أول تحقيق استقصائى عن الهجرة غير الشرعية فى مصر
محرر «اليوم السابع» يخترق العالم السرى لسماسرة الهجرة.. ويتخفى بالعمل فى محل كشرى ويتفق على 45 ألف جنيه للسفر إلى إيطاليا
الجمعة، 4 يونيو 2010 - 19:03
إسلام النحراوى محرر «اليوم السابع»يعمل متخفباً فى محل كشرى فى مغامرة البحث عن سمسار
أجرى التحقيق إسلام النحراوى
var addthis_pub="tonyawad";
◄◄على المقهى بقرية برج مغيزل.. قلت لصياد: «عايز أسافر إيطاليا.. فرد «السماسرة فى البحيرة والغربية.. إحنا مجرد ميناء سفر»
◄◄ فى غرفة منعزلة باستديو «عم صلاح» بكوم حمادة بكيت وأنا أحكى له عن ظروفى الصعبة حتى يوفر لى فرصة سفر.. لكنه نصحنى بصرف النظر
◄◄ بعد فشل تجربة عم صلاح.. التحقت بالعمل فى محل كشرى حتى أكتسب ثقة الناس ليدلونى على سماسرة آخرين
◄◄ نصحنى زبائن بالتوجه إلى قرية الصواف.. ودلونى على وسيط لسمسار يعمل سائقا على خط «كوم حمادة - الصواف»
◄◄ فى موقف السيارات عرضت قصتى على السائق «الوسيط».. واتصل بالسمسار.. وفوجئت بعدها بشاب يطلب منى مغادرة المكان بعد أن حصل على رقم تليفونى
◄◄ بعد يومين رن التليفون.. وطلب محدثى تجهيز 45 ألف جنيه وانتظار اتصال آخر لتجهيز نفسى للسفر
◄◄«الوسيط» قال لى: ستنتقل من الصواف لبرج مغيزل وتبقى فى مخزن 7 أيام
◄◄رحلة البحر تبدأ بالصعود لمركب صغير مسافة 7 كم ننتقل بعدها إلى مركب كبير
◄◄اشترط الوسيط أن أتخلص من كل الأوراق التى بحوزتى والسباحة حتى الشاطئ الإيطالى
◄◄ توجهت إلى قرية الصواف بعد أن انقطعت اتصالات السمسار الذى سينقلنى إليها حاصرنى أهل الصواف بالأسئلة لأننى غريب.. فشعرت بأن هناك أمنا سريا يتابع كل شىء
◄◄ توجهت إلى العمدة بعد أن تابعنى الأهالى فى كل صغيرة وكبيرة وعنده عرفت أسرارا كثيرة عن المأساة
مئات الشباب غرقوا فى البحر وهم يحاولون الهجرة بشكل غير شرعى إلى أوروبا، وراء كل منهم قصة، وسمسار ووسطاء ويدفعون لهم. قررت أن أبحث فى تفاصيل تلك الشبكة التى تبدأ على الأرض وتنتهى غالبا فى قاع البحر، 20 يوما التقيت مع ضحايا ومع سماسرة، عرضت نفسى للسفر، وتفاوضت مع تجار الموت الأسود، بحثا عن مفاتيح الهجرة إلى الموت.. على مقاهى قرى كفر الشيخ والبحيرة والغربية، تتبعت الخيوط، وعملت فى محل كشرى لأكون مناسبا للسفر.. كدت أقع فى أيدى الشرطة، أو تحت سلاح السماسرة الذين يعملون ضمن عصابات يمكن أن تقتل من يحاول مثلى كشف أسرارهم. سافرت وتنقلت بين مناطق الموت وعدت بهذه القصة.
عندما غرق 11 شابا فى إحدى قرى مصر الشمالية فى أبريل الماضى على متن أحد قوارب الصيد الصغيرة التى اعتادت نقل المئات من الشباب المصرى الباحث عن حياة أفضل وفرصة عمل من أجل لقمة العيش إلى شواطئ بلدان أخرى مجهولة بعيدا عن وطنه، كان ذلك دافعا لأسئلة كثيرة محيرة وصادمة: ما الذى يجعل هؤلاء الشباب يذهبون فى رحلات مغامرة بين أمواج متلاطمة ومياه موحشة التهمت فى كل مرة عشرات قبلهم بحثا عن حلم عبثى فى لحظات يأس من واقع مأزوم، ولماذا هدر العمر ودفع تحويشة العمر من أجل الانتحار المجانى عبر رحلات دورية فى مراكب الموت والتى تبحر صيفا فى مساءات مشؤومة وتعود قبل أن تصل محملة برائحة الموت وروايات المآسى والأهوال.
عقب الحادث المفجع الأخير فى قرية برج مغيزل على شواطئ البحر المتوسط بمحافظة كفر الشيخ والذى راح ضحيته عدد من شباب القرية وقرى أخرى فى محافظات متفرقة قررنا القيام برحلة صحفية فى عالم الموت الذى بات معروفا بعالم «الهجرة غير الشرعية». ذهبنا إلى القرى التى اتشحت بالسواد وقبعت فى الحزن بعد فقدان أهلها فلذات أكبادهم بحثا عن بداية الطريق الممتد إلى عالم هذه الهجرة وضحايا من الشباب وأبطاله من سماسرة الموت.
من قرى كفر الشيخ إلى قرى الغربية والبحيرة استمعنا إلى قصص وحكايات أغرب من الخيال ولم يكن الأمر سهلا فالإجراءات الأمنية المشددة للبحث عن السماسرة وأصحاب المراكب زادت من صعوبة المهمة.
السؤال الذى كان يدور فى أذهاننا هو لماذا هذه القرى بالذات التى تقذف بشبابها إلى رحلات المجهول؟
بعد الوصول إليها بدت الإجابة غير عصية على السؤال فالفقر والبطالة من الأمراض المزمنة فى تلك القرى مثل أمراض الكبد والكلى، والشباب يقع دائما تحت لذة وهم السفر إلى إيطاليا ومنها إلى عالم الأحلام فى أوروبا ولا يجنى ثمار هذا الوهم سوى تجار الأحلام وسماسرة الموت الذين اتخذوا من هذه القرى مقرا دائما.
قرية الأحزان
البداية كانت على أحد مقاهى مدينة كفر الشيخ. تبادلت الحديث مع زبائن المقهى وكانت ثيابى رثة، وتناول الحديث قضية تسفير الشباب، وبالصدفة كان موجوداً الحاج أحمد نصار رئيس جمعية تنمية الخدمات بقرية برج مغيزل، وهى القرية التى اشتهرت بسفر الشباب عبرها إلى أوروبا، قال الحاج أحمد إن جميع عمليات الهجرة غير الشرعية تعبر عبر القرية الفقيرة، ففرص العمل معدومة وحالة الفقر التى يعيشها الناس فيها تفوق الوصف. تقع القرية على ساحل البحر المتوسط وتتبع مركز مطوبس على ساحل البحر. بسبب الموت المتكرر لأبنائها فى رحلات الهجرة غير الشرعية أطلق عليها الناس «قرية الأحزان».
انطلقت إلى قرية برج مغيزل لأشاهد منازل القرية بدائية متهدمة بسبب المياه الجوفية الناشعة فى جدرانها، يلاصقها مصرف ملىء بالقاذورات هو مصدر الأمراض الرئيسى لأهل القرية الذين يضطرون إلى غسل ملابسهم وأدواتهم فيه، فمياه الشرب غير متوفرة ولا حتى مياه الصرف الصحى. الموقع الاستراتيجى للقرية لم ينعكس حاله على القرية، فمهنة الصيد هى المهنة الأساسية لكن استغلها السماسرة لإغراء الشباب سواء فى برج مغيزل أو غيرها من قرى المحافظات القريبة، على الهجرة إلى إيطاليا وزادت عمليات الهجرة بصورة كبيرة وراح ضحيتها الكثيرون ولكن الكل تكتم حتى لا يتعرض للمساءلة، حتى أهالى الضحايا.
سلطات الأمن فى كفر الشيخ تقول إنها أحبطت العام الماضى فقط 18 محاولة للهجرة غير الشرعية من سواحل المحافظة الممتدة على طول 118 كيلومترا على البحر، خاصة من قرية برج مغيزل والقرى الأخرى المجاورة مثل قرية الجزيرة الخضراء والخريجين وبر بحرى. لكن أهالى القرية أكدوا لنا أن الهجرات غير الشرعية التى تمت بالفعل تفوق أكثر من 3 آلاف رحلة منها من وصل بمن عليها، ومعظمها لا يعرف مصيرها أحد حتى الآن..!
ساعات قضيتها فى القرية لاستمع فيها إلى حكايات، إحدى سيدات القرية راح ابنها الأكبر فى غياهب تلك الرحلات وغيبه موت لا يرحم فى المياه السوداء.. تحكى الحاجة سعاد لنا وتستعيد دموعها من جديد على فقيدها «شباب القرية يتجهون للهجرة عشان لقمة العيش وتدبير مصاريف الزواج لأن الظروف صعبة هنا. شباب كتير غرق فى الميه ومعاهم ابنى. كان عاوز يسافر إيطاليا لتحقيق أحلامه، لكن مات وماتت معاه الأحلام».
الأم المكلومة تتكرر حكايتها داخل معظم بيوت القرية التى غيرت اسمها من برج مغيزل إلى قرية الأحزان.
داخل أحد المقاهى الشعبية الفقيرة بالقرية يكشف لنا خالد -أحد الصيادين بالقرية- تسعيرة الرحلة «السماسرة بياخدوا من 50 ألفا إلى 70 ألف جنيه حسب نوع الرحلة والدولة المتجهة إليها». وطريقة الدفع تتم عبر دفع مقدم 15 ألف جنيه وباقى المبلغ بشيكات يوقع عليها الشاب يتم تسديها بعد وصوله إلى إيطاليا فى حالة وصوله- أما إذا ضاع فى الطريق فيضيع العمر والمال معا.
خالد يقول إن 20 بالمائة من أبناء قرية برج مغيزل يقيمون إقامة دائمة فى إيطاليا وقبرص وأيرلندا ويعملون فى مهنة الصيد أو مصانع الأسماك هناك.
البحث عن سمسار
الحديث مع أهالى قرية الأحزان دفعنا للبحث عن أحد السماسرة. كانت مغامرة محفوفة بكل أنواع المخاطر بسبب الأمن المتواجد بكثافة فى القرية وفى القرى التى فقدت أبناءها فى الرحلة الأخيرة. قلت لأحد الصيادين على المقهى الشعبى بصوت خفيض «أنا عاوز أسافر إيطاليا ما فيش سمسار». حالة ارتباك وذعر شديد تملكت الرجل. حاولت طمأنته قائلا «أنا شاب وظروفى صعبة وعاوز أسافر فعلا». صمت قليلا ثم قال «بالمناسبة السماسرة المسؤوليين عن تسفير الشباب ليسوا من قرية برج مغيزل وكلهم من البحيرة والغربية، إحنا مجرد ميناء تسافر منه المراكب». كلام الصياد كان بمثابة المفاجأة لى، فالقرية التى ذاع صيتها فى الآونة الأخيرة فى الصحف والفضائيات ليس بها سماسرة وليست سوى معبر لرحلات الموت.
توجهت إلى دمنهور، وقادنى تفكيرى إلى الذهاب لكلية الشريعة بها، وجلست على مقهى بجوار الكلية، وتعرفت على بعض الطلاب وتبادلنا الحديث عن المستقبل، وبعضهم قال مال إلى أنه سيسافر بعد التخرج، فلتقت الخيط وسألت كيف يتم ذلك، فرد أحدهم عليك بالسفر إلى كوم حمادة فى المقعد الأمامى للسيارة التى أقلتنى إلى كوم حمادة تجاذبت الحديث مع أحد الشباب من أبناء المدينة.
اسمه عبدالله طالب بكلية الشريعة والقانون بدمنهور سألنى عن سبب الزيارة الأولى لى للمدينة، بادرته دون تردد بالرغبة فى السفر إلى إيطاليا بسبب ظروف والدتى المريضة والمعيشة الصعبة والرغبة فى الحصول على المال فى أسرع وقت.
كانت المفاجأة عندما أخبرنى عبدالله بأنه على اتصال بعدد من السماسرة المتخصصين فى رحلات الهجرة غير الشرعية. توسلت إليه بالمساعدة، فاطمأن لى ووعدنى باللقاء مع «عم صلاح» صاحب أحد استوديوهات التصوير الفوتوغرافى وهو أحد الذين يقومون بتسفير الشباب.
وعدنى عبدالله بالمساعدة على أن يقدمنى إلى «عم صلاح» على أننى صديق قديم فى محنة ويرغب فى السفر فورا. عبرنا مزلقان السكة الحديد الذى يقسم المدينة إلى نصفين واتجهنا يمينا فى اتجاه شارع السيدة صفية بالمدينة. ملابسى القديمة التى ارتديتها قبل السفر إلى كوم حمادة ساعدتنى بعض الشىء حتى يطمئن صديق الطريق والسمسار. توقفنا فجأة أمام باب الأاستوديو وبعد لحظات خرج عبدالله ونادانى «اتفضل تعالى».
ارتباك وقلق واضطراب داخلى ساد للحظات. فى المدخل يجلس 3 رجال، أحدهم نادى على عبدالله للدخول. كان هو «عم صلاح»، طلب الدخول إلى غرفة منعزلة فى آخر المكان. ضوء خافت وجهاز كمبيوتر ومقعدان خشبيان هو كل ما كانت تحتويه الغرفة. جلس عم صلاح السمسار على أحدهم وجلست أمامه مباشرة على المقعد الآخر عبدالله بجانبنا وقوفا. بدأ عبدالله الحديث موجها كلامه إلى صلاح «قصدك فى خدمة ياعم صلاح». أشار لى «ده صاحبى من زمان وعزيز عليا وعاوز يسافر ياريت تخلص الموضوع ده وأنا أضمنه برقبتى».
قبل أن يسترسل عبدالله فى الحديث قاطعه عم صلاح بحدة وبصوت عال وتشنجت عضلات وجهه وأمسك فجأه بقطعة حديدية واقترب منى وسألنى باستنكار «انت عاوز تسافر ليه». بصعوبة وفى صوت يكاد أن يسمع رحت أسرد قصة ملفقة حول الظروف والمعيشة والأم المريضة وصعوبة الحصول على فرصة عمل بعد التخرج، فلا خيار سوى السفر. تساقطت الدموع من عينى مرددا «أمى مش لازم تموت». أنقذتنى الدموع التى تساقطت من عينى من حدة وعصبية عم صلاح. بعد صمت لم يطل بدت ملامح التأثر على وجهه وحاول تهدئتى قائلا برفق هذه المرة «اهدا يا ابنى كل حاجة ولها حل». أقسمت له بإعطائه المبلغ المطلوب. تبادل الرجل مع عبدالله نظرات سريعة. ثم قال «يا بنى حرام عليك عمرك». وراح يسرد لى حكاية الوهم الذى يقوم ببيعه السماسرة للشباب. قال «دول بيخدعوا الناس ويطلبوا منهم أوراق رسمية مصيرها الزبالة ويكون الهدف الرئيسى نهب المبلغ المتفق عليه وهو 45 ألف جنيه وبعد تحديد موعد السفر المزعوم يقوم بشحن المسافرين إلى كفر الشيخ أو الإسكندرية أو حجزهم فى إحدى المخازن القريبة من الشاطئ لمدة 15 يوما ليتم بعد ذلك اصطحابهم بقارب صغير قرب الشاطئ لحين وصول المركب التى فى أغلب الأحيان غير صالحة للإبحار فيغرق من عليها. أو يأمر قائدها الشباب بإلقاء أنفسهم فى البحر قبل الشاطئ الأوروبى بسبعة كيلومترات.
يرفض عم صلاح الفكرة وينصحنى بالعودة إلى بيتى رغم إلحاحى الشديد عليه.
فى محل الكشرى..!
خرجت من استوديو عم صلاح وحلم السفر لم يزل يراودنى. الحديث مع بعض الأهالى لم يكن سهلا فالجميع يعرف بعضه البعض نظرا لضيق المدينة والشخص الزائر الغريب لها يصبح معروفا على الفور. كانت فكرة البحث عن عمل فى كوم حمادة هى السبيل للاستمرار فيها. تمكنت من الالتحاق بالعمل فى إحدى محلات الكشرى ليبدو الأمر يسير بشكل طبيعى وفرصة للحديث مع الزبائن ومساعدتى فى الوصول إلى سمسار آخر. العمل كان شاقا ولساعات طويلة لم أعتد عليها وآخر الليل أستريح على أحد المقاهى. اطمأن لى بعض مرتادى المحل والمقهى بعد أيام قليلة. الكل أجمع أن أحد السماسرة يعمل سائقا على خط كوم حمادة- الصواف. قرية لا تبعد كثيرا عن المدينة. الصواف تمتلئ بعدد كبير من السماسرة منهم (ع.ب) و(أ.ع) و(أ.م) و(ى.ب)- ونحتفظ بالأسماء.
فى موقف السيارات إلى قرية الصواف انتظرت دور محمد السمسار السائق فى تحميل الركاب. قدمت إليه نفسى بأننى أعمل فى محل الكشرى المعروف فى كوم حمادة ولكنى أريد السفر. طلب منى النزول والذهاب إلى آخر سيارة فى الموقف للحديث على انفراد. قال لى إنه سمسار يتعاون مع أحد الأشخاص بالصواف فى عملية الهجرة وبدأ فى عرض استعراض تكاليف السفر. فى البداية نصحنى بالسفر الشرعى فى ظل الظروف الأمنية الحالية وطلب منى مبلغ 50 ألف جنيه. قاطعته بأننى أريد السفر بحرا لأننى لا أحمل تصريح سفر. بادرنى على الفور «يبقى مافيش غير حل واحد هو التهريب ومطلوب 45 ألف جنيه والسفر خلال أسبوعين».
السفر بعد الاتفاق سيكون عبر الصواف وهى نقطة الانطلاق حيث ركوب سيارة ميكروباص مع مجموعة أخرى من الشباب الراغبين فى السفر، بعد ذلك يتوجه الجميع إلى قرية برج مغيزل.. قرية الأحزان مرة أخرى.. والمبيت فى غرفة خشبية عبارة عن مخزن لمدة أسبوع أو عشرة أيام ثم الصعود إلى مركب صغير إلى مسافة 7 كيلومترات حيث ينتظرنا المركب الكبير المتجه إلى إيطاليا. من بين الشروط التخلص من كل الأوراق الرسمية التى بحوزة الشباب حتى لا يتم التعرف على هويتهم فى حالة القبض علينا ثم السباحة حتى الشاطئ الإيطالى قبل الوصول إليه بسبعة كيلو.
محمد السمسار «الوسيط» يعيد نفس رواية عم صلاح. طلبت منه بعد إلحاح مقابلتى مع السمسار. أصر فى البداية أنه لن يضيف لى شيئا جديدا. لكنه وافق بعد الإلحاح منى. أجرى مكالمة هاتفية مع السمسار لاستقبالى فى القرية وحذرنى من الحديث إليه فى وجود أشخاص آخرين لأن الأمن منتشر فى القرية بعد حادث كفر الشيخ ومات فيه 3 من أبناء قرية الصواف.
فى موقف سيارات القرية انتظرت السمسار وفق الاتفاق مع مساعده محمد السائق. فوجئت بعد انتظار ليس طويلا بشاب فى عقده الثانى يقترب منى ويسألنى عن معرفة سابقة «مش انت اللى عاوز تسافر». قال أنه يحمل لى رسالة تهديد من عمه السمسار بمغادرة القرية على الفور لأن الأمن يلاحق السماسرة وألقى القبض على بعض منهم. طلب الشاب رقم هاتفى المحمول للاتصال بى فى وقت لاحق وبعد أن تهدأ الأمور، مع إبلاغى بتحضير المبلغ المطلوب.
بعد يومين رن الهاتف والمتصل يبلغنى بأنه السمسار الذى أرسل ابن أخيه لى فى موقف سيارات القرية. أمرنى بمبلغ 45 ألف جنيه وانتظار مكالمة أخرى خلال أيام استعدادا للسفر إلى إيطاليا.
طال الانتظار ولم يعاود السمسار الاتصال. حاولت مهاتفته ولكن كان الهاتف مغلقا ولا أعلم هل تم القبض عليه أم أنه اختفى عن عيون الأمن.
فقدت الأمل فى الاتصال من السمسار وبعد يومين قررت السفر إلى الصواف لأبحث عن فرصتى مباشرة.. وجدت «الصواف» مثلها مثل قرية الأحزان.. برج مغيزل وباقى القرى التى يهرب منها الشباب بحثا عن فرص العمل على الشاطئ الآخر. قرى مهملة.. هاربة من خطط التنمية الحكومية أو ساقطة قيد من الخدمات وأبسط سبل الحياة الكريمة للبشر. حصل شبابها على فرص التعلم ثم صدمهم الواقع وضاق بهم الحال فبات حلم السفر هو النجاة والطريق إلى تحقيق الثروة حتى لو كان العمر هو الثمن المدفوع. الصواف قرية صغيرة تبعد عن كوم حمادة 15 كيلومترا. لا مكان فيها للغرباء. عائلات متعارفة وقرويون قنعوا بالعيش القليل.
فوجئت بأن القرية صغيرة، وبها شارع رئيسى واحد، ولأننى غريب كان الكل يستوقفنى ليسألنى عن سبب زيارتى للقرية، وفيما يبدو أن سبب الأسئلة يرجع إلى انتشار أجهزة الأمن السرية فيها للوصول إلى السماسرة، ولأنه لا يوجد فى القرية أى مكان يمكن أن أستريح فيه، أحسست أن الخناق ضاق على فقررت التوجه إلى دوار العمدة وهو اللواء مصطفى يوسف عمدة القرية الذى سألنى بدوره عن سبب الزيارة أبلغته بهويتى الصحفية ورغبتى فى عمل تحقيق صحفى عن القرية. قال إن الصواف صغيرة مثل باقى قرى مصر يسكنها 25 ألف نسمة تعتمد بشكل أساسى على الزراعة فمساحتها حوالى ألف فدان.
تطرق الحديث عن الهجرة غير الشرعية فأضاف أن أكثر من 2000 شاب من شباب القرية غادروها إلى إيطاليا والنمسا وفرنسا، فتغيرت الحياة الاجتماعية فى القرية وارتفعت مهور الزواج وأصبح التعامل داخل القرية بعملة اليورو أكثر من التعامل بالجنيه المصرى..!
بعد أن كسبت ثقة العمدة طلبت منه التجوال فى القرية، وقد كان، وسارمعى أمين الحزب الوطنى فيها، أصبح همى أن أعرف ماذا عن قصص الهجرة فى القرية وقد كان.
حكايات الحلم الضائع
أحمد عبدالعزيز شاب يبلغ من العمر 30 عاما- عامل- يحكى رحلته مع الأهوال. مثل أى شاب يحلم بتحسين أحواله الاجتماعية فكرت فى السفر مثل باقى شباب قرية الصواف. تقابلت مع أحد السمسارة اتفق معى على المبلغ المطلوب 45 ألف جنيه. ركبت مع مجموعة من الشباب سيارة ميكروباص اتجهت بنا إلى الإسكندرية حيث كان فى انتظارنا مندوب السمسار. ركبنا معه سيارة أخرى إلى مكان غير معلوم يحيط به سور عال. فى ساعة متأخرة من الليل طلب منا المندوب القفز فوق السور بسرعة لركوب مركب صغير فى انتظارنا. حاولنا الركوب 150 شابا منهم 20 من قرية الصواف. سقط عدد منا فى البحر. القارب كان صغيرا والليل لا يسمح لنا برؤية شىء والموج مرتفع والقارب يتمايل بشدة فى المياه. تدفقت فجأة المياه إلى داخل القارب. أحد الشباب صاح بأن القارب مثقوب والمياه ستغرقه. إصرار الجميع على الهرب إلى حلم السفر دفعهم إلى سد الثقب بأرجلهم. مرت 3 ساعات والظلمة الحالكة تحيط بالجميع وبعض الشباب أصيب بدوار البحر قبل الوصول إلى المركب الكبير الذى سيقلنا إلى إيطاليا. لم تأت المركب وطال الانتظار وبدت خيوط الشمس فى الظهور وبدا الإعياء والتعب على الجميع. وخاف مندوب السمسار أن ينكشف أمره لخفر السواحل فعاد بنا بالقرب من لسان ممتد خلف مكتبة الإسكندرية وطلب منا القفز. حاول أحد الشباب الاعتراض والاشتباك مع المندوب، فأشهر فى وجوهنا سلاحا ناريا. وفجأة علت أصوات سارينة قوارب خفر السواحل. وتم القبض على الجميع وإحالتنا إلى النيابة ثم تم الإفراج عن الشباب وعاد الجميع إلى قريته دون أن يصل إلى حلمه المجهض.
قصة أخرى يحكيها سامى سليمان شاب من القرية-31 سنة- بعد الاتفاق على المبلغ والدفع للسمسار فى كوم حمادة ركبنا الأوتوبيس المتجه إلى ليبيا. توقفنا عند نقطة التفتيش على الحدود المصرية الليبية. سألنا الضابط عن وجهتنا قلنا له ذاهبون للعمل فى ليبيا. قال بسخرية وكأنه يعلم أين نذهب «ليبيا ولا روما؟». بعد اجتياز الحدود وصلنا إلى الجماهيرية واتصلنا بالسمسار فطلب منا الاتجاه إلى أحد الفنادق لانتظار المندوب المسؤول عن تهريبنا إلى إيطاليا. فى الفندق فوجئنا بأحد العاملين المصريين فيه نصحنا بمغادرة الفندق فورا لأنه «فخ» يحتجز فيه المصريون حتى تتمكن سلطات الأمن الليبية من القبض عليهم.
لم يستمع أحد للنصيحة وفى اليوم التالى طال انتظارنا للمندوب فتوجهنا إلى مكتب الاستقبال بالفندق وطلبنا جوازات السفر لنفاجأ برد الموظف أنها محجوزة لدى صاحب الفندق وعلينا انتظاره. تسرب الشك إلى نفوسنا فطلبت من أحد الأصدقاء معى الاتصال بالمندوب. ثم كانت المفاجأه. جاء رجال الأمن وألقوا القبض علينا وترحيلنا إلى أحد السجون والاعتداء علينا وتم حبس كل شخص فى زنزانة انفرادية. وبعد ذلك تمت إحالتنا إلى سجن الجوازات لمدة ثلاثة أيام. أحد الضباط استولى على جميع الأموال التى كانت بحوزتنا. تم ترحيلنا إلى سجن آخر اسمه «الفلاح» تقابلنا فيه مع 30 شابا آخرين من قرية الصواف كانوا غادروا فى رحلات سابقة واعتقدنا أنهم وصلوا إيطاليا. وبعد فترة حجز لحوالى 30 يوما تم ترحيلنا إلى مصر بعد تدخل من السلطات المصرية لإعادتنا.
انتهت الحكايات ولم تنته المأساة.. وكما يقول شباب القرية فالمحاولات مستمرة للهروب ولن تتوقف طالما أن الأحلام فى الوطن مجهضة ولا تتحقق فالحل هو السفر والاغتراب حتى لو كان الثمن الانتحار المجانى فى مياه مهلكة أو رمال حارقة.
لمعلوماتك....
◄805 مصريين سعوا للهجرة غير الشرعية إلى بريطانيا، طلب منهم 200 مصرى اللجوء السياسى خلال السنوات الثلاث الماضية.
◄200 مصرى طلبوا اللجوء السياسى خلال السنوات الثلاث الماضية ومنح اللجوء لـ 15 ورفض 145 وتم ترحيلهم إلى مصر.
◄10 مصريين منحهم وزير الداخلية البريطانية حق الإقامة لأسباب إنسانية والتى تتراوح من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات.
◄2009 قفزت نسبة طالبى اللجوء من المصريين إلى بريطانيا لتتجاوز 50% وليرتفع العدد من 45 طلبا عام 2008 إلى 70 العام الماضى.
◄32095 هو عدد المصريين الحاصلين على تأشيرات دخول عادية خلال عام 2009.
◄4810 أشخاص رحلوا بطرق مختلفة بسبب الهجرة غير الشرعية إلى دول الشرق الأوسط فى العام الماضى منهم 2100 عراقى و1435 إيرانيا و106 سوريين و1156 من بقية دول المنطقة
محرر «اليوم السابع» يخترق العالم السرى لسماسرة الهجرة.. ويتخفى بالعمل فى محل كشرى ويتفق على 45 ألف جنيه للسفر إلى إيطاليا
الجمعة، 4 يونيو 2010 - 19:03
إسلام النحراوى محرر «اليوم السابع»يعمل متخفباً فى محل كشرى فى مغامرة البحث عن سمسار
أجرى التحقيق إسلام النحراوى
var addthis_pub="tonyawad";
◄◄على المقهى بقرية برج مغيزل.. قلت لصياد: «عايز أسافر إيطاليا.. فرد «السماسرة فى البحيرة والغربية.. إحنا مجرد ميناء سفر»
◄◄ فى غرفة منعزلة باستديو «عم صلاح» بكوم حمادة بكيت وأنا أحكى له عن ظروفى الصعبة حتى يوفر لى فرصة سفر.. لكنه نصحنى بصرف النظر
◄◄ بعد فشل تجربة عم صلاح.. التحقت بالعمل فى محل كشرى حتى أكتسب ثقة الناس ليدلونى على سماسرة آخرين
◄◄ نصحنى زبائن بالتوجه إلى قرية الصواف.. ودلونى على وسيط لسمسار يعمل سائقا على خط «كوم حمادة - الصواف»
◄◄ فى موقف السيارات عرضت قصتى على السائق «الوسيط».. واتصل بالسمسار.. وفوجئت بعدها بشاب يطلب منى مغادرة المكان بعد أن حصل على رقم تليفونى
◄◄ بعد يومين رن التليفون.. وطلب محدثى تجهيز 45 ألف جنيه وانتظار اتصال آخر لتجهيز نفسى للسفر
◄◄«الوسيط» قال لى: ستنتقل من الصواف لبرج مغيزل وتبقى فى مخزن 7 أيام
◄◄رحلة البحر تبدأ بالصعود لمركب صغير مسافة 7 كم ننتقل بعدها إلى مركب كبير
◄◄اشترط الوسيط أن أتخلص من كل الأوراق التى بحوزتى والسباحة حتى الشاطئ الإيطالى
◄◄ توجهت إلى قرية الصواف بعد أن انقطعت اتصالات السمسار الذى سينقلنى إليها حاصرنى أهل الصواف بالأسئلة لأننى غريب.. فشعرت بأن هناك أمنا سريا يتابع كل شىء
◄◄ توجهت إلى العمدة بعد أن تابعنى الأهالى فى كل صغيرة وكبيرة وعنده عرفت أسرارا كثيرة عن المأساة
مئات الشباب غرقوا فى البحر وهم يحاولون الهجرة بشكل غير شرعى إلى أوروبا، وراء كل منهم قصة، وسمسار ووسطاء ويدفعون لهم. قررت أن أبحث فى تفاصيل تلك الشبكة التى تبدأ على الأرض وتنتهى غالبا فى قاع البحر، 20 يوما التقيت مع ضحايا ومع سماسرة، عرضت نفسى للسفر، وتفاوضت مع تجار الموت الأسود، بحثا عن مفاتيح الهجرة إلى الموت.. على مقاهى قرى كفر الشيخ والبحيرة والغربية، تتبعت الخيوط، وعملت فى محل كشرى لأكون مناسبا للسفر.. كدت أقع فى أيدى الشرطة، أو تحت سلاح السماسرة الذين يعملون ضمن عصابات يمكن أن تقتل من يحاول مثلى كشف أسرارهم. سافرت وتنقلت بين مناطق الموت وعدت بهذه القصة.
عندما غرق 11 شابا فى إحدى قرى مصر الشمالية فى أبريل الماضى على متن أحد قوارب الصيد الصغيرة التى اعتادت نقل المئات من الشباب المصرى الباحث عن حياة أفضل وفرصة عمل من أجل لقمة العيش إلى شواطئ بلدان أخرى مجهولة بعيدا عن وطنه، كان ذلك دافعا لأسئلة كثيرة محيرة وصادمة: ما الذى يجعل هؤلاء الشباب يذهبون فى رحلات مغامرة بين أمواج متلاطمة ومياه موحشة التهمت فى كل مرة عشرات قبلهم بحثا عن حلم عبثى فى لحظات يأس من واقع مأزوم، ولماذا هدر العمر ودفع تحويشة العمر من أجل الانتحار المجانى عبر رحلات دورية فى مراكب الموت والتى تبحر صيفا فى مساءات مشؤومة وتعود قبل أن تصل محملة برائحة الموت وروايات المآسى والأهوال.
عقب الحادث المفجع الأخير فى قرية برج مغيزل على شواطئ البحر المتوسط بمحافظة كفر الشيخ والذى راح ضحيته عدد من شباب القرية وقرى أخرى فى محافظات متفرقة قررنا القيام برحلة صحفية فى عالم الموت الذى بات معروفا بعالم «الهجرة غير الشرعية». ذهبنا إلى القرى التى اتشحت بالسواد وقبعت فى الحزن بعد فقدان أهلها فلذات أكبادهم بحثا عن بداية الطريق الممتد إلى عالم هذه الهجرة وضحايا من الشباب وأبطاله من سماسرة الموت.
من قرى كفر الشيخ إلى قرى الغربية والبحيرة استمعنا إلى قصص وحكايات أغرب من الخيال ولم يكن الأمر سهلا فالإجراءات الأمنية المشددة للبحث عن السماسرة وأصحاب المراكب زادت من صعوبة المهمة.
السؤال الذى كان يدور فى أذهاننا هو لماذا هذه القرى بالذات التى تقذف بشبابها إلى رحلات المجهول؟
بعد الوصول إليها بدت الإجابة غير عصية على السؤال فالفقر والبطالة من الأمراض المزمنة فى تلك القرى مثل أمراض الكبد والكلى، والشباب يقع دائما تحت لذة وهم السفر إلى إيطاليا ومنها إلى عالم الأحلام فى أوروبا ولا يجنى ثمار هذا الوهم سوى تجار الأحلام وسماسرة الموت الذين اتخذوا من هذه القرى مقرا دائما.
قرية الأحزان
البداية كانت على أحد مقاهى مدينة كفر الشيخ. تبادلت الحديث مع زبائن المقهى وكانت ثيابى رثة، وتناول الحديث قضية تسفير الشباب، وبالصدفة كان موجوداً الحاج أحمد نصار رئيس جمعية تنمية الخدمات بقرية برج مغيزل، وهى القرية التى اشتهرت بسفر الشباب عبرها إلى أوروبا، قال الحاج أحمد إن جميع عمليات الهجرة غير الشرعية تعبر عبر القرية الفقيرة، ففرص العمل معدومة وحالة الفقر التى يعيشها الناس فيها تفوق الوصف. تقع القرية على ساحل البحر المتوسط وتتبع مركز مطوبس على ساحل البحر. بسبب الموت المتكرر لأبنائها فى رحلات الهجرة غير الشرعية أطلق عليها الناس «قرية الأحزان».
انطلقت إلى قرية برج مغيزل لأشاهد منازل القرية بدائية متهدمة بسبب المياه الجوفية الناشعة فى جدرانها، يلاصقها مصرف ملىء بالقاذورات هو مصدر الأمراض الرئيسى لأهل القرية الذين يضطرون إلى غسل ملابسهم وأدواتهم فيه، فمياه الشرب غير متوفرة ولا حتى مياه الصرف الصحى. الموقع الاستراتيجى للقرية لم ينعكس حاله على القرية، فمهنة الصيد هى المهنة الأساسية لكن استغلها السماسرة لإغراء الشباب سواء فى برج مغيزل أو غيرها من قرى المحافظات القريبة، على الهجرة إلى إيطاليا وزادت عمليات الهجرة بصورة كبيرة وراح ضحيتها الكثيرون ولكن الكل تكتم حتى لا يتعرض للمساءلة، حتى أهالى الضحايا.
سلطات الأمن فى كفر الشيخ تقول إنها أحبطت العام الماضى فقط 18 محاولة للهجرة غير الشرعية من سواحل المحافظة الممتدة على طول 118 كيلومترا على البحر، خاصة من قرية برج مغيزل والقرى الأخرى المجاورة مثل قرية الجزيرة الخضراء والخريجين وبر بحرى. لكن أهالى القرية أكدوا لنا أن الهجرات غير الشرعية التى تمت بالفعل تفوق أكثر من 3 آلاف رحلة منها من وصل بمن عليها، ومعظمها لا يعرف مصيرها أحد حتى الآن..!
ساعات قضيتها فى القرية لاستمع فيها إلى حكايات، إحدى سيدات القرية راح ابنها الأكبر فى غياهب تلك الرحلات وغيبه موت لا يرحم فى المياه السوداء.. تحكى الحاجة سعاد لنا وتستعيد دموعها من جديد على فقيدها «شباب القرية يتجهون للهجرة عشان لقمة العيش وتدبير مصاريف الزواج لأن الظروف صعبة هنا. شباب كتير غرق فى الميه ومعاهم ابنى. كان عاوز يسافر إيطاليا لتحقيق أحلامه، لكن مات وماتت معاه الأحلام».
الأم المكلومة تتكرر حكايتها داخل معظم بيوت القرية التى غيرت اسمها من برج مغيزل إلى قرية الأحزان.
داخل أحد المقاهى الشعبية الفقيرة بالقرية يكشف لنا خالد -أحد الصيادين بالقرية- تسعيرة الرحلة «السماسرة بياخدوا من 50 ألفا إلى 70 ألف جنيه حسب نوع الرحلة والدولة المتجهة إليها». وطريقة الدفع تتم عبر دفع مقدم 15 ألف جنيه وباقى المبلغ بشيكات يوقع عليها الشاب يتم تسديها بعد وصوله إلى إيطاليا فى حالة وصوله- أما إذا ضاع فى الطريق فيضيع العمر والمال معا.
خالد يقول إن 20 بالمائة من أبناء قرية برج مغيزل يقيمون إقامة دائمة فى إيطاليا وقبرص وأيرلندا ويعملون فى مهنة الصيد أو مصانع الأسماك هناك.
البحث عن سمسار
الحديث مع أهالى قرية الأحزان دفعنا للبحث عن أحد السماسرة. كانت مغامرة محفوفة بكل أنواع المخاطر بسبب الأمن المتواجد بكثافة فى القرية وفى القرى التى فقدت أبناءها فى الرحلة الأخيرة. قلت لأحد الصيادين على المقهى الشعبى بصوت خفيض «أنا عاوز أسافر إيطاليا ما فيش سمسار». حالة ارتباك وذعر شديد تملكت الرجل. حاولت طمأنته قائلا «أنا شاب وظروفى صعبة وعاوز أسافر فعلا». صمت قليلا ثم قال «بالمناسبة السماسرة المسؤوليين عن تسفير الشباب ليسوا من قرية برج مغيزل وكلهم من البحيرة والغربية، إحنا مجرد ميناء تسافر منه المراكب». كلام الصياد كان بمثابة المفاجأة لى، فالقرية التى ذاع صيتها فى الآونة الأخيرة فى الصحف والفضائيات ليس بها سماسرة وليست سوى معبر لرحلات الموت.
توجهت إلى دمنهور، وقادنى تفكيرى إلى الذهاب لكلية الشريعة بها، وجلست على مقهى بجوار الكلية، وتعرفت على بعض الطلاب وتبادلنا الحديث عن المستقبل، وبعضهم قال مال إلى أنه سيسافر بعد التخرج، فلتقت الخيط وسألت كيف يتم ذلك، فرد أحدهم عليك بالسفر إلى كوم حمادة فى المقعد الأمامى للسيارة التى أقلتنى إلى كوم حمادة تجاذبت الحديث مع أحد الشباب من أبناء المدينة.
اسمه عبدالله طالب بكلية الشريعة والقانون بدمنهور سألنى عن سبب الزيارة الأولى لى للمدينة، بادرته دون تردد بالرغبة فى السفر إلى إيطاليا بسبب ظروف والدتى المريضة والمعيشة الصعبة والرغبة فى الحصول على المال فى أسرع وقت.
كانت المفاجأة عندما أخبرنى عبدالله بأنه على اتصال بعدد من السماسرة المتخصصين فى رحلات الهجرة غير الشرعية. توسلت إليه بالمساعدة، فاطمأن لى ووعدنى باللقاء مع «عم صلاح» صاحب أحد استوديوهات التصوير الفوتوغرافى وهو أحد الذين يقومون بتسفير الشباب.
وعدنى عبدالله بالمساعدة على أن يقدمنى إلى «عم صلاح» على أننى صديق قديم فى محنة ويرغب فى السفر فورا. عبرنا مزلقان السكة الحديد الذى يقسم المدينة إلى نصفين واتجهنا يمينا فى اتجاه شارع السيدة صفية بالمدينة. ملابسى القديمة التى ارتديتها قبل السفر إلى كوم حمادة ساعدتنى بعض الشىء حتى يطمئن صديق الطريق والسمسار. توقفنا فجأة أمام باب الأاستوديو وبعد لحظات خرج عبدالله ونادانى «اتفضل تعالى».
ارتباك وقلق واضطراب داخلى ساد للحظات. فى المدخل يجلس 3 رجال، أحدهم نادى على عبدالله للدخول. كان هو «عم صلاح»، طلب الدخول إلى غرفة منعزلة فى آخر المكان. ضوء خافت وجهاز كمبيوتر ومقعدان خشبيان هو كل ما كانت تحتويه الغرفة. جلس عم صلاح السمسار على أحدهم وجلست أمامه مباشرة على المقعد الآخر عبدالله بجانبنا وقوفا. بدأ عبدالله الحديث موجها كلامه إلى صلاح «قصدك فى خدمة ياعم صلاح». أشار لى «ده صاحبى من زمان وعزيز عليا وعاوز يسافر ياريت تخلص الموضوع ده وأنا أضمنه برقبتى».
قبل أن يسترسل عبدالله فى الحديث قاطعه عم صلاح بحدة وبصوت عال وتشنجت عضلات وجهه وأمسك فجأه بقطعة حديدية واقترب منى وسألنى باستنكار «انت عاوز تسافر ليه». بصعوبة وفى صوت يكاد أن يسمع رحت أسرد قصة ملفقة حول الظروف والمعيشة والأم المريضة وصعوبة الحصول على فرصة عمل بعد التخرج، فلا خيار سوى السفر. تساقطت الدموع من عينى مرددا «أمى مش لازم تموت». أنقذتنى الدموع التى تساقطت من عينى من حدة وعصبية عم صلاح. بعد صمت لم يطل بدت ملامح التأثر على وجهه وحاول تهدئتى قائلا برفق هذه المرة «اهدا يا ابنى كل حاجة ولها حل». أقسمت له بإعطائه المبلغ المطلوب. تبادل الرجل مع عبدالله نظرات سريعة. ثم قال «يا بنى حرام عليك عمرك». وراح يسرد لى حكاية الوهم الذى يقوم ببيعه السماسرة للشباب. قال «دول بيخدعوا الناس ويطلبوا منهم أوراق رسمية مصيرها الزبالة ويكون الهدف الرئيسى نهب المبلغ المتفق عليه وهو 45 ألف جنيه وبعد تحديد موعد السفر المزعوم يقوم بشحن المسافرين إلى كفر الشيخ أو الإسكندرية أو حجزهم فى إحدى المخازن القريبة من الشاطئ لمدة 15 يوما ليتم بعد ذلك اصطحابهم بقارب صغير قرب الشاطئ لحين وصول المركب التى فى أغلب الأحيان غير صالحة للإبحار فيغرق من عليها. أو يأمر قائدها الشباب بإلقاء أنفسهم فى البحر قبل الشاطئ الأوروبى بسبعة كيلومترات.
يرفض عم صلاح الفكرة وينصحنى بالعودة إلى بيتى رغم إلحاحى الشديد عليه.
فى محل الكشرى..!
خرجت من استوديو عم صلاح وحلم السفر لم يزل يراودنى. الحديث مع بعض الأهالى لم يكن سهلا فالجميع يعرف بعضه البعض نظرا لضيق المدينة والشخص الزائر الغريب لها يصبح معروفا على الفور. كانت فكرة البحث عن عمل فى كوم حمادة هى السبيل للاستمرار فيها. تمكنت من الالتحاق بالعمل فى إحدى محلات الكشرى ليبدو الأمر يسير بشكل طبيعى وفرصة للحديث مع الزبائن ومساعدتى فى الوصول إلى سمسار آخر. العمل كان شاقا ولساعات طويلة لم أعتد عليها وآخر الليل أستريح على أحد المقاهى. اطمأن لى بعض مرتادى المحل والمقهى بعد أيام قليلة. الكل أجمع أن أحد السماسرة يعمل سائقا على خط كوم حمادة- الصواف. قرية لا تبعد كثيرا عن المدينة. الصواف تمتلئ بعدد كبير من السماسرة منهم (ع.ب) و(أ.ع) و(أ.م) و(ى.ب)- ونحتفظ بالأسماء.
فى موقف السيارات إلى قرية الصواف انتظرت دور محمد السمسار السائق فى تحميل الركاب. قدمت إليه نفسى بأننى أعمل فى محل الكشرى المعروف فى كوم حمادة ولكنى أريد السفر. طلب منى النزول والذهاب إلى آخر سيارة فى الموقف للحديث على انفراد. قال لى إنه سمسار يتعاون مع أحد الأشخاص بالصواف فى عملية الهجرة وبدأ فى عرض استعراض تكاليف السفر. فى البداية نصحنى بالسفر الشرعى فى ظل الظروف الأمنية الحالية وطلب منى مبلغ 50 ألف جنيه. قاطعته بأننى أريد السفر بحرا لأننى لا أحمل تصريح سفر. بادرنى على الفور «يبقى مافيش غير حل واحد هو التهريب ومطلوب 45 ألف جنيه والسفر خلال أسبوعين».
السفر بعد الاتفاق سيكون عبر الصواف وهى نقطة الانطلاق حيث ركوب سيارة ميكروباص مع مجموعة أخرى من الشباب الراغبين فى السفر، بعد ذلك يتوجه الجميع إلى قرية برج مغيزل.. قرية الأحزان مرة أخرى.. والمبيت فى غرفة خشبية عبارة عن مخزن لمدة أسبوع أو عشرة أيام ثم الصعود إلى مركب صغير إلى مسافة 7 كيلومترات حيث ينتظرنا المركب الكبير المتجه إلى إيطاليا. من بين الشروط التخلص من كل الأوراق الرسمية التى بحوزة الشباب حتى لا يتم التعرف على هويتهم فى حالة القبض علينا ثم السباحة حتى الشاطئ الإيطالى قبل الوصول إليه بسبعة كيلو.
محمد السمسار «الوسيط» يعيد نفس رواية عم صلاح. طلبت منه بعد إلحاح مقابلتى مع السمسار. أصر فى البداية أنه لن يضيف لى شيئا جديدا. لكنه وافق بعد الإلحاح منى. أجرى مكالمة هاتفية مع السمسار لاستقبالى فى القرية وحذرنى من الحديث إليه فى وجود أشخاص آخرين لأن الأمن منتشر فى القرية بعد حادث كفر الشيخ ومات فيه 3 من أبناء قرية الصواف.
فى موقف سيارات القرية انتظرت السمسار وفق الاتفاق مع مساعده محمد السائق. فوجئت بعد انتظار ليس طويلا بشاب فى عقده الثانى يقترب منى ويسألنى عن معرفة سابقة «مش انت اللى عاوز تسافر». قال أنه يحمل لى رسالة تهديد من عمه السمسار بمغادرة القرية على الفور لأن الأمن يلاحق السماسرة وألقى القبض على بعض منهم. طلب الشاب رقم هاتفى المحمول للاتصال بى فى وقت لاحق وبعد أن تهدأ الأمور، مع إبلاغى بتحضير المبلغ المطلوب.
بعد يومين رن الهاتف والمتصل يبلغنى بأنه السمسار الذى أرسل ابن أخيه لى فى موقف سيارات القرية. أمرنى بمبلغ 45 ألف جنيه وانتظار مكالمة أخرى خلال أيام استعدادا للسفر إلى إيطاليا.
طال الانتظار ولم يعاود السمسار الاتصال. حاولت مهاتفته ولكن كان الهاتف مغلقا ولا أعلم هل تم القبض عليه أم أنه اختفى عن عيون الأمن.
فقدت الأمل فى الاتصال من السمسار وبعد يومين قررت السفر إلى الصواف لأبحث عن فرصتى مباشرة.. وجدت «الصواف» مثلها مثل قرية الأحزان.. برج مغيزل وباقى القرى التى يهرب منها الشباب بحثا عن فرص العمل على الشاطئ الآخر. قرى مهملة.. هاربة من خطط التنمية الحكومية أو ساقطة قيد من الخدمات وأبسط سبل الحياة الكريمة للبشر. حصل شبابها على فرص التعلم ثم صدمهم الواقع وضاق بهم الحال فبات حلم السفر هو النجاة والطريق إلى تحقيق الثروة حتى لو كان العمر هو الثمن المدفوع. الصواف قرية صغيرة تبعد عن كوم حمادة 15 كيلومترا. لا مكان فيها للغرباء. عائلات متعارفة وقرويون قنعوا بالعيش القليل.
فوجئت بأن القرية صغيرة، وبها شارع رئيسى واحد، ولأننى غريب كان الكل يستوقفنى ليسألنى عن سبب زيارتى للقرية، وفيما يبدو أن سبب الأسئلة يرجع إلى انتشار أجهزة الأمن السرية فيها للوصول إلى السماسرة، ولأنه لا يوجد فى القرية أى مكان يمكن أن أستريح فيه، أحسست أن الخناق ضاق على فقررت التوجه إلى دوار العمدة وهو اللواء مصطفى يوسف عمدة القرية الذى سألنى بدوره عن سبب الزيارة أبلغته بهويتى الصحفية ورغبتى فى عمل تحقيق صحفى عن القرية. قال إن الصواف صغيرة مثل باقى قرى مصر يسكنها 25 ألف نسمة تعتمد بشكل أساسى على الزراعة فمساحتها حوالى ألف فدان.
تطرق الحديث عن الهجرة غير الشرعية فأضاف أن أكثر من 2000 شاب من شباب القرية غادروها إلى إيطاليا والنمسا وفرنسا، فتغيرت الحياة الاجتماعية فى القرية وارتفعت مهور الزواج وأصبح التعامل داخل القرية بعملة اليورو أكثر من التعامل بالجنيه المصرى..!
بعد أن كسبت ثقة العمدة طلبت منه التجوال فى القرية، وقد كان، وسارمعى أمين الحزب الوطنى فيها، أصبح همى أن أعرف ماذا عن قصص الهجرة فى القرية وقد كان.
حكايات الحلم الضائع
أحمد عبدالعزيز شاب يبلغ من العمر 30 عاما- عامل- يحكى رحلته مع الأهوال. مثل أى شاب يحلم بتحسين أحواله الاجتماعية فكرت فى السفر مثل باقى شباب قرية الصواف. تقابلت مع أحد السمسارة اتفق معى على المبلغ المطلوب 45 ألف جنيه. ركبت مع مجموعة من الشباب سيارة ميكروباص اتجهت بنا إلى الإسكندرية حيث كان فى انتظارنا مندوب السمسار. ركبنا معه سيارة أخرى إلى مكان غير معلوم يحيط به سور عال. فى ساعة متأخرة من الليل طلب منا المندوب القفز فوق السور بسرعة لركوب مركب صغير فى انتظارنا. حاولنا الركوب 150 شابا منهم 20 من قرية الصواف. سقط عدد منا فى البحر. القارب كان صغيرا والليل لا يسمح لنا برؤية شىء والموج مرتفع والقارب يتمايل بشدة فى المياه. تدفقت فجأة المياه إلى داخل القارب. أحد الشباب صاح بأن القارب مثقوب والمياه ستغرقه. إصرار الجميع على الهرب إلى حلم السفر دفعهم إلى سد الثقب بأرجلهم. مرت 3 ساعات والظلمة الحالكة تحيط بالجميع وبعض الشباب أصيب بدوار البحر قبل الوصول إلى المركب الكبير الذى سيقلنا إلى إيطاليا. لم تأت المركب وطال الانتظار وبدت خيوط الشمس فى الظهور وبدا الإعياء والتعب على الجميع. وخاف مندوب السمسار أن ينكشف أمره لخفر السواحل فعاد بنا بالقرب من لسان ممتد خلف مكتبة الإسكندرية وطلب منا القفز. حاول أحد الشباب الاعتراض والاشتباك مع المندوب، فأشهر فى وجوهنا سلاحا ناريا. وفجأة علت أصوات سارينة قوارب خفر السواحل. وتم القبض على الجميع وإحالتنا إلى النيابة ثم تم الإفراج عن الشباب وعاد الجميع إلى قريته دون أن يصل إلى حلمه المجهض.
قصة أخرى يحكيها سامى سليمان شاب من القرية-31 سنة- بعد الاتفاق على المبلغ والدفع للسمسار فى كوم حمادة ركبنا الأوتوبيس المتجه إلى ليبيا. توقفنا عند نقطة التفتيش على الحدود المصرية الليبية. سألنا الضابط عن وجهتنا قلنا له ذاهبون للعمل فى ليبيا. قال بسخرية وكأنه يعلم أين نذهب «ليبيا ولا روما؟». بعد اجتياز الحدود وصلنا إلى الجماهيرية واتصلنا بالسمسار فطلب منا الاتجاه إلى أحد الفنادق لانتظار المندوب المسؤول عن تهريبنا إلى إيطاليا. فى الفندق فوجئنا بأحد العاملين المصريين فيه نصحنا بمغادرة الفندق فورا لأنه «فخ» يحتجز فيه المصريون حتى تتمكن سلطات الأمن الليبية من القبض عليهم.
لم يستمع أحد للنصيحة وفى اليوم التالى طال انتظارنا للمندوب فتوجهنا إلى مكتب الاستقبال بالفندق وطلبنا جوازات السفر لنفاجأ برد الموظف أنها محجوزة لدى صاحب الفندق وعلينا انتظاره. تسرب الشك إلى نفوسنا فطلبت من أحد الأصدقاء معى الاتصال بالمندوب. ثم كانت المفاجأه. جاء رجال الأمن وألقوا القبض علينا وترحيلنا إلى أحد السجون والاعتداء علينا وتم حبس كل شخص فى زنزانة انفرادية. وبعد ذلك تمت إحالتنا إلى سجن الجوازات لمدة ثلاثة أيام. أحد الضباط استولى على جميع الأموال التى كانت بحوزتنا. تم ترحيلنا إلى سجن آخر اسمه «الفلاح» تقابلنا فيه مع 30 شابا آخرين من قرية الصواف كانوا غادروا فى رحلات سابقة واعتقدنا أنهم وصلوا إيطاليا. وبعد فترة حجز لحوالى 30 يوما تم ترحيلنا إلى مصر بعد تدخل من السلطات المصرية لإعادتنا.
انتهت الحكايات ولم تنته المأساة.. وكما يقول شباب القرية فالمحاولات مستمرة للهروب ولن تتوقف طالما أن الأحلام فى الوطن مجهضة ولا تتحقق فالحل هو السفر والاغتراب حتى لو كان الثمن الانتحار المجانى فى مياه مهلكة أو رمال حارقة.
لمعلوماتك....
◄805 مصريين سعوا للهجرة غير الشرعية إلى بريطانيا، طلب منهم 200 مصرى اللجوء السياسى خلال السنوات الثلاث الماضية.
◄200 مصرى طلبوا اللجوء السياسى خلال السنوات الثلاث الماضية ومنح اللجوء لـ 15 ورفض 145 وتم ترحيلهم إلى مصر.
◄10 مصريين منحهم وزير الداخلية البريطانية حق الإقامة لأسباب إنسانية والتى تتراوح من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات.
◄2009 قفزت نسبة طالبى اللجوء من المصريين إلى بريطانيا لتتجاوز 50% وليرتفع العدد من 45 طلبا عام 2008 إلى 70 العام الماضى.
◄32095 هو عدد المصريين الحاصلين على تأشيرات دخول عادية خلال عام 2009.
◄4810 أشخاص رحلوا بطرق مختلفة بسبب الهجرة غير الشرعية إلى دول الشرق الأوسط فى العام الماضى منهم 2100 عراقى و1435 إيرانيا و106 سوريين و1156 من بقية دول المنطقة