القاسم المشترك في معظم نقاشات المصريين، سواء في الوطن او المهجر، هو الخوف على ثورتهم المباركة من الاجهاض على ايدي عصابات البلطجة التابعة لفلول النظام السابق الذي جثم على صدر البلاد لاكثر من ثلاثين عاما.
الحديث ينصب في معظمه على ما يسمونه بالثورة المضادة والمحاولات اليائسة التي تبذلها عصابات البلطجة لخلق فتنة مذهبية او دينية تمزق الوحدة الوطنية، وتجر البلاد الى معارك دموية هي في غنى عنها في الوقت الراهن، حيث تعيش مرحلة انتقالية حساسة محفوفة بالمخاطر من معظم الاتجاهات.
مواجهة هذه الثورة المضادة، المدعومة من بعض الجهات الخارجية، ولا نستبعد ان تكون اسرائيل احداها، ليست مسؤولية المجلس العسكري الاعلى، او حكومة الثورة الجديدة، وانما هي مسؤولية جميع افراد الشعب المصري، وافضل السبل والوسائل لتحقيق هذا الهدف يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
' اولا: استمرار عمليات المطاردة القانونية لرجالات العهد السابق، وتجميد اموالهم، ومنع سفرهم، والتعجيل بتقديم كل متورط منهم في اعمال الفساد الى المحاكم لاخذ العقاب الذي يستحقونه.
' ثانيا: التعجيل باجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لترسيخ الاصلاحات الدستورية واشراك الشعب فعلا في دائرة اتخاذ القرارات التي تتعلق بحاضره ومستقبله.
' ثالثا: تطهير المؤسسات الاعلامية الرسمية من جميع رموز النظام السابق الذين ولغوا في عمليات التزوير والتضليل وتسويق الفساد على مدى ثلاثين عاما.
' رابعا: تعزيز استقلال القضاء، واعادة جميع القضاة المفصولين او المهمشين الى المواقع التي يستحقونها، فثورة القضاة ضد النظام الفاسد السابق كانت في رأينا حجر الزاوية الذي ساعد على انطلاق الثورة المباركة التي غيرت وجه مصر وربما ستغير ايضا وجه المنطقة.
' خامسا: تطهير الاجهزة الامنية من جميع رجالات العهد السابق، خاصة اولئك الذين لعبوا دورا كبيرا في قمع مظاهرات الاحتجاج في الاعوام الماضية، وتستروا على اعمال البلطجة، بل شجعوا على ممارستها، ووفروا الحماية الامنية للمتورطين فيها.
الثورة المصرية ما زالت خضراء العود، ولا يجب ان تشغل فورة الانتصار واحتفالاته قياداتها عن التبصر بالاخطار التي تواجهها، خاصة من الطابور الخامس الذي يتطلع الى التخريب والفتنة للانتقام من خسارته السلطة، بل والاكثر من ذلك مواجهة العدالة.
الخطوة الاكثر الحاحا في رأينا تتمثل في الاعلام الرسمي، فمن المستغرب ان يظل رجال النظام السابق على رأس مؤسساتهم الاعلامية بعد انتصار الثورة، ومن المستغرب اكثر ان يتم السماح لهم بركوب موجة هذه الثورة، ونقل البندقية من كتف الى آخر بسرعة فائقة في عملية استغباء للشعب المصري وطلائعه الشبابية الثورية.