يجيب على هذه الفتوى الدكتور عبدالله سمك: تصلي صلاة الوقت ثم تصلي معها ما تيسر من الفوائت ، حيث ذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أنّ الترتيب بين الفوائت وبين فرض الوقت واجب ، وبه قال النّخعيّ والزّهريّ وربيعة ويحيى الأنصاريّ والليث وإسحاق ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما ما يدلّ عليه ، واستدلّوا بقول النبيّ صلى الله عليه وسلم : (من نسي صلاةً أو نام عنها فكفارتها أن يصلّيها إذا ذكرها)، وفي بعض الرّوايات : (من نسي صلاةً فوقتها إذا ذكرها).
فقد جعل وقت التذكّر وقت الفائتة ، فكان أداء الوقتية قبل قضاء الفائتة أداءً قبل وقتها ، فلا يجوز وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: (إذا نسي أحدكم صلاته فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام فليصلّ مع الإمام ، فإذا فرغ من صلاته فليصلّ الصلاة التي نسي ، ثم ليعد صلاته التي صلى مع الإمام)، وروى أحمد (أنّه صلى الله عليه وسلم عام الأحزاب صلى المغرب ، فلما فرغ قال : هل علم أحد منكم أنّي صليت العصر ؟ قالوا : يا رسول الله ، ما صليتها ، فأمر المؤذّن فأقام الصلاة فصلى العصر ، ثم أعاد المغرب)، وقد قال : (صلّوا كما رأيتموني أصلّي) وكالمجموعتين .
ذهب الحنابلة والمالكية في قول إلى أنّ الترتيب واجب في قضاء الفوائت وإن كثرت. ويرى الحنفية أنّه يسقط الترتيب بكثرة الفوائت الحقيقية أو الحكمية ، لأنّ اشتراط الترتيب إذ ذاك ربما يفضي إلى تفويت الوقتية ، وهو حرام ، والمعتبر خروج وقت السادسة في الصحيح ، لأنّ الكثرة بالدّخول في حدّ التكرار ، وروي بدخول وقت السادسة .
وصرح الحنفية بأنّه كما سقط الترتيب فيما بين الكثيرة والحاضرة سقط فيما بين أنفسها على الأصحّ .
ولا يعود الترتيب بين الفوائت التي كانت كثيرةً بعودها إلى القليلة بقضاء بعضها ، لأنّ الساقط لا يعود في أصحّ الرّوايتين عند الحنفية وعليه الفتوى .
وقال بعضهم : يعود الترتيب ، وصحح هذا القول الصدر الشهيد ، وفي الهداية : هو الأظهر، لأنّ علة السّقوط الكثرة وقد زالت .
ولا يعود الترتيب أيضاً بفوت صلاة حديثة بعد نسيان ستّ قديمة ، فتجوز الوقتية مع تذكّر الحديثة لكثرة الفوائت على الأصحّ عند الحنفية ، وعليه الفتوى عندهم .
وقيل : لا تجوز الوقتية ، ويجعل الماضي كأن لم يكن زجراً له ، وصححه في معراج الدّراية، وفي المحيط : وعليه الفتوى .
ويقول المالكية على المذهب بوجوب ترتيب الفوائت قلت أو كثرت ترتيباً غير شرط ، فيقدّم الظّهر على العصر ، وهي على المغرب وهكذا ، وجوباً ، فإن نكس صحت ، وأثم إن تعمد ولا يعيد المنكس .
وذهب الشافعية والمالكية في قول إلى أنّ الترتيب في قضاء الصلوات بين فريضة الوقت والمقضية مستحبّ ، فإن دخل وقت فريضة وتذكر فائتةً ، فإن اتسع وقت الحاضرة استحب البدء بالفائتة ، وإن ضاق وجب تقديم الحاضرة ، ولو تذكر الفائتة بعد شروعه في الحاضرة أتمها ، ضاق الوقت أم اتسع ، ثم يقضي الفائتة ، ويستحبّ أن يعيد الحاضرة بعدها .