الأحد, 24 أبريل 2011 20:14
حوار: ممدوح دسوقي
مازالت سيناء هي الحلم والمستقبل لمصر في الخروج من أزمتها في الوادي الضيق بإقامة مشروع قومي لتنمية سيناء..
هكذا يري السفير »عبدالرءوف الريدي« الذي أكد أن سيناء مازالت بكراً وتنتظر الاهتمام بها، بعدما أهملها نظام »مبارك« طيلة ثلاثين عاماً بعد عودتها إلي حضن مصر.. في ظروف مواتية لتنمية سيناء ولكنه اتجه إلي توشكي وبرامج الخصخصة وفضل برامج التسلية والمسلسلات التي أهدرت »12« مليار جنيه في قطاع التليفزيون لتسطيح عقول الشباب بديلاً عن مشروع تنمية سيناء، واصفاً عصر مبارك بالتراجع والتراخي تجاه سيناء والدول الأفريقية ودول حوض النيل والتعليم والبحث العلمي وإلي نص الحوار:
> بعد مرور 29 عاماً علي عودة سيناء إلي مصر هل تري أنه تم الاستفادة من هذا الرجوع؟
- لم يتم الاستفادة من سيناء إلا في ناحية واحدة وهي السياحة فقط وعلي الساحل ببناء الفنادق والمنتجعات، ولكن تنمية سيناء ككل أو كهدف استراتيجي لمصر وجعلها مشروعاً قومياً لا مثيل له، لأن سيناء حباها الله بثروات عديدة، وبموقع جغرافي لا يتكرر في العالم، لم يتم حتي الآن فسيناء مازالت بكراً.. وتنتظر الاهتمام بها لأنها أفضل مشروع للخروج من أزمات الوادي، وإنهاء مشكلة البطالة، والحل الأمثل للتنمية، وهدف استراتيجي لأمن مصر من الناحية الشرقية.
> كيف ضاعت سيناء في يونيو 67؟
- ضاعت سيناء بسبب التخبط في القرار في إدارة الأزمة، عندما قررت مصر إرسال القوات المصرية إلي سيناء، مع أنها لم تفعل ذلك من أجل الدخول في حرب مع إسرائيل، بل لتمنع وقوع حرب بين إسرائيل وسوريا من الممكن أن تشمل مصر باعتبارها حليفة لسوريا، وهذا التخبط في القرار راجع إلي غموض الهدف من إرسال هذه القوات هل هو تهويش إسرائيل لتحقيق نجاح سياسي أم لدخول المعركة لتحرير إسرائيل.. بالإضافة إلي سوء العلاقة بين مصر وأمريكا في تلك الفترة، ودور السوفييت الغامض عندما أبلغ مصر بوجود حشود إسرائيلية علي حدود سوريا وتحذير الرئيس عبدالناصر من مهاجمة إسرائيل، بالإضافة إلي الانقسام العربي عندما قسمت السياسة المصرية العالم العربي إلي دول تحررية وأخري رجعية!!
والإعلام الذي استدرج مصر إلي مصيدة 67 وضياع سيناء وغياب الديمقراطية عندما أصبحت المؤسسات المصرية ليس لها دور في أي شيء إلا التصفيق والمباركة لأي قرار تتخذه القيادة السياسية.
> ومن السبب في هذه المعطيات ويتحمل نتيجة ضياع سيناء؟
- لا أحد ينفي أن مسئولية ما حدث هي مسئولية الرئيس عبدالناصر الذي كان يعلم منذ حرب 1956 أحوال القيادة العسكرية، ومع ذلك زج بالبلاد في طريق الحرب واتخذ من القرارات ما جعل الحرب أمراً لا مفر منها.. وعبدالناصر بنفسه أعلن أنه يتحمل المسئولية كاملة عما حدث.. والهزيمة كانت ضربة سياسية قاصمة لعبدالناصر وللنظام السياسي بل لمصر كلها.
> لماذا لم تتجه مصر إلي تعمير سيناء بعد انتهاء العدوان الثلاثي لتفادي احتلالها مرة أخري؟
- بعد انتهاء العدوان الثلاثي علي مصر كنت ملحق أول درجة في السلك الدبلوماسي في الأمم المتحدة، والمستشار أحمد عثمان، وكيل وزارة الخارجية، قال لي: لابد أن نرسل مذكرة لمصر عن تعمير سيناء لأنه هدف استراتيجي لأمن مصر، وبالفعل أعددنا المذكرة وأرسلناها للسفير وأرسلها للخارجية وأكدنا أن الفراغ الموجود في سيناء يغري الجانب الإسرائيلي لاستغلاله، وتهديد أمننا فلابد من تعمير سيناء بالتجمعات السكانية وتصحيح العلاقة بين أهلنا في سيناء، ولكنه لم يحدث التعمير وأهملت سيناء حتي حرب 67، ثم حرب 73 ثم استرددناها بمعاهدة السلام ومازالت حتي الآن لا يوجد لها وضوح رؤية.
استرجاع سيناء
> كيف أديرت المعركة الدبلوماسية لاسترداد سيناء؟
- هذه المعركة أدارها محمد أنور السادات بنفسه وكان لديه هدف محدد وواضح هو استرجاع أرض سيناء خالية من المستوطنات، لأن إسرائيل كانت مطامعها ظاهرة في سيناء باقتطاع جزء منها أو الإبقاء علي عدد من المستوطنات الإسرائيلية لأن »موشي ديان« كان يؤمن بأهمية سيناء وقيمتها الاستراتيجية مع وجود قيود في عدد القوات في سيناء، وسماح دخول الإسرائيليين، وهذا كان له انعكاساته علي ميزان القوي!
> فيما تتمثل هذه الانعكاسات؟
- تتمثل في حدوث خلل استراتيجي في المنطقة بين المثلث الذهبي للسياسة العربية الذي لم يستمر بين مصر والسعودية وسوريا، فتراجع دور مصر الإقليمي خاصة أن السادات تحرك بخطي سريعة نحو استرداد أرضه ولم يكن متقبلاً وجود قيود عربية علي تحركاته، وبدأت العلاقات المصرية العربية تتدهور وأصبحت دول الخليج منتشية بارتفاع سعر البترول، واتسمت تصرفات ممثليها في الجامعة العربية بالتعالي علي الدول الأخري.. وانعكس هذا علي مشاعر المصريين الذين يرون أن مصر لا تلقي ما تستحقه من دعم واحترام رغم أنها قدمت أغلي ما تملك للقضية العربية، وأصبح العرب ينظرون إلي مصر وكأنها عبء مادي عليهم.
الفرص الضائعة
> لماذا تعطل المشروع القومي لتعمير سيناء؟
- لأن حقبة الرئيس »مبارك« هي حقبة الفرص الضائعة لأنه استرد سيناء والبلد كان في حالة سلام ثم تم إسقاط الديون في عام 1991 وكانت تكبل مصر بفوائدها وأقساطها، وأمريكا أسقطت 7 مليارات دولار ديوناً عسكرية، وكان إجمالي فوائدها عشرين مليار دولار.. والدول العربية أسقطت ديونها الخاصة بالسعودية والكويت وقطر بالكامل وكانت أكثر من 6 مليارات دولار وأيضاً الدول الأوروبية أسقطت 4 مليارات دولار ولكنها اشترطت وجود إصلاح اقتصادي في مصر.. بجانب حصول مصر علي 5 مليارات دولار مساعدات باعتبارها دولة تضررت من حرب العراق علي الكويت وتأثرت السياحة ودخل قناة السويس بهذه الحرب، وتم أيضاً مؤتمر مدريد للتوصل لسلام مع فلسطين وسوريا وإسرائيل، وكان علي مستوي علاقات ثنائية ومستوي علاقات متعددة الأطراف وأهمها الحد من التسلح ولأول مرة بدأ ظهور مناقشة حول برنامج إسرائيل النووي، ولكن كل هذه الفرص لم يستغلها نظام مبارك، بل بدأت حملات إعلامية تؤكد أن مشروع توشكي هو المشروع القومي والخصخصة لابد من إجراءها فحدث تشتت أبعدنا عن التفكير في سيناء التي لو تمت تنميتها ستكون مصر دولة إقليمية في منتهي القوة اقتصادياً وسياسياً، ولكن ماذا تقول في الفرص الضائعة، لدرجة أن المشروع القومي لسيناء تم تعيين اللواء »منير شاش« وهو خبير بسيناء وعاشق لها مستشاراً لرئيس الوزراء لهذا المشروع، ولكن الرجل لم يجد الاهتمام بآرائه ومقترحاته فتركهم في حالهم ومشي!!
> هل توجد بنود في معاهدة السلام تحد من تنمية سيناء؟
- لا توجد بنود تنص علي ذلك، ولكن يوجدعدم اهتمام مصري بالبحث العلمي، وإعداد خبراء لتنمية سيناء والدكتور أحمد زويل منذ 1995 وهو يتحدث عن أهمية البحث العلمي ولكن لا مجيب ومستمع لدعوته والتعاون معه، لأن اهتمام الدولة في نظام مبارك أصبح منصباً علي برامج التسلية وإنتاج المسلسلات التي تساهم في تسطيح عقول الشباب وإبعادهم عن البحث العلمي الجاد.. لدرجة أن الإنفاق علي المسلسلات أصبح رهيباً ووصل العجز في التليفزيون إلي 12 مليار جنيه!! والشباب تائه والتعليم منهار في فترة مبارك والشيء الوحيد الذي زاد في مصر خلال عهد مبارك هو عدد السكان فقط.
> وزارة الخارجية هل لها علاقة أو اهتمام بسيناء؟
- طبعاً لأن سيناء تقع علي الحدود مع إسرائيل ومعاهدة السلام هي التي تحكم العلاقة بيننا وبين إسرائيل ووزارة الخارجية معنية بكل المعاهدات التي تكون مصر طرفاً فيها.. وسيناء بها جانب حدودي مع غزة التي لاتزال أرضاً محتلة، وما يجري في الشأن الفلسطيني أنفسهم يهم مصر وسياستها الخارجية.
> البعض يهاجم معاهدة السلام بأنها جعلت سيناء منزوعة السلاح؟
- توجد قيود علي تسليح سيناء في المعاهدة.. لكن أياً كان الأمر فمصر استعادت سيناء بالكامل ونزع السلاح لا يعوق التنمية، واللحظة التي تم فيها استعادة سيناء.. تم تدمير المستعمرات، وخاصة مستعمرة »ياميت« أكبر مستوطنة علي أرض سيناء وحصلنا علي المطارات والبترول، والثروات المعدنية، ولم نبدأ بعد الجهد المصري لتعمير سيناء طيلة ثلاثين عاماً وأهملناها لتصبح موضعاً للهجرة الأفريقية التي تتسلل إلي إسرائيل، ومجالاً لتهريب السلاح وزراعة المخدرات، مع أنها موقع عبقري مليء بالثروات، ويحيط بها البحران الأبيض والأحمر وتصل بينهما قناة السويس.. فسيناء كانت أولي من توشكي لأن بها إمكانيات الزراعة والصناعة والنقل البري والبحري متوفر فيها، ولكن حدث التراخي والتراجع وأهملنا أفريقيا ودول حوض النيل.
مطلب مصري
> بعد نجاح ثورة 25 يناير يطالب البعض بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل وإلغاء بيع الغاز؟
- الذين يطالبون بإلغاء معاهدة السلام بحجة أنها مع الكيان الصهيوني لا يعرفون أننا الآن في علاقة سلام مع إسرائيل ومصر وإسرائيل مستلزمين بهذه العلاقة.. ولو ألغينا معاهدة السلام ستنتقل حالة السلام إلي حالة حرب مثلما حدث في يونيو 67 فقبل 67 كان يوجد حالة حرب ولكن توجد اتفاقية الهدنة، فمنعت مصر مرور السفن الإسرائيلية في قناة السويس وخليج العقبة وكانت مصر مستندة إلي حالة الحرب.. فترتب عليها حالة الحرب لأننا كنا تاركين السفن الإسرائيلية تمر في قناة السويس ومطنشين!! فهل الحرب بيننا وبين إسرائيل بعد 25 يناير أصبحت مطلباً مصرياً؟! من الشعب، أم أنه مجرد كلام للتأثير علي الناحية العاطفية، كما حدث في حرب 48 فقد دخلنا هذه الحرب دون أن تكون هناك حسابات وبعض السياسيين الكبار رفضوا دخول حرب 48 لكن التيار الشعبي الجارف جعل الملك يفكر في دخول الحرب معتقداً أنه سيحرر فلسطين ويصبح خليفة للمسلمين.
> يقال إن سيناء مخترقة من الإسرائيليين؟
- لا يوجد اختراق لكن وافقنا للإسرائيليين أن يكون لهم الحق في دخول سيناء للسياحة ولا شيء آخر، والمفترض أن نراقبهم أمنياً وأن نتخذ حذرنا ونحمي أرضنا وأمننا القومي ولا شيء يمنعنا في اتخاذ أية تدابير أمنية.
> شرم الشيخ هل لها بنود خاصة في معاهدة السلام؟
- البند الخاص بشرم الشيخ هو بند حرية الملاحة في مضيق تيران، لأن معاهدة السلام نصت علي ذلك وأعطت إسرائيل حق المرور في خليج العقبة.
> ميناء إيلات هل تم بناؤه علي قرية أم الرشراش المصرية؟
- في الحقيقة أنا استمعت إلي د. نبيل العربي، وزير الخارجية الحالي، والمفاوض الشرس في ملف »طابا«، وقال إن أم الرشراش ليست مصرية.
> هل كان من الممكن أن تعود إلينا سيناء من غير سلام؟
- سيناء عادت إلينا بالحرب والسلام لأن الحرب تؤدي إلي التفاوض، وإلي معاهدات سلام ولن تجد دولة في العالم تحارب طول عمرها فحرب أكتوبر هي التي أوصلتنا لمعاهدة السلام فمصر قامت بأعظم إنجاز عسكري في تاريخ الأمة العربية وقد تم بثمن غال جداً من خلال منظومة عمل جبارة واجهنا فيها أمريكا وإسرائيل.. وكانت توجد أفكار ودراسات وأبحاث ومقالات عالمية حول تقسيم سيناء بأن تحصل إسرائيل علي القطاع الشرقي والباقي لمصر ثم تفتح قناة السويس للملاحة الدولية.. ولكن جاءت حرب أكتوبر وأنهت هذه المهاترات وفرضت علي إسرائيل أن تقبل السلام.. وأيضاً فرضت علي أمريكا القيام بدورها في عودة سيناء إلينا.
> وما دور أمريكا في عودة سيناء؟
- أمريكا هي التي قامت بتفعيل العمل الدبلوماسي بين مصر وإسرائيل، ومعاهدة السلام التي استردت بها مصر سيناء هي نتاج كامب ديفيد بعد دعوة »كارتر« للرئيس »السادات« و»بيجن« وتم الاتفاق علي مؤتمر مينا هاوس وتمت المعاهدة.
ملف الشرق الأوسط
> وماذا عن الدور الأمريكي قبل ذلك؟
- قبل حرب أكتوبر أمريكا لم تكن تسأل في المطالب المصرية.. وقد قال: د. محمد حسن الزيات، وزير الخارجية، أن »كسينجر« قال له يوم 5 أكتوبر هذه الأيام أنا غير متفرغ لأنه لدي زيارة لأوروبا وأيضاً مباحثات فيتنام، وعند عودتي سأنظر إلي ملف الشرق الأوسط.. وثاني يوم 6 أكتوبر كان »كسينجر« يصحي »الزيات« من نومه ويسأله: عن العبور، وعن قطع إمدادات البترول عن أوروبا وأمريكا فالوضع الاستراتيجي والاهتمام العالمي تغير من خلال حرب أكتوبر التي تبعها مفاوضات وللعلم أمريكا هي التي أقامت مؤتمر »جنيف« ولكن شكلياً كان السوفيت والرئيس السادات هو الذي حافظ علي قوة الدفع حتي استعدنا سيناء.
> هل يوجد في بنود المعاهدة ما ينص علي توصيل مياه النيل إلي إسرائيل؟
- لا داعي لظهور مثل هذا الكلام فالذين يقولون إن المعاهدة بها بنود سرية يريدون البلبلة فلا يوجد نص يؤكد توصيل مياه النيل لإسرائيل، وقد يقال ذلك بسبب عدم وضوح الرؤية، فمثلاً ترعة السلام لماذا لم يتم استكمالها في سيناء غير 30كم فقط، رغم المليارات التي أنفقت عليها؟ فنريد توضيحاً حتي لا يقال كلام يثير البلبلة والضجيج، بأن سيناء مفتوحة السيادة أو أن مياه النيل ستصل لإسرائيل وكل هذه الأشياء المزعجة فيوجد اتفاقية مع إسرائيل ومصر تحترم معاهداتها ومن الممكن تعديل بنود الاتفاقية لكن بالاتفاق وليس بالإرادة المنفردة.
سلاح ومخدرات
> كيف تفسر ظاهرة الإرهاب في سيناء؟
- لأننا تركنا سيناء فارغة ومهملة ودون أية اهتمامات حكومية، وكان لابد من تحرك حكومي بمنظور استراتيجي تنموي يربط سيناء بمصر وأهلنا في سيناء بالمجتمع المصري، حتي لا ندع مجالاً للإرهاب، والمخدرات أو تهريب السلاح ولكننا أضعنا الفرصة تلو الأخري واهتممنا بالساحل من شرم الشيخ، وحتي طابا ولم نهتم بالمواطن السيناوي وبتلبية احتياجاته من عمل ورعاية وتواصل بين سيناء والحضر.
> بين الحين والآخر يعلو صوت المتطرفين في إسرائيل بأن يسمحوا لهم بالحصول علي جزء من سيناء؟
- بالتأكيد لأنه يوجد في إسرائيل قوة كبيرة تأمل في أن تواتيها الظروف لأن تعود إلي سيناء مرة أخري.. وعند عدوان 56 بدأ »بن جوريون«، رئيس الوزراء الإسرائيلي، يطلق أسماء عبرية علي مواقع داخل سيناء، وقال: إن سيناء عمرها ما كانت جزءاً من مصر، علي الإطلاق!! وأن سيناء هي التي تكلم فيها الرب مع »موسي« عليه السلام، وبدأ يعلن أن لهم مطالب في سيناء وحقوق، ولذلك نجد في خلفية الكثير من الإسرائيليين هذا الكلام ويأملون بالفعل أن تقوم مصر بإلغاء معاهدة السلام حتي يكون لديهم المبرر لاحتلال سيناء علي الفور.
الرؤساء الثلاثة
> ماذا عن سيناء في عصر الرئيس عبدالناصر؟
- حكيت واقعة د. أحمد عثمان ولم يحدث فيها أي تعمير ويوم انسحاب إسرائيل من سيناء في مارس 1957 كنت في الأمم المتحدة وسمعت جولدامائير، وزيرة الخارجية، قالت: إغلاق خليج العقبة هو حالة حرب وقد سجلت هذا الكلام وأعطيته لـ»محمود رياض« ومع هذا تم حشد قواتنا في سيناء 1967/5/14 وكان حشداً غير منظم وحدثت أخطاء دبلوماسية وعسكرية في هذه الفترة وتخبط في القرار، هل سنحارب أم لا؟ وهل نحن الذين سنختار اللحظة المناسبة، وهل هذه اللحظة مع وجود قواتنا في اليمن!! فلم يكن يوجدوضوح في القرار وأعلن عبدالناصر أنه لن يحارب إلا إذا تعرضت سوريا للعدوان وبعد (8) أيام أغلق خليج العقبة، فقد كان لدينا شعور بالقوة التي سنحارب بها وندخل »تل أبيب« ثم سحبنا قوات الطوارئ وهذه القرارات هي التي أضاعت سيناء.
> وفترة الرئيس السادات؟
- السادات أعاد سيناء كاملة لمصر ولكنه استشهد قبل أن يري ثمرة مجهوده.
> وماذا عن سيناء في عهد الرئيس مبارك؟
- الرئيس مبارك ونظامه قصرا في تنمية سيناء لأنه كان عصر الفرص الضائعة في التنمية والبحث العلمي والتعليم والنواحي الاقتصادية.. لأن الدعم كان محولاً إلي الطاقة بـ90 مليار جنيه تذهب للأغنياء وللمصانع الكثيفة في استخدام الطاقة.
> كيف تري الرئيس عبدالناصر؟
- عبدالناصر كان زعيماً تاريخياً كبيراً جداً ولكن أخطاءه كانت كبيرة جداً وخاصة في 67.
> وكيف تري الرئيس السادات؟
- رغم اختلافي مع السادات في كامب ديفيد وعدم حضوري حفل التوقيع أنا ومحمد إبراهيم كامل ودمر. أسامة الباز ود. نبيل العربي وأحمد ماهر وأبوالغيط، وكان من الممكن أن يرفتنا السادات، ولكنه لم يفعل شيئاً ضدنا، فقد كان متسامحاً ولديه إلي حد كبير صفات الفلاح المصري وبعد رجوعي من كامب ديفيد سافرت إلي »رأس البر« وأشار لي رجل فلاح عند مركز »كفر شكر« ووقفت وأركبته معي.. وسألته ما رأيك فيما حدث من السادات فقال: كويس جداً لأننا رجعنا أرضنا وحصلنا علي البترول الذي كانت تنهبه إسرائيل فسألته عن فلسطين، فقال: يا بيه فلسطين مش باين لها حل والسادات عمل اللي عليه.. ولا شك أن تفكير هذا الرجل الفلاح هو تفكير أنور السادات الذي تأكد له لو أنه ربط قضية مصر بقضية فلسطين كانت لن تحل وكانت ستملأ بالمستوطنات وتضيع إلي الأبد.
> وماذا عن الرئيس مبارك؟
- الرئيس مبارك هو زعيم الفرص الضائعة لأنه تولي السلطة ومصر في حالة سلام وهذا ليس بالشيء الهين، ولكنه كان يجب أن تستمر الأمور هادئة أو كما هي عليه واتسمت فترته بالرغبة في تجنب المواجهات والعمل علي تحقيق المصالحة مع المحيط العربي.. ولا أريد أن أتكلم عن أحد وهو في محنة، ولكن هذا ذكرته في كتابي الذي صدر في أول يناير 2011 أي قبل الثورة بأيام.
> كيف تري ترشح د. مصطفي الفقي لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية؟
- مصر رشحته ومادامت مصر فعلت ذلك يجب أن ندعمه ونسانده، وهو رجل سياسي ودبلوماسي ومفكر وكاتب ويهتم بالشئون العربية. وقد لا نتفق معه في بعض المواقف السياسية، ولكن له احترامه وتقديره، ومصر سبقت ورشحت د. مفيد شهاب ثم بعد سقوط نظام مبارك سحبت هذا الترشيح وأعلنت أن الفقي هو مرشح مصر وليس من المقبول أن تسحب مصر هذا الترشح بل عليها الاستمرار فيه ومساندته والوقوف خلفه بكل قوة.
حوار: ممدوح دسوقي
مازالت سيناء هي الحلم والمستقبل لمصر في الخروج من أزمتها في الوادي الضيق بإقامة مشروع قومي لتنمية سيناء..
هكذا يري السفير »عبدالرءوف الريدي« الذي أكد أن سيناء مازالت بكراً وتنتظر الاهتمام بها، بعدما أهملها نظام »مبارك« طيلة ثلاثين عاماً بعد عودتها إلي حضن مصر.. في ظروف مواتية لتنمية سيناء ولكنه اتجه إلي توشكي وبرامج الخصخصة وفضل برامج التسلية والمسلسلات التي أهدرت »12« مليار جنيه في قطاع التليفزيون لتسطيح عقول الشباب بديلاً عن مشروع تنمية سيناء، واصفاً عصر مبارك بالتراجع والتراخي تجاه سيناء والدول الأفريقية ودول حوض النيل والتعليم والبحث العلمي وإلي نص الحوار:
> بعد مرور 29 عاماً علي عودة سيناء إلي مصر هل تري أنه تم الاستفادة من هذا الرجوع؟
- لم يتم الاستفادة من سيناء إلا في ناحية واحدة وهي السياحة فقط وعلي الساحل ببناء الفنادق والمنتجعات، ولكن تنمية سيناء ككل أو كهدف استراتيجي لمصر وجعلها مشروعاً قومياً لا مثيل له، لأن سيناء حباها الله بثروات عديدة، وبموقع جغرافي لا يتكرر في العالم، لم يتم حتي الآن فسيناء مازالت بكراً.. وتنتظر الاهتمام بها لأنها أفضل مشروع للخروج من أزمات الوادي، وإنهاء مشكلة البطالة، والحل الأمثل للتنمية، وهدف استراتيجي لأمن مصر من الناحية الشرقية.
> كيف ضاعت سيناء في يونيو 67؟
- ضاعت سيناء بسبب التخبط في القرار في إدارة الأزمة، عندما قررت مصر إرسال القوات المصرية إلي سيناء، مع أنها لم تفعل ذلك من أجل الدخول في حرب مع إسرائيل، بل لتمنع وقوع حرب بين إسرائيل وسوريا من الممكن أن تشمل مصر باعتبارها حليفة لسوريا، وهذا التخبط في القرار راجع إلي غموض الهدف من إرسال هذه القوات هل هو تهويش إسرائيل لتحقيق نجاح سياسي أم لدخول المعركة لتحرير إسرائيل.. بالإضافة إلي سوء العلاقة بين مصر وأمريكا في تلك الفترة، ودور السوفييت الغامض عندما أبلغ مصر بوجود حشود إسرائيلية علي حدود سوريا وتحذير الرئيس عبدالناصر من مهاجمة إسرائيل، بالإضافة إلي الانقسام العربي عندما قسمت السياسة المصرية العالم العربي إلي دول تحررية وأخري رجعية!!
والإعلام الذي استدرج مصر إلي مصيدة 67 وضياع سيناء وغياب الديمقراطية عندما أصبحت المؤسسات المصرية ليس لها دور في أي شيء إلا التصفيق والمباركة لأي قرار تتخذه القيادة السياسية.
> ومن السبب في هذه المعطيات ويتحمل نتيجة ضياع سيناء؟
- لا أحد ينفي أن مسئولية ما حدث هي مسئولية الرئيس عبدالناصر الذي كان يعلم منذ حرب 1956 أحوال القيادة العسكرية، ومع ذلك زج بالبلاد في طريق الحرب واتخذ من القرارات ما جعل الحرب أمراً لا مفر منها.. وعبدالناصر بنفسه أعلن أنه يتحمل المسئولية كاملة عما حدث.. والهزيمة كانت ضربة سياسية قاصمة لعبدالناصر وللنظام السياسي بل لمصر كلها.
> لماذا لم تتجه مصر إلي تعمير سيناء بعد انتهاء العدوان الثلاثي لتفادي احتلالها مرة أخري؟
- بعد انتهاء العدوان الثلاثي علي مصر كنت ملحق أول درجة في السلك الدبلوماسي في الأمم المتحدة، والمستشار أحمد عثمان، وكيل وزارة الخارجية، قال لي: لابد أن نرسل مذكرة لمصر عن تعمير سيناء لأنه هدف استراتيجي لأمن مصر، وبالفعل أعددنا المذكرة وأرسلناها للسفير وأرسلها للخارجية وأكدنا أن الفراغ الموجود في سيناء يغري الجانب الإسرائيلي لاستغلاله، وتهديد أمننا فلابد من تعمير سيناء بالتجمعات السكانية وتصحيح العلاقة بين أهلنا في سيناء، ولكنه لم يحدث التعمير وأهملت سيناء حتي حرب 67، ثم حرب 73 ثم استرددناها بمعاهدة السلام ومازالت حتي الآن لا يوجد لها وضوح رؤية.
استرجاع سيناء
> كيف أديرت المعركة الدبلوماسية لاسترداد سيناء؟
- هذه المعركة أدارها محمد أنور السادات بنفسه وكان لديه هدف محدد وواضح هو استرجاع أرض سيناء خالية من المستوطنات، لأن إسرائيل كانت مطامعها ظاهرة في سيناء باقتطاع جزء منها أو الإبقاء علي عدد من المستوطنات الإسرائيلية لأن »موشي ديان« كان يؤمن بأهمية سيناء وقيمتها الاستراتيجية مع وجود قيود في عدد القوات في سيناء، وسماح دخول الإسرائيليين، وهذا كان له انعكاساته علي ميزان القوي!
> فيما تتمثل هذه الانعكاسات؟
- تتمثل في حدوث خلل استراتيجي في المنطقة بين المثلث الذهبي للسياسة العربية الذي لم يستمر بين مصر والسعودية وسوريا، فتراجع دور مصر الإقليمي خاصة أن السادات تحرك بخطي سريعة نحو استرداد أرضه ولم يكن متقبلاً وجود قيود عربية علي تحركاته، وبدأت العلاقات المصرية العربية تتدهور وأصبحت دول الخليج منتشية بارتفاع سعر البترول، واتسمت تصرفات ممثليها في الجامعة العربية بالتعالي علي الدول الأخري.. وانعكس هذا علي مشاعر المصريين الذين يرون أن مصر لا تلقي ما تستحقه من دعم واحترام رغم أنها قدمت أغلي ما تملك للقضية العربية، وأصبح العرب ينظرون إلي مصر وكأنها عبء مادي عليهم.
الفرص الضائعة
> لماذا تعطل المشروع القومي لتعمير سيناء؟
- لأن حقبة الرئيس »مبارك« هي حقبة الفرص الضائعة لأنه استرد سيناء والبلد كان في حالة سلام ثم تم إسقاط الديون في عام 1991 وكانت تكبل مصر بفوائدها وأقساطها، وأمريكا أسقطت 7 مليارات دولار ديوناً عسكرية، وكان إجمالي فوائدها عشرين مليار دولار.. والدول العربية أسقطت ديونها الخاصة بالسعودية والكويت وقطر بالكامل وكانت أكثر من 6 مليارات دولار وأيضاً الدول الأوروبية أسقطت 4 مليارات دولار ولكنها اشترطت وجود إصلاح اقتصادي في مصر.. بجانب حصول مصر علي 5 مليارات دولار مساعدات باعتبارها دولة تضررت من حرب العراق علي الكويت وتأثرت السياحة ودخل قناة السويس بهذه الحرب، وتم أيضاً مؤتمر مدريد للتوصل لسلام مع فلسطين وسوريا وإسرائيل، وكان علي مستوي علاقات ثنائية ومستوي علاقات متعددة الأطراف وأهمها الحد من التسلح ولأول مرة بدأ ظهور مناقشة حول برنامج إسرائيل النووي، ولكن كل هذه الفرص لم يستغلها نظام مبارك، بل بدأت حملات إعلامية تؤكد أن مشروع توشكي هو المشروع القومي والخصخصة لابد من إجراءها فحدث تشتت أبعدنا عن التفكير في سيناء التي لو تمت تنميتها ستكون مصر دولة إقليمية في منتهي القوة اقتصادياً وسياسياً، ولكن ماذا تقول في الفرص الضائعة، لدرجة أن المشروع القومي لسيناء تم تعيين اللواء »منير شاش« وهو خبير بسيناء وعاشق لها مستشاراً لرئيس الوزراء لهذا المشروع، ولكن الرجل لم يجد الاهتمام بآرائه ومقترحاته فتركهم في حالهم ومشي!!
> هل توجد بنود في معاهدة السلام تحد من تنمية سيناء؟
- لا توجد بنود تنص علي ذلك، ولكن يوجدعدم اهتمام مصري بالبحث العلمي، وإعداد خبراء لتنمية سيناء والدكتور أحمد زويل منذ 1995 وهو يتحدث عن أهمية البحث العلمي ولكن لا مجيب ومستمع لدعوته والتعاون معه، لأن اهتمام الدولة في نظام مبارك أصبح منصباً علي برامج التسلية وإنتاج المسلسلات التي تساهم في تسطيح عقول الشباب وإبعادهم عن البحث العلمي الجاد.. لدرجة أن الإنفاق علي المسلسلات أصبح رهيباً ووصل العجز في التليفزيون إلي 12 مليار جنيه!! والشباب تائه والتعليم منهار في فترة مبارك والشيء الوحيد الذي زاد في مصر خلال عهد مبارك هو عدد السكان فقط.
> وزارة الخارجية هل لها علاقة أو اهتمام بسيناء؟
- طبعاً لأن سيناء تقع علي الحدود مع إسرائيل ومعاهدة السلام هي التي تحكم العلاقة بيننا وبين إسرائيل ووزارة الخارجية معنية بكل المعاهدات التي تكون مصر طرفاً فيها.. وسيناء بها جانب حدودي مع غزة التي لاتزال أرضاً محتلة، وما يجري في الشأن الفلسطيني أنفسهم يهم مصر وسياستها الخارجية.
> البعض يهاجم معاهدة السلام بأنها جعلت سيناء منزوعة السلاح؟
- توجد قيود علي تسليح سيناء في المعاهدة.. لكن أياً كان الأمر فمصر استعادت سيناء بالكامل ونزع السلاح لا يعوق التنمية، واللحظة التي تم فيها استعادة سيناء.. تم تدمير المستعمرات، وخاصة مستعمرة »ياميت« أكبر مستوطنة علي أرض سيناء وحصلنا علي المطارات والبترول، والثروات المعدنية، ولم نبدأ بعد الجهد المصري لتعمير سيناء طيلة ثلاثين عاماً وأهملناها لتصبح موضعاً للهجرة الأفريقية التي تتسلل إلي إسرائيل، ومجالاً لتهريب السلاح وزراعة المخدرات، مع أنها موقع عبقري مليء بالثروات، ويحيط بها البحران الأبيض والأحمر وتصل بينهما قناة السويس.. فسيناء كانت أولي من توشكي لأن بها إمكانيات الزراعة والصناعة والنقل البري والبحري متوفر فيها، ولكن حدث التراخي والتراجع وأهملنا أفريقيا ودول حوض النيل.
مطلب مصري
> بعد نجاح ثورة 25 يناير يطالب البعض بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل وإلغاء بيع الغاز؟
- الذين يطالبون بإلغاء معاهدة السلام بحجة أنها مع الكيان الصهيوني لا يعرفون أننا الآن في علاقة سلام مع إسرائيل ومصر وإسرائيل مستلزمين بهذه العلاقة.. ولو ألغينا معاهدة السلام ستنتقل حالة السلام إلي حالة حرب مثلما حدث في يونيو 67 فقبل 67 كان يوجد حالة حرب ولكن توجد اتفاقية الهدنة، فمنعت مصر مرور السفن الإسرائيلية في قناة السويس وخليج العقبة وكانت مصر مستندة إلي حالة الحرب.. فترتب عليها حالة الحرب لأننا كنا تاركين السفن الإسرائيلية تمر في قناة السويس ومطنشين!! فهل الحرب بيننا وبين إسرائيل بعد 25 يناير أصبحت مطلباً مصرياً؟! من الشعب، أم أنه مجرد كلام للتأثير علي الناحية العاطفية، كما حدث في حرب 48 فقد دخلنا هذه الحرب دون أن تكون هناك حسابات وبعض السياسيين الكبار رفضوا دخول حرب 48 لكن التيار الشعبي الجارف جعل الملك يفكر في دخول الحرب معتقداً أنه سيحرر فلسطين ويصبح خليفة للمسلمين.
> يقال إن سيناء مخترقة من الإسرائيليين؟
- لا يوجد اختراق لكن وافقنا للإسرائيليين أن يكون لهم الحق في دخول سيناء للسياحة ولا شيء آخر، والمفترض أن نراقبهم أمنياً وأن نتخذ حذرنا ونحمي أرضنا وأمننا القومي ولا شيء يمنعنا في اتخاذ أية تدابير أمنية.
> شرم الشيخ هل لها بنود خاصة في معاهدة السلام؟
- البند الخاص بشرم الشيخ هو بند حرية الملاحة في مضيق تيران، لأن معاهدة السلام نصت علي ذلك وأعطت إسرائيل حق المرور في خليج العقبة.
> ميناء إيلات هل تم بناؤه علي قرية أم الرشراش المصرية؟
- في الحقيقة أنا استمعت إلي د. نبيل العربي، وزير الخارجية الحالي، والمفاوض الشرس في ملف »طابا«، وقال إن أم الرشراش ليست مصرية.
> هل كان من الممكن أن تعود إلينا سيناء من غير سلام؟
- سيناء عادت إلينا بالحرب والسلام لأن الحرب تؤدي إلي التفاوض، وإلي معاهدات سلام ولن تجد دولة في العالم تحارب طول عمرها فحرب أكتوبر هي التي أوصلتنا لمعاهدة السلام فمصر قامت بأعظم إنجاز عسكري في تاريخ الأمة العربية وقد تم بثمن غال جداً من خلال منظومة عمل جبارة واجهنا فيها أمريكا وإسرائيل.. وكانت توجد أفكار ودراسات وأبحاث ومقالات عالمية حول تقسيم سيناء بأن تحصل إسرائيل علي القطاع الشرقي والباقي لمصر ثم تفتح قناة السويس للملاحة الدولية.. ولكن جاءت حرب أكتوبر وأنهت هذه المهاترات وفرضت علي إسرائيل أن تقبل السلام.. وأيضاً فرضت علي أمريكا القيام بدورها في عودة سيناء إلينا.
> وما دور أمريكا في عودة سيناء؟
- أمريكا هي التي قامت بتفعيل العمل الدبلوماسي بين مصر وإسرائيل، ومعاهدة السلام التي استردت بها مصر سيناء هي نتاج كامب ديفيد بعد دعوة »كارتر« للرئيس »السادات« و»بيجن« وتم الاتفاق علي مؤتمر مينا هاوس وتمت المعاهدة.
ملف الشرق الأوسط
> وماذا عن الدور الأمريكي قبل ذلك؟
- قبل حرب أكتوبر أمريكا لم تكن تسأل في المطالب المصرية.. وقد قال: د. محمد حسن الزيات، وزير الخارجية، أن »كسينجر« قال له يوم 5 أكتوبر هذه الأيام أنا غير متفرغ لأنه لدي زيارة لأوروبا وأيضاً مباحثات فيتنام، وعند عودتي سأنظر إلي ملف الشرق الأوسط.. وثاني يوم 6 أكتوبر كان »كسينجر« يصحي »الزيات« من نومه ويسأله: عن العبور، وعن قطع إمدادات البترول عن أوروبا وأمريكا فالوضع الاستراتيجي والاهتمام العالمي تغير من خلال حرب أكتوبر التي تبعها مفاوضات وللعلم أمريكا هي التي أقامت مؤتمر »جنيف« ولكن شكلياً كان السوفيت والرئيس السادات هو الذي حافظ علي قوة الدفع حتي استعدنا سيناء.
> هل يوجد في بنود المعاهدة ما ينص علي توصيل مياه النيل إلي إسرائيل؟
- لا داعي لظهور مثل هذا الكلام فالذين يقولون إن المعاهدة بها بنود سرية يريدون البلبلة فلا يوجد نص يؤكد توصيل مياه النيل لإسرائيل، وقد يقال ذلك بسبب عدم وضوح الرؤية، فمثلاً ترعة السلام لماذا لم يتم استكمالها في سيناء غير 30كم فقط، رغم المليارات التي أنفقت عليها؟ فنريد توضيحاً حتي لا يقال كلام يثير البلبلة والضجيج، بأن سيناء مفتوحة السيادة أو أن مياه النيل ستصل لإسرائيل وكل هذه الأشياء المزعجة فيوجد اتفاقية مع إسرائيل ومصر تحترم معاهداتها ومن الممكن تعديل بنود الاتفاقية لكن بالاتفاق وليس بالإرادة المنفردة.
سلاح ومخدرات
> كيف تفسر ظاهرة الإرهاب في سيناء؟
- لأننا تركنا سيناء فارغة ومهملة ودون أية اهتمامات حكومية، وكان لابد من تحرك حكومي بمنظور استراتيجي تنموي يربط سيناء بمصر وأهلنا في سيناء بالمجتمع المصري، حتي لا ندع مجالاً للإرهاب، والمخدرات أو تهريب السلاح ولكننا أضعنا الفرصة تلو الأخري واهتممنا بالساحل من شرم الشيخ، وحتي طابا ولم نهتم بالمواطن السيناوي وبتلبية احتياجاته من عمل ورعاية وتواصل بين سيناء والحضر.
> بين الحين والآخر يعلو صوت المتطرفين في إسرائيل بأن يسمحوا لهم بالحصول علي جزء من سيناء؟
- بالتأكيد لأنه يوجد في إسرائيل قوة كبيرة تأمل في أن تواتيها الظروف لأن تعود إلي سيناء مرة أخري.. وعند عدوان 56 بدأ »بن جوريون«، رئيس الوزراء الإسرائيلي، يطلق أسماء عبرية علي مواقع داخل سيناء، وقال: إن سيناء عمرها ما كانت جزءاً من مصر، علي الإطلاق!! وأن سيناء هي التي تكلم فيها الرب مع »موسي« عليه السلام، وبدأ يعلن أن لهم مطالب في سيناء وحقوق، ولذلك نجد في خلفية الكثير من الإسرائيليين هذا الكلام ويأملون بالفعل أن تقوم مصر بإلغاء معاهدة السلام حتي يكون لديهم المبرر لاحتلال سيناء علي الفور.
الرؤساء الثلاثة
> ماذا عن سيناء في عصر الرئيس عبدالناصر؟
- حكيت واقعة د. أحمد عثمان ولم يحدث فيها أي تعمير ويوم انسحاب إسرائيل من سيناء في مارس 1957 كنت في الأمم المتحدة وسمعت جولدامائير، وزيرة الخارجية، قالت: إغلاق خليج العقبة هو حالة حرب وقد سجلت هذا الكلام وأعطيته لـ»محمود رياض« ومع هذا تم حشد قواتنا في سيناء 1967/5/14 وكان حشداً غير منظم وحدثت أخطاء دبلوماسية وعسكرية في هذه الفترة وتخبط في القرار، هل سنحارب أم لا؟ وهل نحن الذين سنختار اللحظة المناسبة، وهل هذه اللحظة مع وجود قواتنا في اليمن!! فلم يكن يوجدوضوح في القرار وأعلن عبدالناصر أنه لن يحارب إلا إذا تعرضت سوريا للعدوان وبعد (8) أيام أغلق خليج العقبة، فقد كان لدينا شعور بالقوة التي سنحارب بها وندخل »تل أبيب« ثم سحبنا قوات الطوارئ وهذه القرارات هي التي أضاعت سيناء.
> وفترة الرئيس السادات؟
- السادات أعاد سيناء كاملة لمصر ولكنه استشهد قبل أن يري ثمرة مجهوده.
> وماذا عن سيناء في عهد الرئيس مبارك؟
- الرئيس مبارك ونظامه قصرا في تنمية سيناء لأنه كان عصر الفرص الضائعة في التنمية والبحث العلمي والتعليم والنواحي الاقتصادية.. لأن الدعم كان محولاً إلي الطاقة بـ90 مليار جنيه تذهب للأغنياء وللمصانع الكثيفة في استخدام الطاقة.
> كيف تري الرئيس عبدالناصر؟
- عبدالناصر كان زعيماً تاريخياً كبيراً جداً ولكن أخطاءه كانت كبيرة جداً وخاصة في 67.
> وكيف تري الرئيس السادات؟
- رغم اختلافي مع السادات في كامب ديفيد وعدم حضوري حفل التوقيع أنا ومحمد إبراهيم كامل ودمر. أسامة الباز ود. نبيل العربي وأحمد ماهر وأبوالغيط، وكان من الممكن أن يرفتنا السادات، ولكنه لم يفعل شيئاً ضدنا، فقد كان متسامحاً ولديه إلي حد كبير صفات الفلاح المصري وبعد رجوعي من كامب ديفيد سافرت إلي »رأس البر« وأشار لي رجل فلاح عند مركز »كفر شكر« ووقفت وأركبته معي.. وسألته ما رأيك فيما حدث من السادات فقال: كويس جداً لأننا رجعنا أرضنا وحصلنا علي البترول الذي كانت تنهبه إسرائيل فسألته عن فلسطين، فقال: يا بيه فلسطين مش باين لها حل والسادات عمل اللي عليه.. ولا شك أن تفكير هذا الرجل الفلاح هو تفكير أنور السادات الذي تأكد له لو أنه ربط قضية مصر بقضية فلسطين كانت لن تحل وكانت ستملأ بالمستوطنات وتضيع إلي الأبد.
> وماذا عن الرئيس مبارك؟
- الرئيس مبارك هو زعيم الفرص الضائعة لأنه تولي السلطة ومصر في حالة سلام وهذا ليس بالشيء الهين، ولكنه كان يجب أن تستمر الأمور هادئة أو كما هي عليه واتسمت فترته بالرغبة في تجنب المواجهات والعمل علي تحقيق المصالحة مع المحيط العربي.. ولا أريد أن أتكلم عن أحد وهو في محنة، ولكن هذا ذكرته في كتابي الذي صدر في أول يناير 2011 أي قبل الثورة بأيام.
> كيف تري ترشح د. مصطفي الفقي لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية؟
- مصر رشحته ومادامت مصر فعلت ذلك يجب أن ندعمه ونسانده، وهو رجل سياسي ودبلوماسي ومفكر وكاتب ويهتم بالشئون العربية. وقد لا نتفق معه في بعض المواقف السياسية، ولكن له احترامه وتقديره، ومصر سبقت ورشحت د. مفيد شهاب ثم بعد سقوط نظام مبارك سحبت هذا الترشيح وأعلنت أن الفقي هو مرشح مصر وليس من المقبول أن تسحب مصر هذا الترشح بل عليها الاستمرار فيه ومساندته والوقوف خلفه بكل قوة.