قارن الموقع الالكترونى الأمريكى " سلات" وعدد من المسئولين السياسيين ووسائل الإعلام بين احداث كوسوفو وليبيا . عقدت المقارنة بين التدخل العسكرى ضد القوات الموالية للعقيد القذافى
وعمليات القصف التى شنتها قوات الناتو ضد الصرب لحماية اهالى كوسوفو من المذابح و طغيان سلوبودان ميلوسوفيتش . وبالرغم من التساؤلات المطروحة حول موقع الناتو من الغزو الغربى لليبيا ، الا ان القضية الانسانية لاتزال هى السبب الرئيسى فى عمليات التدخل العسكرى الدولى فى الدولتين . كما أن الدولتين فرض عليهما حظر جوي لحماية المدنيين واستهدفت الحملات العسكرية اهدافا استراتيجية .
وانتقدت الكاتبة الصحفية ديانا جونستون الهجوم العسكرى على الدولتين ليبيا 2011 و كوسوفو 1999 ، واعتبرت مؤلفة كتاب ( حملة المجانين والحمقى : يوغوسلافيا الحرب الأولى للعولمة ) أن الهجوم العسكرى على الدولتين بلا داع لكنها فرصة للصقور لإثبات قدراتهم وسيطرتهم على العالم . وأوضحت ديانا فى مقال تحليلى نشرته على موقع كاونتربانش أن القصف على كوسوفو تسبب فى سقوط سلوبودان وياْمل الصقور فى تحقيق الهدف ذاته فى ليبيا.
وأشارت جون دومينيك ميرشيه الصحفية بجريدة ماريان على موقع الدفاع السرى إلى أن الحملات الجوية للتحالف الغربى نجحت فى إقالة وإبعاد الطاغية عن السلطة ، بل وفى تقديمه للمحاكمة أمام المحكمة الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب. وقد سجل المسئولون الصرب مصرع2500 شخص فى القصف ورغم ان القصف حرر كوسوفو لكنه قتل الكثيرين.
وتمثل الحرب على كوسوفو سابقة أولى توضح المخاطر التى تترتب على التدخل العسكرى فى ليبيا . وقد ابدى الكثير من الامريكيين اعتراضاتهم على التورط فى ليبيا ، خاصة ان باراك اوباما ورث حربين اخريين فى العراق و افغانستان لذلك تردد البيت الابيض فى الدخول فى حرب على ارض اسلامية ثالثة ، وهو ما اكده روبرت جيتس وزير الدفاع الامريكى . واشار فى مؤتمر صحفى قبيل توجه القوات الى ليبيا ان اوباما اخر من وافق على التدخل فى ليبيا.
وحذر اوباما أى وزير دفاع أمريكى قادم من تقديم نصيحة الى الرئيس الامريكى بالتدخل عسكريا فى اى دولة اخرى بآسيا او الشرق الأوسط أو أفريقيا.
تتمثل الاخطار فى الحربين فى طول المدة التى هدد بها القذافى .ففى عام 1999 توقع الجنرال ويسلى كلارك قائد العمليات الجوية بالناتو خلال القصف الجوى لكوسوفو استمرار العمليات الجوية ليومين أو 6 أيام على اقصى تقدير كما اوضح فى مذكراته التى صدرت بعدها باعوام . واضاف ان القصف استمر11 اسبوعا من 24 فبراير الى 10 يونيو بعد تدميره العديد من الاهداف العسكرية . ورد سلوبودان ميلوسوفيتش بحملات التطهير العرقى .
اما فى ليبيا فان عمليات الانتقام سينفذها القذافى فى أهله بشكل أعنف واقسى مما فعله ميلوسوفيتش فى كوسوفو وأعرب ديفيد جيبز استاذ التاريخ ومؤلف كتاب (التدخل الانسانى وعمليات تدمير يوغوسلافيا – 2009 ) عن مخاوفه من تحويل القذافى الأرض الليبية الى بحور دماء فى الصحراء القاحلة .
كما أرسل الناتو قوات لحفظ السلام عقب توقيع معاهدة بين الصرب وقوات حلف الاطلسى ، لاتزال متواجدة حتى الأن بالمنطقة منذ يونيو1999 فهل سترسل الأمم المتحدة قوات مشابهة فى ليبيا؟ هذا ما لم تجب عليه قوات التحالف الغربية العاملة فى ليبيا . كما أن قرار مجلس الأمن 1973 استبعد هذا الاحتمال . وأعرب ديفيد جيبس عن مخاوفه من فرض احتلال غربى لتغيير النظام الليبى قد يستمر لسنوات طويلة فى بلد اكبر من كوسوفو فى المساحة وعدد سكانها ثلاثة أضعافها .
فإذا فشل سيناريو الحرب القصيرة وفشلت العمليات الجوية فى تحقيق الانشقاق فإن القوات الغربية سوف تلجأ الى طرق غير مباشرة لمساعدة الثوار الليبيين على تحقيق الانشقاق بأنفسهم ومعاونتهم على التقدم والحصول على أراضيهم والاستحواذ عليها.
وأشار ايتيان دو دوران مدير مركز الدراسات الامنية بالمعهد الفرنسى للعلاقات الدولية ان المتمردين الليبيين ليسوا مثل جيش التحرير فى كوسوفو لأن عدد المسلحين قليل بالاضافة ان حجم القادرين على استخدام المعدات العسكرية ضعيف . كما ان عمليات تدريب المدنيين على استخدام السلاح و الحصول على خبرات ذات طابع عسكرى سواء على المدى القصير او المتوسط ، لن تكون جيشا للتحريروهو ما اكده مراسل مجلة اكسبريس الفرنسية فى ليبيا.
وطرح ايتيان دو دوران سيناريو مختلفا يجنب قوات التحالف تمديد فترة المعركة العسكرية والتكاليف الباهظة للعمليات العسكرية لصحيفة لو فيجارو الفرنسية ، تهديد القذافى بشبح التقسيم لتصبح ليبيا القذافى فى الغرب تتركز فى سرت او طرابلس ، وليبيا المتحررة بقيادة المجلس الوطنى الانتقالى فى الشرق وعاصمته بنغازى ويسعى المسلحون الموالون للثوار محاصرة القذافى فى طرابلس او فى مسقط رأسه . ويمكن للدول الغربية ان تتولى الامر برمته وتعمل على قلب نظام الحكم واخراج القذافى من ليبيا لكن الموقف يحتاج الى تدخل الدول العربية المعترضة أساسا على التدخل العسكرى فى الشئون الداخلية لليبيا والمنشغل أغلبها بعمليات التحرر فى دولهم و تغيير نظم الحكم فيها ، بالإضافة لانقسام اراء الثوار الليبيين حول التدخل الغربى فى ليبيا . . سواء خرج القذافى بمساعدة قوات الناتو او الغرب او الدول العربية او المتمردين فإن المحكمة الدولية فى انتظاره لمحاكمته على جرائم الحرب التى ارتكبها ضد شعبه .. مثل سلوبودان ميلوسوفيتش .