حالة من الغموض تحيط بمستقبل رجال الأعمال المصريين، على خلفية التطورات التى تشهدها الساحة الداخلية، سواء من الناحية السياسية بعد سقوط عدد كبير من رجال الأعمال المقربين من السلطة واحداً بعد الآخر، نتيجة التحقيقات التى تجريها الجهات الرقابية، أو النواحى الاقتصادية نتيجة الخسائر التى تحققت نتيجة توقف عجلة الإنتاج والإضرابات والاعتصامات الفئوية المطالبة بزيادة الأجور.
المخاوف التى تحيط برجال الأعمال هى فى الأساس محصلة نتائج أحداث 25 يناير وانعكاساتها على المجتمع، والتى أدت إلى استمرار غياب الأمن غير المبرر منذ انسحابها المفاجئ وحتى الآن على الرغم من مرور أكثر من شهر على هذه الأحداث، بالإضافة إلى تصاعد وتيرة الاحتجاجات ذات المطالب الفئوية والتى تعوق عودة حركة الإنتاج كما كانت عليه، فضلاً عن الصورة الذهنية السلبية التى اكتسبها مصطلح رجل الأعمال فى المجتمع بفضل القوائم التى تعلنها جهات التحقيق ضد رجال الأعمال بعد سقوط النظام.
خالد حمزة عضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين، أكد أن استمرار الغياب الأمنى يعد أحد أبرز المعوقات التى تواجه الاستثمار فى الوقت الحالى، خاصة فى المناطق الصناعية الجديدة، باعتبارها أحد أبرز العوامل التى تؤمن العملية الإنتاجية، سواء لتأمين وصول المواد الخام من الموانئ حتى المصانع أو فى مرحلة توزيع المنتج النهائى إلى مراكز التوزيع، خاصة فى تلك المناطق النائية.
الوضع الحالى للاقتصاد لا يساعد رجال الأعمال على القيام بدورهم فى دعم الاقتصاد المصرى، وفقاً لما يراه محرم هلال رئيس جمعية مستثمرى العاشر من رمضان، بسبب الاعتصامات الفئوية التى بدأت تأخذ منحنى متصاعداً مطالبة بزيادة الأجور، وفى المقابل أدت إلى توقف عجلة الإنتاج بالمصانع، وحذر هلال من استمرار هذه الاعتصامات حتى لا تؤدى إلى الدخول فى أزمة اقتصادية لعدم توافر احتياجات المواطنين الأساسية لتوقف المصانع.
ويرى هلال أن المخرج الوحيد من الوضع الحالى هو احتواء المطالب الفئوية وتوفير الاستقرار، حتى يستطيع القطاع الخاص القيام بدوره فى توفير مزيد من فرص العمل والحفاظ على العمالة القائمة، علماً بأن القطاع الخاص يستوعب أكثر من 60% من فرص العمل سنويا، بالإضافة إلى التركيز على زيادة الإنتاج لتعويض خسائر توقف الإنتاج الحالية.
استمرار غياب التواجد الأمنى والاعتصامات لا يشكلان فقط الهواجس التى تشغل رجال الأعمال، بل انضم إليها الصورة السلبية التى تشكلت بعد 25 يناير نتيجة القوائم التى تعلنها جهات التحقيق لرجال أعمال متورطين فى قضايا فساد لقربهم من السلطة، وهو ما اعتبره حسين صبور رئيس مجموعة شركات "صبور" أمراً فى غاية الخطورة خاصة أن رجال الأعمال الشرفاء يلعبون دوراً كبيراً فى النهوض بالاقتصاد الوطنى والمسئول عن استيعاب الأعداد التى تنضم سنوياً إلى سوق العمل، وزيادة الصادرات المصرية ومورد لجلب الموارد ممثلة فى قطاع السياحة الذى ساهم فى الموازنة العامة للدولة بنحو 12 مليار دولار العام الماضى.
رامى لكح رئيس مجلس إدارة مجموعة "لكح جروب"، أكد أن السبيل الوحيد للتغلب على هذه الصورة السيئة هو محاسبة رموز الحزب الوطنى التى لعبت دوراً كبيراً فى إفساد الحياة السياسية والاقتصادية، وهو ما دعاه إلى العزم لتأسيس جمعية جديدة تحمل اسم رجل الأعمال الراحل مصطفى البليدى، تضم فى عضويتها رجال الأعمال الذين تعرضوا للسلب والنهب والابتزاز والتشهير، من رموز النظام السابق أمثال جمال مبارك وأحمد عز وعاطف عبيد وأحمد نظيف.
وتهدف الجمعية بالأساس إلى فضح الممارسات التى قام بها بعض رموز النظام السابق، وظهور نماذج رجال الأعمال الشرفاء ممن تعرضوا للظلم أمثال مصطفى البليدى رجل الأعمال الذى تعثر فى السنوات الماضية، وعجز عن تدبير أموال البنوك وتم إيداعه بالسجن حتى توفى داخله، بالإضافة إلى عمرو النشرتى رجل الأعمال المقيم بالخارج وعبد اللطيف الشريف صاحب مجموعة الشريف.
رجل الأعمال محمد المنوفى رئيس مجموعة شركات الكتروستار، دعا رجال الأعمال إلى البعد عن العمل السياسى من منطلق تجنب الشبهات والبعد عن الشبهات غنيمة، فالأولى لرجال الأعمال التركيز على أعمالهم وأشغالهم بدلاً من التوجه إلى العمل السياسى أو مجلس الشعب أو التقرب من السلطة.
ويرى المنوفى، أن البلاد عانت من حرص رجال الأعمال على التقرب للسلطة والمسئولين، أملاً فى الحصول على الأراضى بملاليم، وهو ما ترتب عليه ظهور مليونيرات من عمليات بيع وشراء الأراضى، وهم ليسوا رجال صناعة أو أصحاب مصانع