القاهرة - ا ف ب: قال مصدر في القضاء العسكري انه تم اخلاء سبيل رئيس تحرير صحيفة الشروق المصرية المستقلة وصحافيتين بعد التحقيق معهم الخميس في اتهامات بنشر اخبار كاذبة واثارة الرأي العام بعد ان نشرت الصحيفة الثلاثاء تقريرا عن اعتزام الرئيس المصري السابق حسني مبارك الاعتذار للمصريين تمهيدا لطلب العفو.
وقال عضو مجلس نقابة الصحافيين المصرية جمال فهمي الذي حضر التحقيق مع الصحافيين الثلاثة ان 'رئيس هيئة القضاء العسكري اللواء عادل المرسي اثبت حضور الصحافيين الثلاثة واستمع اليهم وقرر صرفهم من النيابة بعد تعهدهم بمراجعة القوات المسلحة لتدقيق الاخبار التي تخص الجيش'.
وكان مصدر عسكري قال انه سيتم التحقيق مع رئيس تحرير الشروق عمرو خفاجي والصحافيتين دينا عزت وسنية محمود بتهمة 'نشر اخبار كاذبة واثارة الرأي العام' بعد ان نشرت الصحيفة الثلاثاء تقريرا يفيد ان مبارك يعتزم توجيه خطاب اعتذار للشعب المصري تمهيدا لطلب العفو.
ونقلت عن مصدر عسكري لم تكشف عنه ان 'جهات كثيرة بعضها مصري وبعضها عربي يتوسط لاتمام' العفو عن مبارك وزوجته مقابل تنازلهما عن ممتلكاتهما 'في اطار صياغة قانونية مقبولة'.
وقالت الشروق في افتتاحية نشرتها الخميس بعنوان 'اولويات الوطن وأولويات الصحافة' ان الصحيفة 'لاحظت' ان تقريرها 'فجر جدلا ينذر بأن يتحول الى حالة من الاستقطاب والبلبلة من خلال حملة تكهنات وتخمينات لم تشر اليها الشروق'.
واضافت الصحيفة في افتتاحيتها ان 'اولويات الوطن تعلو فوق اولويات الصحافة والشروق لا ترغب ابدا في ان تكون سببا في اثارة جدل هدام وانما التقدم بمعلومات تستحق النقاش لذلك فانها قررت ان تتوقف عن نشر تفاصيل اضافية حول هذه القضية حتى تهدأ الامور وتصبح هناك حالة مزاجية تسمح بنقاش صريح حولها'.
واكدت الشروق انها 'تحب ان توضح (..) ان القوات المسلحة بعيدة تماما عن القصة وان ما نشرته الصحيفة تمت اساءة تفسيره لان موقفها (القوات المسلحة) واضح منذ ان تسملت زمام الامور وهو انها تسعى الى تأسيس دولة المؤسسات واحترام سيادة القانون'.
ونفى المجلس الاعلى للقوات المسلحة في بيان الاربعاء نيته العفو عن مبارك، واكد انه 'لا يتدخل بصورة او اخرى في الاجراءات القانونية الخاصة بمحاسبة رموز النظام السابق وان هذه الاجراءات خاضعة للقضاء المصري'.
وتزامن نشر خبر الشروق عن نية مبارك تقديم اعتذار علني والتنازل عن ممتلكاته توطئة لطلب العفو، مع صدور قرار في اليوم نفسه من مساعد وزير العدل لجهاز الكسب غير المشروع عاصم الجوهري بالافراج عن سوزان مبارك زوجة الرئيس السابق بعد تنازلها عن كافة ارصدتها في المصارف المصرية للدولة.
وتلى نشر الخبر كذلك صدور قرار من القضاء باخلاء سبيل رئيس ديوان مبارك زكريا عزمي بكفالة 200 الف جنيه مصري (قرابة 34 الف دولار).
وادى هذا التزامن الى شعور خصوصا لدى الحركات الشبابية التي فجرت انتفاضة الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير باتجاه نحو اعفاء رموز النظام السابق من المحاكمة وبالتالي تهديدها بالنزول الى الشارع مجددا لضمان محاسبتهم.
وسارعت النيابة العامة الاربعاء الى الطعن بقرار اخلاء سبيل زكريا عزمي، كما عقد مساعد وزير العدل لجهاز الكسب غير المشروع مؤتمرا صحافيا مفاجئا بعد ظهر الاربعاء اعلن فيه ان اخلاء سبيل زوجة الرئيس السابق لا يعني اغلاق ملف القضية وانه سيتم استدعاء الكاتب محمد حسنين هيكل للاستماع الى اقواله ومعرفة ما لديه من وثائق 'تثبت ما قاله في حديث صحافي من ان ثروة عائلة مبارك تبلغ 9 مليارات دولار'.
وقال ائتلاف شباب الثورة في بيان نشره على صفحته على فيسبوك انه 'رغم نفي القوات المسلحة نيتها العفو عن الرئيس السابق فان الاجراءات من نوع اخلاء سبيل سوزان ثابت وزكريا عزمي تشعرنا بان ثورتنا العظيمة التي أريقت فداء لها دماء خيرة شباب هذا الوطن تعود للوراء وتتم سرقتها'.
واضاف الائتلاف ان لديه مخاوف من ان 'محاولات الثورة المضادة لتفريغ ثورتنا من مضمونها والاتيان على مكتسباتها تؤتي ثمارا وتحقق نجاحا'.
واكد ان 'كل مصري ثوري شريف لن يقبل الا بمحاكمة عادلة لمن افسدوا الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر وجوعوا هذا الشعب وأفقروه واستبدوا به على مدار الثلاثة عقود الماضية'.
واعتبر ائتلاف شباب الثورة ان 'عودة ممتلكات الرئيس المخلوع وزوجته ورموز نظامه ليس منحة او جباية منهم، ولكنه امر طبيعي واجراء ثوري بديهي، لا يمكن ربطه بأن ينال كل منهم العقاب الذي يستحقه ليس فقط جراء تضخم ثروته وانما لما قاموا به من افساد سياسي في حق هذه البلاد'.
وختم البيان ان التوجه نحو عدم محاكمة رموز النظام السابق 'يهدد بانفجار الغضب الجماهيري الذي يزداد احتقانه بشدة جراء هذه الاجراءات وفي حال استمرارها وعدم التراجع عنها يصبح الشارع وميدان التحرير هما سلاحنا الوحيد للدفاع عن ثورتنا ومنجزاتها وفاء لدماء شهدائها'.
وسقط قرابة 850 قتيلا خلال الانتفاضة المصرية التي اطاحت بمبارك في 11 شباط/فبراير الماضي كما اصيب اكثر من ستة الاف شخص معظمهم من الشباب.