أجرى الحوار محمود مسلم وعادل الدرجلى ٢٠/ ١٢/ ٢٠١١
أكد الدكتور على السلمى، نائب رئيس الوزراء السابق، أن المليونية التى حشدها الإخوان والسلفيون ضده والتى أطلقوا عليها «مليونية إسقاط الوثيقة»، كانت موجهة فى الأساس إلى المجلس العسكرى لتوصيل رسالة إليه، يوضحون خلالها قدرتهم على الحشد وإرهابه وتخويفه منهم، مشيراً إلى أن الإخوان أصابهم الغرور بعد ثورة ٢٥ يناير. وأشار «السلمى»، خلال الجزء الثانى من حواره مع «المصرى اليوم»، إلى أن فوز التيارات الإسلامية فى الانتخابات البرلمانية يرجع فى الأساس إلى فشل الأحزاب الليبرالية والقوى المدنية.
■ كيف ترى استخدام الشعارات الدينية فى الدعاية الانتخابية؟
- الإخوان والكتلة المصرية مخطئان تماما فى استخدام الشعارات الدينية خلال الدعاية الانتخابية، والخطأ هنا لابد من التوقف أمامه كثيرا، لأن استخدام الدين سواء من جانب التيارات الإسلامية أو من جانب الكنيسة، يهدد بانقسام الشعب، وأذكر أن أحد الكتاب كتب تعليقاً على إخفاق الدكتور عبدالمنعم الشحات فى فوزه بمقعد بالإسكندرية جاء فيه: إن الشحات قال قبل النتيجة إن الإسلام سينتصر، فهل نعتبر أن الإسلام انهزم بهزيمة الشحات»، ومن هذا المنطلق نؤكد على أهمية وضع دستور ينظم سلطات الدولة ونظام الحكم بما يحقق التوافق الوطنى وحرية العبادة والعقيدة وممارسة الحريات العامة دون أى شعارات دينية لا تخدم غرضاً قومياً.
■ لو أجريت الانتخابات فى ظروف عادية دون استخدام شعارات دينية هل سيكون أداء الأحزاب القديمة أفضل؟
- النتيجة المعلنة الآن محتملة، لكنها ليست دليلا على قوة «الحرية والعدالة» و«التيار السلفى»، بقدر ما هى دليل على عدم تنظيم الأحزاب المدنية وغياب الاستعداد والتوافق بينها.
■ هل ستعود للوفد مرة أخرى؟
- محتمل، وستكون فى إطار تقييم ما حدث فى الانتخابات بشكل عادل، لكن لن أعود قبل انتهاء المرحلة الثالثة لأننى لم أكن مشاركاً فى العمل الحزبى فى الفترة الماضية.
■ كيف ترى فض التحالف بين الوفد والحرية والعدالة.. وهل أصاب الوفد أم أخطأ فى فض التحالف؟
- كنت أؤيد الدكتور السيد البدوى، رئيس حزب الوفد، فى التحالف مع الحرية والعدالة، بهدف التوصل إلى حكومة وحدة وطنية، وتمت دعوة العديد من الأحزاب، وكان من ضمن أسس التحالف وثيقة المبادئ الأساسية لدستور الدولة الحديثة، وكان المستهدف أن تستكمل الوثيقة بإعداد المعايير الخاصة باختيار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، وهنا لابد أن أكشف عن الخطاب الذى أرسل من الحرية والعدالة إلى الدكتور يحيى الجمل، نائب رئيس الوزراء السابق، وقت وجوده فى الوزارة فى ٢٨ يونيو، بتوقيع مقرر التحالف الدكتور محمد سعد الكتاتنى على ورق حزب «الحرية والعدالة» يشير فيه إلى «أن التحالف قد أثمر عن الاتفاق على وثيقة من المبادئ الحاكمة للدستور القادم مما يمكن اعتباره تجاوزاً لأزمة الدستور أم الانتخابات أولاً»، وهذا المبدأ قد ذكر فى إطار الدفاع عن التحالف، وقد كانت هذه الوثيقة نتاج اجتماع تم فى مقر الكتلة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة، وحضره عدد من الأحزاب وتم الاتفاق على استكمال الحوار بشأن وضع المعايير الخاصة بأمرين الأول التنسيق الانتخابى بين أحزاب التحالف والمعايير الخاصة بضوابط اختيار الجمعية التأسيسية، وهذا دليل على أن الإخوان وحزب الحرية والعدالة مشارك منذ البداية ومقر ومعترف وموقع على وثيقة المبادئ وسماها المبادئ الحاكمة، فى حين أننى فى جميع تصريحاتى ومداخلاتى لم أستخدم تعبير «المبادئ الحاكمة»، وإنما كنت أذكر تعبير «المبادئ الأساسية» لدستور الدولة الحديثة.
■ إذا كان الوضع كذلك وكانوا مؤيدين للوثيقة.. فما الذى حدث لينقلبوا عليها؟
- عندما اقترب موعد تفعيل قضية اختيار الجمعية التأسيسية مع اقتراب موعد الانتخابات، وحالة الزخم التى قام بها حزب الحرية والعدالة والسلفيون فى الشارع، واقتراب فرصة الفوز فى الانتخابات أرادوا أن ينسفوا كل ما ذكر عن الوثيقة وإنكارها، وادعوا أنهم لم يسبق لهم التعرف عليها أوالتعامل معها، حتى ينفردوا بوضع دستور جديد لمصر وفقاً لتحيزاتهم الفكرية واختيارها، وكنا نسعى إلى تجنب أن ينفرد فريق أو فصيل واحد بوضع الدستور، فكانت الهجمة وكان السعار الذى تلاها فى تصريحات محمد البلتاجى وأحمد أبوبركة ومحمود غزلان، وانضم لهم الدكتور محمد سليم العوا وحازم صلاح أبوإسماعيل، وطارق البشرى، وادعوا جميعاً أن هذا الأمر خطيئة وسماها البشرى «خطيئة السلمى» وسماها العوا «الوثيقة الباطلة» لأن من أصدرها لا يملك حق إصدارها، وتطور الأمر إلى التهديد بمليونية وإقالة السلمى، وقال إن هذا ترتب على المناخ العام الذى أشار إلى احتمالات الفوز الكبير لحزب الحرية والعدالة فى الانتخابات، فى حين أن آخر صياغ للجنة التأسيسية كانت مجموعة يختارها مجلس الشعب ومجموعة يختارها المجلس العسكرى، وكانت هذه الصياغة التى تقدم بها الدكتور محمد مرسى ووافق على اختيار أعضاء من مجلسى الشعب والشورى ومن غيرهم ولم نحدد نسبة من سيكون من داخل البرلمان ومن سيكون من خارجه، وذكر خلالها أكثر من ٣٠ فئة تكون ممثلة من خارج المجلس، والخلاف انحصر فى أن اختيار المائة بأغلبية ثلثى مجلسى الشعب والشورى، والحرية والعدالة أصر على الأغلبية، وهذا دليل على فكرة تشكيل الجمعية من داخل وخارج المجلس، أما أن يصل الأمر إلى الإنكار ورفض هذه الفكرة تماماً، فهو افتراء على حق الشعب، والتفاف على استفتاء ١٩ مارس، والتفاف على إرادة الشعب فى الاطمئنان على مصيره، ومستقبله.
■ هل الإخوان يخالفون وعودهم وعهودهم؟
- الحقيقة أن الممارسة شىء والكلام المعسول شىء آخر، فمرة تصدر تصريحات من بعض قيادات حزب الحرية والعدالة أنهم سيشكلون الحكومة القادمة، وفى الوقت نفسه يخرج قيادى آخر ينكر رغبتهم فى تشكيل الحكومة منفردين، وهو فى رأيى توزيع أدوار بينهم واستخدام لغة الاستعلاء والاستكبار والديمقراطية يقوم فى الأساس على الرأى والرأى الآخر، فهم فى الحياة السياسية يبتعدون تماماً عن الديمقراطية فى شكلها الأصيل، ولهم ديمقراطية خاصة بهم.
■ هل ترى من خلال علاقتك بالإخوان قبل وأثناء وبعد الثورة أنهم أصابهم الغرور؟
- لا شك فى ذلك، فعندما كنت قريباً من حزب الوفد، والحرية والعدالة أثناء التحالف، كانت الأمور تسير على خير ما يرام، وكان يسود التفاهم، وتبادل الرأى، وذكرت أن الوثيقة التى أنتجها التحالف لا تختلف عن وثيقة المبادئ الأساسية إلا فى المادتين المتعلقتين بالمجلس العسكرى، وكون أن هذه الوثيقة تنكر وتتبرأ منها الأحزاب الموقعة عليها فى التحالف، كان المبرر الطبيعى أن ينفصل حزب الوفد عن التحالف، ومعلوماتى أن أحد أسباب فض التحالف هو بداية الاستعلاء من جانب الحرية والعدالة، وحصر المراكز الأولى فى القوائم فى أعضاء حزبه، وهو ما رفضه الدكتور السيد البدوى.
■ هل ترى أن الوفد أخطأ عندما دخل التحالف؟
- لا، بدليل أول دعوة للتحالف كانت فى حزب الوفد فى ١٤ أبريل ٢٠١١، وسبقتها الدعوة إلى الائتلاف الوطنى من أجل التغيير، وحضره قبل إنشاء حزب الحرية والعدالة، الدكتور أحمد دياب والمهندس سعد الحسينى، من جماعة الإخوان، وحينما قرر الائتلاف تشكيل أمانة فنية لإدارة أمور الائتلاف، كان ممثلا لجماعة الإخوان الدكتور أحمد دياب، وحضر اجتماعاً مع أعضاء الأمانة.
■ هل ترى أن قرار الوفد سليم بخروجه من التحالف؟
- نعم قراره سليم بفض التحالف، ولو أنه لم يتبعه بما كان مفروضاً عليه فى تشكيل وقيادة فريق من الأحزاب المدنية الليبرالية التى كانت على استعداد للانقياد تحت عباءة الوفد.
■ هل ترى أن الوفد دفع ثمن تحالفه مع الإخوان فى الانتخابات؟
- يحتمل، لأن كثيراً من قواعد الوفديين لم يكونوا راضين عن التحالف، أو لم يكونوا راضين عن سير التحالف، فالوفد قد يكون تأخر فى فض التحالف.
■ تتحدث عن دستور يؤمن بسيادة القانون ومدنية الدولة والمواطنة ومع ذلك يرفض الإخوان ذلك؟ فأى دستور يريدون؟
- لا أعلم، فالوثيقة عندما تقول جمهورية مصر العربية دولة موحدة وطنية نظامها ديمقراطى مدنى، يقوم على المواطنة وحكم القانون، واحترام التعددية وكفالة الحرية والعدالة والمساواة، وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين دون أى تمييز، أو تفرقة، وأن الشعب المصرى جزء من الأمة العربية، فما الذى يضير الإخوان فى ذلك، أو يضير الشعب المصرى فيها، فالوثيقة عندما تقول إن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، وتصدر التشريعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والشؤون الدينية لغير المسلمين استناداً لمبادئ شرائعهم، كمصدر رئيسى للتشريعات «فماذا يغضبك من ذلك».
■ اعتراضهم كان على تشكيل اللجنة التأسيسية والمادتين الخاصتين بالقوات المسلحة؟
- الخلاف كان على كلمة «مدنية» وكلمة «استرشادية»، وآخر كلام قاله الممثلون عن حزب الحرية والعدالة إنهم يؤمنون بأن كل المؤسسات والمحاولات يجب أن تكون وثائقها استرشادية، وإنهم يهتمون بوثيقة الأزهر لأنها استرشادية، والأكثر من هذا أنهم رفضوا التوقيع على وثيقة المبادئ، عندما قلنا إنها ستكون استرشادية ولا تلزم إلا من وقّع عليها.
■ وما هدفهم من ذلك؟
- التحلل منها.
■ هل صدمت فى الإخوان؟
- صدمت فى الممارسة وفى لغة الخطاب، فهى لغة لا تعبر عن مضمون إسلامى فى السماحة، والاقتداء بالحكمة والموعظة الحسنة، «وجادلهم بالتى هى أحسن»، فهم نسوا هذا الكلام، واتجهوا إلى الاستعلاء والتكبر، ومحاولة فى تحطيم إنسان كل ما جناه أنه حاول تقديم فكرة للوطن، وأظن أن حشدهم ومليونيتهم كان المستهدف منها فى الأساس المجلس العسكرى.
■ معنى ذلك أنك كنت وسيلة لإرهاب المجلس العسكرى؟
- نعم، وحتى بعض المنادين بالأقوال التى تكررت وصدرت عن حزب الحرية والعدالة، وأخص بالذكر الدكتور سليم العوا، الذى وقف فى ١٨ نوفمبر فى ميدان التحرير، ونادى بالعصيان المدنى، وثورة ثانية، ونادى بأنه لن تسقط أعلام الإخوان والسلفيين، وهو يدعى أنه من الإخوان والسلفيين، ومع ذلك فى غضون أيام قليلة، انقلب ١٨٠ درجة وأصبح يشرفه أن يعمل مع المجلس العسكرى، وأصبح داعياً إلى المجلس الاستشارى.
■ من الممكن أن يكون هذا الموقف بعد أن أعلن المجلس العسكرى موعداً واضحاً لتسليم السلطة؟ وما أعلنه المشير من إجراء الانتخابات فى موعدها؟
- «يضحك بسخرية» آمل أن يكون هذا هو التفسير.
■ هل يتعامل الإخوان على أساس أن البلد جايلهم جايلهم؟
- نعم، وتصريح الأستاذ مهدى عاكف «اللى مش عاجبه الإخوان يترك البلد» رسالة، لا ينبغى أن تمر مرور الكرام، وقبل ذلك تكررت تصريحات بالمعنى نفسه من كثيرين من المناصرين للإخوان، وهذا كلام يخوّف، فمن وقت الاستفتاء على التعديلات الدستورية والطريق القويم نُبذ، وخطة الطريق لا تقود إلا إلى النتيجة التى نعيشها.
أكد الدكتور على السلمى، نائب رئيس الوزراء السابق، أن المليونية التى حشدها الإخوان والسلفيون ضده والتى أطلقوا عليها «مليونية إسقاط الوثيقة»، كانت موجهة فى الأساس إلى المجلس العسكرى لتوصيل رسالة إليه، يوضحون خلالها قدرتهم على الحشد وإرهابه وتخويفه منهم، مشيراً إلى أن الإخوان أصابهم الغرور بعد ثورة ٢٥ يناير. وأشار «السلمى»، خلال الجزء الثانى من حواره مع «المصرى اليوم»، إلى أن فوز التيارات الإسلامية فى الانتخابات البرلمانية يرجع فى الأساس إلى فشل الأحزاب الليبرالية والقوى المدنية.
■ كيف ترى استخدام الشعارات الدينية فى الدعاية الانتخابية؟
- الإخوان والكتلة المصرية مخطئان تماما فى استخدام الشعارات الدينية خلال الدعاية الانتخابية، والخطأ هنا لابد من التوقف أمامه كثيرا، لأن استخدام الدين سواء من جانب التيارات الإسلامية أو من جانب الكنيسة، يهدد بانقسام الشعب، وأذكر أن أحد الكتاب كتب تعليقاً على إخفاق الدكتور عبدالمنعم الشحات فى فوزه بمقعد بالإسكندرية جاء فيه: إن الشحات قال قبل النتيجة إن الإسلام سينتصر، فهل نعتبر أن الإسلام انهزم بهزيمة الشحات»، ومن هذا المنطلق نؤكد على أهمية وضع دستور ينظم سلطات الدولة ونظام الحكم بما يحقق التوافق الوطنى وحرية العبادة والعقيدة وممارسة الحريات العامة دون أى شعارات دينية لا تخدم غرضاً قومياً.
■ لو أجريت الانتخابات فى ظروف عادية دون استخدام شعارات دينية هل سيكون أداء الأحزاب القديمة أفضل؟
- النتيجة المعلنة الآن محتملة، لكنها ليست دليلا على قوة «الحرية والعدالة» و«التيار السلفى»، بقدر ما هى دليل على عدم تنظيم الأحزاب المدنية وغياب الاستعداد والتوافق بينها.
■ هل ستعود للوفد مرة أخرى؟
- محتمل، وستكون فى إطار تقييم ما حدث فى الانتخابات بشكل عادل، لكن لن أعود قبل انتهاء المرحلة الثالثة لأننى لم أكن مشاركاً فى العمل الحزبى فى الفترة الماضية.
■ كيف ترى فض التحالف بين الوفد والحرية والعدالة.. وهل أصاب الوفد أم أخطأ فى فض التحالف؟
- كنت أؤيد الدكتور السيد البدوى، رئيس حزب الوفد، فى التحالف مع الحرية والعدالة، بهدف التوصل إلى حكومة وحدة وطنية، وتمت دعوة العديد من الأحزاب، وكان من ضمن أسس التحالف وثيقة المبادئ الأساسية لدستور الدولة الحديثة، وكان المستهدف أن تستكمل الوثيقة بإعداد المعايير الخاصة باختيار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، وهنا لابد أن أكشف عن الخطاب الذى أرسل من الحرية والعدالة إلى الدكتور يحيى الجمل، نائب رئيس الوزراء السابق، وقت وجوده فى الوزارة فى ٢٨ يونيو، بتوقيع مقرر التحالف الدكتور محمد سعد الكتاتنى على ورق حزب «الحرية والعدالة» يشير فيه إلى «أن التحالف قد أثمر عن الاتفاق على وثيقة من المبادئ الحاكمة للدستور القادم مما يمكن اعتباره تجاوزاً لأزمة الدستور أم الانتخابات أولاً»، وهذا المبدأ قد ذكر فى إطار الدفاع عن التحالف، وقد كانت هذه الوثيقة نتاج اجتماع تم فى مقر الكتلة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة، وحضره عدد من الأحزاب وتم الاتفاق على استكمال الحوار بشأن وضع المعايير الخاصة بأمرين الأول التنسيق الانتخابى بين أحزاب التحالف والمعايير الخاصة بضوابط اختيار الجمعية التأسيسية، وهذا دليل على أن الإخوان وحزب الحرية والعدالة مشارك منذ البداية ومقر ومعترف وموقع على وثيقة المبادئ وسماها المبادئ الحاكمة، فى حين أننى فى جميع تصريحاتى ومداخلاتى لم أستخدم تعبير «المبادئ الحاكمة»، وإنما كنت أذكر تعبير «المبادئ الأساسية» لدستور الدولة الحديثة.
■ إذا كان الوضع كذلك وكانوا مؤيدين للوثيقة.. فما الذى حدث لينقلبوا عليها؟
- عندما اقترب موعد تفعيل قضية اختيار الجمعية التأسيسية مع اقتراب موعد الانتخابات، وحالة الزخم التى قام بها حزب الحرية والعدالة والسلفيون فى الشارع، واقتراب فرصة الفوز فى الانتخابات أرادوا أن ينسفوا كل ما ذكر عن الوثيقة وإنكارها، وادعوا أنهم لم يسبق لهم التعرف عليها أوالتعامل معها، حتى ينفردوا بوضع دستور جديد لمصر وفقاً لتحيزاتهم الفكرية واختيارها، وكنا نسعى إلى تجنب أن ينفرد فريق أو فصيل واحد بوضع الدستور، فكانت الهجمة وكان السعار الذى تلاها فى تصريحات محمد البلتاجى وأحمد أبوبركة ومحمود غزلان، وانضم لهم الدكتور محمد سليم العوا وحازم صلاح أبوإسماعيل، وطارق البشرى، وادعوا جميعاً أن هذا الأمر خطيئة وسماها البشرى «خطيئة السلمى» وسماها العوا «الوثيقة الباطلة» لأن من أصدرها لا يملك حق إصدارها، وتطور الأمر إلى التهديد بمليونية وإقالة السلمى، وقال إن هذا ترتب على المناخ العام الذى أشار إلى احتمالات الفوز الكبير لحزب الحرية والعدالة فى الانتخابات، فى حين أن آخر صياغ للجنة التأسيسية كانت مجموعة يختارها مجلس الشعب ومجموعة يختارها المجلس العسكرى، وكانت هذه الصياغة التى تقدم بها الدكتور محمد مرسى ووافق على اختيار أعضاء من مجلسى الشعب والشورى ومن غيرهم ولم نحدد نسبة من سيكون من داخل البرلمان ومن سيكون من خارجه، وذكر خلالها أكثر من ٣٠ فئة تكون ممثلة من خارج المجلس، والخلاف انحصر فى أن اختيار المائة بأغلبية ثلثى مجلسى الشعب والشورى، والحرية والعدالة أصر على الأغلبية، وهذا دليل على فكرة تشكيل الجمعية من داخل وخارج المجلس، أما أن يصل الأمر إلى الإنكار ورفض هذه الفكرة تماماً، فهو افتراء على حق الشعب، والتفاف على استفتاء ١٩ مارس، والتفاف على إرادة الشعب فى الاطمئنان على مصيره، ومستقبله.
■ هل الإخوان يخالفون وعودهم وعهودهم؟
- الحقيقة أن الممارسة شىء والكلام المعسول شىء آخر، فمرة تصدر تصريحات من بعض قيادات حزب الحرية والعدالة أنهم سيشكلون الحكومة القادمة، وفى الوقت نفسه يخرج قيادى آخر ينكر رغبتهم فى تشكيل الحكومة منفردين، وهو فى رأيى توزيع أدوار بينهم واستخدام لغة الاستعلاء والاستكبار والديمقراطية يقوم فى الأساس على الرأى والرأى الآخر، فهم فى الحياة السياسية يبتعدون تماماً عن الديمقراطية فى شكلها الأصيل، ولهم ديمقراطية خاصة بهم.
■ هل ترى من خلال علاقتك بالإخوان قبل وأثناء وبعد الثورة أنهم أصابهم الغرور؟
- لا شك فى ذلك، فعندما كنت قريباً من حزب الوفد، والحرية والعدالة أثناء التحالف، كانت الأمور تسير على خير ما يرام، وكان يسود التفاهم، وتبادل الرأى، وذكرت أن الوثيقة التى أنتجها التحالف لا تختلف عن وثيقة المبادئ الأساسية إلا فى المادتين المتعلقتين بالمجلس العسكرى، وكون أن هذه الوثيقة تنكر وتتبرأ منها الأحزاب الموقعة عليها فى التحالف، كان المبرر الطبيعى أن ينفصل حزب الوفد عن التحالف، ومعلوماتى أن أحد أسباب فض التحالف هو بداية الاستعلاء من جانب الحرية والعدالة، وحصر المراكز الأولى فى القوائم فى أعضاء حزبه، وهو ما رفضه الدكتور السيد البدوى.
■ هل ترى أن الوفد أخطأ عندما دخل التحالف؟
- لا، بدليل أول دعوة للتحالف كانت فى حزب الوفد فى ١٤ أبريل ٢٠١١، وسبقتها الدعوة إلى الائتلاف الوطنى من أجل التغيير، وحضره قبل إنشاء حزب الحرية والعدالة، الدكتور أحمد دياب والمهندس سعد الحسينى، من جماعة الإخوان، وحينما قرر الائتلاف تشكيل أمانة فنية لإدارة أمور الائتلاف، كان ممثلا لجماعة الإخوان الدكتور أحمد دياب، وحضر اجتماعاً مع أعضاء الأمانة.
■ هل ترى أن قرار الوفد سليم بخروجه من التحالف؟
- نعم قراره سليم بفض التحالف، ولو أنه لم يتبعه بما كان مفروضاً عليه فى تشكيل وقيادة فريق من الأحزاب المدنية الليبرالية التى كانت على استعداد للانقياد تحت عباءة الوفد.
■ هل ترى أن الوفد دفع ثمن تحالفه مع الإخوان فى الانتخابات؟
- يحتمل، لأن كثيراً من قواعد الوفديين لم يكونوا راضين عن التحالف، أو لم يكونوا راضين عن سير التحالف، فالوفد قد يكون تأخر فى فض التحالف.
■ تتحدث عن دستور يؤمن بسيادة القانون ومدنية الدولة والمواطنة ومع ذلك يرفض الإخوان ذلك؟ فأى دستور يريدون؟
- لا أعلم، فالوثيقة عندما تقول جمهورية مصر العربية دولة موحدة وطنية نظامها ديمقراطى مدنى، يقوم على المواطنة وحكم القانون، واحترام التعددية وكفالة الحرية والعدالة والمساواة، وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين دون أى تمييز، أو تفرقة، وأن الشعب المصرى جزء من الأمة العربية، فما الذى يضير الإخوان فى ذلك، أو يضير الشعب المصرى فيها، فالوثيقة عندما تقول إن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، وتصدر التشريعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والشؤون الدينية لغير المسلمين استناداً لمبادئ شرائعهم، كمصدر رئيسى للتشريعات «فماذا يغضبك من ذلك».
■ اعتراضهم كان على تشكيل اللجنة التأسيسية والمادتين الخاصتين بالقوات المسلحة؟
- الخلاف كان على كلمة «مدنية» وكلمة «استرشادية»، وآخر كلام قاله الممثلون عن حزب الحرية والعدالة إنهم يؤمنون بأن كل المؤسسات والمحاولات يجب أن تكون وثائقها استرشادية، وإنهم يهتمون بوثيقة الأزهر لأنها استرشادية، والأكثر من هذا أنهم رفضوا التوقيع على وثيقة المبادئ، عندما قلنا إنها ستكون استرشادية ولا تلزم إلا من وقّع عليها.
■ وما هدفهم من ذلك؟
- التحلل منها.
■ هل صدمت فى الإخوان؟
- صدمت فى الممارسة وفى لغة الخطاب، فهى لغة لا تعبر عن مضمون إسلامى فى السماحة، والاقتداء بالحكمة والموعظة الحسنة، «وجادلهم بالتى هى أحسن»، فهم نسوا هذا الكلام، واتجهوا إلى الاستعلاء والتكبر، ومحاولة فى تحطيم إنسان كل ما جناه أنه حاول تقديم فكرة للوطن، وأظن أن حشدهم ومليونيتهم كان المستهدف منها فى الأساس المجلس العسكرى.
■ معنى ذلك أنك كنت وسيلة لإرهاب المجلس العسكرى؟
- نعم، وحتى بعض المنادين بالأقوال التى تكررت وصدرت عن حزب الحرية والعدالة، وأخص بالذكر الدكتور سليم العوا، الذى وقف فى ١٨ نوفمبر فى ميدان التحرير، ونادى بالعصيان المدنى، وثورة ثانية، ونادى بأنه لن تسقط أعلام الإخوان والسلفيين، وهو يدعى أنه من الإخوان والسلفيين، ومع ذلك فى غضون أيام قليلة، انقلب ١٨٠ درجة وأصبح يشرفه أن يعمل مع المجلس العسكرى، وأصبح داعياً إلى المجلس الاستشارى.
■ من الممكن أن يكون هذا الموقف بعد أن أعلن المجلس العسكرى موعداً واضحاً لتسليم السلطة؟ وما أعلنه المشير من إجراء الانتخابات فى موعدها؟
- «يضحك بسخرية» آمل أن يكون هذا هو التفسير.
■ هل يتعامل الإخوان على أساس أن البلد جايلهم جايلهم؟
- نعم، وتصريح الأستاذ مهدى عاكف «اللى مش عاجبه الإخوان يترك البلد» رسالة، لا ينبغى أن تمر مرور الكرام، وقبل ذلك تكررت تصريحات بالمعنى نفسه من كثيرين من المناصرين للإخوان، وهذا كلام يخوّف، فمن وقت الاستفتاء على التعديلات الدستورية والطريق القويم نُبذ، وخطة الطريق لا تقود إلا إلى النتيجة التى نعيشها.