April 24 2011 18:45
يبدو ان مشكلة ابناء الفلسطينيين من امهات مصريات في طريقها للحل بعد ان عطلها حبيب العادلي خلافا للقانون المصري ولاحكام قضائية الزمته بمنح الجنسية المصرية لابن المواطنة المصرية المتزوجة من فلسطيني اسوة بما هو مطبق على سائر الجنسيات الاخرى وهو ما كان يرفضه حبيب العادلي وبسبب ذلك تعرض الاف من ابناء المصريات الى مشكلات قانونية ومشكلات تتعلق بالعمل والاقامة وحتى بالزواج في مصر
من بين ابرز من تصدى لهذه المشكلة اللواء المحامي الدكتور عادل عفيفي الذي كتب دراسة جيدة عن اصل وفصل المشكلة ... وقال عفيفي انه في يوم الأحد 3 أبريل 2011حضر إلى منزلى جمع غفير من المواطنات المتزوجات من فلسطينيين وأبناءهن ،للمشاركة فى مظاهرة سلمية أمام مجلس الوزراء ، للاستغاثة والاستعطاف والاسترحام ،للمطالبة بحقهن فى نقل جنسيتهن المصرية لأبناءهن ،وطلبوا منى أن أكون متحدثا باسمهن أمام المسؤلين ووسائل الإعلام ،وأخبرونى بأن اختيارى قد تم بالإجماع ، لما يعرفونه عن دورى فى هذا الموضوع .لم أتردد للحظة واحدة وتوجهت معهم ,وكانوا بالمئات ،وشاركت فى المظاهرة وقابلت الأستاذ ماهر شمس المستشار الإعلامى بمجلس الوزراء مع إحداهن ،وشرحت له الموضوع على مدى 45 دقيقة وقدمت لسيادته مذكرة تفصيلية ، وكانت المقابلة ودية ورائعة من جانبه وأبدى تفهما كاملا للموضوع
وفى اليوم التالى تمت دعوتى من القناة الثانية فى التليفزيون المصرى لبرنامج "مصر النهارده " مع عدد من اصحاب المشكلة ، وفى اليوم الذى يليه أجرت معى قناة الجزيرة تحقيقا صحفيا مصورا فى منزلى بحضور عدد كبير من أصحاب المشكلة .المجال لا يتسع الآن للحديث عن المآسى والأهوال الناتجة عن إهدار الدولة لحقهن المقرر بالقانون ،ولكننى فى هذا البحث أركز على الجوانب القانونية الحاكمة لهذا الموضوع ،باعتبار أنه كان لى شرف إعداد مشروع القانون الذى صدر سنة 2004 الذى قضى بالمساواة بين الرجل والمرأة فى نقل الجنسية للأولاد
ففى عام 2001 كانت اللجنة التشريعية بالمجلس القومى للمرأة برئاسة الأستاذة الدكتورة فوزية عبد الستار الأستاذة بكلية الحقوق بجامعة القاهرة قد أعدت مشروع قانون يقضى بمنح الجنسية المصرية لأبناء الأم المصرية من أب غير مصرى عدا الفلسطينيين، بما يعنى حرمان أولاد الأم المصرية من أب فلسطينى من هذا الحق.أرسلت اللجنة هذا المشروع لوزارة الداخلية لإبداء الرأى ، فأحاله إلينا السيد حبيب العادلى وزير الداخلية فى حينه للدراسة وإبداء الرأى ،حيث كنت فى ذلك الوقت مديرا لمصلحة الجوازات والهجرة والجنسية
فى تعليقى على هذا القانون ذكرت للسيد وزير الداخلية أنه لايمكن قبول هذا المشروع بحالته هذه لأنه يهدر مبدأ المساواة بين المواطنين المنصوص عليه فى الدستور،ويخالف أصول التشريع باستبعاد فئة منه استبعادا تحكميا ، ويخالف مفهوم القاعدة القاعدة القانونية وما تتسم به من العموم والتجريد والشمول، باعتبار أن القاعدة القانونية هى قاعدة عامة مجردة تسرى على الكافة بدون تفرقة أو تمييز، فضلا أن الفلسطينيين أبناء الأم المصرية هم الفئة الأولى بالرعاية لأنه لاتوجد لهم دولة مستقلة ،ولكافة صور المعاناة التى يواجهونها فى الدخول و الإقامة والتعليم والعمل والعلاج والزواج....إلخ...وقد وافق السيد الوزير على الآراء التى طرحتها فى هذه الدراسة
*فى أول اجتماع للجنة لمناقشة مشروع القانون ،فقد حضرته ممثلا عن وزير الداخلية وأوضحت وجهة نظر وزارة الداخلية سالفة الذكر فيما يتصل بالفلسطينيين أبناء الأم المصرية،وأنه لامحل لاستبعادهم من القانون ، واقتنع بها أعضاء اللجنة ، و عهدت إلينا السيدة رئيسة اللجنة بعمل مشروع القانون والمذكرة الإيضاحية لعرضه على اللجنة
*قمت بإعداد مشروع القانون ويقوم على أربعة محاور
المحورالأول : أبناء الأم المصرية من أب غير مصرى الذين سيولدون بعد صدور القانون سيصبحون مصريون بقوة القانون أسوة بالذين يولدون لأب مصرى ،و الجنسية المصرية فى هذه الحالة تثبت لهم منذ لحظة الميلاد بوصفها جنسية أصيلة أو أصلية ،وذلك كأثر مباشر للقانون
المحورالثانى : أبناء الأم المصرية من أب غير مصرى الذين ولدوا قبل صدور القانون ، تسرى عليهم أحكام الجنسية المكتسبة من حيث ضرورة أن يتقدموا بطلبات للتجنس بالجنسية المصرية ،وتمنحهم الدولة الجنسية المصرية ،إلا إذا كانت هناك أسبابا للرفض فى حالات معينة ،وتخضع هذه الأسباب لرقابة القضاء
المحورالثالث : حل مشكلة"الأحفاد" للقضاء على مشكلة أولاد الأم المصرية وما يتبعها، إذ أنه لايتصور أن يحصل ابن الأم المصرية على الجنسية المصرية بينما يظل أولاده أجانب
المحورالرابع : حل مشكلة الأحفاد الذين مات أبوهم (ابن الأم المصرية ) قبل صدور القانون وإيجاد مخرج لهم
وافق السيد حبيب العادلى وزير الداخلية فى حينه على هذا المشروع ،وبالعرض على اللجنة التشريعية بالمجلس القومى - بما فيها من ممثلون عن وزارة العدل والمحكمة الدستورية العليا،وبحضور الاستاذ الدكتور فؤاد عبد النعم رياض أستاذ القانون الدولى الخاص بكلية الحقوق بجامعة القاهرة ،و الأستاذ الدكتور عصام القصبى أستاذ القانون الدولى الخاص بكلية الحقوق بجامعة المنصورة – وافقت اللجنة على مشروع القانون بإجماع الآراء
فى أوائل 2004 أصدر السيد وزير العدل قرارا وزاريا بتشكيل لجنة لإعداد مشروع القانون ،وكنت ممثلا عن وزارة الداخلية فيها ،وتقدمت بمشروع القانون الذى سبق لى إعداده على النحو سالف الذكر ووافق عليه السيد وزير الداخلية
وقد أعيدت مناقشته فى الرابع من مارس عام 2004فى اجتماع لجنة وزارية برئاسة السيد الدكتور عاطف عبيد رئيس مجلس الوزراء وحضره السادة الوزارء فاروق سيف النصر وزير العدل ،وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى،وكمال الشاذلى وزير شؤن مجلسى الشعب والشورى ، وحبيب العادلى وزير الداخلية ،وأمينة الجندى وزيرة التأمينات الاجتماعية ، ،والسيد جمال مبارك أمين لجنة السياسات فى الحزب الوطنى الديمقراطى ،والسيد صفوت النحاس أمين عام مجلس الوزراء وأوضح السيد وزير العدل أنه قد أقنع السيد رئيس الجمهورية بأنه من غير الممكن استثناء الفلسطينيين من نطاق هذا القانون
وقد صدر ذلك القانون فيما بعد فى يوليو 2004 برقم 154 لسنة 2004 معدِلا لبعض أحكام قانون الجنسية المصرى رقم 26 لسنة 1975،وأصبح نافذا من 14 يوليو 2004.ونعرض لذلك القانون على النحو التالى
*كان قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 (قبل التعديل) يجرى على النحو التالى
" مادة 2: يكون مصريا
1- من ولد لأب مصرى
2- من ولد فى مصر من أم مصرية ومن أب مجهول الجنسية أو لا جنسية له
3- من ولد فى مصر من أم مصرية ولم تثبت نسبته إلى أبيه قانونا.
4- من ولد فى مصر من أبوين مجهولين، ويعتبر اللقيط فى مصر مولودا فيها ما لم يثبت العكس
وقد تعدلت هذه المادة بالقانون رقم 154 لسنة 2004وأصبحت كما يلى
مادة ( ٢) يكون مصريًا
من ولد لأب مصري ، أو لأم مصرية
من ولد في مصر من أبوين مجهولين . ويعتبر اللقيط في مصر مولودًا فيها ما لم يثبت العكس
ويكون لمن تثبت له جنسية أجنبية إلى جانب الجنسية المصرية أعما ًلا لأحكام الفقرة السابقة ، أن يعلن وزير الداخلية برغبته في التخلي عن الجنسية المصرية ، ويكون إعلان هذه الرغبة بالنسبة للقاصر من نائبه القانوني أو من الأم أو متولي التربية في حالة عدم وجود أيهما .وللقاصر الذي زالت عنه الجنسية المصرية تطبيقًا لحكم الفقرة السابقة ، أن يعلن رغبته في استردادها خلال السنة التالية لبلوغه سن الرشد .ويصدر بالإجراءات والمواعيد التي تتبع في تنفيذ أحكام الفقرتين السابقتين قرار من وزير.الداخلية ، ويكون البت في زوال الجنسية المصرية بالتخلي أو ردها أعما ًلا لهذه الأحكام ، بقرار منه
( المادة الثالثة )
يكون لمن ولد لأم مصرية وأب غير مصري قبل تاريخ العمل بهذا القانون ، أن يعلن وزيرالداخلية برغبته في التمتع بالجنسية المصرية ، ويعتبر مصريًا بصدور قرار بذلك من الوزير ، أوبانقضاء مدة سنة من تاريخ الإعلان دون صدور قرار مسبب منه بالرفض .ويترتب على التمتع بالجنسية المصرية تطبيقًا لحكم الفقرة السابقة تمتع الأولاد القصر بهذه الجنسية ،أما الأولاد البالغون فيكون تمتعهم بهذه الجنسية بإتباع ذات الإجراءات السابقة .فإذا توفى من ولد لأم مصرية وأب غير مصري قبل تاريخ العمل بهذا القانون، يكون لأولاده حق التمتع بالجنسية وفقًا لأحكام الفقرتين السابقتين .وفى جميع الأحوال ، يكون إعلان الرغبة في التمتع بالجنسية المصرية بالنسبة للقاصر من نائبه القانوني أو من الأم أو متولي التربية في حالة عدم وجود أيهما
وبعد صدور القانون ووضعه موضع التنفيذ فقد انطبق هذا النص على من ولدوا بعد العمل بهذا القانون من أم مصرية، بصرف النظر عن جنسية الأب أيا كانت ( أو مكان الميلاد)، بما فى ذلك بالطبع من ولدوا من أم مصرية وأب فلسطينى، فتثبت لهم الجنسية المصرية بقوة القانون منذ لحظة ميلادهم، بوصفها جنسية أصلية، حتى لو كانوا يحملون جنسية أبيهم الأجنبية، حتى لو كانت الجنسية الفلسطينية
أما المولودون قبل العمل بهذا القانون ،الذين يتعين عليهم التقدم بطلبات للحصول على الجنسية المصرية ، فقد ظهر من التطبيق العملى أن الجهة الإدارية المختصة بوزارة الداخلية (وهى مصلحة الجوزات والهجرة والجنسية) قد قَبِلت طلبات جميع أولاد الأم المصرية من أب غير مصرى لمنحهم الجنسية المصرية ، فيما عدا المولودين لأب فلسطينى فلم تُقبل طلباتهم من الأساس ، وكان ذلك الرفض بناء على توجيه شفوى لوزير الداخلية من الرئيس السابق حسنى مبارك ،وهذا يشكل مخالفة للقانون الذى لم يفرق بين الأب غير المصرى من أى جنسية ،وبين الفلسطينى ،بل أن أولاد الأم المصرية من أب فلسطينى الذين أقاموا دعاوى قضائية أمام قضاء مجلس الدولة ، وحصلوا على أحكام قضائية لصالحهم تقضى بأحقيتهم فى التمتع بالجنسية المصرية ،فإن هذه الأحكام لم تنفذ من جانب وزارة الداخلية رغم أنها واجبة النفاذ ،وكان ذلك بناء على توجيه من الرئيس السابق أيضا
*و فى أعقاب الثورة الشعبية التى اندلعت فى مصر فى 25 يناير 2011،وعقب تولى السيد اللواء منصور عيسوى وزارة الداخلية ،قامت الوزارة بتنفيذ تلك الأحكام القضائية
*تجدر الإشارة إلى أن وزارة الداخلية عند رفع هذه الدعاوى القضائية ضد الوزارة ،قد ردت فى دفاعها بأن القرار رقم 1547 الصادر من جامعة الدول العربية فى 9/3/1959 دعا الدول أعضاء الجامعة إلى عدم منح جنسية للفلسطينيين حفاظا على الكيان الفلسطينى.ولكن أحكام قضاء مجلس الدولة قد تواترت على رفض هذا الدفع وردت عليه بأنه فضلا عن إن نص المادة الثانية من القانون رقم 154 لسنة 2004 جاء عاما بتقرير الحق لمن ولد لام مصرية فى التمتع بالجنسية المصرية دون النظر لجنسية الاب ودون اية استثناءات على هذا الأصل العام فإن القانون رقم 154 لسنة 2004 جاء تاليا للقرار رقم 1547 لسنة 1959 وناسخا لأحكامه ،ولو أراد المشرع استثناء اولاد الام المصرية لأب فلسطينى من أحكامه لما عوزه النص على ذلك صراحة فى صلب هذا القانون
أما بالنسبة للذين لم يحصلوا على مثل هذه الأحكام فما زال الموقف متجمدا كما هو ولا تُقبل منهم طلبات التجنس بالجنسية المصرية ،لتلك هى الاسباب التى تتذرع بها وزارة الداخلية للرفض ،والتى رفض القضاء قبولها كما سبق البيان.
*تقييم موقف وزارة الداخلية
الأسباب التى تستند إليها الوزارة غير صحيحة ،وذلك لبناء على ما يلى
أولا : القرار رقم 1547 الصادر من جامعة الدول العربية فى 9/3/1959 هو قرار غير ملزم ، ودليل ذلك أن مصر تمنح الجنسية المصرية للمرأة الفلسطينية التى تتزوج من مصرى طبقا لأحكام المادة رقم 7 من قانون الجنسية المصرى .كما أن هناك من حصلوا عليها بناء على قرار من رئيس الجمهورية
ثانيا : هذه القرار يتناول اللاجئين الفلسطينيين الذين تشتتوا ولجأوا للدول العربية عام 1948، بعد احتلال بلدهم والأهوال التى تعرضوا لها، فحالة اللجوء هى بمثابة مركز قانونى إذا حازه الشخص فإنه يكتسب الحقوق المقررة للاجئين، ويتحمل بالالتزامات المفروضة عليهم. ولكننا لانتحدث هنا عن تلك الفئة، ولكننا نتناول تحديدا فئة أخرى مختلفة تماما، وهم أولاد الأم المصرية من أب غير مصرى، و من ثم فإن مركزهم القانونى مختلف
ثالثا : والدليل القاطع على اختلاف المركز القانونى لطائفة اللاجئين عن مراكز قانونية أخرى، هو ماجاء بالقانون رقم 154 لسنة 2004 معدلا لقانون الجنسية رقم 26 لسنة1975، الذي تنص المادة الثانية في فقرتها الأولى على أنه
"يكون مصريا
1 - من ولد لأب مصري، أو لأم مصرية
فقد ترتب على ذلك المسلك المتعسف من جانب الدولة حيال هؤلاء نتيجة غريبة غير منطقية
فالأولاد الذين ولدوا بعد العمل بهذا القانون من أم مصرية وأب "فلسطينى " هم مصريون بقوة القانون، أما إخوتهم الذين ولدوا قبل العمل به، من نفس الأم ونفس الأب" الفلسطينى" فإنهم لا يزالون أجانب، وترفض الدولة قبول طلباتهم للتجنس بالجنسية المصرية على ضوء أحكام هذا القانون، رغم عموم النص الذى يشملهم ولم يستبعدهم من نطاق تطبيقه
وهذا فى رأينا خطأ فى تطبيق القانون، وتعسف من جانب الدولة حيالهم، وبل ويعد إهدارًا لمبدأ المشروعية فى الدولة التى تقوم على مبدأ الشرعية وسيادة القانون
رابعا : أما مايقال من أن عدم منح الجنسية المصرية لهؤلاء هو الحفاظ على الهوية الفلسطينية، فإنه مردود بأن قانون الجنسية المصرى يأخذ بمبدأ تعدد الجنسية، ولا يشترط على من يدخل فى الجنسية المصرية بطريق التجنس أن يتخلى عن جنسيته الأجنبية
وعلى ذلك فإن منح الجنسية المصرية لهؤلاء الفلسطينييين، لن يترتب عليه زوال جنسيتهم الفلسطينية (إن وجدت فى الفرض الجدلى)، وسيصبحون مزدوجى الجنسية (مصريون- فلسطينيون)، وفى مركز قانونى مماثل" للمصريون -الأمريكيون "، ومن ثم فلا تصح التفرقة والتمييز بين الفئتين
خامسا : اتجاه القضاء المصرى حول هذا الموضوع
فقد تواترت أحكام قضاء مجلس الدولة على أحقية أولاد الأم المصرية من أب فلسطينى فى الجنسية المصرية
وعلى ذلك فإن النص الحالى " يكون مصريًا : من ولد لأب مصري ، أو لأم مصرية" ينطبق بلا أدنى شك على أولاد الأم المصرية من أب فلسطينى الذين ولدوا قبل تاريخ العمل به ،أسوة بانطباقه على الذين ولدوا فى ظل هذا القانون ،باتباع الإجراءات المنصوص عليها فى القانون
وأخير فإن هناك حقيقة غابت عن الدولة وعن الكثيرين فى هذا الشان ،ولو التفتت إليها الدولة لقُضى الأمر ولحصلت تلك الفئة على حقها المقرر بالقانون ، وهى :إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة(وهذه الإتفاقية لها أهمية كبيرة وقد اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وعرضتها للتوقيع والتصديق والانضمام بقرارها رقم 34/180 المؤرخ فى 18 ديسمبر 1979 وتاريخ بدء نفاذها 3 سبتمبر 1981.وفى ديباجة الاتفاقية أعربت الدول الأطراف فيها عن أن ميثاق الأمم المتحدة يؤكد من جديد بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد وقدره، وبتساوى الرجل والمرأة فى الحقوق، وأشارت إلى أن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الانسان، والاتفاقيات الدولية المعقودة برعاية الأمم المتحدة، والوكالات المتخصصة تؤكد على حق كل إنسان فى التمتع بالحقوق والحريات الواردة فى الإعلان المذكور دون أى تمييز، بما فى ذلك التمييز القائم على الجنس، وعلى مساواة الرجل والمرأة فى الحقوق، وأعربت الدول الأطراف عن قلقها من جراء استمرار وجود تمييز واسع النطاق ضد المرأة، على الرغم من تلك الصكوك المختلفة مما يشكل انتهاكا لمبدأى المساواة فى الحقوق واحترام كرامة الإنسان، وندرك أن تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة يتطلب إحداث تغيير فى الدور التقليدى للرجل، وكذلك فى دور المرأة فى المجتمع والأسرة.وقد أكدت الدول الأطراف فى هذه الاتفاقية أنها قد عقدت العزم على تنفيذ المبادئ الواردة فى إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة، وعلى أن تتخذ لهذا الغرض التدابير التى يتطلبها القضاء على هذا التمييز بجميع أشكاله ومظاهره
وقد اتفقت تلك الدول على نصوص الاتفاقية المكونة من 30 مادة، يهمنا منها ما يلى
مادة (9):
1- "تمنح الدول الأطراف المرأة حقوقا مساوية لحقوق الرجل فى اكتساب جنسيتها أو تغييرها أو الاحتفاظ بها، وتضمن بوجه خاص ألا يترتب على الزواج من أجنبى، أو على تغيير الزوج لجنسيته أثناء الزواج، أن تتغير تلقائيا جنسية الزوجة، أو أن تصبح بلا جنسية أو تفرض عليها جنسية الزوج
2- تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما
وقد وقعت جمهورية مصر العربية على هذه المعاهدة بتاريخ 16/7/1980، وصدقت عليها بتاريخ 18/9/1981 بالقانون رقم 434 لسنة 1981، ولكنها تحفظت على الفقرة الثانية من المادة التاسعة سالفة الذكرالخاصة بحق المرأة فى نقل جنسيتها لأطفالها أسوة بالرجل.ولكن هذا التحفظ قد زال بعد تعديل قانون الجنسية المصرى رقم 26لسنة 1975 بصدور القانون رقم 154 لسنة 2004 الذى قضى بالمساواة التامة بين الرجل والمرأة فى نقل الجنسية للأولاد بالنص فى مادته الثانية على أنه
يكون مصريًا من ولد لأب مصري ، أو لأم مصرية
* وهذه المعاهدة أصبحت جزءا من القانون الداخلى بمقتضى المادة رقم 151 من الدستور المصرى ، ولها قيمة قانونية عظيمة فى أنها تعلوا على الدستور والقانون
* إن هذه المعاهدة تقضى على إمكانية الإحتجاج بالقرار رقم 1547 الصادر من جامعة الدول العربية فى 9/3/1959 فهى لاحقة له وناسخة له ،على الرغم من أنه أصلا قرار غير ملزم ،وعلى الرغم من أن أحكام القضاء رفضت الدفع به
إن عدم تطبيق هذه المعاهدة على أولاد الأم المصرية من أب فلسطينى ، يترتب عليه مايلى
أولا : خروج الدولة على مبدأ الشرعية و سيادة القانون فقد نص الدستور المصرى لعام 1971 فى المادة 64 منه على أن "سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة" وفى المادة 65 منه على أن "تخضع الدولة للقانون...."
ومن ثم فإن سيادة القانون فى الدولة هى محور نظامها القانونى وأساس شرعيتها.وممارسة الدولة لسلطاتها لم تعدامتيازا شخصيا لأحد ولكنها تباشرها نيابة عن الجماعة ولصالحها مقيدة فى ذلك بقواعد قانونية تعلوها يحددها الدستور
ثانيا : قيام المسؤلية التقصيرية و الدولية و للدولة الناتجة عن عدم تطبيق المعاهدة الدولية وعلى هذا الأساس تقوم مسؤلية مصر الدولية و المدنية لامتناعها عن تطبيق المعاهدة بما يضع إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة موضع التنفيذ، ويحقق المساواة الكاملة بينها وبين الرجل فى هذا الشأن.ذلك لأن الدولة – مصر- قد تضمن دستورها حكما بأن المعاهدات الدولية لها قوة القانون، أى أصبحت جزءا من قوانينها الداخلية،و من ثم فإن عدم التزام الدولة بذلك يقيم مسؤليتها الدولية على أساس المعاهدة التى وقعت عليها و لم تلتزم بها ،كما يقيم مسؤليتها المدنية أمام القضاء تجاه كل من فاته نفع أو أصابه ضرر من جراء عدم التزام الدولة ،حيث يصبح ذلك النص الدستوى نظريا فقط
إن المطوب من المجلس الأعلى للقوات المسلحةو مجلس الوزراء ليس إصدار قانون أو تعديل قانون ، بل المطلوب هو تطبيق القانون القائم وعدم حرمان أولاد الأم المصرية من أب فلسطينى من الاستفادة منه تعسفا بدون وجه حق ،بالمخالفة للدستور والقانون وأحكام القضاء .وختاما :لا يصح ، بل لا يجوز ولا يليق بعد الثورة ،أن تدفع الدولة مواطناتها المتزوجات من فلسطينيين إلى التظاهر والاعتصام للاستغاثة والاستعطاف والاسترحام ،ولاستجداء حقهن المقرر بالقانون والمؤيد بأحكام القضاء ،فى منح الجنسية المصرية لأبناءهن من الزوج الفلسطينى
يبدو ان مشكلة ابناء الفلسطينيين من امهات مصريات في طريقها للحل بعد ان عطلها حبيب العادلي خلافا للقانون المصري ولاحكام قضائية الزمته بمنح الجنسية المصرية لابن المواطنة المصرية المتزوجة من فلسطيني اسوة بما هو مطبق على سائر الجنسيات الاخرى وهو ما كان يرفضه حبيب العادلي وبسبب ذلك تعرض الاف من ابناء المصريات الى مشكلات قانونية ومشكلات تتعلق بالعمل والاقامة وحتى بالزواج في مصر
من بين ابرز من تصدى لهذه المشكلة اللواء المحامي الدكتور عادل عفيفي الذي كتب دراسة جيدة عن اصل وفصل المشكلة ... وقال عفيفي انه في يوم الأحد 3 أبريل 2011حضر إلى منزلى جمع غفير من المواطنات المتزوجات من فلسطينيين وأبناءهن ،للمشاركة فى مظاهرة سلمية أمام مجلس الوزراء ، للاستغاثة والاستعطاف والاسترحام ،للمطالبة بحقهن فى نقل جنسيتهن المصرية لأبناءهن ،وطلبوا منى أن أكون متحدثا باسمهن أمام المسؤلين ووسائل الإعلام ،وأخبرونى بأن اختيارى قد تم بالإجماع ، لما يعرفونه عن دورى فى هذا الموضوع .لم أتردد للحظة واحدة وتوجهت معهم ,وكانوا بالمئات ،وشاركت فى المظاهرة وقابلت الأستاذ ماهر شمس المستشار الإعلامى بمجلس الوزراء مع إحداهن ،وشرحت له الموضوع على مدى 45 دقيقة وقدمت لسيادته مذكرة تفصيلية ، وكانت المقابلة ودية ورائعة من جانبه وأبدى تفهما كاملا للموضوع
وفى اليوم التالى تمت دعوتى من القناة الثانية فى التليفزيون المصرى لبرنامج "مصر النهارده " مع عدد من اصحاب المشكلة ، وفى اليوم الذى يليه أجرت معى قناة الجزيرة تحقيقا صحفيا مصورا فى منزلى بحضور عدد كبير من أصحاب المشكلة .المجال لا يتسع الآن للحديث عن المآسى والأهوال الناتجة عن إهدار الدولة لحقهن المقرر بالقانون ،ولكننى فى هذا البحث أركز على الجوانب القانونية الحاكمة لهذا الموضوع ،باعتبار أنه كان لى شرف إعداد مشروع القانون الذى صدر سنة 2004 الذى قضى بالمساواة بين الرجل والمرأة فى نقل الجنسية للأولاد
ففى عام 2001 كانت اللجنة التشريعية بالمجلس القومى للمرأة برئاسة الأستاذة الدكتورة فوزية عبد الستار الأستاذة بكلية الحقوق بجامعة القاهرة قد أعدت مشروع قانون يقضى بمنح الجنسية المصرية لأبناء الأم المصرية من أب غير مصرى عدا الفلسطينيين، بما يعنى حرمان أولاد الأم المصرية من أب فلسطينى من هذا الحق.أرسلت اللجنة هذا المشروع لوزارة الداخلية لإبداء الرأى ، فأحاله إلينا السيد حبيب العادلى وزير الداخلية فى حينه للدراسة وإبداء الرأى ،حيث كنت فى ذلك الوقت مديرا لمصلحة الجوازات والهجرة والجنسية
فى تعليقى على هذا القانون ذكرت للسيد وزير الداخلية أنه لايمكن قبول هذا المشروع بحالته هذه لأنه يهدر مبدأ المساواة بين المواطنين المنصوص عليه فى الدستور،ويخالف أصول التشريع باستبعاد فئة منه استبعادا تحكميا ، ويخالف مفهوم القاعدة القاعدة القانونية وما تتسم به من العموم والتجريد والشمول، باعتبار أن القاعدة القانونية هى قاعدة عامة مجردة تسرى على الكافة بدون تفرقة أو تمييز، فضلا أن الفلسطينيين أبناء الأم المصرية هم الفئة الأولى بالرعاية لأنه لاتوجد لهم دولة مستقلة ،ولكافة صور المعاناة التى يواجهونها فى الدخول و الإقامة والتعليم والعمل والعلاج والزواج....إلخ...وقد وافق السيد الوزير على الآراء التى طرحتها فى هذه الدراسة
*فى أول اجتماع للجنة لمناقشة مشروع القانون ،فقد حضرته ممثلا عن وزير الداخلية وأوضحت وجهة نظر وزارة الداخلية سالفة الذكر فيما يتصل بالفلسطينيين أبناء الأم المصرية،وأنه لامحل لاستبعادهم من القانون ، واقتنع بها أعضاء اللجنة ، و عهدت إلينا السيدة رئيسة اللجنة بعمل مشروع القانون والمذكرة الإيضاحية لعرضه على اللجنة
*قمت بإعداد مشروع القانون ويقوم على أربعة محاور
المحورالأول : أبناء الأم المصرية من أب غير مصرى الذين سيولدون بعد صدور القانون سيصبحون مصريون بقوة القانون أسوة بالذين يولدون لأب مصرى ،و الجنسية المصرية فى هذه الحالة تثبت لهم منذ لحظة الميلاد بوصفها جنسية أصيلة أو أصلية ،وذلك كأثر مباشر للقانون
المحورالثانى : أبناء الأم المصرية من أب غير مصرى الذين ولدوا قبل صدور القانون ، تسرى عليهم أحكام الجنسية المكتسبة من حيث ضرورة أن يتقدموا بطلبات للتجنس بالجنسية المصرية ،وتمنحهم الدولة الجنسية المصرية ،إلا إذا كانت هناك أسبابا للرفض فى حالات معينة ،وتخضع هذه الأسباب لرقابة القضاء
المحورالثالث : حل مشكلة"الأحفاد" للقضاء على مشكلة أولاد الأم المصرية وما يتبعها، إذ أنه لايتصور أن يحصل ابن الأم المصرية على الجنسية المصرية بينما يظل أولاده أجانب
المحورالرابع : حل مشكلة الأحفاد الذين مات أبوهم (ابن الأم المصرية ) قبل صدور القانون وإيجاد مخرج لهم
وافق السيد حبيب العادلى وزير الداخلية فى حينه على هذا المشروع ،وبالعرض على اللجنة التشريعية بالمجلس القومى - بما فيها من ممثلون عن وزارة العدل والمحكمة الدستورية العليا،وبحضور الاستاذ الدكتور فؤاد عبد النعم رياض أستاذ القانون الدولى الخاص بكلية الحقوق بجامعة القاهرة ،و الأستاذ الدكتور عصام القصبى أستاذ القانون الدولى الخاص بكلية الحقوق بجامعة المنصورة – وافقت اللجنة على مشروع القانون بإجماع الآراء
فى أوائل 2004 أصدر السيد وزير العدل قرارا وزاريا بتشكيل لجنة لإعداد مشروع القانون ،وكنت ممثلا عن وزارة الداخلية فيها ،وتقدمت بمشروع القانون الذى سبق لى إعداده على النحو سالف الذكر ووافق عليه السيد وزير الداخلية
وقد أعيدت مناقشته فى الرابع من مارس عام 2004فى اجتماع لجنة وزارية برئاسة السيد الدكتور عاطف عبيد رئيس مجلس الوزراء وحضره السادة الوزارء فاروق سيف النصر وزير العدل ،وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى،وكمال الشاذلى وزير شؤن مجلسى الشعب والشورى ، وحبيب العادلى وزير الداخلية ،وأمينة الجندى وزيرة التأمينات الاجتماعية ، ،والسيد جمال مبارك أمين لجنة السياسات فى الحزب الوطنى الديمقراطى ،والسيد صفوت النحاس أمين عام مجلس الوزراء وأوضح السيد وزير العدل أنه قد أقنع السيد رئيس الجمهورية بأنه من غير الممكن استثناء الفلسطينيين من نطاق هذا القانون
وقد صدر ذلك القانون فيما بعد فى يوليو 2004 برقم 154 لسنة 2004 معدِلا لبعض أحكام قانون الجنسية المصرى رقم 26 لسنة 1975،وأصبح نافذا من 14 يوليو 2004.ونعرض لذلك القانون على النحو التالى
*كان قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 (قبل التعديل) يجرى على النحو التالى
" مادة 2: يكون مصريا
1- من ولد لأب مصرى
2- من ولد فى مصر من أم مصرية ومن أب مجهول الجنسية أو لا جنسية له
3- من ولد فى مصر من أم مصرية ولم تثبت نسبته إلى أبيه قانونا.
4- من ولد فى مصر من أبوين مجهولين، ويعتبر اللقيط فى مصر مولودا فيها ما لم يثبت العكس
وقد تعدلت هذه المادة بالقانون رقم 154 لسنة 2004وأصبحت كما يلى
مادة ( ٢) يكون مصريًا
من ولد لأب مصري ، أو لأم مصرية
من ولد في مصر من أبوين مجهولين . ويعتبر اللقيط في مصر مولودًا فيها ما لم يثبت العكس
ويكون لمن تثبت له جنسية أجنبية إلى جانب الجنسية المصرية أعما ًلا لأحكام الفقرة السابقة ، أن يعلن وزير الداخلية برغبته في التخلي عن الجنسية المصرية ، ويكون إعلان هذه الرغبة بالنسبة للقاصر من نائبه القانوني أو من الأم أو متولي التربية في حالة عدم وجود أيهما .وللقاصر الذي زالت عنه الجنسية المصرية تطبيقًا لحكم الفقرة السابقة ، أن يعلن رغبته في استردادها خلال السنة التالية لبلوغه سن الرشد .ويصدر بالإجراءات والمواعيد التي تتبع في تنفيذ أحكام الفقرتين السابقتين قرار من وزير.الداخلية ، ويكون البت في زوال الجنسية المصرية بالتخلي أو ردها أعما ًلا لهذه الأحكام ، بقرار منه
( المادة الثالثة )
يكون لمن ولد لأم مصرية وأب غير مصري قبل تاريخ العمل بهذا القانون ، أن يعلن وزيرالداخلية برغبته في التمتع بالجنسية المصرية ، ويعتبر مصريًا بصدور قرار بذلك من الوزير ، أوبانقضاء مدة سنة من تاريخ الإعلان دون صدور قرار مسبب منه بالرفض .ويترتب على التمتع بالجنسية المصرية تطبيقًا لحكم الفقرة السابقة تمتع الأولاد القصر بهذه الجنسية ،أما الأولاد البالغون فيكون تمتعهم بهذه الجنسية بإتباع ذات الإجراءات السابقة .فإذا توفى من ولد لأم مصرية وأب غير مصري قبل تاريخ العمل بهذا القانون، يكون لأولاده حق التمتع بالجنسية وفقًا لأحكام الفقرتين السابقتين .وفى جميع الأحوال ، يكون إعلان الرغبة في التمتع بالجنسية المصرية بالنسبة للقاصر من نائبه القانوني أو من الأم أو متولي التربية في حالة عدم وجود أيهما
وبعد صدور القانون ووضعه موضع التنفيذ فقد انطبق هذا النص على من ولدوا بعد العمل بهذا القانون من أم مصرية، بصرف النظر عن جنسية الأب أيا كانت ( أو مكان الميلاد)، بما فى ذلك بالطبع من ولدوا من أم مصرية وأب فلسطينى، فتثبت لهم الجنسية المصرية بقوة القانون منذ لحظة ميلادهم، بوصفها جنسية أصلية، حتى لو كانوا يحملون جنسية أبيهم الأجنبية، حتى لو كانت الجنسية الفلسطينية
أما المولودون قبل العمل بهذا القانون ،الذين يتعين عليهم التقدم بطلبات للحصول على الجنسية المصرية ، فقد ظهر من التطبيق العملى أن الجهة الإدارية المختصة بوزارة الداخلية (وهى مصلحة الجوزات والهجرة والجنسية) قد قَبِلت طلبات جميع أولاد الأم المصرية من أب غير مصرى لمنحهم الجنسية المصرية ، فيما عدا المولودين لأب فلسطينى فلم تُقبل طلباتهم من الأساس ، وكان ذلك الرفض بناء على توجيه شفوى لوزير الداخلية من الرئيس السابق حسنى مبارك ،وهذا يشكل مخالفة للقانون الذى لم يفرق بين الأب غير المصرى من أى جنسية ،وبين الفلسطينى ،بل أن أولاد الأم المصرية من أب فلسطينى الذين أقاموا دعاوى قضائية أمام قضاء مجلس الدولة ، وحصلوا على أحكام قضائية لصالحهم تقضى بأحقيتهم فى التمتع بالجنسية المصرية ،فإن هذه الأحكام لم تنفذ من جانب وزارة الداخلية رغم أنها واجبة النفاذ ،وكان ذلك بناء على توجيه من الرئيس السابق أيضا
*و فى أعقاب الثورة الشعبية التى اندلعت فى مصر فى 25 يناير 2011،وعقب تولى السيد اللواء منصور عيسوى وزارة الداخلية ،قامت الوزارة بتنفيذ تلك الأحكام القضائية
*تجدر الإشارة إلى أن وزارة الداخلية عند رفع هذه الدعاوى القضائية ضد الوزارة ،قد ردت فى دفاعها بأن القرار رقم 1547 الصادر من جامعة الدول العربية فى 9/3/1959 دعا الدول أعضاء الجامعة إلى عدم منح جنسية للفلسطينيين حفاظا على الكيان الفلسطينى.ولكن أحكام قضاء مجلس الدولة قد تواترت على رفض هذا الدفع وردت عليه بأنه فضلا عن إن نص المادة الثانية من القانون رقم 154 لسنة 2004 جاء عاما بتقرير الحق لمن ولد لام مصرية فى التمتع بالجنسية المصرية دون النظر لجنسية الاب ودون اية استثناءات على هذا الأصل العام فإن القانون رقم 154 لسنة 2004 جاء تاليا للقرار رقم 1547 لسنة 1959 وناسخا لأحكامه ،ولو أراد المشرع استثناء اولاد الام المصرية لأب فلسطينى من أحكامه لما عوزه النص على ذلك صراحة فى صلب هذا القانون
أما بالنسبة للذين لم يحصلوا على مثل هذه الأحكام فما زال الموقف متجمدا كما هو ولا تُقبل منهم طلبات التجنس بالجنسية المصرية ،لتلك هى الاسباب التى تتذرع بها وزارة الداخلية للرفض ،والتى رفض القضاء قبولها كما سبق البيان.
*تقييم موقف وزارة الداخلية
الأسباب التى تستند إليها الوزارة غير صحيحة ،وذلك لبناء على ما يلى
أولا : القرار رقم 1547 الصادر من جامعة الدول العربية فى 9/3/1959 هو قرار غير ملزم ، ودليل ذلك أن مصر تمنح الجنسية المصرية للمرأة الفلسطينية التى تتزوج من مصرى طبقا لأحكام المادة رقم 7 من قانون الجنسية المصرى .كما أن هناك من حصلوا عليها بناء على قرار من رئيس الجمهورية
ثانيا : هذه القرار يتناول اللاجئين الفلسطينيين الذين تشتتوا ولجأوا للدول العربية عام 1948، بعد احتلال بلدهم والأهوال التى تعرضوا لها، فحالة اللجوء هى بمثابة مركز قانونى إذا حازه الشخص فإنه يكتسب الحقوق المقررة للاجئين، ويتحمل بالالتزامات المفروضة عليهم. ولكننا لانتحدث هنا عن تلك الفئة، ولكننا نتناول تحديدا فئة أخرى مختلفة تماما، وهم أولاد الأم المصرية من أب غير مصرى، و من ثم فإن مركزهم القانونى مختلف
ثالثا : والدليل القاطع على اختلاف المركز القانونى لطائفة اللاجئين عن مراكز قانونية أخرى، هو ماجاء بالقانون رقم 154 لسنة 2004 معدلا لقانون الجنسية رقم 26 لسنة1975، الذي تنص المادة الثانية في فقرتها الأولى على أنه
"يكون مصريا
1 - من ولد لأب مصري، أو لأم مصرية
فقد ترتب على ذلك المسلك المتعسف من جانب الدولة حيال هؤلاء نتيجة غريبة غير منطقية
فالأولاد الذين ولدوا بعد العمل بهذا القانون من أم مصرية وأب "فلسطينى " هم مصريون بقوة القانون، أما إخوتهم الذين ولدوا قبل العمل به، من نفس الأم ونفس الأب" الفلسطينى" فإنهم لا يزالون أجانب، وترفض الدولة قبول طلباتهم للتجنس بالجنسية المصرية على ضوء أحكام هذا القانون، رغم عموم النص الذى يشملهم ولم يستبعدهم من نطاق تطبيقه
وهذا فى رأينا خطأ فى تطبيق القانون، وتعسف من جانب الدولة حيالهم، وبل ويعد إهدارًا لمبدأ المشروعية فى الدولة التى تقوم على مبدأ الشرعية وسيادة القانون
رابعا : أما مايقال من أن عدم منح الجنسية المصرية لهؤلاء هو الحفاظ على الهوية الفلسطينية، فإنه مردود بأن قانون الجنسية المصرى يأخذ بمبدأ تعدد الجنسية، ولا يشترط على من يدخل فى الجنسية المصرية بطريق التجنس أن يتخلى عن جنسيته الأجنبية
وعلى ذلك فإن منح الجنسية المصرية لهؤلاء الفلسطينييين، لن يترتب عليه زوال جنسيتهم الفلسطينية (إن وجدت فى الفرض الجدلى)، وسيصبحون مزدوجى الجنسية (مصريون- فلسطينيون)، وفى مركز قانونى مماثل" للمصريون -الأمريكيون "، ومن ثم فلا تصح التفرقة والتمييز بين الفئتين
خامسا : اتجاه القضاء المصرى حول هذا الموضوع
فقد تواترت أحكام قضاء مجلس الدولة على أحقية أولاد الأم المصرية من أب فلسطينى فى الجنسية المصرية
وعلى ذلك فإن النص الحالى " يكون مصريًا : من ولد لأب مصري ، أو لأم مصرية" ينطبق بلا أدنى شك على أولاد الأم المصرية من أب فلسطينى الذين ولدوا قبل تاريخ العمل به ،أسوة بانطباقه على الذين ولدوا فى ظل هذا القانون ،باتباع الإجراءات المنصوص عليها فى القانون
وأخير فإن هناك حقيقة غابت عن الدولة وعن الكثيرين فى هذا الشان ،ولو التفتت إليها الدولة لقُضى الأمر ولحصلت تلك الفئة على حقها المقرر بالقانون ، وهى :إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة(وهذه الإتفاقية لها أهمية كبيرة وقد اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وعرضتها للتوقيع والتصديق والانضمام بقرارها رقم 34/180 المؤرخ فى 18 ديسمبر 1979 وتاريخ بدء نفاذها 3 سبتمبر 1981.وفى ديباجة الاتفاقية أعربت الدول الأطراف فيها عن أن ميثاق الأمم المتحدة يؤكد من جديد بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد وقدره، وبتساوى الرجل والمرأة فى الحقوق، وأشارت إلى أن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الانسان، والاتفاقيات الدولية المعقودة برعاية الأمم المتحدة، والوكالات المتخصصة تؤكد على حق كل إنسان فى التمتع بالحقوق والحريات الواردة فى الإعلان المذكور دون أى تمييز، بما فى ذلك التمييز القائم على الجنس، وعلى مساواة الرجل والمرأة فى الحقوق، وأعربت الدول الأطراف عن قلقها من جراء استمرار وجود تمييز واسع النطاق ضد المرأة، على الرغم من تلك الصكوك المختلفة مما يشكل انتهاكا لمبدأى المساواة فى الحقوق واحترام كرامة الإنسان، وندرك أن تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة يتطلب إحداث تغيير فى الدور التقليدى للرجل، وكذلك فى دور المرأة فى المجتمع والأسرة.وقد أكدت الدول الأطراف فى هذه الاتفاقية أنها قد عقدت العزم على تنفيذ المبادئ الواردة فى إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة، وعلى أن تتخذ لهذا الغرض التدابير التى يتطلبها القضاء على هذا التمييز بجميع أشكاله ومظاهره
وقد اتفقت تلك الدول على نصوص الاتفاقية المكونة من 30 مادة، يهمنا منها ما يلى
مادة (9):
1- "تمنح الدول الأطراف المرأة حقوقا مساوية لحقوق الرجل فى اكتساب جنسيتها أو تغييرها أو الاحتفاظ بها، وتضمن بوجه خاص ألا يترتب على الزواج من أجنبى، أو على تغيير الزوج لجنسيته أثناء الزواج، أن تتغير تلقائيا جنسية الزوجة، أو أن تصبح بلا جنسية أو تفرض عليها جنسية الزوج
2- تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما
وقد وقعت جمهورية مصر العربية على هذه المعاهدة بتاريخ 16/7/1980، وصدقت عليها بتاريخ 18/9/1981 بالقانون رقم 434 لسنة 1981، ولكنها تحفظت على الفقرة الثانية من المادة التاسعة سالفة الذكرالخاصة بحق المرأة فى نقل جنسيتها لأطفالها أسوة بالرجل.ولكن هذا التحفظ قد زال بعد تعديل قانون الجنسية المصرى رقم 26لسنة 1975 بصدور القانون رقم 154 لسنة 2004 الذى قضى بالمساواة التامة بين الرجل والمرأة فى نقل الجنسية للأولاد بالنص فى مادته الثانية على أنه
يكون مصريًا من ولد لأب مصري ، أو لأم مصرية
* وهذه المعاهدة أصبحت جزءا من القانون الداخلى بمقتضى المادة رقم 151 من الدستور المصرى ، ولها قيمة قانونية عظيمة فى أنها تعلوا على الدستور والقانون
* إن هذه المعاهدة تقضى على إمكانية الإحتجاج بالقرار رقم 1547 الصادر من جامعة الدول العربية فى 9/3/1959 فهى لاحقة له وناسخة له ،على الرغم من أنه أصلا قرار غير ملزم ،وعلى الرغم من أن أحكام القضاء رفضت الدفع به
إن عدم تطبيق هذه المعاهدة على أولاد الأم المصرية من أب فلسطينى ، يترتب عليه مايلى
أولا : خروج الدولة على مبدأ الشرعية و سيادة القانون فقد نص الدستور المصرى لعام 1971 فى المادة 64 منه على أن "سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة" وفى المادة 65 منه على أن "تخضع الدولة للقانون...."
ومن ثم فإن سيادة القانون فى الدولة هى محور نظامها القانونى وأساس شرعيتها.وممارسة الدولة لسلطاتها لم تعدامتيازا شخصيا لأحد ولكنها تباشرها نيابة عن الجماعة ولصالحها مقيدة فى ذلك بقواعد قانونية تعلوها يحددها الدستور
ثانيا : قيام المسؤلية التقصيرية و الدولية و للدولة الناتجة عن عدم تطبيق المعاهدة الدولية وعلى هذا الأساس تقوم مسؤلية مصر الدولية و المدنية لامتناعها عن تطبيق المعاهدة بما يضع إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة موضع التنفيذ، ويحقق المساواة الكاملة بينها وبين الرجل فى هذا الشأن.ذلك لأن الدولة – مصر- قد تضمن دستورها حكما بأن المعاهدات الدولية لها قوة القانون، أى أصبحت جزءا من قوانينها الداخلية،و من ثم فإن عدم التزام الدولة بذلك يقيم مسؤليتها الدولية على أساس المعاهدة التى وقعت عليها و لم تلتزم بها ،كما يقيم مسؤليتها المدنية أمام القضاء تجاه كل من فاته نفع أو أصابه ضرر من جراء عدم التزام الدولة ،حيث يصبح ذلك النص الدستوى نظريا فقط
إن المطوب من المجلس الأعلى للقوات المسلحةو مجلس الوزراء ليس إصدار قانون أو تعديل قانون ، بل المطلوب هو تطبيق القانون القائم وعدم حرمان أولاد الأم المصرية من أب فلسطينى من الاستفادة منه تعسفا بدون وجه حق ،بالمخالفة للدستور والقانون وأحكام القضاء .وختاما :لا يصح ، بل لا يجوز ولا يليق بعد الثورة ،أن تدفع الدولة مواطناتها المتزوجات من فلسطينيين إلى التظاهر والاعتصام للاستغاثة والاستعطاف والاسترحام ،ولاستجداء حقهن المقرر بالقانون والمؤيد بأحكام القضاء ،فى منح الجنسية المصرية لأبناءهن من الزوج الفلسطينى