير من مصادر الثروة بعدما أصبحت رئيساً لمجلس الشعب.
ولقد تناولت بعض الصحف المستقلة موضوعات الذمة المالية لى ولأولاى. هذا للأسف «أفك شديد»، حيث نشرت إحدى الصحف المستقلة موضوعا يقطر كذبا، وأغلب الظن أن أحد المنافسين لى فى الانتخابات ممن وصمه القضاء بعدم الصلاحية وعدم الأمانة واتهمه بالتزوير، هو الذى يرسل مثل هذه البلاغات الكاذبة.
ومما يدعو للسخرية أن هذه الجريدة تقول إننى استوليت على أرض لبناء مطار سرى. المطار السرى يعيد إلينا اضحوكة «محطة المطار السرى فى ٦٧»، المانشيت فى حد ذاته مضحك.
■ المهندس حسب الله الكفراوى ذكر اسمك مع رئيس الوزراء عاطف صدقى وغيره من المسؤولين واتهمكم بالفساد لمجاملة تجار سوق روض الفرج؟
- للأسف الشديد منذ سنوات بعيدة، سمعت أن المهندس حسب الله الكفراوى قال هذا فى غيبتى، وفوجئت بعدها بالمهندس الكفراوى يطلب مقابلتى فى منزلى صباحا ويقول لى أنا عازم نفسى على الفطار معاك، قلت له أهلا وسهلا وفطرنا، فاكر فول وطعمية، وقبل أن يجلس قالى أنا جاى أبوس راسك واعتذر لك أنا جبت اسمك غلط وانت مالكش دعوة بالموضوع ده وواحد ضحك عليا وقالى كلام غلط، وأنا جاى اعتذر لك فى بيتك، فاكبرت فى المهندس الكفراوى هذا الاعتذار فى منزلى، ولهذا دهشت كل الاندهاش من أن يعيد ذكر ذلك الآن، وكنت أتوقع من وزير مثله فى أقدميته ألا يكرر مثل هذه الترهات مرة أخرى وألا يعتمد فى ذكرها على واحد كلمه فى التليفون فما كان يجب على الوزير السابق أن يطعن أصحاب الذمم البيضاء لمجرد مكالمة تليفونية من أحد الأشخاص، وسأحتفظ بحقى فى مقاضاته إذا لم يعتذر.
سرور يتحدث إلى «المصرى اليوم»