في حي حلوان الشهير بجنوب القاهرة، تعرف أشهر جزارة بـ"المعلم سيد" تبلغ من العمر 35 عاما، ورثة المهنة عن والدها، لتكتسب شهرة واسعة في مجال الجزراة الذي يسيطر عليه الرجال.
إنها سيدة عبد الرازق، واحدة من الجزارات القليلات في هذه المهنة العنيفة والقاسية، وبفضل وجودها في هذا المجال الغريب على السيدات اكتسبت شهرتها واحترام العاملين في هذا المجال.
تقول سيدة "لم أكن أتخيل في يوما ما أن أمتهن هذه المهنة غير التقليدية، رغم أن والدي كان جزارا شهيرا في حي حلوان، ولأنني كنت ملازمة لوالدي أغلب الوقت فقد ورثت المهنة عنه."
وتضيف " والدي كان يأخذني معه إلى السلخانة ليقوي قلبي، وكان ينصحني دائما بالتعامل في السوق على اعتبار إنني ولد ولست بنت، لأن السوق غول لا يرحم، ولا يجب أن اظهر بمظهر الضعيف، ورغم إني كنت أخاف من منظر الدم، ولكن تعودت عليه، وأصبحت لا أخشى منظره."
وتتذكر سيدة أول مرة ترى فيها منظر الذبح قائلة "أول مرة أشاهد فيها منظر الذبح كنت أبلغ من العمر 6 سنوات ويومها أغمى علي، لأني لم أتحمل المنظر، ولم أكن أتصور أنه سيأتي يوم وأقوم أنا بالذبح."
وعن بدايتها قالت سيدة "البداية عندما كان عمري 13 عاما، كنت أصطحب والدي للسلخانة، وبعد 5 سنوات توفى والدي، واضطررت للنزول للسوق بمفردي، لأن أسرتي لم ترث المهنة عن الوالد، وكنت أسير في البداية في الشارع والساطور في يدي لخوفي من عالم الرجال الذي يسيطر على مجال الجزارة، وبمرور الوقت أصبحت واحدة من أشهر العاملين في هذا المجال."
وعن لقب "المعلم سيد" الذي يلازمها قالت "لا أغضب من وصفي بـ'المعلم سيد' بل بالعكس فهذا الوصف يمنحني كثير من الثقة في نفسي، لأنه يشير إلى أن عالم الجزارة الرجالي يحترمني ويهابني، ومنه اكتسبت شهرة كبيرة في حي حلوان."
تتمنى سيدة عبد الرازق، أن تصبح كل السيدات جزارات لتقضي على الرعب الذي ينتابهن من حوادث التحرش الجنسي، وقالت "السيدة القوية يخشاها الرجال، ومهنة الجزارة أكسبتني القوة والثقة وأعرف كيف أدافع عن نفسي سواء في السوق أو في الشارع، خاصة وأن حوادث التحرش كثيرة طوال الوقت."
وبسؤالها عما إذا كانت قد تعرضت من قبل للتحرش قالت سيدة "نعم تعرضت للتحرش أكثر من مرة، ولكن في كل مرة كنت أعرف كيف أدافع عن نفسي، لأن الرجال بطبيعتهم يتعاملون في السيدات على إنهن ضعيفات ومنكسرات، لذا فإن المظهر الذي أبدو فيه في السوق مختلف عن المظهر الذي أكون عليه في منزلي."
تأمل سيدة عبد الرازق أن يصبح أولادها جزارين، وتكوين جمعية للجزارات، قائلة "بالطبع أتمنى أن يكون من بين أولادي جزارا ليرث المهنة التي ورثتها عن والدي، وهذا لا ينفي إنني حريصة على تعليم أولادي، كما أتمنى تكوين جمعية للجزارات لتدافع عنهن، خاصة وأن سوق الجزارة فيه الكثير من السيدات، وهناك أكثر من جزارة أعرفها.